متن كتاب عیون الانظار
الأمر الأول :معنی مادةالأمر
هنا ثلاثة أبحاث:
البحث الأول: معنی الأمر لغةً و عرفاً
ذکر للفظ «الأمر» معانٍ منها الطلب و الشأن و الفعل و الفعل العجیب و الشيء و الحادثة و الغرض.([1])
و قد أورد علیها صاحب الکفایة!([2]) فقال: «لایخفی أنّ عد بعضها من معانیه من اشتباه المصداق بالمفهوم ضرورة أنّ الأمر في “جاء زید لأمر” ما استعمل في معنی الغرض بل اللام قد دل على الغرض نعم یکون مدخوله [أي اللام] مصداقه [أي الغرض] فافهم »([3])
هذه المعاني استعمل فیها الأمر و أما الموضوع له للفظ الأمر، ففیه أقوال و هنا نبحث عن محاولتین مهمّتین؛([4])
المحاولة الأُولى: کون اللفظ «الأمر» مشترکاً لفظیاً و المحاولة الثانیة: کونه مشترکاً معنویاً.([5])
المحاولة الأُولى: الاشتراك اللفظي
و القول بالاشتراك اللفظي على صورتین:
الصورة الأُولى: الاشتراك اللفظي بین أکثر من معنیین([6]) و هنا نظریتان.([7])
الصورة الثانیة: الاشتراك اللفظي بین معنیین و فیها خمس نظریات کما سیأتي.
المحاولة الثانیة: الاشتراك المعنوي (3)
و في تعیین المعنی الواحد للفظ «الأمر» نظریتان کما سیأتي.[8]
النظریة الأُولى:([9]) من العلامة القوچاني!
هي للقائل بالاشتراك اللفظي بین أکثر من معنیین. ذهب ! إلى أنّ الأمر حقیقة في معانٍ ثلاثة : «الطلب»([10]) و «الشأن» و «الشيء».([11])
النظریة الثانیة: من معلّق الکفایة المحقق المشکیني!
هي أیضا للقائل بالاشتراك اللفظي بین أکثر من معنیین. ذهب ! إلى أنّ معانیه : «الطلب» و «الفعل» و «الشيء».([12])
أما المناقشة في النظریة الأُولى و الثانیة:
فیظهر بعد ملاحظة ما یأتي من مناقشة سائر النظریات.
النظریة الثالثة: من صاحب الفصول!([13])
هي للقائل بالاشتراك اللفظي بین معنیین. إنّه! ذهب إلى أنّهما «الطلب» و «الشأن».([14])
المناقشة في النظریة الثالثة: ([15])
أولاً: إنّ معنی «الشأن » لایخطر في الذهن من الأمر غیر الطلبي.([16])
ثانیاً: المناقشة الأُولى على النظریة السادسة مع الملاحظة علیها.
النظریة الرابعة: من صاحب الکفایة!
هي للقائل بالاشتراك اللفظي بین معنیین أیضاً،فإنّ صاحب الکفایة! قال لم یبعد([17]) کونهما حقیقة في «الطلب» و «الشيء».([18])
مناقشات ثلاث في النظریة الرابعة: ([19])
المناقشة الأُولى: من المحقق الإصفهاني! ([20])
قال: «کونه حقیقةً في هذین الأمرین و إن کان مختار جملة من المحققین على ما حُکي إلا أنّ استعمال الأمر في الشيء مطلقاً لایخلو عن شيء إذ الشيء یطلق على الأعیان و الأفعال مع أنّ الأمر لایحسن إطلاقه على العین الخارجیة فلایقال: “رأیت أمراً عجیباً” إذا رأی فرساً عجیباً و لکن یحسن ذلك إذا رأی فعلاً عجیباً من الأفعال».
یلاحظ علیها:
أنّ عدم تداول الاستعمال لایضر بصحته کما یقال: هذا (زید) أمر متشخص بذاته و جزئي خارجي. مضافاً إلى أن هذا المحقق! أعرض عن هذه المناقشة و استدرك عنها و قال بأنّ الشيء بمعناه المصدري المبني للمفعول یطلق على الأعیان الخارجیة أیضاً، و التزم بأن مفهوم الأمر حینئذٍ مساوق لمعنی الشيء و الشيء بهذا المعنی لم یکن في قبال معنی الطلب.
المناقشة الثانیة: من بعض الأساطین ([21])
إنّه لایجوز إطلاق الأمر على الله تعالى مع أنّه یطلق علیه الشيء فیقال: شيء لا کالأشیاء.([22])
المناقشة الثالثة:
و هي ما سیأتي من المناقشه الأولى على النظریة السادسة مع الملاحظة علیها.
النظریة الخامسة: من المحقق البروجردي!
هي للقائل بالاشتراك اللفظي بین معنیین أیضا. إنّه! ذهب([23]) إلى أنّهما «الطلب» و «الفعل».([24])
المناقشة في النظریة الخامسة:
قد أورد – على أنّ معنی الأمر الطلب و الفعل([25]) – بعض أکابر الاساطینa بوجوه ثلاثة:
أولاً: إنّ الأمر الجمودي أعم من الفعل فیشمل الصفات و الأعراض کما یقال للسواد العارض للشيء أمر و للعلم الذي اتصف به العالم أمر.([26])
ثانیاً: مفهوم الفعل لایخطر في الذهن من الأمر الجمودي و مصداق الفعل لایکون الموضوع له لأنّه یلزم حینئذٍ الوضع العام و الموضوع له الخاص.
فالمعنی الجمودي الأخص من الشيء الأعم من الفعل.
ثالثاً: ما سیأتي من المناقشة الأُولى على النظریة السادسة مع ما یلاحظ علیها.
النظریة السادسة: من المحقق العراقي!
و هي للقائل بالإشتراك اللفظي بین معنیین أیضاً. إنّ المحقق العراقي و المحقق الصدر” و بعض الأساطینa ذهبوا إلى أنّهما «الطلب» و «معنیً أخص من الشيء» و بعضهم قیدوا معنی الثاني و قالوا: «أخصّ من الشيء و أعم من الفعل»([27])
المناقشة في النظریة السادسة:
هذه النظریة متعیّنة لولا مناقشتان:
المناقشة الأُولى:
و هي ما أفاده المحقق الخوئي! من اعتبار خصوصیة في المعنی الأول – و هو الطّلب – و أن الأمر لایصدق على الطلب المتعلق بفعل نفس الإنسان و هذا قرینة قاطعة على أنّها لم توضع للجامع بین ما یتعلق بفعل غیره و فعل نفسه، فالموضوع له الأول لمادة الأمر هو الطلب في إطار خاص لا الطلب المطلق.([28])
یلاحظ علیها:
إنّ الأمر یطلق إذا تعلق بفعل نفسه کما قال تعالى: (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون) ([29]) فإن المراد من «أمره» هو قوله في ما بعد «کن» و هو مشتمل على الطلب الذي لایتعلّق بفعل غیره.
المناقشة الثانیة:
و هي ما أفاده المحقق الإصفهاني! من إرجاع المعنی غیر الطلبي و هو الأخص من الشيء و الأعم من الفعل إلى المعنی الطلبي و قد نشیر إلیه.
النظریة السابعة: من المحقق الخوئي!
هي للقائل بالاشتراك اللفظي بین معنیین أیضاً. إنّه! ذهب إلى أنّهما «إبراز الاعتبار النفساني» و «معنی أخص من الشيء».([30])
المناقشة في النظریة السابعة:
قد استشکل هذه النظریة بعض أکابر الأساطینa([31]) بأنّ المناط في الاعتبار و الإبراز أن یکون المعتبر مدلولاً لللّفظ مثل البیع و النکاح اللذین هما اعتباران لللّفظ نفسانیان نبرزهما بلفظ ملکتك و أنکحتك و لکن في ما نحن فیه المعتبر هو ثبوت الفعل و وجوبه على الذمة و المبرز لفظ «آمرك » و معنی الأمر لیس وجوب الفعل و لا إبرازه. نعم الأمر یکون مصداقاً للإبراز کما یستفاد منه وجوب الفعل لکن البحث في المفهوم و المعنی لا في المصداق.
النظریة الثامنة : من المحقق النائیني!
هي للقائل بالاشتراك المعنوي في الواقعة التي لها أهمیة في الجملة بعد قوله بالاشتراك اللفظي بینها و بین الطلب. و هي نظریة المحقق النائیني! ([32])
بیان المحقق النائیني!: «و التحقیق أنّه لا إشکال في کون الطلب المنشأ بإحدی الصیغ الموضوعة له، معنیً له وأنّ استعماله فیه بلا عنایة و أما بقیة المعاني فالظاهر أنّ کلها راجعة إلى معنی واحد و هي الواقعة التي لها أهمیة في الجملة… نعم لابدّ و أن یکون المستعمل فیه في مادة الأمر من قبیل الأفعال و الصفات فلایطلق على الجوامد بل یمکن أن یقال إنّ الأمر بمعنی الطلب أیضاً من مصادیق هذا المعنى الواحد فإنّه أیضاً من الأُمور التي لها أهمیة.»
مناقشتان في النظریة الثامنة:([33])
المناقشة الأُولى: من المحقق الخوئي([34]) و المحقق الصدر”([35])
قد یقال: «إنّ هذا الأمر لیس بمهم » فلو أخذ مفهوم الأهمیة في معنی الأمر لایجوز اتصافه بأنّه لیس بمهم.
المناقشة الثانیة: من بعض الأساطینa
إنّه إن أراد مفهوم الواقعة التي لها أهمیة في الجملة فهو لایتبادر إلى الذهن عند استماع لفظ الأمر و إن أراد مصداق الواقعة التي لها أهمیة فیستلزم القول بأنّ الوضع فیه عام و الموضوع له خاص لأنّ المصادیق مختلفة و هذا أیضاً باطل.
إنّ الأمر یطلق على السواد مع أنّه لاتصدق علیها واقعة لها أهمیة في الجملة.
النظریة التاسعة: من المحقق الإصفهاني!
هي أیضا للقائل بالاشتراك المعنوي. قال! ([36])إنّ معنی مادة «الأمر» هي الإرادة البالغة إلى حد الفعلیة. و تبعه صاحب المنتقی!:([37])
بیان المحقق الإصفهاني!:([38]) قال عند نقد وضع مادة الأمر لمفهوم الشيء: «و لم أقف على مورد یتعین فیه إرادة الشيء حتی مثل قوله تعالى: (أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)([39])… مع أنّه لایستقیم إرادة الشيء في مثل أمر فلان مستقیم. نعم لو کان الشيء منحصراً مفهوماً في المعنی المصدري لشاء یشاء – و کان إطلاقه على الأعیان الخارجیة باعتبار أنّها مشیات وجوداتها فالمصدر مبني للمفعول – لما کان إشکال في مساوقته مفهوماً لمفهوم الأمر کما ربما یراه أهل المعقول؛ لکن الشيء بهذا المعنی لم یکن في قبال الطلب حینئذ.»
و قال عند نقد وضعها لمصداق الفعل:
«و الوضع بإزاء مصادیقه [أي الفعل] – من الأکل و الشرب و القیام و القعود و غیرها – بلا جهة جامعة تکون هي الموضوع لها حقیقة سخیف جداً، والجهة الجامعة بین مصادیق الفعل بما هو فعل لیس إلا حیثیة الفعلیّة. فإنّ المعاني القابلة لورود النسب علیها تارة من قبیل الصفات القائمة بشيء و أخری من قبیل الأفعال. ولا فرق بینها من حیث القیام و کونها أعراضاً لما قامت به و إنّما الفرق أنّ ما کان من قبیل الأفعال قابل لتعلق الإرادة به دون ما کان من قبیل الصفات کالسواد و البیاض في الأجسام و کالملکات و الأحوال في النفوس.
فیرجع الأمر في [مادة] الأمر بالأخرة إلى معنی واحد و أنّ إطلاقها على خصوص الأفعال في قبال الصفات و الأعیان باعتبار موردیتها لتعلق الإرادة بها بخلاف الأعیان و الصفات فإنّها لاتکون معرضاً لذلك. فالأمر یطلق بمعناه المصدري المبني للمفعول على الأفعال کإطلاق المطلب و المطالب على الأفعال الواقعة في معرض الطلب کما یقال رأیت الیوم مطلباً عجبیاً و یراد منه فعل عجیب.»
و کلامه! هو أحسن ما قیل في المقام.
مناقشات أربع في النظریة التاسعة: (1)
المناقشة الأُولى: ما ذکره السید الصدر!
قال:[40]«و یرد علیه ما عرفت من أنّ استعمال الأمر بغیر المعنی الطلبي لیس مخصوصاً بما یکون فعلاً بل قد یطلق على ما لایمکن أن یطلب کما في شریك الباري أمر مستحیل».([41])
الجواب عن المناقشة الأُولى:
أولاً: بالنقض علیه فإنّ إطلاق الأمر على شریك الباري مسامحةٌ و إلّا یرد نفس هذا الإشکال على السید الصدر! حیث قال « إنّ المعنی الثاني للأمر هو الأخص من الشيء » مع أنّ الشیئیة مساوقة للوجود فکیف یطلق على الممتنع وجوده؟
ثانیاً: بالحلّ فإنّ الوجه في هذا الإطلاق هو أنّ من لم یکن راسخاً في التوحید یری احتمال وجوده أو المشرك یعتقد بوجوده و هکذا في سائر الممتنعات فإنّ من لم یکن مدرکاً للعقلیات یری احتمال وجودها.
المناقشة الثانیة:
إنّ الأمر بمعنی الطلب لایمکن إطلاقه في موارد الأمر غیر الطلبي لأنّ ما أفاده من قابلیة الأفعال لتعلق الإرادة به و إن کان صحیحاً في نفسه إلا أنّ الأمر غیر الطلبی متعلق الإرادة و الطلب و الأمر و لایمکن تصویر المفهوم الجامع بین الأمر و متعلقه.
جوابان عن المناقشة الثانیة:
الجواب الأول:
إنّ الإرادة عین المراد و ما ورد من أنّ إرادته إحداثه دلیل على اتحادهما لأنّ الإحداث الإیجاد و الإیجاد عین الوجود، فإرادته تعالى عین فعله (والمراد الفعل بالمعنی الأعم بحیث یشمل الأعیان و الصفات و الأفعال).
الجواب الثاني:
إنّ الأمر مصدر ثلاثي مجرد (فما کان متعدیاً و على زنة فَعَلَ یکون مصدره على زنة فَعل) و المصدر قد یطلق على اسم المفعول مثل الخلق فإنّه مصدر و لکن یطلق على اسم المفعول، فالخلق اسم للمخلوق و الأمر اسم للمأمور به (مثلاً إذا أمر المولى جنوده بالحرکة نحو مکان فمهما سئل أنّه ما أمر المولی؟ فیجاب: «الحرکة» مع أنّ الحرکة هو المأمور به).
و لعل ما مثل به في الکفایة([42]) لمعنی «الفعل» من هذا القبیل فإنّ المراد من (أَمْرُ فِرْعَوْنَ) في الآیة المبارکة (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)([43]) ما أمر به فرعون؛ فإنّ فرعون أمر بالکفر بموسی (على نبینا و آله و علیه السلام).
کما أنّ المحقق الإصفهاني! مثّل لذلك بالمصدر المیمي فقال:([44]) الأمر یطلق بمعناه المصدري المبني للمفعول على الأفعال کإطلاق المطلب و المطالب على الأفعال الواقعة في معرض الطلب کما یقال رأیت الیوم مطلباً عجبیاً و یراد منه فعل عجیب.
و استعمال الأمر بهذا البیان متداول في الأفعال إلا أنّ الاشتقاق المذکور لم یعتبر فیه العلو؛ ثم إنّ الأمر بهذا المعنی قد یستعمل في الصفات و الأعراض بل في الأعیان (سواء کان علماً بالذات أو بالإشارة) و عدم تداوله لایضر بصحته.
المناقشة الثالثة:
إنّ الأمر بهذا المعنی لا یطلق علیه تعالى بخلاف الشيء فإنّه یطلق علیه فیقال إنه تعالى شيء لا کالأشیاء، فیعلم من ذلك عدم مساوقة مفهوم الامر و مفهوم الشيء خلافاً للمحق الإصفهاني! حیث ذهب إلى مساوقتهما.
و یلاحظ علیها:
أنّ مفهوم الأمر و المشیّة کل منهما مترادف مع الآخر ولکن الترادف لیس بمعنی اتحاد المعنی من جمیع الجهات و جمیع القیود، بل الالفاظ المترادفة ربما یختلف معناها باختلاف لطیف أدبي کما فصّل في ذلك بعض اللغویّین مثل ابن سکیت و لکنها یجمعها معنی جامع مثل الإنسان و البشر فإنّ الإنسان یطلق على هذه الماهیّة بلحاظ أنسه أو باعتبار نسیانه کما ورد في بعض الروایات و کلمات الأعلام، و البشر یطلق علیها باعتبار ظواهره حیث إنّ هذه الکلمة قد اشتقّت من البشرة و على ذلك لا مانع من أن نقول إنّ واجب الوجود بالذات تبارك و تعالى أمر متفرد بذاته. نعم إطلاق الشيء و الأمر علیه تبارك و تعالى من ضیق التعبیر من جهة التوسعة التي تقع في هذه الکلمات فإنّ الوضع اللغوي قد اقتضی استعمالها في ما تعلق به الأمر و المشیّة ولکن حیث إنّ الأعیان الخارجیّة کلّها نفس المشیّة الفعلیّة الجزئیّة، قد أطلق علیها الشيء کما أنّ التوسعة الثانیة اقتضت إطلاق الأمر على شریك الباري و أمثال ذلك حیث إنّ العقل یفرض لهذه الأُمور وجوداً نفس الأمري أو فقل ثبوتاً ذهنیّاً.
المناقشة الرابعة:
إنّ القول بالإشتراك المعنوي باطل لأنّ الأمر بالمعنی الطلبي یجمع على صیغة الأوامر و الأمر بالمعنی غیر الطلبي یجمع على صیغةالأمور و هذا یدلّ على الاشتراك اللفظي.
جواب المحقق الإصفهاني! عن هذه المناقشة:
أما إشکال اختلاف الجمع حیث إنّ الأمر بمعنی الطلب المخصوص یجمع على الأوامر و بالمعنی الآخر على الأمور فیمکن دفعه بأنّ الأمر حیث یطلق على الأفعال لایلاحظ فیه تعلق الطلب تکویناً أو تشریعاً فعلاً بل من حیث قبول المحل له فکأنّ المستعمل فیه متمحض في معناه الأصلي الطبیعي الجامد و الأصل فیه حینئذٍ أن یجمع الأمر على أمور کما هو الغالب في ما هو على هذه الزنة. ([45])
ملاحظتان على بیان المحقق الإصفهاني!:
و هذه الملاحظات تتّجه إلى بیانه لا إلى أصل نظریّته.
الملاحظة الأُولى:
إنّه قال:([46]) بعدم إطلاق «الأمر» على الصفات و الأعراض و بعدم قابلیتها لتعلق الإرادة بها، فیلاحظ علیه:
بأنّه لایتم ذلك لأنّ الأمر الجمودي یطلق على الصفات و الأعراض کما هو مذهب المحقق العراقي و السید الصدر5 و کما صرّح به بعض الأساطینa عند الإشکال على السید المحقق البروجردي! حیث قال بأنّه یطلق على السواد العارض للشيء أمرٌ و للعلم الذي اتصف به العالم أمرٌ.
الملاحظة الثانیة:
إنّه ذکر سابقاً في مقام الإشکال على صاحب الکفایة! – إذ قال:([47]) إنّ الأمر الجمودي وضع بإزاء مفهوم الشيء- أنّ «الشيء یطلق على الأعیان والأفعال مع أنّ الأمر لایحسن إطلاقه على العین الخارجیة» و صرّح أیضاً بعدم قابلیة الأعیان لتعلق الإرادة بها، فیلاحظ علیه:
بأنّ الأعیان أیضاً قد یطلق علیها الأمر کما مرّ و إن لم یکن متداولاً و لذا یطلق على الأعیان الخارجیة أنّها أمر متشخص بذاته و أنّها أمر بسیط أو مرکب و غیر ذلك.
و المحقق الإصفهاني! قال:([48]) عند الإشکال على المحقق الخراساني!: «إنّ إطلاق الشيء على الأعیان الخارجیة باعتبار أنّها مشیئات وجودها»؛ فعلى هذا، الأعیان متعلقات للإرادة التکوینیة الإلهیة و عدم قابلیة إرادتنا لأن تتعلق بالأعیان لاینافي تعلق الإرادة الإلهیة بها.
فتحصل أنّ مقتضی التحقیق تمامیة نظریة المحقق الإصفهاني! مع إصلاحها باطلاق الأمر على الأعیان و الصفات و الأعراض فإنّ الاستعمال قد یکون بالنسبة إلى بعض مصادیقه شایعاً و بالنسبة إلى بعض مصادیقه نادراً و غیر متعارف و هذه الندرة و عدم التعارف لایضر بصحة الاستعمال.
البحث الثاني : معني « الأمر » اصطلاحاً
النظریة الأُولى: و هي مختار المشهور
إنّه قد حکی المحقق الخراساني! نظریة المشهور فقال:([49]) «و أما بحسب الاصطلاح فقد نقل الاتفاق على أنّه [أي الأمر] حقیقة في القول المخصوص و مجاز في غیره».
و قال بعد أسطر: «القول المخصوص أي صیغة الأمر».
إیرادان على نظریة المشهور:
الإیراد الأول: من المحقق الخراساني! ([50])
إنّ القول المخصوص جامد و لایمکن الاشتقاق منه مع أنّا نری أنّ الاشتقاقات من الأمر تکون بهذا المعنی المصطلح علیه فلابدّ أن یکون معناه حدثیاً لأنّ مبدأ الاشتقاق معنی حدثي قابل للتصریف.
جواب المحقق الإصفهاني! عن هذا الإیراد:
إنّ الأمر بهذا المعنی المصطلح علیه یکون مبدأ للاشتقاق .
قال!:([51]) «إنّ وجه الإشکال إن کان توهم أنّ الموضوع له لفظ لا معنی… و إن کان وجه الإشکال ما هو المعروف من عدم کونه معنی حدثیاً ففیه أنّ لفظ ”اضرب“ صنف من أصناف طبیعة الکیف المسموع و هو من الأعراض القائمة بالمتلفظ به؛ فقد یلاحظ نفسه – من دون لحاظ قیامه و صدوره عن الغیر – فهو المبدء الحقیقي الساري في جمیع مراتب الاشتقاق و قد یلاحظ قیامه فقط فهو المعنی المصدري المشتمل على نسبة ناقصة و قد یلاحظ قیامه و صدوره في الزمان الماضي فهو المعنی الماضوي و قد یلاحظ صدوره في الحال أو الاستقبال فهو المعنی المضارعي و هکذا؛ فلیس هیأة ”اضرب“ مثلاً کالأعیان الخارجیة و الأُمور غیر القائمة بشيء حتی لایمکن لحاظ قیامه فقط أو في أحد الأزمنة».
مناقشة المحقق الخوئي! على المحقق الإصفهاني!:
إنّ المحقق الخوئي! قوّی نظریة صاحب الکفایة! و استشکل على المحقق الإصفهاني! فقال:([52]) «إنّ ما ذکره في إطاره و إن کان في غایة الصحة و المتانة إلا أنّه لا صلة له بما ذکرناه و السبب في ذلك أنّ لکل لفظ حیثیتین موضوعیتین:
الأُولى: حیثیة صدوره من اللافظ خارجاً و قیامه به کصدور غیره من الأفعال کذلك .
الثانیة: حیثیة تحققه و وجوده في الخارج فاللفظ من الحیثیة الأُولى و إن کان قابلا للتصریف و الاشتقاق إلا أنّ لفظ الأمر لم یوضع بإزاء القول المخصوص من هذه الحیثیة و إلا لم یکن مجال لتوهم عدم إمکان الاشتقاق و الصرف منه بل هو موضوع بإزائه من الحیثیة الثانیة و من الطبیعي أنّه بهذه الحیثیة غیر قابل لذلك کما عرفت فما أفاده مبني على الخلط بین هاتین الحیثیتین.»
ملاحظة على المحقق الخوئي!:
إنّ ما لابدّ منه هو أن یکون بحیث یمکن صدوره عن الفاعل و هذا یکفي في الاشتقاق و عدم لحاظ قیامه باللافظ لایوجب انقلاب ذاته فإنّ اللحاظ و عدم اللحاظ اعتباري و ما هو شرط للاشتقاق هو أن یکون بحسب ذاته قابلا للصدور عن الفاعل و القیام بالغیر حتی یطرأ علیه أنحاء الصدور و یشتق منه المشتقات و الشرط حاصل في المقام.
الإیراد الثاني: ما ذکره المحقق الخوئي! ([53])
إنّ مبدأ الاشتقاق لابدّ أن یکون خالیاً عن جمیع الخصوصیات لیقبل کل خصوصیة ترد علیه و لذا قال في بحث المشتق: إنّ المصدر لایصلح أن یکون مبدأ للاشتقاق لأنّ المصدر مشتمل على الهیأة أیضاً (و إن لم تکن هیأته تامة).
یلاحظ علیه:
إنّ الأمر بمعناه الإصطلاحي لیس مصدراً حتّی یرد علیه ذلك، بل هو اسم للصیغة الخاصّة الصادرة من اللافظ القائمة به.
النظریة الثانیة: و هي المختار عندنا
إنّ الأمر الاصطلاحي اسم للطلب المخصوص و الإرادة المبرزة التي هي أعم من کونه بصیغة افعل أو بمادة الأمر أو بالجملة الخبریّة أو بغیر ذلك مما یفهم منه الأمر فإذا قال قائل «إنّي أمرتهم بکذا» فهذا أعمّ من أن یکون أمره بصیغة افعل أو بمادة الأمر أو بالجملة الخبریّة أو بغیرها.
البحث الثالث: الأصل العملي في المقام
نظریة صاحب الکفایة!:([54])
لابدّ مع التعارض من الرجوع إلى الأصل في مقام العمل (و مراده هو تعارض الوجوه المرجحة مثل غلبة المجاز على الاشتراك فإنّه لو سلمنا غلبته یکون معارضاً بقاعدة أخری و هي أنّ الاشتراك المعنوي خیر من المجاز و إن فرضنا عدم المعارض له یکون وجها استحسانیاً و لا دلیل على اعتباره) فمع سقوط المرجحات لابدّ من الرجوع إلى الأصل العملي.
أما على مسلك المحقق الإصفهاني! فإذا ورد أمر و دار الأمر بین الحمل على معنی الطلب الفعلي التشریعي (حتی یکون ذا أثر شرعي) و بین الحمل على الطلب الفعلي التکویني (حتی لایکون ذا أثر شرعي) یعامل معه معاملة المشترك اللفظي عند فقد القرینة المعینة فیکون شبهة حکمیة لإجمال الدلیل و لا مرجع هنا إلا أصل البراءة.
و الأمر کذلك على مسلك المحقق النائیني! حیث یدور الأمر بین معنی الواقعة الشرعیة التی لها أهمیة في الجملة و بین معنی الواقعة التکوینیة التي لها أهمیة في الجملة فیرجع إلى أصل البراءة.
و هکذا على مسلك القائلین بالاشتراك اللفظي تجري أصالة البراءة عند دوران الأمر بین المعنی الطلبي و المعنی غیر الطلبي.
[1]. المعاني المذکورة هنا – وفاقاً للکفایة- جاءت بعینها في هدایة المسترشدین، ص130.
[2]. کفایة الأُصول، ص61، المقصد الأول، الفصل الأول، الجهة الأُولى.
[3]. قال صاحب الکفایة في تتمة کلامه: «و هکذا الحال في قوله تعالى فلما جاء أمرنا یکون مصداقاً للتعجب لا مستعملاً في مفهومه و کذا في الحادثة و الشأن».
و في عنایة الأُصول، ج1، ص174: «مقصود المصنف على ما یظهر من کلماته الآتیة أنّ ما سوی الطلب و الشيء و الفعل و هو الغرض و الحادثة و الفعل العجیب و الشأن عنده من معاني لفظ الأمر من اشتباه المصداق بالمفهوم» و في بحوث في علم الأُصول، ج2، ص11«قد ذکر لها معان عدیدة… و لا شك في أنّ الطلب من معانیها و أمّا سائر المعاني فکثیر مما ذکر منها لیس معنی له و إنّما یستفاد في موارد استعماله من دوالّ و خصوصیات أُخری خارجة عن کلمة الأمر… فیکون من اشتباه المفهوم بالمصداق». بل في حقائق الأُصول، ج1، ص140 ادّعاء هذا الأمر في الطلب أیضاً قال في التعلیقة على قوله «منها الطلب»: «الطلب عرفاً هو السعي نحو الشيء… فلایبعد أن یکون المصحح لاستعماله في الأمر کون الأمر نحواً من السعي نحو المأمور به و علیه فعدّ الطلب من معاني الأمر یکون من قبیل اشتباه المفهوم بالمصداق اللهم إلّا أن یکون الاستعمال فیه بلغ حد الحقیقة التعیینیة فتأمّل» الخ.
و أمّا استعمال الأمر في الشيء ففي نهایة الدرایة، ج1، ص173: «و لم أقف على مورد یتعین فیه إرادة الشيء حتی مثل قوله تعالى (أَ لَا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (الشوری:53) لإمکان إرادة المصنوعات فإنّ الموجودات کلها باعتبار صنعه و فعله تعالى…». و أما استعمال الأمر في الفعل ففي نهایة النهایة، ج1، ص87: «و أمّا بقیة المعاني من الفعل و الشأن و الحادثة و غیر ذلك فهي خصوصیات مستفادة من القرائن الخارجیة».
[4]. أمّا المحاولة الثالثة: فکونه حقیقة في معنيً و مجازاً في غیره و أشار إلیه في کفایة الأُصول، ص62 قال «و قد استعمل في غیر واحد من المعاني في الکتاب و السنة و لا حجة على أنّه على نحو الاشتراك اللفظي أو المعنوي أو الحقیقة و المجاز». و هو مختار الشیخ و العلامة”.
قال الأوّل في عدّة الأُصول، ج1، ص159: «الأمر عبارة عن قول القائل لمن هو دونه: افعل و الفعل لایسمی أمراً إلّا على وجه المجاز و الاستعارة و هذا مذهب أکثر المتکلمین و الفقهاء»؛ و قال الثاني في مبادئ الوصول، ص90: «الأمر هو اللفظ الدال على طلب الفعل على جهة الاستعلاء و هو حقیقة في القول مجاز في الفعل و إلّا لزم الاشتراك».
و هو مختار المحقق القمي! أیضاً قال في القوانین، ص32 «و ما قیل باشتراکه مع ذلك بین الفعل و الشأن و غیر ذلك بعید لعدم تبادرها و المجاز خیر من الاشتراك و الاستعمال أعم من الحقیقة…»
بل لعله قول الأکثر قال في هدایة المسترشدین، ص130 «و المحکي عن الأکثر في کلام جماعة هو اختصاصه بالقول المخصوص و کونه مجازاً في غیره و قد نص علیه جماعة من العامة و الخاصة و عزاه فخر الإسلام إلى الجمهور و السید العمیدي إلى المحققین…»
و في بدائع الأفکار، ص243 «أما الجهة الثانیة و هو أنّ الأمر هل هو مشترك بین المعاني المذکورة لفظاً أو معنی أو حقیقة و مجاز فاختلفوا فیها على أقوال: أحدها أنّه حقیقة في القول المخصوص و فیما عداه مجاز عُزي إلى الشیخ و العلامة و العمیدي و الشهید الثاني و غایة البادي و البیضاوي و الإصفهاني و الحاجبي و العضدي و نسبه الفخر إلى الجمهور و السید العمیدي إلى المحققین…»
و أمّا المحاولة الرابعة: ما ذهب إلیه في جواهر الأُصول، ج1، ص109. قال: «قد یقال:… إنّ لفظ الأمر مشترك لفظي… و قال بعض آخر: إنّ لفظ الأمر مشترك معنوي… و الذي یقتضیه التحقیق عدم استقامة کلا القولین… و ذلك لأنّ الذي یشتق منه و یکون مادّة المشتقات کما علیه المحققون هو مادة الأمر غیر المتهیأة بهیأة حتی هیأة المصدریة أو اسمها أعني”أ م ر“ فالموضوع لنفس الطلب هو مادة ” أ م ر“ غیر المتهیأة و أمّا الموضوع لسائر المعاني فهو نفس لفظ الأمر بمادته و هیأته و بعبارة أُخری لفظ الأمر جامداً وضع لسائر المعاني فلمیکن الموضوع هنا شیئاً و لفظاً واحداً حتی یصح أن یقال بأنّه مشترك لفظي أو معنوي بین الطلب و سائر المعاني».
[5]. قد ذکر في هدایة المسترشدین، ص130 أقوالاً ستة ثلاثة منها مذکورة هنا «اشتراکه لفظاً بین القول و الفعل، کونه مشترکاً بین القول المخصوص و الشيء و الشأن و کونه حقیقة في القول المخصوص و ما یعم المعاني المذکورة». و في بدائع الأفکار للمحقق الرشتي!، ص243 أقوالاً تسعة ثلاثة منها مذکورة هنا «اشتراکه بین القول و الفعل، اشتراکه بین الطلب و شأن و اشتراکه بین القول المخصوص و القدر الجامع بین سائر المعاني المذکورة» و نقل عن الآمدي أنّه حقیقة في القدر المشترك بین القول و الفعل و هو القول بالاشتراك المعنوي.
[6]. قال في کفایة الأُصول، ص61 «الأُولى إنّه قد ذکر للفظ الأمر معانٍ متعددة. منها… و لا یخفی أنّ عد بعضها من معانیه من اشتباه المصداق بالمفهوم».
نقول: هنا جهتان: 1. لفظ الأمر یطلق على معانٍ عدیدة 2. هل الأمر مشترك بین المعاني المذکورة لفظاً أو معنی أو حقیقة و مجاز؟و هاتان الجهتان مذکورتان في هدایة المسترشدین و بدائع الأفکار صراحةً و عبارة الکفایة أیضاً مشتملة على کلتا الجهتین فیبدأ الکلام بذکر الجهة الأُولى و یختم بذکر الثانیة و الظاهر من الإشکال الذي أورده صاحب الکفایة1 على النظریة الأُولى أنّ الکلام في الجهة الأُولى؛ أما کون الأمر مشترکاً لفظیاً بین هذه المعاني السبعة فلم یُذکر اختیاره من أحد فما في جواهر الأُصول، ج2، ص109 «قد یقال و لعله المعروف بینهم إنّ لفظ الأمر مشترك لفظي بین معاني متعددة» لا یخلو من إشکال و کذا التفریع الذي جاء في تحریرات في الأُصول، ج2، ص5 «المعروف و المشهور أنّ لفظة الأمر لها معانٍ کالطلب و الشأن و… فیکون مشترکاً لفظیاً في الکل».
[7]. هنا نظریة ثالثة ففي معارج الأُُصول، ص61 «و توسط أبو الحسین فقال هو مشترك بین القول المخصوص و بین الشيء و الصفة و الشأن و الطریق».
[8]. ذکرت هنا نظریتان و لکن في بحوث في علم الأصول، ج2، ص12: «و أمّا المحاولة الثانیة و هي توحید معاني الأمر في معنی واحد جامع فقد وقعت هذه المحاولة بأحد أنحاء ثلثة» و قال في ص13: «الثالث أنّ الأمر موضوع للجامع بین الطلب و الواقعة» ثمّ أورد علیه.
و ذکر وجهاً آخر المحقق البجنوردي! في منتهی الأُصول، ج1، ص109 قال: «غایة ما یمکن أن یقال في تصویر الجامع بین الکل هو أنّ الفعل باعتبار معناه المصدري یشمل جمیع ما تعلقت به إرادة الله جل جلاله حتی إنّه بهذا الاعتبار تکون الأحکام الشرعیة أیضاً فعلاً لأنّها أیضاً تعلقت بها الإرادة التشریعیة أي إنّها أیضاً فعل و مجعول في عالم الاعتبار و التشریع فالطلب الذي ینتزع عن إبراز الإرادة التکوینیة أو التشریعیة بالقول أو الفعل أو الکتابة الذي هو أحد معاني الأمر أیضاً داخل تحت هذا المعنی لأنّه أیضاً فعل و من مصادیقه بهذا المعنی» الخ.
و أمّا المحققون فقد ذکروا إشکالات على هذه المحاولة:
قال المحقق القوچاني! في حاشیته على الکفایة، الرقم108 عند التعلیقة على قوله: «و لایخفی أنّ عدّ بعضها من معانیه»:«… و جعله جامعاً بین المعاني حتی یصیر الأمر مشترکاً معنویّاً بینهما یبعده عدم صحة اشتقاق التصاریف منه بمعناه الحقیقي حینئذ و صحته منه بمعناه المجازي في موارد استعماله في بعض أفراده مثل الطلب لا في موارد إطلاقه على أفراده مطلقاً و لایخفی ما فیه حیث إنّ ذلك یحتاج إلى عنایة في المشتقات منه و المترائی خلافه» الخ.
و قال المحقق الإصفهاني! في نهایة الدرایة، ج1، ص257 عند التعلیقة على قوله: «کما لایبعد أن یکون کذلك في المعنی الأوّل»: «و التحقیق بعد الاعتراف بالاستعمال في ما عدا الطلب أنّه لابد من الالتزام بالاشتراك اللفظي دون المعنوي أو الحقیقة و المجاز… و من الواضح أنّ اللفظ لو کان حقیقة في أحد المعنیین من الطلب و غیره و کان في الآخر مجازاً لما اختلف جمع الأمر بأحد المعنیین مع جمعه بمعنی آخر کما هو المشاهد في سائر الحقائق و المجازات… مع اختصاص الاشتراك المعنوي بین الطلب و الشيء بإشکال آخر و هو أنّ الأمر ممّا لا إشکال إجمالاً في اشتقاقه و الجامع بین ما یقبل الاشتقاق و ما لایقبله غیر معقول إذ الشيء بما هو غیر قابل للقیام بشيء حتی یکون قابلاً لطروّ النسب علیه بذاته أو في ضمن معنی جامع» الخ.
و في حواشي المشکیني!، ج1، ص306 في التعلیقة على قوله «و منها الغرض»: «و هل هو حقیقة في جمیعها اشتراکاً لفظیاً أو معنویاً… وجوه لا سبیل إلى الأوّل إذ فیه… و کذا الثاني لأنّه فرع وجود الجامع و هو مفقود و توهم کونه مفهوم الشيء فیه مضافاً إلى کونه أحد المعاني فکیف یکون جامعاً أنّه لایصح الاشتقاق منه لأنّ القابل له هو الحدث لا المفهوم المنطبق علیه و على غیره». و راجع أیضاً أُصول الفقه، ج1، ص59 و مباحث الأُصول، ج1، ص250 و بحوث في علم الأُصول، ج2، ص13 و 14.
و أجاب المحقق البجنوردي! في منتهی الأصول، ج1، ص111 فقال: «نعم یبقی الإشکال من ناحیة الجمع حیث إنّ الأمر بمعنی ما عدا الطلب یجمع على أُمور و بمعناه یجمع على أوامر و إن کان یمکن أن یقال: إنّه لا مانع من أن یکون المفهوم الواحد إذ أُرید منه بعض المصادیق یجمع على کذا و إذا أُرید منه البعض الآخر یکون له جمع آخر.
و لکن مع ذلك کله یبقی إشکال الاشتقاقات فإنّه إن أرید من الأمر ذلك المعنی الحدثي في جمیع الموارد فلماذا تکون الاشتقاقات مخصوصة بهذا المعنی؟ و إن کان یمکن أیضاً أن یقال: إنّ الاشتقاقات من جهة اختلاف نسب المعنی الحدثي فإذا کانت اختلافات النسب في معنی حدثي قلیلة من جهة قلة الاحتیاج إلیها فقهراً تکون الاشتقاقات قلیلة و إذا کانت کثیرة تکون کثیرة و ذلك حسب الاحتیاج فالأمر بمعنی ما عدا الطلب من سائر المعاني یحتاج إلى اختلافات النسب بخلاف ما إذا کان بمعنی الطلب فإنّ الاحتیاج إلیها کثیر». و قال بعد ذلك: «هذا و لکن مع ذلك کله لایخلو هذا الکلام عن مناقشات».
[9]. و هو مختار المحقق!أیضاً. قال في هدایة المسترشدین، ص130 «و عن أبی الحسین البصري… و حکی عنه في المعارج القول باشتراکه بین القول المخصوص و بین الشيء و الصفة و الشأن و الطریق و اختار القول به و ظاهر ما ذکره في الاحتجاج علیه إرجاعه الطریق إلى الشأن و الصفة و الغرض إلى الشيء فیکون عنده مشترکاً بین الثلاثة». و راجع معارج الأصول، ص61.
[10]. في بدائع الأفکار، ص243: «اختلفوا بعد اتّفاقهم على أنّ الأمر… فمنهم من جعله حقیقة في مطلق الطلب سواء کان مستکشفاً من القول أو الإشارة أو الکتابة و مجازاً في القول کما في الفصول؛ و منهم من جعله حقیقة في کل من القول و الطلب کالسید المحقق الکاظمي؛ و منهم من جعله حقیقة في القول ساکتاً عن الطلب و هو المصرّح به في کلمات الکل بل ادّعی جماعة من المحققین علیه الإجماع؛ و منهم من جعله حقیقة في القول الدالّ على الطلب لا القول المجرّد صرّح به في التهذیب و وافقه المحقق القمي»
أمّا کون الأمر الطلب الحاصل بالقول فهو مختار المحقق القمي! کما عرفت و المحقق الرشتي و العلامة الطباطبائي” ففي القوانین، ص32: «الأمر على ما ذکره أکثر الأُصولیین هو طلب فعل بالقول استعلاءً»؛ و في بدائع الأفکار، ص243: «و الذي یقتضیه التحقیق بعد إمعان النظر في کلماتهم أنّ کلاً من القول و الطلب مأخوذ في معنی الأمر فیکون کل واحد جزءً للموضوع له و تمامه هو القول الدال على الطلب أو الطلب الحاصل بالقول»؛ و في حاشیة الکفایة للعلامة، ص69: «معنی الأمر لیس هو الإرادة مطلقاً من الأمر سواء دلّ علیها أم لا و لا هو الإرادة المدلول علیها مطلقاً سواء کان الدالّ علیها اللفظ أو غیره من الإشارات… بل معنی الأمر هو”الصیغة الدالّة على إنشاء الإرادة“». و لعلّ المحقق النائیني! یوافق هذا القول ففي أجود التقریرات، ج1، ص86 عبّر عن المعنی الأول بالطلب المنشأ بإحدی الصیغ الموضوعة له.
و في قبال ذلك قال المحقق المظفر! في أصول الفقه، ج1، ص59: «و المراد من الطلب إظهار الإرادة و الرغبة بالقول أو الکتابة أو الإشارة أو نحو هذه الأُمور ممّا یصحّ إظهار الإرادة و الرغبة و ابرازهما به فمجرد الإرادة و الرغبة من دون إظهارها بمظهر لاتسمّی طلباً». و لعل المحقق البهجة! وافق هذا القول حیث عبّر في مباحث الأصول، ج1، ص249 عن المعنی الأوّل بالطلب المدلول بدالّ إنشاءً.
[11]. حاشیة الکفایة، ص51، التعلیقة108 على هذه العبارة «و لایخفی أنّ عد بعضها من معانیه» قال!: «لایخفی أنّ الأمر إما… أو حقیقة في الثلاثة و هي الشيء و الشأن و الطلب المخصوص و هو التحقیق».
و في الذریعة، ج14، ص34 «شرح الکفایة للشیخ علي بن قاسم القوچاني مطبوع و هو کان من أجلاء تلامیذ المصنف فکان یقرر درس أُستاذه في حیاته بعد انقضاء الدرس و یسمع تقریره جمع من التلامیذ و صار مدرساً بعد وفاة أُستاذه و لم یطل زمانه بعده فابتلي بالسل و ذهب إلى الکاظمیة للعلاج و لم ینجح و توفي بها في شهر رمضان سنة 1333» و ذکره أیضاً في ج 26، ص267 بعنوان «الحاشیة على کفایة الأصول».
و ذکر له تألیفاً آخر في ج4، ص380 قال!: «التقریرات للشیخ علي القوچاني النجفي المتوفی بالکاظمیة في شهر رمضان 1333 عن نیف و أربعین سنة کان من أجلاء تلامیذ شیخنا آیة الله الخراساني و مقرري درسه في حیاته و المدرس بعد وفاته و کتب کثیراً من تقریراته و طبع حاشیته على الکفایة و تزوج أخیراً بابنة المرحوم السید محمد بن إبراهیم اللواساني الآتي ذکر تقریراته».
[12]. حواشي المشکیني، ج1، ص308، التعلیقة على هذه العبارة «و بذلك ظهر ما في دعوی الفصول» قال!: «اعلم أنّ في المسألة…أقوالاً:… الرابع ما هو المختار من کونه حقیقة في الأولین [أي الشيء و الطلب] مع الفعل».
و في الذریعة، ج6، ص186 «الحاشیة علیها [أي کفایة الأصول] للمیرزا أبي الحسن بن عبدالحسین المشکیني المتوفی بالنجف في یوم الاثنین 27 ج2 1358 طبع الجزء الأول منها في النجف و طبعت کلها على هامش الکفایة بطهران سنة 364» و ذکره أیضاً في ج14، ص34 بعنوان «شرح الکفایة».
[13]. في الذریعة، ج16، ص241 «الفصول الغرویة في الأصول الفقهیة للشیخ محمد حسین بن محمد رحیم (عبد الرحیم) الطهراني الإصفهاني الحائري المتوفی 1250 کما في نجوم السماء و هو أخو الشیخ محمد تقي صاحب الحاشیة الکبیرة على المعالم.
[14]. الفصول الغرویة، ص62، المقالة الأولى، القول في الأمر «فصل الحق أنّ لفظ الأمر مشترك بین الطلب المخصوص کما یقال: أمره بکذا و بین الشأن کما یقال: شغله أمر کذا الخ».
و في معارج الأصول، ص61: «لنا أنّ القائل إذا قال: هذا أمر… و إن قال: مستقیم عُلم الشأن».
[15].و في حواشي المشکیني1، ج1، ص308: «فیه مضافاً إلى ما ذکر في المتن من کونه من قبیل اشتباه المصداق بالمفهوم أنّ اللازم حینئذ في ما استعمل في غیر المعنیین المذکورین نحو رأیت أمراً إمّا کونه من مصادیقهما أو وقوع الاستعمال مجازاً و کلاهما منتفٍ أمّا الأوّل فلأنّ لازمه صحة التبدیل بأحد المعنیین على سبیل منع الخلو و لایخفی عدم صحته و أمّا الثاني فلوجهین: الأوّل انتفاء المناسبة اللزومیة بینهما و بین مفهوم الشيء و عدم علاقة معهودة على الخلاف غیر العموم و الخصوص و هو غیر معتبر. الثاني عدم لحاظ العرف علاقة فیه».
[16]. في تحقیق الأصول، ج2، ص8 «و أما رأي صاحب الفصول فواضح الضعف إذ لا حکایة للفظ الأمر عن الشأن و لاینسبق منه إلى الذهن».
[17]. إنّ صاحب الکفایة! و إن قال أوّلاً في ص62: «و لایبعد دعوی کونه حقیقة في الطلب في الجملة و الشيء» و لکن یقول بعد ذلك عبارات ربّما ینافي کونه مختاره فإنّه یقول بعد أسطر: «و إنّما المهم بیان ما هو معناه عرفاً و لغةً لیحمل علیه فیما إذا ورد بلا قرینة و قد استعمل في غیر واحد من المعاني في الکتاب و السنّة و لاحجة على أنّه على نحو الاشتراك اللفظي أو المعنوي أو الحقیقة و المجاز… نعم لو علم ظهوره في أحد معانیه و لو احتمل أنّه کان للانسباق من الإطلاق فلیحمل علیه و إن لمیعلم أنّه حقیقة فیه بالخصوص أو فیما یعمّه کما لایبعد أن یکون کذلك في المعنی الأوّل».
جاء في حواشي المشکیني!، ج1، ص312 في التعلیقة 228 على قوله: «و لا حجة على أنّه على نحو الاشتراك اللفظي»: «و هذا منافٍ لما اختاره في أول البحث من کونه مشترکاً لفظیاً بین الطلب و الشيء»
بل ذکر في عنایة الأصول اختلاف النسخ في العبارة الأولى و لیس «و الشيء» في بعضها و جعلها الأصل و قال بعد ذلك: «إنّ في بعض النسخ هکذا: حقیقة في الطلب في الجملة و الشيء» ثم بعّد ما في هذه النسخة و ذکر ممّا یبعّده قوله: «و لا حجّة على أنّه على نحو الاشتراك اللفظي» و قال في توضیحه: «إذ لو کان حقیقة في الطلب و الشيء کان لامحالة مشترکاً لفظیاً بینهما».
و عند التعلیقة على قوله: «کما لایبعد أن یکون کذلك في المعنی الأوّل».
قال في نهایة الدرایة، ج1، ص177: «مع أنّه! لمیستبعد أولا كونه حقیقة في الطلب و الشيء».
و في حواشي المشکیني!، ج1، ص313: «و لکن ظهوره فیه من بین المعاني ممنوع بل هو مجمل بینه و بین مفهوم الشيء لولا القرینة الخارجیة الشخصیة».
و في حقائق الأصول، ج1، ص143: «قد تقدم منه أنّه لایبعد كون لفظ الأمر حقیقة في الطلب و في الشيء و حینئذ فدعوى ظهوره في الأوّل غیر ظاهرة الوجه».
و في عنایة الأصول، ج1، ص180: «أي کما لایبعد أن یكون الأمر ظاهراً في المعنی الأوّل و هو الطلب و لو احتمل أنّه كان للانسباق من الإطلاق لا من الحاقّ فلایعلم كونه حقیقة فیه أقول: هذا مناف لما تقدم منه آنفاً من قوله” و لایبعد دعوى كونه حقیقة في الطلب في الجملة“» و في ص 176 ذکر أنّ هذه العبارة مما یبعّد النسخة التي فیها «و الشيء».
و لکن في منتهی الدرایة، ج1، ص369 جمع بین هاتین العبارتین و قال: «إنّ دعوی الحقیقة في المعنیین لاتنافي ظهور اللفظ في خصوص أحدهما كالطلب في المقام لجهة خارجیة مثل كثرة الاستعمال فیه فإنّ الظهور الناشيء عن جهة خارجیة في أحد المعنیین بالخصوص لاینافي الوضع لهما کما لایخفی».
[18]. ذهب إلیه قبل صاحب الکفایة!، صاحب هدایة المسترشدین و بدائع الأفکار”.
ففي الأوّل، ص130 «و کیف کان فالأظهر کونه حقیقة في القول المخصوص و ما یعمّ المعاني المذکورة و لا یبعد أن یجعل الشيء هو المعنی الشامل لها ما عدا القول فیکون کل من تلك الخصوصیات مفهوماً من الخارج و یکون اللفظ مشترکاً بین المعنیین المذکورین».
و في الثاني، ص243 «و أمّا الجهة الثانیة و هو أنّ الأمر هل هو مشترك بین المعانی المذکورة لفظاً أو معنی أو حقیقة و مجاز فاختلفوا فیها على أقوال:… التاسع أنّه مشترك بین القول المخصوص و القدر الجامع بین سائر المعاني المذکورة و هو مختار بعض المحققین من متأخري المتأخرین و هو المختار».
أما وجه هذه النظریة ففي هدایة المسترشدین، ص130 بعد اختیار هذا القول: «لنا تردد الذهن بین المعنیین حال الإطلاق و هو دلیل الاشتراك».
و في الحاشیة على الکفایة للمحقق البروجردي!، ج1، ص153: «لکن التحقیق أنّه مستعمل في العرف و اللغة في الطلب و الشيء في الجملة على نحو الحقیقة أمّا الاستعمال فلوجوده في الآثار و الأخبار و الکتاب و السنّة و الأدعیة و أمّا کونه على نحو الحقیقة فللتبادر و الانسباق».
[19]. و في حواشي المشکیني!، ج1، ص309: «و یرد علیه ما أوردنا على الفصول حرفاً بحرف في قولهم: أمر فلان معجب».
[20]. نهایة الدرایة، ج1، ص250، التعلیقة 139 على هذه العبارة «و لایبعد دعوی کونه حقیقةً في الطلب في الجملة و الشيء».
و في منتهی الأصول للمحقق البجنوردي!، ج1، ص111: «ثم على تقدیر صحّة ما ذهبوا إلیه فالجامع بین ما عدا الطلب لیس هو مفهوم الشيء لإطلاق الشيء على الأعیان و الذوات جواهراً کانت أم أعراضاً بخلاف الأمر فإنّه لایطلق على الذوات و الأعیان إلّا باعتبار صدورها عن فاعلها و خالقها».
[21]. في تحقیق الأصول، ج2، ص8 و 9 «و أما رأي صاحب الکفایة… فیه أنّ الشيء یطلق علی… و على ذات الباري لکن الأمر لایصح إطلاقه على هذه الموارد… و في الأخبار أنّه یقال لله شيء لکنه شيء بخلاف الأشیاء فیطلق علیه الشيء و لکن لایطلق الأمر».
[22]. قد ذکر في الکافي باب إطلاق القول بأنه شيء و في التوحید باب أنه تبارك و تعالى شيء و ما ورد بهذا المضمون على أقسام:
الأول: ما ورد بلسان المعصوم أنه تعالى شيء بخلاف الأشیاء و هو حدیثان:
1) في الکافي،ج1، ص81، كتاب التوحيد، باب حدوث العالم و إثبات المحدث، ح5: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عباس بن عمرو الفقيمي عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله%… قال: فما هو؟ قال: شيء بخلاف الأشياء ارجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شيء بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس، لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا تغيره الأزمان.
و جاء أیضا في الکافي، ج1، ص83، باب إطلاق القول بأنه شيء، ح6 و في التوحید، ص104، باب7، ح2 و ص244، باب36، ح1و في معاني الأخبار، ص8، معنی قول الأئمة( إن الله تبارك و تعالى شيء، ح1 و في الاحتجاج، ج2، ص70.
2) في عيون أخبار الرضا، ج2، ص120، باب ما جاء عن الرضا علي بن موسى% من الأخبار في التوحيد، ح28: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمى محمد بن أبي القاسم قال: حدثني أبو سمينه محمد بن علي الكوفي الصيرفي عن محمد بن عبد الله الخراساني خادم الرضا% قال: دخل رجل من الزنادقة على الرضا% عنده جماعه… فقال أبو الحسن%: ويلك لما عجزت حواسك عن ادراكه أنكرت ربوبيته و نحن إذا عجزت حواسنا عن ادراكه أيقنا أنه ربنا و إنه شيء بخلاف الأشياء.
الثاني: ما قرر المعصوم أنه تعالى شيء لا کالأشیاء
في التوحيد، ص107، باب أنه تبارك وتعالى شيء، ح8: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسى بن عبيد، قال: قال لي أبو الحسن%: ما تقول إذا قيل لك: أخبرني عن الله عز وجل شيء هو أم لا؟ قال فقلت له: قد أثبت الله عز وجل نفسه شيئا حيث يقول: (قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم) فأقول: إنه شيء لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه، قال لي: صدقت وأصبت. الحدیث.
الثالث: ما أجاب المعصوم بالإثبات لهذا السؤال: أیجوز أن یقال إن الله شيء؟
في الكافي، ج1، ص82، باب إطلاق القول بأنه شيء، ح2: محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد قال: سئل أبو جعفر الثاني%: يجوز أن يقال لله: إنه شيء؟ قال: نعم، يخرجه من الحدين: حد التعطيل وحد التشبيه.
و في ص85، ح7: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عمن ذكره قال: سئل أبو جعفر%: أيجوز أن يقال: إن الله شيء؟ قال: نعم يخرجه من الحدين: حد التعطيل وحد التشبيه.
الرابع: ما أجاب المعصوم بالإثبات لهذا السؤال: أتوهم شیئا؟
في نفس المصدر، ح1: محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن ابن أبي نجران قال: سألت أبا جعفر% عن التوحيد فقلت: أتوهم شيئا؟ فقال: نعم، غير معقول ولا محدود، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه، لا يشبهه شيء و لاتدركه الأوهام، كيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يعقل، وخلاف ما يتصور في الأوهام؟! إنما يتوهم شيء غير معقول و لا محدود
الخامس: ما جاء بهذا المضمون: کل ما وقع علیه اسم شيء فهو مخلوق ما خلا الله سبحانه
في نفس المصدر، ح3: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي المغرا رفعه، عن أبي جعفر% قال: قال: إن الله خلو من خلقه، وخلقه خلو منه، و كلما وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ما خلاالله.
و ح4: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله% يقول: إن الله خلو من خلقه وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه شيء ما خلا الله فهو مخلوق والله خالق كل شيء، تبارك الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
و ح5: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير. عن علي بن عطية، عن خيثمة عن أبي جعفر% قال: إن الله خلو من خلقه، وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه اسم شيء ما خلا الله تعالى فهو مخلوق و الله خالق كل شيء.
[23]. هذا موافق لما أُفید في نهایة الأصول، ص75 المقصد الأول، الفصل الأول، المبحث الأول إذ جاء فیه: «و لعل معناه الجمودي عبارة عن الفعل».
و أما في سائر الکتب من حاشیته و تقریراته! فقد ذکر کونه مشترکاً بین الطلب و الشيء.
ففي حاشیة على کفایة الأصول للحجتي، ج2، ص154: «التحقیق أنّه مستعمل في العرف و اللغة في الطلب و الشيء في الجملة على نحو الحقیقة».
و في الحجة في الفقه للحائري، المجلد الأول، ص97: «إنّ ما یؤدي إلیه النظر أنّ للأمر معنیین فقط أحدهما بمعناه الحدثي الصدوري أي بمعنی الطلب و منه اشتقاقاته ثانیهما بمعناه الجمودي أي بمعنی الشيء إلا أنّه لایطلق الأمر على مطلق الأشیاء حتی الجمادات بل إنّما یطلق على خصوص بعض الأعراض إذ من المستبعد جداً إطلاق الأمر أو الأُمور عند العرف على الجواهر مثل زید و عمرو و الجبال و البحار و الأشجار و الصحاري لکنّه یطلق علیها الأشیاء و الشيء».
[24]. ذهب إلیه السید! في الذریعة و العلامة الطباطبائي! في حاشیة الکفایة.
ففي الأوّل، ج1، ص27 «اختلف الناس في هذه اللفظة فذهب قوم إلى أنّها مختصّة بالقول دون الفعل… و قال آخرون: هي مشترکة بین القول و الفعل و حقیقة فیهما معاً و الذي یدلّ على صحة ذلك…».
و في الثاني، ص69 في التعلیقة على قوله «و لایبعد دعوی کونه حقیقة في الطلب في الجملة و الشيء»: «یعني به الاشتراك اللفظي بینهما لکن لایخفی… بل معناه إن کان فهو الطلب و الفعل».
و قال المحقق البجنوردي! في منتهی الأُصول، ج1، ص111 بعد ذکر بعض الإشکالات على القول بالاشتراك المعنوي بین جمیع المعاني: «… و لعلّه لذلك ذهب جمع من المحققین إلى اشتراکه اللفظي بین الطلب و بین جامع ما عداه ثمّ على تقدیر صحة ما ذهبوا إلیه فالجامع بین ما عدا الطلب لیس هو الشيء… فالأحسن أن یقال: إنّ الجامع بین ما عدا الطلب من تلك المعاني هو الفعل بالمعنی الذي ذکرنا».
[25]. قال السیّد المرتضی! في الذریعة، ج1، ص27: «و قال آخرون هي مشترکة بین القول و الفعل و حقیقة فیهما معاً و الذي یدلّ على صحة ذلك أنّه لا خلاف في استعمال لفظة الأمر في اللغة العربیة تارة في القول و أخری في الفعل لأنّهم یقولون: أمر فلان مستقیم و إنّما یریدون طرائقه [و] أفعاله دون أقواله و یقولون: هذا أمر عظیم کما یقولون: هذا خطب عظیم و رأیت من فلان أمراً أهالني أو أعجبني و یریدون بذلك الأفعال لامحالة و من أمثال العرب في خبر الزبا لأمرٍما جدع قصیر أنفه و قال الشاعر: لأمرٍما یسود من یسود؛ و ممّا یمکن أن یستشهد به على ذلك من القرآن قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ) (هود:40) و إنّما یرید الله تعالى بذلك الأهوال و العجائب التي فعلها جلّ اسمه و خرق بها العادة و قوله تعالى: (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (هود:73) و أراد الفعل لامحالة و إذا صحت هذه الجملة و کان ظاهر استعمال أهل اللغة اللفظة في شیئین أو أشیاء یدلّ على أنّها حقیقة فیهما و مشترکة بینهما إلّا أن یقوم دلیل قاهر یدلّ على أنّه مجاز في أحدهما – و قد بسطنا هذه الطریقة في مواضع کثیرة من کلامنا و سیجيء مشروحة مستوفاة في مواضعها من کتابنا هذا – وجب القطع على اشتراك هذه اللفظة بین الأمرین و وجب على من ادعی أنّها مجاز في أحدهما الدلیل».
و ردّ علیه الشیخ! في عدّة الأُصول، ج1، ص159 و قال: «و الذي یدلّ على ما قلناه من أنّ هذه الصیغة حقیقة في القول دون الفعل اطّرادها في القول و وقوفها في الفعل لأنّه لیس کل فعل یسمّی أمراً ألا تری أنّه لایسمّی الأکل و الشرب و القیام و القعود بأنّه أمر و إنّما یقال لجملة أحوال الإنسان إنّه أمر فیقال: أمره مستقیم و أمره مضطرب و أمّا تفاصیل الأفعال فلاتوصف بذلك… و أیضاً فإنّ هذه اللفظة لها اشتقاق لأنّه یشتق منها اسم الفاعل فیقال آمر و اسم المأمور و فعل الماضي و المستقبل و کل ذلك لایتأتی في الفعل فعلم بذلك أنّه مجاز في الفعل و حقیقة في القول».
و ردّ علیه أیضاً المحقق! في معارج الأصول، ص61 حیث قال: «و احتج من جعله حقیقة في الفعل بوجوه:
أحدها: قوله تعالى (فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ) (هود:97) الثاني: قوله تعالى (وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ) (القمر:50) الثالث: أنّ أمراً في الفعل جمعه أُمور و الجمع دلالة الحقیقة الرابع: أنّه مستعمل في الفعل و الاستعمال دلالة الحقیقة.
و الجواب عن الأوّل: أنّه محمول على القول و یؤیده قوله «فاتبعوا».
و عن الثاني: لانسلّم أنّ المراد بذلك الفعل و إلّا لکانت أفعاله کلها واحدة بل الشأن أي شأننا ذلك.
و عن الثالث: لانسلّم أنّ التصرف دلالة الحقیقة سلّمنا لکن لانسلّم أنّ أُموراً جمع أمر فإنّه لا فرق بین قولهم: أمر فلان مستقیم و بین قولهم: أُمور فلان مستقیمة سلّمنا لکن إطلاق ذلك لخصوص کونه شأناً لا لعموم کونه فعلاً.
و عن الرابع: لانسلّم أنّ الأصل في الاستعمال الحقیقة سلّمنا لکن معارض بأنّ الأصل عدم الاشتراك»
و نفس السیّد! في الذریعة قال: «و قد تعلّق المخالف لنا في هذه المسألة بأشیاء:
منها أنّ الأمر یشتق منه في اللغة العربیة الوصف لفاعله بأنّه آمر و هذا لایلیق إلّا بالقول دون الفعل لأنّهم لایسمّون من فعل فعلاً لیس بقول بأنّه آمر.
و منها أنّه لو کان اسماً للفعل في الحقیقة لاطّرد في کل فعل حتی یسمّی الأکل و الشرب بأنّه أمر ألاتری أنّ القول لما کان أمراً اطّرد في کل ما هو بصفته.
و منها أنّ من شأن الأمر أن یقتضي مأموراً و مأموراً به کما یقتضي الضرب ذلك و معلوم أنّ ذلك لایلیق إلّا بالقول دون الفعل» إلى آخر الأشیاء السبعة .
ثمّ قال في ص30: «فیقال لهم فیما تعلّقوا به أوّلاً من دلالة الاشتقاق:… فأيّ دلالة في ذلك على أنّ الفعل لایسمّی أمراً… و هذه الطریقة توجب علیهم أن تکون لفظة عین غیر مشترکة لأنّ لقائل أن یقول: إنّ هذه اللفظة إنّما تجري على ما یشتق منه أعین و عیناء و هذا لایلیق بالجارحة فیجب أن تکون مقصورة علیها و بمثل ما یدفعون به هذا القول یدفع قولهم.
و یقال لهم فیما تعلّقوا به ثانیاً: نحن نقول بما ظننتم أنّا نمنع منه و لانفرق بین وقوع هذا الاسم الذي هو الأمر على الأفعال کلها على اختلافها و تغایرها و إلّا فضعوا أیدیکم على أي فعل شئتم فإنّا نبین أنّ أهل اللغة لایمتنعون من أن یسمّوه أمراً.
و یقال لهم فیما تعلّقوا به ثالثاً:… و أنتم لایمکنکم أن تنقلوا عن أهل اللغة أنّ کل ما سمي أمراً و إن لمیکن قولاً یقتضي مأموراً به و مأموراً» الخ.
و قال العلامة الطباطبائي! في حاشیة الکفایة، ص69: «لایخفی أنّ صدق الأمر على غیر الطلب المخصوص موقوف على اشتمال مصداقه على نسبة أي معنی حدثي من حیث هو کذلك یشهد بذلك الاستعمالات و الشيء و الشأن و أضرابهما لاتشتمل على ذلك فلیست من معاني الأمر بل معناه إن کان فهو الطلب و الفعل و أظن أنّ المتأمّل المستأنس بتطورات اللغة و موارد استعمال الأمر خاصّة یذعن… بل معنی الأمر هو الصیغة الدالّة على إنشاء الإرادة و یجمع على أوامر ثمّ اشتق منه الأمر بمعنی مطلق الفعل لکونه یتعلّق به الأمر و جمعه على أُمور و نظائره کثیرة في اللغات من حیث تطوراتها و کذا سائر المعاني في اشتقاقات هذه المادّة کالإمرة و الأمارة».
[26]. في تحقیق الأصول، ج2، ص9 و 10 «و أما رأي السید البروجردي فقد ظهر ما فیه مما تقدم لأنّه قد خص الأمر بالفعل مع کونه یطلق على غیر الفعل أیضاً هذا أولاً».
[27]. من الأعلام من صرّح بکون الأمر موضوعاً لمعنی أخص من الشيء أعم من الفعل و هو المحقق الوحیدa و نُسب هذا المذهب إلى المحقق الخوئي! و في تحقیق الأصول: «و هذا القول للمحقق العراقي!».
و لکنّا ما وجدنا من صرّح به إلا بعض الأساطینaحیث قال في تحقیق الأصول، ج2، ص10، الأوامر، مادة الأمر، ما معنی مادة الأمر؟ «فظهر أنّ الحق کون مفهوم الأمر أوسع دائرةً من الفعل و أضیق من الشيء».
و المحقق الفیروزآبادي! جاء بتعبیر قریب منه قال في عنایة الأُُصول، ج1، ص174 في التعلیقة على قوله: «و لایبعد دعوی کونه حقیقة في الطلب في الجملة»: «… و على کل حال الحق أنّ للفظ الأمر معنیین بحکم التبادر لا أکثر: أحدهما… ثانیهما ما یقرب من مفهوم الشيء و الفعل».
أمّا المحقق العراقي و الخوئي” فهما قائلان بکون معنی الأمر أضیق من الشيء.
ففي مقالات الأُُصول، ج1، ص205، المقالة الثالثة عشرة: «و إنّ أصل المعنی ربّما یرجع إلى معنیین: أحدهما عبارة عن مفهوم عام عرضي مساوق لمفهوم الشيء و الذات من حیث کونهما أیضاً من المفاهیم العامة العرضیة و إن کان له نحو أخصیة عمّا یساوقه من العنوانین و بهذا المعنی کان من الجوامد» و إن جاء في نهایة الأفکار، ج2-1، ص156اختیار کون الأمر حقیقة في الشيء بدون ذکر أخصیته.
و في محاضرات، ج1، ص343 و 344 من الطبعة الجدیدة: «و یمکن أن نقول: إنّ مادّة الأمر موضوعة لغة لمعنیین على سبیل الاشتراك اللفظي: أحدهما… و ثانیهما الشيء الخاص و هو الذي یتقوم بالشخص من الفعل أو الصفة أو نحوهما في مقابل الجواهر و بعض أقسام الأعراض».
و مثلهما المحقق المظفر و المحقق الصدر” حیث قال الأوّل في أُُصول الفقه، ج1، ص59: «و لایبعد أن تکون المعاني التي استعملت فیها کلمة الأمر ماخلا الطلب ترجع إلى معنی واحد جامع بینها و هو مفهوم الشيء… و المراد من الشيء من لفظ الأمر أیضاً لیس کل شيء على الإطلاق فیکون تفسیره به من باب تعریف الشيء بالأعم أیضاً فإنّ الشيء لایقال له أمر إلّا إذا کان من الأفعال و الصفات و لذا لایقال: رأیت أمراً إذا رأیت إنساناً أو شجراً أو حائطاً».
و قال الثاني کما في بحوث في علم الأصول، ج2، ص11، بحوث الأوامر، مادة الأمر، الجهة الأُولى، المحاولة الأولى: «و الصحیح أنّ مدلول کلمة الأمر حسب المستفاد من استعمالاتها في غیر الطلب و إن لمیکن یساوق مفهوم الشيء بعرضه العریض إلّا أنّه لیس مخصوصاً بالحادثة أو الواقعة المهمّة أو الحدث».
[28]. محاضرات (ط ق) ج2، ص7؛ (ط.ج) ج2، ص 343 و 344 «یمکن أن نقول: إنّ مادة موضوعة لغة لمعنیین على سبیل الإشتراك اللفظي أحدهما الطلب في إطار خاص لا الطلب المطلق… و من هنا یظهر أن النسبة بین الأمر و الطلب عموم مطلق».
[29]. يس:82.
[30]. محاضرات في أصول الفقه (ط.ق)، ج2، ص8 و 9؛ (ط.ج) ج1، ص345 و 346، بحث الأوامر، المقام الأول، الجهة الأولى «فالنتیجة أنّه موضوع بإزاء المعنیین الماضیین على نحو الاشتراك اللفظي: الحصة الخاصة من الطلب [و] الحصة الخاصة من مفهوم الشيء… هذا على ما بیناه في الدورات السابقة و لکن الصحیح في المقام أن یقال: إنّ مادة الأمر… وضعت للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفساني في الخارج».
[31]. تحقیق الأصول، ج2، ص10 «و أما رأي القائل بأنّ مدلول الأمر هو الاعتبار النفساني و إبرازه… لکن هذا مطلب و کون مدلول هذه الصیغة هو ذاك الاعتبار و إبرازه مطلب آخر».
[32]. أجود التقریرات، ج1، ص131، المقصد الأول، الفصل الأول: «و التحقیق أنّه لا إشکال في کون الطلب… معنی له و أنّ استعماله فیه بلا عنایة و أمّا بقیة المعاني فالظاهر أنّ کلها راجعة إلى معنی واحد و هي الواقعة التي لها أهمیّة في الجملة… بل یمکن أن یقال: إنّ الأمر بمعنی الطلب أیضاً من مصادیق هذا المعنی الواحد»
و لمنجد التحدید لمعنی الأمر بهذه العبارة أي «الواقعة التي لها أهمیّة في الجملة» إلّا في أجود التقریرات
ففي فوائد الأصول، ج1، ص128: «بل لایبعد أن یکون ذلك على نحو الاشتراك المعنوي بین تمام المعاني السبعة أو ما عدا الطلب منها و أنّه بالنسبة إلى الطلب و ما عداه مشترك لفظي کما في الفصول بل مال شیخنا الأُستاذ مدّ ظله إلى أنّ مادّة الأمر موضوعة لمعنی کلي و مفهوم عام جامع للمعاني السبعة نحو جامعیّة الکلي لمصادیقه و إن کان التعبیر عن ذلك المعنی العام بما یسلم عن الإشکال مشکلاً».
و في منتهی الأصول للسیّد البجنوردي، ج1، ص109: «و حینئذ یدور الأمر بین أن یکون مشترکاً معنویّاً بالنسبة إلى الکل کما احتمله شیخنا الأستاذ![أي المحقق النائیني] أو مشترکاً لفظیاً بین الطلب و بین جامع سائر المذکورات…»
فانظر إلى هذه الکلمات: «یمکن أن یقال»، «مال»، «احتمل».
و لکن في مجمع الأفکار لمیرزا هاشم الآملي، ج1، ص144: «قال شیخنا النائیني!: إنّ المعاني یکون على نحو الاشتراك المعنوي و استدلّ بأنّ مفهوم الشيء یکون منحفظاً في جمیع الأطوار و الخصوصیات لأنّه مفهوم عام» فتری أنّه ظاهر في اختیار المحقق النائیني! لهذا القول و أنّ المعنی الواحد للفظ الأمر عنده مفهوم «الشيء».
[33]. في منتهی الأصول، ج1، ص110: «و قد أفاد شیخنا الأُستاذ في وجه ما ذهب إلیه بأنّ الاشتراك اللفظي بعید لایمکن المصیر إلیه فلابدّ و أن نقول بالاشتراك المعنوي و العجز عن تعیین جامع قریب ینطبق على جمیع هذه المعاني لایدلّ على عدم وجوده بل من الممکن أن یکون و لاندري به.
و فیه أنّ صرف إمکان وجود جامع في البین لایثبت وجوده بل یبقی في حیّز الإمکان نعم لو أثبتنا بطلان الاشتراك اللفظي بین الکل و لمیکن احتمال آخر ههنا غیر الاشتراك المعنوي بین الکل ثبت الاشتراك المعنوي لامحالة کما هو الشأن القیاس الاستثنائي و لکن ها هنا لیس الأمر کذلك بل من الممکن أن یکون مشترکاً معنویاً بین عدّة منها و مشترکاً لفظیاً بین جامع تلك العدة و بین الطلب کما إنّه ذهب إلى هذا القول جمع من المحققین».
راجع أیضاً إلى مجمع الأفکار للمحقق الآملي!، ج1، ص144 و بحوث في علم الأصول، ج2، ص13.
[34]. محاضرات في أصول الفقه، (ط.ق)ج2، ص6 و 7؛ (ط.ج) ج 1، ص342 و 343.
[35]. بحوث في علم الأصول، ج2، ص16 «.. بدلیل عدم التناقض في قولك: کلام فلان أمر غیر مهم الخ»
[36]. نهایة الدرایة، ج1، ص251 و 252؛ و اختاره المحقق الإیرواني! في نهایة النهایة أیضاً.
إنّ الأعلام قرروه نظریة المحقق الإصفهاني! بعبارات مختلفة:
العبارة الأُولى: قال في محاضرات في أصول الفقه، ج1، ص345 من الطبعة الجدیدة: «و على أثر هذا البیان یظهر نقد ما أفاده شیخنا المحقق! من أنّ الأمر وضع لمعنی جامع وحداني على نحو الاشتراك المعنوي و هو الجامع بین ما یصح أن یتعلّق الطلب به تکویناً و ما یتعلّق الطلب به تشریعاً مع عدم ملاحظة شيء من الخصوصیتین في المعنی الموضوع له» و نظیره عبارة زبدة الأصول، ج1، ص162.
العبارة الثانیة: قال في بحوث في علم الأُصول، ج2، ص12: «الأوّل إرجاع غیر المعنی الطلبي إلى الطلب کما استقربه المحقق الإصفهاني! فإنّه بعد أن أرجع معنی الأمر إلى الفعل قال: و یمکن القول بأنّ استعماله في الفعل یرجع إلى استعماله في الطلب بنحو من العنایة لأنّ الفعل في معرض أن یطلب فکما یعبر عنه بمطلب و لو لمیتعلّق به الطلب بالفعل کذلك یعبر عنه بأمر بنکتة الشأنیة و المعرضیة لأن یتعلّق به» و نظیره عبارة المباحث الأصولیة للشیخ فیاض، ج3، ص9.
العبارة الثالثة: قال في تحقیق الأصول، ج2، ص11: «و أمّا الإصفهاني فقال: إنّ مفهوم الأمر عبارة عن الإرادة البالغة حدّ الفعلیّة سواء کانت التشریعیة أو تکوینیة فیطلق الأمر في جمیع الموارد بلحاظ کونها قابلة لتعلق الطلب و الإرادة».
قال في ج1، ص87 في التعلیقة على قوله «قد ذکر للفظ الأمر معان متعددة»: «بل لایبعد أن یکون إطلاق لفظ الأمر بالمعنی الثاني [أي مفهوم الشيء] مأخوذاً من الأوّل [أي مفهوم الطلب من العالي] و بمناسبة أنّ الشيء یکون متعلقاً للطلب و مورداً له أُطلق علیه لفظ الأمر…»
و جدیر بالذکر أنّ المحقق الإصفهاني! قال في نهایة الدرایة، ج1، ص256 في التعلیقة 143 على قوله: «کما لایبعد أن یکون کذلك في المعنی الأوّل»: «… و التحقیق بعد الاعتراف بالاستعمال في ما عدا الطلب أنّه لابدّ من الالتزام بالاشتراك اللفظي دون المعنوي أو الحقیقة و المجاز» فراجع تفصیل کلامه هناك.
[37]. منتقی الأصول، ج1، ص372 و 373.
[38]. جمیع من تعرض لکلام المحقق الإصفهاني! ذکر ما أفاده المحقق المزبور في نهایة الدرایة في التعلیقة 139 على قول الکفایة: «و لایبعد دعوی کونه حقیقة في الطلب في الجملة و الشيء»
و لکن له کلام آخر في التعلیقة 143 على قول الکفایة «کما لایبعد أن یکون کذلك في المعنی الأوّل» یلزم ذکره للإشراف على نظریة هذا المحقق فإنّه یقول: «و التحقیق بعد الاعتراف بالاستعمال في ما عدا الطلب أنّه لابدّ من الالتزام بالاشتراك اللفظي دون المعنوي أو الحقیقة و المجاز» إلى آخر کلامه الطویل و هو یتعرض في کلامه هذا للإشکالینِ المذکورین في کلام کثیر من الأُصولیین على الاشتراك المعنوي و هما الاختلاف في الجمع و في التصریف و الاشتقاق.
[39]. الشوری:53.
[40]. في المحاضرات ط.ج. ج1، ص345: «و على أثر هذا البیان یظهر نقد ما أفاده شیخنا المحقق! من أنّ الأمر وضع لمعنی جامع وحداني على نحو الاشتراك المعنوي… وجه الظهور ما عرفت من أنّه لا جامع ذاتي بین المعنی الحدثي و المعنی الجامد (في نهایة الدرایة، ج1، ص257: «و الجامع بین ما یقبل الاشتقاق و ما لایقبله غیر معقول إذ»الخ) لیکون الأمر موضوعاً بإزائه و أمّا الجامع الانتزاعي فهو و إن کان أمراً ممکناً و قابلاً للتصویر إلّا أنّه لمیوضع بإزائه یقیناً على أنّه خلاف مفروض کلامه…»
و هذا الإشکال مذکور في نهایة الأفکار، ج2-1، ص156:«کما إنّ الظاهر هو کونه من باب الاشتراك اللفظي دون الاشتراك المعنوي بملاحظة عدم جامع قریب بینهما…».
و عین ما في محاضرات جاء في زبدة الأصول، ج1، ص162.
و في تحقیق الأُُصول، ج2، ص11: «و أمّا الإصفهاني فقال:… لکن شیخنا الأُستاذ أورد علیه: أوّلاً أین انسباق الإرادة و الطلب من مثل (أَلَا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (الشوری:53)؛ و ثانیاً إنّه في مورد التشریع یصدق الأمر و لکنّه أعم من الحقیقة و أمّا في مورد التکوین فلا صدق أصلاً فإنّ الله تعالى یرید مثلاً خلق فلان لا إنّه یأمر بخلقه فلایصدق الأمر على الإرادة لا لغةً و لا عرفاً؛ و ثالثاً قیاس ما نحن فیه على المقصد و المطلب بأنّ الأمر یطلق على الفعل بلحاظ قابلیّته لتعلّق الإرادة تکویناً و تشریعاً نظیر إطلاق المقصد و المطلب علیه بلحاظ تلك القابلیّة فیه أنّه قیاس مع الفارق لأنّه متی أُطلق المطلب على فعل فإنّه یتبادر إلى الذهن معنی الطلب من نفس الإطلاق أمّا إذا قیل: هل فعل فلان الأمر الکذائي؟ فلاینسبق من لفظ الأمر مفهوم الطلب».
[41]. بحوث في علم الأصول، ج2، ص13، بحوث الأوامر، مادة الأمر، الجهة الأُولى، المحاولة الثانیة، النحو الأول.
[42]. کفایة الأصول، ص61 «الأُولى إنّه قد ذکر للفظ الأمر معانٍ متعددة منها… و منها الفعل کما في قوله تعالى: (وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)». (هود:97).
[43]. هود (11): 96 و 97.
[44]. نهایة الدرایة، ج1، ص252.
[45]. إنّ الثلاثي المجرد إذا کان موصوفاً و کان على زنة فَعل یجمع على فُعول ك: فَلس و فُلوس.
[46]. ص 252 «و إنّما الفرق أنّ ما کان من قبیل الأفعال قابل لتعلق الإرادة به دون ما کان من قبیل الصفات… و أنّ إطلاقها على خصوص الأفعال في قبال الصفات و الأعیان باعتبار موردیتها لتعلق الإرادة بها بخلاف الأعیان و الصفات فإنّها لاتکون معرضاً لذلك».
[47]. کفایة الأصول، ص62 «و لایبعد دعوی کونه حقیقة في الطلب في الجملة و الشيء».
[48]. ص251 «نعم لو کان… و کان إطلاقه على الأعیان الخارجیة باعتبار أنّها مشیات وجوداتها فالمصدر مبني للمفعول الخ».
[49]. کفایة الأُصول، ص62.
[50]. «و لایخفی أنّه علیه لایمکن منه الاشتقاق… فتدبر».
[51]. نهایة الدرایة، ج1، ص254، التعلیقة 141 على هذه العبارة «و لایخفی أنّه علیه لایمکن الاشتقاق منه فإنّ معناه حینئذ لایکون معنی حدثیاً».
[52]. محاضرات في أصول الفقه، ج2، ص13؛ ج1، ص350، بحث الأوامر، المقام الأول، الجهة الأولى، المعنی الاصطلاحي للأمر.
[53]. محاضرات في أُصول الفقه، ج2، ص11؛ ج 1، ص348.
[54]. کفایة الأصول، ص62.