متن كتاب عیون الانظار
الفصل الرابع: في أسماء الإشارة و الضمائر و الموصولات
معاني أسماء الإشارة و الضمائر و الموصولات
اختلف أعلام المتأخّرین في معانیها على أقوال: ([1])
النظریة الأولى: للمحقق الخراساني! (2)
إنّ[2]الوضع في تلك الأسماء عام و الموضوع له عام و کذا المستعمل فیه و إنّ التشخّص ناشئ من قبل طور الاستعمال، حیث إنّ أسماء الإشارة وضعت لیشار بها إلى معانیها و کذا بعض الضمائر أیضاً وضعت لیشار بها إلى معانیها مثل الضمیر الغائب و أمّا بعضها الآخر فوضعت لیخاطب به المعنی و الإشارة و التخاطب یستدعیان التشخص.
فالمستعمل فیه في مثل «هذا أو هو أو إیّاك» إنّما هو «المفرد المذکر» و التشخّص إنّما جاء من قبل الإشارة أو التخاطب بهذه الألفاظ.
ملاحظتنا علیها:([3])
قد تقدم النقاش على هذه النظریة فلانعید.
النظریة الثانیة: للمحقق الإصفهاني!(1) و هي المختار
التحقیق أنّ أسماء الإشارة و الضمائر موضوعة لنفس المعنی عند تعلق الإشارة به خارجاً أو ذهناً بنحو من الأنحاء، فقولك: «هذا» لایصدق على زید مثلاً إلّا إذا صار مشاراً إلیه بالید أو بالعین مثلاً.[4]
فالفرق بین لفظ «المشار إلیه» و لفظ «هذا» هو الفرق بین العنوان و الحقیقة نظیر الفرق بین لفظ «الربط و النسبة» و لفظ «من» و «في».
تذکر في المقام:
لابدّ أن ینبّه على أنّ معنی «هذا» معنی اسمي و لکن وقع طرف الإشارة، فهو موضوع لما یقع طرف الإشارة، کما أنّ الإشارة أیضاً معنی اسمي لأنّه ذو معنی مستقل.
النظریة الثالثة: للمحقق البروجردي!(2)
و[5]هذه النظریة مختار بعض الأساطین> أیضاً.
توضیح ذلك: إنّ هذه الأسماء موضوعة لنفس الإشارة، و لفظ هذا إشارة لفظیة کما أنّ تحریك الید إشارة فعلیة.
و استدلّ علیه المحقق البروجردي! بروایتین، و بعض الأساطین> ادّعی ارتکازیته ویوافقه تنصیص بعض علماء الأدب کقول ابن مالك: «بذا لمفرد مذکر أشر».
یلاحظ علیها:
إنّ هذا یقع مبتدأ و یحکم علیه بما لایحمل إلّا على الذات المشار إلیها فیقال: «هذا ضارب هذا رجل»، فلو قلنا بأنّ معنی «هذا» الإشارة فکیف یحمل هذه العناوین علیها.
ثم إنّ الموصولات أیضاً یجري فیها ما ذکر في أسماء الإشارة.
فتحصّل في المقام: أنّ المختار من هذه الأقوال هو ما أفاده المحقق الإصفهاني!.
[1]. هنا قول رابع من قدماء الأصحاب و هو کون الوضع فیها عاماً و الموضوع له خاصاً ففي المعالم، ص123: «و من القسم الثاني المبهمات كاسم الإشارة فلفظ “هذا” مثلاً موضوع لخصوص كل فرد ممّا یشار به إلیه لكن باعتبار تصور الواضع للمفهوم العام و هو كل مشار إلیه مفرد مذكر و لمیضع اللفظ لهذا المعنی الكلي بل لخصوصیات تلك الجزئیات المندرجة تحته و إنّما حكموا بذلك لأنّ لفظ (هذا) لایطلق إلّا على الخصوصیات فلایقال: “هذا” و یراد واحد ممّا یشار إلیه بل لابدّ في إطلاقه من القصد إلى خصوصیة معینة فلو كان موضوعاً للمعنی العام كرجل لجاز فیه ذلك و هكذا الكلام في الباقي».
و في القوانین، ص301: «انّ وضع الضمائر قد عرفت أنّه من قبیل الوضع العام و إنّ الموضوع له فیها كل واحد من خصوصیات الأفراد لكن بوضع واحد إجمالي و بذلك یمتاز عن المشترك كما أشرنا إلیه في أوّل الكتاب و على هذا فضمیر المفرد المذكر الغائب مثلاً إذا استعمل في كل واحد من أفراد المفرد المذكر الغائب یكون حقیقة و كذلك اسم الإشارة مثل هذا».
[2]. في کفایة الأصول، ص 12 و 13: «ثمّ إنّه قد انقدح ممّا حققناه، أنّه یمكن أن یقال: إنّ المستعمل فیه في مثل أسماء الإشارة و الضمائر أیضاً عام و أنّ تشخصه إنّما نشأ من قبل طور استعمالها حیث أنّ أسماء الإشارة وضعت لیشار بها إلى معانیها و كذا بعض الضمائر و بعضها لیخاطب به المعنی و الإشارة و التخاطب یستدعیان التشخص كما لایخفی فدعوی أنّ المستعمل فیه في مثل (هذا) أو (هو) أو (إیاك) إنّما هو المفرد المذكر و تشخّصه إنّما جاء من قبل الإشارة أو التخاطب بهذه الألفاظ إلیه فإنّ الإشارة أو التخاطب لایكاد یكون إلّا إلى الشخص أو معه غیر مجازفة»
و راجع إلى هدایة المسترشدین، ج1، ص180 – 184.
[3]. في نهایة الأصول، ص22: «و ما قیل: من كون كلمة (هذا) موضوعة للمفرد المذكر المشار إلیه فاسد جداً بداهة عدم وضعها لمفهوم المشار إلیه و لمیوضع لذات المشار إلیه الخارجي الواقع في طرف الامتداد الموهوم أیضاً إذ لیس لنا – مع قطع النظر عن كلمة (هذا)- إشارة في البین حتی یصیر المفرد المذكر مشاراً إلیه و یستعمل فیه كلمة (هذا )».
و في منتقی الأصول، ج1، ص155: «و یرد على ما ذكره – بحسب النظر الأولي- وجهان: الأوّل: انّ الإشارة الخارجیة إنّما تتعلق بالفرد دون الطبیعة و الكلي بما هو كلي و علیه فیمتنع أن تكون أسماء الإشارة موضوعة لیشار بها إلى معانیها مع الالتزام بأنّ معانیها كلیة … الثاني: ما قد یستشعر من كلام المحقق الأصفهاني! و هو أنّه لا إشكال في عدم إرادة الإشارة الناشئة من قبل وضع اللفظ لمعنی و المساوقة لبیان المعنی باللفظ … و إنّما المراد معنی آخر لا تحقق له في غیر لفظ و لاتقتضیه طبیعة الوضع و هو … الإشارة الحسیة لأنّها هي الموجبة للتشخص الخارجي» الخ.
[4]. نهایة الدرایة، ط.مؤسسة آل البیت(، ج1، ص64.
و في منتقی الأصول، ج1، ص157: «تابعه على هذا الاختیار السیّد الخوئي! إلّا أنّه خصّ الموضوع له بما تعلقت به الإشارة الخارجیة كما هو صریح تقریرات الفیاض و الذي یرد على هذا الاختیار وجهان: أوّلهما: و هو جدلي أنّه یستلزم الوضع للموجود بما أنّه موجود و ذلك لأنّ الإشارة لاتتعلق إلّا بالموجود فإذا كان الموضوع له هو المعنی المقارن للإشارة إلیه كان معنی اسم الإشارة هو الموجود لا المفهوم و الوضع للموجود – و إن لمیتضح لدینا امتناعه إلّا أنّه- ممّا یلتزم بامتناعه كلا المحققین و ثانیهما: أنّه إذا كان الموضوع له هو المعنی المقارن للإشارة الخارجیة – كما یلتزم به السیّد الخوئي- امتنع استعمال اسم الإشارة في الكلیات و الأمور الذهنیة لامتناع تحقق الإشارة الخارجیة إلیها مع أنّ استعمال اسم الإشارة في الكلیات و الأمور الذهنیة ممّا لایحصی بلا تجوّز و لا مسامحة».
[5]. في نهایة الأصول، ص21: «انّ التحقیق كون جمیع المبهمات من وادٍ واحد و قد وضعت لأن یوجد بها الإشارة فیكون الموضوع له فیها نفس حیثیة الإشارة التي هي معنی اندكاكي و امتداد موهوم متوسط بین المشیر و المشار إلیه و یكون عمل اللفظ فیها عملاً إنشائیاً فقولك: “هذا” بمنزلة توجیه الإصبع الذي یوجد به الإشارة و یكون آلة لإیجادها … و نظیر ذلك الضمائر و الموصولات فیشار بضمیر المتكلم إلى نفس المتكلم و بضمیر المخاطب إلى المخاطب و بضمیر الغائب إلى المرجع المتقدم ذكره حقیقة أو حكماً فیوجد بسببها في وعاء الاعتبار امتداد موهوم بین المتكلم و بین نفسه أو المخاطب أو ما تقدّم ذكره و یشار بالموصول أیضاً إلى ما هو معروض الصلة و الحاصل انّ جمیع المبهمات قد وضعت بإزاء الإشارة لیوجد بسببها الإشارة إلى أمور متعیّنة في حد ذاتها إمّا تعیّناً خارجیاً كما في الأغلب أو ذكریاً كما في ضمیر الغائب أو وصفیاً كما في الموصولات» و راجع أیضاً حاشیة على کفایة الأصول، ص35.
و في تهذیب الأصول، ج1، ص27: «التحقیق أنّها موضوعة لنفس الإشارة … القول في الموصولات الظاهر أنّها لاتفترق عن ألفاظ الإشارة و أخواتها في أنّها موضوعة لنفس الإشارة إلى المبهم المتعقب بصفة ترفع إبهامه» الخ.