متن كتاب عیون الانظار
الفصل الثاني: في المعاني الحرفیة
الأقوال في المعاني الحرفیة ثمانیة
اختلفوا فیها على أقوال، فبعضهم أنکروا المعنی الحرفي بل قالوا بعلامیّة الحروف و هو القول الأوّل و بعضهم اختاروا اتحاد المعنی الحرفي و المعنی الاسمي و هم افترقوا على قولین و نشیر إلى نظریّتهم في القول الثاني و الثالث و بعضهم قالوا بنسبیّة المعنی الحرفي و هؤلاء أیضاً افترقوا على أقوال، فلابدّ من البحث حول جمیع الأقوال:([1])
القول الأوّل: علامیة الحروف.
القول الثاني: نظریة التفتازاني! و هو کون الوضع و الموضوع له عاماً و المستعمل فیه خاصاً.
القول الثالث: نظریة صاحب الکفایة! و هو کون الوضع و الموضوع له و المستعمل فیه عاماً و الخصوصیة من ناحیة الاستعمال و لحاظ الآلیة.
القول الرابع: نظریة المحقق العراقي! و هو أنّ الهیئات و بعض المعاني الحرفیة و أن کان مفادها مفاد النسبة ولکن بعض مفاد بعض المعاني الحرفیة مفاد الأعراض النسبیة، فالوضع عامّ و الموضوع له عامّ.([2])
القول الخامس: نظریة المحقق النائیني! و هو أنّ للحروف معاني إیجادیّة لا إخطاریّة و الوضع في الحروف عامّ و الموضوع له عامّ أیضاً و المستعمل فیه خاصّ.([3])
القول السادس: نظریة المحقق الاصفهاني! و هو أنّ المعاني الحرفیة مفاد الوجود الربطي، فالوضع عامّ و الموضوع له خاصّ. ([4])
القول السابع: نظریة المحقق الخوئي! و هو أنّ المعاني الحرفیّة لتضییق المعاني الاسمیة و تحصیصها فالوضع عامّ و الموضوع له خاصّ.([5])
القول الأوّل: علامیّة الحروف ([6])
إنّ الحروف وضعت بوزان الحرکات الإعرابیة حیث إنّها لمتوضع لمعنی خاص بل هي علامة و قرینة على أنّ لمدخولها خصوصیة مثل الظرفیة أو کونه مبدوّاً به.
الإیراد على القول الأوّل: ([7])
إنّ الخصوصیّات التي دلّت علیها الحروف هي معانٍ للحروف حیث إنّ هذه المعاني تفهم من الجملة و الدالّ علیها إمّا الأفعال و إمّا الأسماء و إمّا الحروف أمّا الأفعال و الأسماء فلا تدلّان علیها، فالدال علیها نفس الحروف فکأنّهم لمیتفطّنوا أنّ تلك الخصوصیات التي اعترفوا بعلامیّة الحروف لها، هي بنفسها تعدّ من المعاني إلّا أنّها معانٍ حرفیة لا اسمیّة.
القول الثاني: نظریة التفتازاني! (2)
و هو أنّ الوضع في الحروف عامّ و الموضوع له أیضاً عامّ و المستعمل فیه خاصّ و هذا القول یشترك مع قول صاحب الکفایة! في أنّ معاني الحروف معانٍ اسمیة و لکن یفترقان من حیث المستعمل فیه.[8]
لا ریب في وجود خصوصیة اللحاظ الآلي في المعاني الحرفیة إلّا أنّ تلك الخصوصیة کما أنّها لیست في الموضوع له، کذلك لیست في المستعمل فیه، و الدلیل على عدم کونها في المستعمل فیه وجوه ثلاثة:
الوجه الأوّل:([9]) إنّ المعنی المستعمل فیه لابدّ أن یلاحظ حین الاستعمال و هذا اللحاظ لحاظ آلي؛ فإن قلنا بأنّ هذا اللحاظ الآلي جزء للمعنی المستعمل فیه، فیلزم أحد الأمرین:
إمّا أن یکون لحاظ المعنی المستعمل فیه عین اللحاظ الآلي المأخوذ في المعنی المستعمل فیه فیلزم حینئذ تقدم الشيء على نفسه لأنّ المعنی المستعمل فیه متقدم على لحاظه مع أنّ لحاظ المستعمل فیه صار جزءً للمستعمل فیه قبلاً.
و إمّا أن یکون لحاظ المعنی المستعمل فیه غیر اللحاظ الآلي فیلزم تعدد اللحاظ الآلي، أحدهما جزء المعنی المستعمل فیه و الآخر مقوّم للاستعمال، لأنّه لابدّ من ملاحظة المعنی حین الاستعمال و هو خلاف الوجدان.
الوجه الثاني:([10]) إنّ اللحاظ الآلي إذا أخذ جزءً في المعنی المستعمل فیه یوجب صیرورته کلیاً عقلیاً، لأنّ موطن اللحاظ هو العقل و حینئذٍ لایصدق على الخارجیات، حیث إنّ موطن الکلي العقلي هو الذهن فامتثال «سر من البصرة» ممتنع إلّا بإلغاء الخصوصیة.
الوجه الثالث:([11]) إنّ اللحاظ الآلي في الحروف مثل اللحاظ الاستقلالي في الأسماء، فکما لایکون اللحاظ الاستقلالي في المستعمل فیه في الأسماء لایکون اللحاظ الآلي في المستعمل فیه في الحروف.
القول الثالث: نظریة صاحب الکفایة! ([12])
و هذا القول منسوب إلى المحقّــق الـرضي([13]) و اختاره المحقق الخراساني”([14]) و هو اتّحاد المعنی الحرفي و المعنی الاسمي، و أنّ الوضع في الحروف عام و الموضوع له عام و المستعمل فیه أیضاً عام.
فإنّ المعنی في «من» و لفظ «الابتداء» واحد، لأنّ المعنی الحرفي عین المعنی الاسمي في الموضوع له و المستعمل فیه.
إن قلت: على هذا لابدّ من صحّة استعمال کلّ منهما موضع الآخر مع أنّه باطل قطعاً.
قلت: الفرق بینهما إنّما هو في اختصاص کل منهما بوضع حیث وُضع الاسم لیراد منه معناه بما هو هو و في نفسه و وُضع الحرف لیراد منه معناه لا کذلك بل بما هو حالة لغیره.([15])
و هذا الکلام فسّر بنحوین: ([16])
التفسیر الأوّل لکلام صاحب الکفایة!:([17])
إنّ خصوصیة اللحاظ الآلي من شرط الواضع حیث إنّه اشترط على المستعملین أن یستعملوا لفظة «من» في ما یراد معناه حالة لغیره و «الابتداء» في ما یراد معناه بما هو هو و في نفسه.
یلاحظ علیه:([18])
أوّلاً: إنّ رعایة شرط الواضع و العمل به لیس بواجب.
ثانیاً: مع عدم رعایة شرط الواضع و عصیانه لابدّ أن یکون الاستعمال صحیحاً ذا معنی مع أنّا نری فساد المعنی في ما إذا جعلنا مکان لفظة «من» لفظ «الابتداء».([19])
التفسیر الثاني لکلامه!: ([20])
إنّ ذلك لیس من جهة شرط الواضع، بل من باب غایة الوضع فعلى هذا الوضع محدود بغایته، فمحدودة العلقة الوضعیة في کلمة «من» هو الموارد التي تستعمل فیها حالة لغیره فاستعمال کلمة «الابتداء» مکان کلمة «من» و بالعکس استعمال اللفظ في ما هو خارج عن محدودة العلقة الوضعیة.
یلاحظ علیه:([21])
أوّلاً: إنّ تحدید عملیة الوضع و العلقة الوضعیة بحسب موارد الاستعمال بعید عن عمل العقلاء و دیدنهم و المتداول خلاف ذلك (و إن لمیکن مستحیلاً).
ثانیاً: على هذا استعمال لفظة «من» بدل کلمة «الابتداء» و بالعکس و إن کان استعمالاً خارجاً عن محدودة العلقة الوضعیة و لکن أنس لفظة «من» بکلمة «الابتداء» یوجب خطور معنی الابتداء بالذهن و مع هذا الخطور لابدّ أن یصحّ المعنی (معنی الجملة) فیما إذا جعلنا لفظة «من» بدل کلمة «الابتداء» و إن کان الاستعمال غلطاً مع أنّا نری عدم صحة معنی الجملة حینئذٍ.
مضافاً إلى أنّ الاستعمال أیضاً -علی هذا القول- لابدّ أن یکون صحیحاً، لأنّ حال هذا الاستعمال لیس بأسوء من الاستعمال المجازي، حیث إنّ المجاز هو استعمال اللفظ في غیر الموضوع له و المصحّح للاستعمال المجازي هو المناسبات التي ذکروها، مع أنّ تبدیل لفظة «من» و «الابتداء» أولی من ذلک، لأنّ ما یخطر بالذهن من لفظ «من» هو بعینه معنی کلمة «الابتداء»، و لکن بطلان معنی الجملة و عدم صحته، لایستقیم و لایناسب صحة الاستعمال.
القول الرابع: نظریة المحقق العراقي!([22])
إنّ بعض الحروف وضعت للنسبة مثل حروف التمنّي و الترجّي و سائرالحروف وضعت للأعراض النسبیة الإضافیة مثل من و إلى و في، کما أنّ الهیئات وضعت للنسب الربطیة و الوضع في الحروف عامّ و الموضوع له أیضاً عامّ.
قبل بیان ذلك لابدّ من تمهید مقدّمة و هي أنّ الموجودات الإمکانیّة الخارجیة على ثلاثة أقسام:
الأوّل: ما یکون وجوده في نفسه لنفسه (الجوهر).
الثاني: ما یکون وجوده في نفسه لغیره (العرض).
و العرض على قسمین: ما یحتاج في تحققه إلى موضوع واحد في الخارج (الکم و الکیف) و ما یحتاج في تحققه إلى موضوعین في الخارج (العرض الأیني مثل الأین الابتدائي و یدلّ علیه کلمة «مِن» و مثل الأین الظرفي و یدلّ علیه کلمة «في»).
الثالث: ما یکون وجوده في غیره (الوجود الربطي).
أمّا بیان نظریّته:
إذا اتّضح أقسام الموجودات الخارجیّة، فلابدّ من وضع الألفاظ بإزاء کلّ منها، لأنّ العقلاء احتاجوا إلى وضع الألفاظ للمعاني فوضعوا الأسماء للجواهر و عدّة من الأعراض و وضعوا الهیأة من المرکّبات و المشتقّات للنسب الربطیة و وضعوا الحروف للأعراض النسبیة.
مثلاً لفظ «في» یدلّ على العرض الأیني العارض على «زید» في مثل قولنا: «زید في الدار»، و هیأة مثل عالم و أبیض و مضروب تدلّ على ارتباط العرض بموضوعٍ مّا و کذلك بقیة الحروف تدلّ على إضافة خاصة و ربط مخصوص بین المفاهیم الاسمیة.
ثم إنّه فصّل بین الحروف فقال هي على قسمین:
القسم الأوّل: ما هو موضوع للنسبة مثل حروف التمنّي و الترجّي فهي موضوعة لنسبة تشوّق المترجّي إلى المترجَّی و المتمنّي إلى المتمنَّی مثل لیت و لعلّ.
القسم الثاني: ما هو موضوع للأعراض النسبیّة و هو سائر الحروف مثل «من» و «إلى» و «في».([23])
استشکل علیه من وجوه أربعة:([24])
الوجه الأوّل: إنّ ما أفاده في معنی الهیئات و بعض الحروف مثل حروف التمنّي و الترجّي في غایة المتانة، و لکن ما أفاده بعده من أنّ سائر الحروف تدلّ على الأعراض النسبیّة ممّا لایمکن المساعدة علیه، فإنّ مقولة الأین هي الهیأة القائمة بالکائن في المکان و تلك الهیأة ذات نسبة و لذا تسمّی بالأعراض النسبیّة و فرق بین الهیأة الحاصلة للشيء في المکان و نسبة الشيء إلى المکان و ما هو مفاد معنی کلمة «في» في المثال المذکور نسبة زید إلى مکان الدار، ضرورة أنّ کلمة «في» لاتدلّ على هیأة حاصلة لزید من جهة کونه في المکان حتّی یکون عرضاً نسبیّاً.([25])
الوجه الثاني:([26]) إنّا نقطع بعدم کون الحروف موضوعة للأعراض النسبیة الإضافیة لصحة استعمالها في ما یستحیل فیه تحقق عرض نسبي کما في صفات الواجب تعالى و الاعتبارات و الانتزاعیات، مع أنّ الحروف یصح استعمالها في الواجب و الممکن و الممتنع على نسق واحد بلا لحاظ عنایة و تجوّز فیها.([27])
الوجه الثالث:([28]) لمنجد وجود العرض النسبي في حروف التشبیه و العطف و النداء فأین العرض النسبي في مثل «کأنّ زیداً أسد» و مثل «یا زید»؟
الوجه الرابع:([29]) إنّ العرض النسبي نفسه معنی اسمي کما قال صدر المتألهین: إنّ مقولة الأین هي الهیأة الحاصلة للشيء و الهیأة معنی اسمي مع أنّ المعنی الحرفي غیر المستقل في قبال المعنی الاسمي الذي هو مستقل مفهوماً.([30])
القول الخامس: نظریّة المحقق النائیني! بمقدماتها الخمس
إنّ للحروف معاني إیجادیة في قبال المعاني الاسمیة التي هي إخطاریة و أوّل من اختار هذه النظریّة في ما نعلم هو المحقق التقي صاحب هدایة المسترشدین! فإنّه یقول بأنّ معاني بعض الحروف إیجادیة.
قال المحقق النائیني!:([31])
إنّ الحروف لها معانٍ و هي في حدّ کونها معاني (أي في عالم التجرّد العقلاني) معانٍ غیر مستقلة، بخلاف المعاني الاسمیة فإنّها في عالم التجرّد العقلاني بجواهرها و أعراضها معان استقلالیة، کما أنّ الجوهر لایحتاج في وجوده إلى موضوع بخلاف الأعراض، فإنّها في وجودها (لا في حدّ ذاتها و کونها معاني) تحتاج إلى موضوع.
و قال: إذا عرفت ذلك فالحق أنّ الموضوع له فیها کالوضع عام، فإنّ المفاهیم الحرفیة لاتحتاج في مقام مفهومیّتها إلى خصوصیّة الطرفین بل في مقام استعمالاتها، فالموضوع له فیها هو المعنی الواحد بالهویّة المشترکة بین جمیع موارد الاستعمالات و الخصوصیّة إنّما نشأت من ناحیتها.
و توضیح ذلك: إنّ المفاهیم الحرفیة کما عرفت قائمة بالمفاهیم الاسمیة نظیر قیام الأعراض بموضوعاتها فکما أنّ الخارجیات لها جواهر و أعراض فکذلك المفاهیم؛ فالمفاهیم الاسمیة بأنواعها معان استقلالیة جوهریة و المعاني الحرفیة معان عرضیّة قائمة بالمعاني الاسمیة في مقام وجودها في عالم الاستعمال و إن کانت غیر محتاجة إلى المعاني الاسمیة في مقام مفهومیّتها.
المقدّمات التي أفادها لتقریر نظریّته:
ثم إنّ المحقّق النائیني! أوضح مختاره بمقدمات خمس ثم بیّن حاصل الفرق بین المعنی الحرفي و الاسمي ضمن أرکان أربعة.
- المقدمة الأولى:
إنّ المعاني إمّا إخطاریة فإنّ الأسماء بجواهرها و أعراضها یخطر معانیها في الذهن عند التکلّم بها و لو لمتکن في ترکیب کلامي.
و إمّا غیر إخطاریة فإنّ الحروف لاتوجب خطور معانیها ما لمتکن في ضمن ترکیب کلامي.
- المقدمة الثانیة:
إنّ المعاني غیرَ الإخطاریة إمّا إیجادیة مثل حروف التشبیه و النداء و التمنّي و غیرها فإنّ الحروف الموضوعة لها في مقام الاستعمال یوجد في الخارج فرد لها بحیث یصدق على الموجود خارجاً أنّه فرد من التشبیه أو النداء أو التمنّي.
و إمّا نسبیّة مثل النسب الخاصّة التي بین الأعراض و معروضاتها، فبین الأعراض و موضوعاتها نسب خاصة و الحکیم کما یضع الألفاظ للمفاهیم الاستقلالیة لابدّ له أن یضع الألفاظ لإفادة هذه المعاني أیضاً، و هذه المعاني هي المعاني الربطیة.
- المقدمة الثالثة:
إنّ اللفظ الموضوع للنسب تارةً في مقام لفظه مستقل کلفظة «من» و أخری في مقام لفظه غیر مستقل کالهیئات الخاصّة، فیکون الموضوع کالموضوع له في حدّ ذاتها غیر مستقل.
و الهیأة في الجملة الاسمیة:
الحمل فیها ذاتي تارة مثل «زید إنسان» و النسبة فیه تنزیلیّة بمعنی أنّه یلحظ الموضوع عاریاً عن ذاته ثم یحمل نفس الذات علیه.
و غیر ذاتي أخری مثل «زید قائم» و وجود النسبة فیها واضح.
و الهیأة في الجملة الفعلیة:
تارة تدلّ على النسبة الأوّلیّة و هي نسبة قیام العرض بموضوعه مثل الفعل المعلوم. و أخری تدلّ على النسبة الثانویة و هي النسبة التي بین الفعل و ملابساته مثل الفعل المجهول.
- المقدمة الرابعة:
إنّ بعض الحروف لبیان النسبة الأوّلیة و الثانویة کلتیهما مثل کلمة «في» و هي قد یکون لبیان النسبة الأوّلیة (و هي إفادة قیام العرض بموضوعه) في مثال «زید في الدار» و هیأة «کائنٌ في الدار» عرض و موضوعه زید و قد یکون لبیان النسبة الثانویة في مثال «ضربت في الدار» حیث إنّها تدلّ على نسبة الضرب إلى الدار زیادة على نسبته إلى موضوعه.
و أمّا بعض الحروف فلبیان النسبة الثانویة فقط کبقیّة الحروف.
- المقدمة الخامسة:
إنّ معاني الحروف بأجمعها إیجادیة، نسبیةً کانت أم غیرها، فإنّها لمتوضع إلّا لأجل إیجاد الربط بین مفهومین لا ربط بینهما، کلفظ زید و الدار فکلمة «في» هي الرابط بینهما في الکلام في مقام الاستعمال.
فالموجد للربط الکلامي هو الحرف و الموضوع له في الحروف النسب الکلامیة لا النسب الخارجیة.
و لا منافاة بین کون المعاني الحرفیة إیجادیة و أن تکون للنسبة الحقیقیة واقعیة و خارجیة قد تطابق النسبة الکلامیة فتکون صادقاً و قد تخالفها فتکون کاذباً و الفرق بین النسبة بالمعنی الحرفي و النسبة بالمعنی الاسمي هو الفرق بین المصداق و المفهوم.
ثمّ قال المحقق النائیني!:([32]) حاصل الفرق بین المعاني الاسمیة و الحرفیة مبتن على أرکان أربعة:
الرکن الأوّل: إنّ المعاني الحرفیة بأجمعها إیجادیة.
الرکن الثاني: إنّ لازم کون المعاني الحرفیة إیجادیة أن لا واقع لها في غیر التراکیب الکلامیة بخلاف المفاهیم الاسمیة فإنّها مفاهیم متقرّرة في عالم مفهومیتها.
الرکن الثالث: قد عرفت عدم الفرق بین الهیئات في الإخبار و الإنشاء في أنّ معانیها إیجادیة.
و المحقق النائیني! یفصّل بین إیجادیّة الإنشاء و الحروف بأنّ الإنشائیّات توجد معانیها في وعاء الاعتبار و الحروف توجدها في وعاء الاستعمال و الترکیب الکلامي.
الرکن الرابع: إنّ المعنی الحرفي حاله حال الألفاظ حین استعمالاتها، فکما أنّ المستعمل حین الاستعمال لایری إلّا المعنی و لایلتفت إلى الألفاظ، کذلك المعنی الحرفي لایُلتفت إلیه حال الاستعمال بل الملتفَت إلیه هي المعاني الاسمیة الاستقلالیة.
مناقشات ستّ في القول الخامس: (1)
المناقشة الأولى:
إنّ المحقق النائیني! قال: «المعاني الحرفیة معان عرضیّة قائمة بالمعاني الاسمیة» و على هذا تنحصر المعاني الحرفیة في المقولات العرضیّة.[33]
و لازمه عدم جواز استعمال الحروف بالنسبة إلیه تعالى، مضافاً إلى أنّ کونها معاني عرضیة ینافي ما أفاده من أنّ الموضوع له في الحروف النسب الکلامیّة.
المناقشة الثانیة:
إنّ المعاني الحرفیة عنده معان إیجادیة و هي النسب الکلامیة و هذا یقتضي أن لایکون لها مفاهیم مستقلّة في اللحاظ، لأنّه لا ماهیة للنسبة الحقیقیة الکلامیة و واقعها، بل لها ذات تعلّقي و معنی غیر مستقلّ کما هو الأمر في النسبة الحقیقیة الخارجیة، و النسبة بالمعنی الاسمي لیست مفهوماً للنسبة الحقیقیة الکلامیة بل هي عنوان لها، فلابدّ أن لایکون لها معنی واحد، فحینئذ یلزم أن یکون الموضوع له في الحروف خاصّاً و لکنّه یقول بأنّ الموضوع له في الحروف معنی واحد بالهویة المشترکة بین جمیع موارد الاستعمالات و لذا یقول: إنّ الموضوع له في الحروف عامّ و هذا أیضاً من موارد التنافي في لوازم مبناه.
المناقشة الثالثة:
إنّ إیجادیة معنی الحروف بمعنی أنّ الحروف هو السبب في وجود المعنی و موجده في وعاء الاستعمال و الترکیب الکلامي، و لازم ذلك إشراب معنی الوجود في مفاد الحروف حیث إنّ الإیجاد و الوجود متحدان حقیقة و مختلفان بالاعتبار، مع أنّ وجود النسبة و ما هو سببه خارجان عن الموضوع له و بعبارة أخری إنّ الوجود خارج عن الموضوع له، لأنّ الموضوع له في الحرف هو طبیعي المعنی، لا وجوده، کما أنّ الموضوع له في الأسماء أیضاً الطبائع لا الوجودات.
المناقشة الرابعة:([34])
ما قال من أنّ النسبة بین المعنی الاسمي و الحرفي نسبة المفهوم إلى المصداق غیر صحیح، فإنّ المفهوم و المصداق متّحدان و حقیقتهما واحدة و الاختلاف بینهما من حیث الوجود مع أنّ النسبة بین المعنی الاسمي و الحرفي نسبة العنوان إلى المعنون، فإنّ المعنی الحرفي یختلف مع المعنی الاسمي في الذات و الحقیقة.
المناقشة الخامسة:([35])
ما قال في الرکن الرابع من أنّ المعنی الحرفي غیر ملتفت إلیه في مقام الاستعمال مخدوش بل قد یکون النظر إلى تفهیم المعنی الحرفي.
المناقشة السادسة:([36])
إنّ حکمة الوضع تقتضي وجود الحاکي عن النسبة الربطیة لأنّه في قولنا: «زید في الدار» لفظ «زید» یحکي عن معناه و لفظ «الدار» هکذا، فلابدّ أن یکون لفظ «في» أیضاً دالّاً على النسبة و الربط بینهما، فهو حاك عن النسبة.
القول السادس: نظریة المحقق الإصفهاني!(3) و هو المختار
نذکر هذه النظریة في ضمن عناوین أربعة:
إنّ[37]الحروف وضعت لذات النسبة الحقیقیة التي هي النسبة بالحمل الشائع بأنحائها من النسبة الابتدائیة و النسبة الظرفیة و یعبّر عن وجود تلك النسبة بالوجود الربطي و لکنّ الموضوع له في الحروف هو ذاتها التعلّقي لا وجودها الربطي لأنّ الألفاظ بطبیعتها وضعت لطبیعي المعنی من دون دخل للوجود الذهني أو الخارجي في المعنی الموضوع له فإنّ الکلام یتشکّل من المعاني الاسمیة التي لا ارتباط بینها، فنحتاج إلى ما یربطها و لیس هو إلّا الحروف أو الهیآت فمفاد الحروف هو المعاني الربطیة.
فالمعنی الحرفي و الاسمي متباینان بالذات، لا اشتراك بینهما في طبیعي معنی واحد.
- المعنی الحرفي و الاسمي متباینان بالذات
و البرهان على ذلك هو أنّ الاسم و الحرف لو کانا متّحدي المعنی و کان الفرق بمجرد اللحاظ الاستقلالي و الآلي، لکان طبیعي المعنی الوحداني قابلاً لأن یوجد في الخارج على نحوین بالوجود المستقل و غیر المستقل، کما یوجد في الذهن على طورین [على مبنی صاحب الکفایة! حیث یقول: إنّ طبیعة المعنی الواحد یوجد في الذهن تارة مع اللحاظ الآلي و أخری مع اللحاظ الاستقلالي] مع أنّ المعنی الحرفي کأنحاء النسب و الروابط لایوجد في الخارج إلّا على نحو واحد و هو الوجود لا في نفسه و لایعقل أن توجد النسبة في الخارج بوجود نفسي.([38])
- الدلیل على أنّ النسبة وجودها لا في نفسها:([39])
لو قلنا بأنّ وجود الرابط وجود في نفسه یلزم عدم ثبوت المحمول للموضوع في القضیة الحملیة و یلزم الموجودات غیرُ المتناهي فیها لأنّ القضیة الحملیّة تحتاج إلى وجود رابط بین محموله و موضوعه فإذا فرضنا أنّ الرابط أیضاً وجود مستقل فیلزم وجود رابط آخر بینه و بین موضوع القضیة و رابط ثالث بینه و بین محمول القضیة و لکل من هذین الرابطین أیضاً وجود نفسي حسب الفرض فیحتاج کل منهما إلى رابطین و هکذا یتسلسل و لمّا کان التسلسل باطلاً یلزم عدم الرابط بین الموضوع و المحمول في هذه السلسلة فلایمکن الحمل.
- الوجود الرابط ذاته و وجوده تعلقي
إنّ ما هو واقع النسبة، ذاته تعلّقيٌّ، کما أنّ وجوده أیضاً تعلّقيٌّ، فإنّ کل ممکن زوج ترکیبي فله حیثیة الوجود و هي الأصیل و حیثیة الذات.
أمّا الوجود الربطي فلا ماهیة له، حیث إنّ الماهیة هي ما یقال في جواب ما هو؟ و لذا تطلق علیها المقولة، فإنّ المقولة لابدّ أن تقع في جواب ما هو؟ فلابدّ لها من استقلال في التصوّر حتّی تقع بعنوان محمول القضیة (في جواب ما هو؟)؛ مع أنّ الوجود الربطي ذاته غیر مستقلّ في التصوّر و لذا لایطلق علیه المقولة و الماهیّة.([40])
و لذلك نری أنّ هذا المحقق عبّر عن الوجود الرابط بأنّ ذاته تعلّقي کما أنّ وجوده أیضاً تعلقي.
ثمّ قال:([41]) إنّ النسبة الواقعیة هي الوجود الرابط فقط و الأعراض النسبیة لیست نفس النسب، بل هیئات و أکوان خاصة ذات نسبة.
- تحقیق في حقیقة النسبة و وجودها ([42])
لیس للنسبة الحقیقیة وجود نفسي محمولي لا عیناً و لا ذهناً بل وجودها بعین وجود طرفیها ذهناً و عیناً فهي کالموجود بالقوة بالإضافة إلى الموجود بالفعل، و کالموجود بالعرض بالإضافة إلى الموجود بالذات و حیث إنّ فعلیتها بالعرض بتبع فعلیة الطرفین بالذات فلذا تکون کالآلة لوقوع طرفیها موقع الظرفیة و المظروفیة، فإنّ هذین العنوانین الاسمیین لا ثبوت لهما إلّا بإضافة أحدهما إلى الآخر فتلك الإضافة هي آلة وجودهما بالفعل و بهذا الاعتبار یقال: الحرف ما أوجد معنی في غیره، فکون معناه في غیره (أي لا نفسیة له) شرح حقیقة معناه و کونه موجداً لمعنی في غیره لازم حقیقته کما عرفت، و لیس تمام حقیقته إیجاد النسبة الکلامیة، بل له مع قطع النظر عن الکلام مقام کالاسم و لیس له مع قطع النظر عن الطرفین مقام. ([43])
إنّ الموضوع له للحروف هل یکون هو نفس هذا الوجود الربطي أو ذاته التعلقیة؟
قلنا في مبحث الوضع: إنّ الألفاظ وضعت لذات المعنی و طبیعیّه، فالوضع و العلقة الوضعیة بین طبیعي اللفظ و طبیعي المعنی من دون دخل الوجودین الذهني و العیني نعم هذه النسبة محتاجة إلى الطرفین وجوداً و تصوراً.
و هنا نکتة أخری أکّد علیها المحقق الإصفهاني! و هي أنّ الواضع کیف یتصوّر ذات النسبة في مقام الوضع مع أنّه لیست لها ماهیة کلیة و جامع ذاتي حتی تکون هي الموضوع له؟ و أمّا ذات کل نسبة حقیقیة فهي و إن أمکن کونها الموضوع له إلّا أنّه کیف یشار إلیها و یوضع اللفظ لها مع أنّ کل نسبة في کل قضیة لابدّ أن تکون الموضوع له و لکن کثرتها فوق حدّ الإحصاء؟
و الجواب هو أنّ النسبة الاسمیة و إن کانت تغایر النسبة الحقیقیة ذاتاً إلّا أنّها تکون عنواناً للنسب الحقیقیة، فالمعنی المتصوّر حین الوضع المعنی الاسمي و الموضوع له ذات النسب الحقیقیة و هذا هو المراد من قولهم: إنّ الوضع في الحروف عامّ و الموضوع له خاصّ.
مناقشات أربع على نظریّة المحقّق الإصفهاني!:
المناقشة الأُولى:([44]) بالنسبة إلى الاستدلال على وجود الرابط([45])
إنّ الوجود الرابط لا أصل له خلافاً للفلاسفة، لأنّ ما برهنوا علیه مخدوش حیث إنّ أساس استدلالهم هو أنّ الیقین و الشك لایتعلّقان بشيء واحد في آنٍ واحد من جهة واحدة، فلابدّ أن یتعدد متعلقهما و متعلق الیقین وجود الجوهر و العرض و متعلق الشك الربط بینهما و لکن هذا الأساس باطل لأنّه إذا علمنا بوجود إنسان في الدار و لکن شککنا أنّه زید أو عمرو فمتعلق الیقین و الشك هو الکلي و فرده مع أنّ وجود الکلي و الفرد موجودان بوجود واحد.
و هکذا إذا أثبتنا أنّ المبدأ واجب و لکن شککنا في أنّه مرید أو لا؟ مع أنّ صفاته عین ذاته.
إنّ[46]وجود الطبیعي (الإنسان في المثال المذکور) و إن کان بعین وجود فرده و لکن الشك متعلق بالخصوصیات الفردیة التي لیست شيء منها في الطبیعي، و وجود زید غیر وجود عمرو بالقطع و الیقین و إن شئت قلت: إنّ الشك متعلق بأنّ هذا الوجود هل هو وجود زید أو وجود عمرو فمتعلق الشك هذان الوجودان، مع أنّا لانستدلّ على وجود الرابط بهذا التعدد، بل الدلیل على وجود الرابط في الخارج هو لزوم وجود الربط بین العرض و موضوعه و کما أنّه لابدّ من تصویر وجود الرابط في القضیة الکلامیة أیضاً.
إنّه قد نسب إلى السیّد السیستاني> إنکار الوجود الرابط خارجاً، تبعاً للحکیم آقا علي المدرس و إلیك نصّ عبارة مقرّره في الرافد:([47])
إنّ الموجود شيء واحد في الخارج إلّا أنّه یعیش حرکة تطوّریة تکاملیّة و الأعراض ما هي إلّا أنحاء وجوده التطوّري و ألوان حرکته التکاملیّة المتجدّدة، لا إنّها وجودات محمولیة أخری ترتبط بوجوده و تنضمّ إلیه و قد رتّبنا على هذه النظریة کثیراً من البحوث الفلسفیّة، منها عدم الحاجة لدعوی واقعیة الوجود الرابط خارجاً کما هو المشهور في الفلسفة باعتبار أنّنا إنّما نحتاج للقول بالوجود الرابط نتیجة تعدّد الموجود و لکن مع وحدته لانری حاجة لوجود رابط متعلق بطرفین.
أوّلاً: لأنّ دلیل إثبات الوجود الرابط لاینحصر في النسبة الخارجیة بین الجوهر و العرض، لأنّ النسبة الکلامیة أیضاً وجود رابط([48])، بل الوجودات الإمکانیة بأسرها وجودات ربطیّة على ما أفاده صدر المتألّهین!.
مع أنّ المبنی القائل باتحاد وجود العرض و الجوهر باطل فإنّ الحرکة إما جوهریة و إما عرضیة. و ما أفاده من أنّ الأعراض هي أنحاء الحرکة التطوریة خلط بین الحرکة الجوهریة و الحرکة العرضیة فإنّ الحرکة الجوهریة تکون في نفس وجود الشيء و أما الحرکة العرضیة فهي خارجة عن ذات الشيء. و لها وجود آخر غیر وجود الشيء و ینتزع عنه الماهیة العرضیة.
ثانیاً: إنّ ما أفاده في الحقیقة إنکار الوجود النفسي للعرض خارجاً، لأنّ النظر الدقیق یقتضي بقاء وجود النسبة و لو قلنا باتحاد العرض و الجوهر، لأنّ الأعراض النسبیة کمقولة الوضع و الأین و المتی هي الهیئات الخاصّة التي تکون ذات نسبة، ففي مثال «زید في الدار» مقولة الأین هي الهیأة القائمة بزید من حیث نسبته إلى مکان الدار و اتحاد تلك الهیأة مع شخص زید، لایوجب انتفاء نسبته إلى المکان المزبور، فعلى هذا بعد انتفاء وجود العرض على هذه النظریة یبقی وجود رابط و نسبة متقوّمة بوجود الجوهر.
المناقشة الثالثة: ([49])
على تقدیر تسلیم أنّ للنسبة و الرابط وجوداً في الخارج في مقابل الجوهر و العرض، لانسلّم أنّ الحروف و الأدوات موضوعة لها، لما بیّناه سابقاً من أنّ الألفاظ موضوعة لذوات المفاهیم و الماهیات، لا للموجودات الخارجیة و الذهنیة. ([50])
یلاحظ علیها:([51])
إنّ المحقق الإصفهاني! صرّح بوضع الألفاظ لطبیعة المعنی من دون ملاحظة وجوده الخارجي أو الذهني کما ذکرنا. و المعنی الحرفي على هذا المسلك من المفاهیم غیر مستقلة.
المناقشة الرابعة:([52])
إنّا نقطع بأنّ الحروف لمتوضع لأنحاء النسب و الروابط لصحة استعمالها بلا عنایة في موارد یستحیل فیها تحقق نسبة ما حتی بمفاد هل البسیطة فضلاً عن المرکبة، فلا فرق بین قولنا الوجود للإنسان ممکن و لله تعالى ضروري و لشریك الباري ممتنع، فإنّ کلمة اللام في جمیع ذلك تستعمل في معنی واحد و هو تخصص مدخولها بخصوصیة ما في عالم المعنی على نسق واحد بلا عنایة في شيء منها و بلا لحاظ أیّة نسبة في الخارج حتی بمفاد کان التامة فإنّ تحقق النسبة بمفاد کان التامة إنّما هو بین ماهیة و وجودها کقولك: «زید موجود» و أمّا في الواجب تعالى و صفاته و في الانتزاعیّات و الاعتباریّات فلایعقل تحقق أیّة نسبة أصلاً.
إنّ الحرف وضع لذات النسبة و تحقّق النسبة بین الموضوع و المحمول في الهلیّة[53]البسیطة في القضیة الکلامیة ممّا لا سبیل إلى إنکاره و بهذا الاعتبار یتکلّم عن الله تعالى و شریك الباري و أمثال ذلك و عدم تحقّق النسبة خارجاً بین الله تعالى و وجوده و أسمائه و صفاته لایضرّ بالمقام لأنّ الموضوع له لیس النسبة بوجودها الخارجی بل ذاتها و حقیقتها هي الموضوع له.
القول السابع: نظریة المحقق الخوئي! ([54])
نذکر هذه النظریة في ضمن خمسة عناوین:
إنّ الحروف على قسمین:
ما یدخل على المرکبات الناقصة و المعاني الإفرادیة کمِن و إلى و على و نحوها.
ما یدخل على المرکبات التامّة و مفاد الجملة کحروف النداء و التشبیه و التمنّي و الترجّي و غیرها.
یقع الکلام الآن في القسم الأوّل:
إنّ هذا القسم من المعاني الحرفیة یباین الاسمیة ذاتاً فإنّ المعاني الاسمیة مستقلات في أنفسها و المعاني الحرفیة متدلّیات بها بحدّ ذاتها، فهو موضوع لتضییق المفاهیم الاسمیة في عالم المفاهیم و تقییدها بقیود خارجة عن حقائقها فإنّ للمفاهیم الاسمیة إطلاقاً بالنسبة إلى الحالات التي تحتها و بالنسبة إلى الحصص المنوّعة أو المصنفة أو المشخصة.
و غرض المتکلم في مقام التفهیم و التفهّم کما یتعلّق بتفهیم المعنی على إطلاقه وسعته کذلك یتعلّق بتفهیم حصّة خاصّة منه، فیحتاج الواضع إلى وضع ما یدلّ علیها و لیس ذلك إلّا الحروف و الأدوات و ما یشبهها من الهیئات الدالّة على النسب الناقصة کهیئات المشتقّات و هیأة الإضافة و التوصیف.
فکلمة «في» وضعت لسنخ التضییق الأیني و کلمة «على» لسنخ التضییق الاستعلائي و کلمة «من» لسنخ التضییق الابتدائي.
و على هذا یصحّ استعمال الحروف في صفات الواجب تعالى و الانتزاعیّات کالإمکان و الاعتباریّات کالأحکام الشرعیة بلا عنایة و مجاز، مع أنّ تحقّق النسبة في تلك الموارد حتی بمفاد هل البسیطة مستحیل.
- معاني الحروف حکائیة
إیجادیة الحروف على هذا المبنی هي بمعنی أنّها تحدث الضیق في مقام الإثبات و الدلالة و إلّا لبقیت المفاهیم الاسمیة على إطلاقها و سعتها و هذا غیر کون معانیها إیجادیة على رأي المحقق النائیني! فمعانیها لیست بإیجادیة على المصطلح الأصولي.
فإنّ معاني الحروف لا إیجادیة و لا إخطاریة بل حکائیة لأنّ ملاك إخطاریة المعنی هو الاستقلال الذاتي في عالم المفاهیم، و المعاني الحرفیة فاقدة لهذا الملاك و ملاك حکائیة المعنی نحو ثبوت في عالم المعنی و المعاني الحرفیة واجدة لهذا الملاك.
- امتیاز هذا القول عن سائر الأقوال
أما امتیازه عن القول بإیجادیة الحروف فهو أنّ المعنی الحرفي على مسلك الإیجادیة لیس له واقع في أيّ وعاء عدا التراکیب الکلامیة و أمّا على هذا الرأي فالمعنی الحرفي له واقع و هو ثبوته التعلقي في عالم المفهوم.
و امتیازه عن القول بوضع الحروف بإزاء النسب أنّ المعنی الحرفي على رأیهم سنخ وجود خارجي([55]) لا في نفسه و لذا یختص بالجواهر و الأعراض و لایعمّ الواجب و الممتنع و أمّا على هذا الرأي فالمعنی الحرفي سنخ مفهوم ثابت في عالم المفهوم و یعمّ الواجب و الممکن و الممتنع على نسق واحد.
و امتیازه عن القول بأنّ الموضوع له هي الأعراض النسبیة أنّ المعنی الحرفي على نظریة المحقق العراقي! مستقل بالذات و على هذا الرأي غیر مستقل بالذات.
و المعنی الحرفي على رأي المحقق العراقي! سنخ معنی یختصّ بالجواهر و الأعراض و لایعمّ غیرهما و على هذا الرأي سنخ معنی یعمّ الجمیع.
توضیحه: إنّ الجمل إمّا إنشائیة و هي موضوعة لإیجاد المعنی في الخارج على القول المشهور و موضوعة للدلالة على قصد المتکلم([56]) إبراز أمر نفساني غیر قصد الحکایة عند إرادة تفهیمه و إما خبریة و هي موضوعة للدلالة على ثبوت النسبة في الواقع أو نفیها.
فحرف النداء (مثل یا) وضع لإبراز قصد النداء و توجیه المخاطب إلیه و حروف الاستفهام وضعت لإبراز طلب الفهم و حروف التمنّي وضعت لإبراز التمنّي و حروف الترجّي وضعت لإبراز الترجّي و کذا حروف التشبیه و غیرها.
- الموضوع له على هذه النظریة خاصّ و الوضع عام ([57])
قال المحقق الخوئي!: إنّ الوضع فیها عام و الموضوع له خاص.
أمّا في القسم الأوّل فلأنّ الحروف لمتوضع بإزاء مفاهیم التضییقات و التحصصات لأنّها معان اسمیة بل لواقعها و حقیقتها([58])و لا جامع ذاتي بین أفراد التضییق و أنحائه و أمّا مفهوم التضییق و التحصص فمفهوم اسمي و هو عنوان جامع لا جامعٌ ذاتي و بهذا الجامع نشیر إلى أفراد التضییق فالموضوع له خاص.
أمّا في القسم الثاني فأیضاً کذلك حیث إنّ الحروف لمتوضع لمفهوم التمنّي و الترجّي و التشبیه و نحوها بل وضعت لما هو بالحمل الشائع إبراز للتمنّي و الترجّي و الاستفهام و لا جامع ذاتي بین مصادیق الإبراز و أفراده فإنّ الواضع یتصوّر حین الوضع مفهوماً عاماً لإبراز التمنّي فیضع کلمة لیت بإزاء أفراده، فالموضوع له في هذا القسم أیضاً خاصّ.
مناقشتان على نظریة المحقق الخوئي!:([59])
المناقشة الأُولى:
إنّ التضییق في القسم الأوّل من الحروف مسبّب عن النسبة الواقعة بین المفهومین الاسمیّین و الموضوع له في الحروف هو تلك النسبة و التضییق مسبّب عنه.
و الدلیل على ذلك هو أنّه لو قلنا بوضع الحرف للتضییق فإمّا أن یوضع لمفهوم التضییق أو لمصداقه و کلاهما باطل.
أمّا بطلان الوضع لمفهوم التضییق فلأنّ مفهوم التضییق لایفهم من الحروف و أمّا بطلان الوضع لمصداق التضییق فلاستحالته لأنّ مصداق التضییق أمر وجودي و اللفظ موضوع لطبیعي المعنی، لأنّ الغرض من الوضع انتقال المعنی إلى الذهن و الوجود الخارجي لاینتقل إلى الذهن لأنّ المقابل لایقبل المقابل و الوجود الذهني أیضاً لاینتقل إلى الذهن لأنّ المماثل لایقبل المماثل (کما أفاده المحقق الإصفهاني! في بحوث في الأصول). ([60])
المناقشة الثانیة:([61])
إنّه ادّعی في الدلیل الثاني الذي دعاه إلى القول المذکور أنّ نظریته توجب صحة استعمال الحروف في الواجب و الممکن و الممتنع حقیقة بلا عنایة و مجاز مع أنّ سائر الأقوال عاجز عن ذلك.
و نوقش علیه: بأنّ التضییق الخاص یتوقف على ثبوت خصوصیة و ارتباط بین المفهومین الاسمیین و بعبارة أخری إنّ قولنا: «الوجود لله واجب» یحتاج إلى ثبوت النسبة بین الوجود و الذات المقدسة حتی یصح فرض التضییق في الوجود و نسبته إلى الله تعالى.
أدلّة أربعة على هذه النظریة: ([62])
الدلیل الأوّل: بطلان سائر الأقوال.
الدلیل الثاني: إنّ المعنی الذي ذکره مشترك بین جمیع موارد استعمال الحروف من الواجب و الممکن و الممتنع على نسق واحد و لیس في الأقوال الأخر ما یکون کذلك.
الدلیل الثالث: إنّ مختاره في حقیقة الوضع (مبنی التعهد) ینتج الالتزام بهذا القول، ضرورة أنّ المتکلم إذا قصد تفهیم حصّة خاصّة فبأيّ شيء یبرزه، إذ لیس المبرز له إلّا الحرف أو ما یقوم مقامه.
الدلیل الرابع: موافقة هذا القول للوجدان و مطابقته لما ارتکز في الأذهان.
المناقشة في الأدلة الأربعة:
أمّا الوجه الأوّل فیلاحظ علیه: أنّ مقتضی القاعدة تمامیة مبنی المحقق الإصفهاني! و صحته في المقام، مع أنّ بطلان سائر الأقوال لایوجب الالتزام بقول خاص إلّا عند الحصر.([63])
أمّا الوجه الثاني فبطلانه ظهر من المناقشة الثانیة التي ذکرناها قبل أسطر.([64])
أمّا الوجه الثالث:([65]) فإنّ الالتزام بمبنی التعهّد في حقیقة الوضع، لایقتضي وضع اللفظ لهذا المعنی، مع أنّ مبنی التعهد باطل کما ذکرنا و کون الوضع للتضییق أیضاً باطل لما تقدّم في المناقشة الأولى.([66])
أمّا الوجه الرابع: فإنّه ادعاء بلا دلیل بل منشؤه الخلط بین اللازم و الملزوم.([67])
القول الثامن: نظریة بعض الأساطین>
إنّ الحروف تنقسم إلى أقسام ثلاثة: ([68])
القسم الأوّل: الحروف التي تدلّ على النسبة و تستعمل في موارد الأعراض النسبیة مثل «في» فإنّها موجدة للربط بین المفاهیم بما لها من الحکایة عن الواقع فالنسبة موجودة حقیقة (و مختار الأستاذ المحقّق! في هذا القسم هو مبنی المحقق الإصفهاني!).
القسم الثاني: الحروف غیرُ الحاکیة عن النسب مثل حرف النداء و هي موجدة للنسبة وفاقاً للمحقق النائیني! فإنّه لا نسبة بین المنادي و المنادی حتی تحکي عنها حرف «یا»، بل حرف «یا» یوجد النسبة بین المنادي و المنادی.
القسم الثالث: الحروف التي لاتدلّ على النسبة و لاتوجده، مثل اللام التي للعهد الذهني.
یلاحظ علیه:
إنّ ما أفاده في القسم الأوّل صحیح، کما قلنا: إنّ الحروف وضعت لذات النسبة (على مبنی المحقق الإصفهاني!).
و أمّا ما أفاده في القسم الثاني فیرد علیه: أنّ الکلام في المعنی الموضوع له و هي النسبة الحقیقیة سواء کانت النسبة موجودة من قبل أم کان الحرف هو الموجد لها، فإنّ وجود النسبة و ما هو سببه خارجان عن المعنی الموضوع له، فحرف النداء تدلّ على النسبة الندائیة.
و أمّا ما أفاده في القسم الثالث فیرد علیه: أنّ «ال» التي للعهد الذهني أیضاً تدلّ على النسبة بین مدخوله و بین الأمر المعهود السابق و مدخول «ال» یکسب التعریف لمکان هذه النسبة.([69]
التنبیه الأوّل: إنّ الموضوع له في الحروف عام أو خاص؟
إنّ التفتازاني! و بعض الأعلام مثل المحقق الخراساني و المحقق العراقي و المحقق النائیني# و بعض الأساطین> قالوا بأنّ الوضع عام و الموضوع له عام و لکن بعض الأعلام مثل المحقق الإصفهاني و المحقق الخوئي” ذهبوا إلى أنّ الوضع عام و الموضوع له خاص.
و قد اتّضح سابقاً وجه ما ذهب إلیه المحقق الإصفهاني! و هو الصحیح في المقام.
و القائلون بعموم الموضوع له فهم بین من یقول بأنّ المعنی الحرفي متحد مع المعنی الاسمي و من یقول بأنّ المعنی الحرفي من الأعراض النسبیة و من ذهب إلى أنّ المعنی الحرفي إیجادي.
و مبنی المحقق الخراساني! یقتضي حکمه بعموم الموضوع له، لاتحاد المعنی الحرفي و المعنی الاسمي عنده و هکذا مبنی المحقق العراقي! لأنّ الأعراض النسبیة من المعاني الاسمیة، ولذا قال في مقالات الأصول:([70])
«إنّ الموضوع له هي الحیثیة السنخیة المحفوظة في ضمن أنحاء النسب الشخصیة من الابتدائیة و الانتهائیة و الظرفیة و غیرها».
و أمّا مبنی المحقق النائیني! فلایناسب مختاره في المقام حیث قال بعموم الوضع و الموضوع له و صرّح بذلك في فوائد الأصول،([71]) فقال:
الحق هو کلیة المعنی الحرفي و کون الموضوع له في الحروف عاماً کالوضع و لو کان المعنی جزئیاً، لکان ما یوجد بقولك: «سرت من البصرة» مبایناً لما یوجد بقولك «سرت من الکوفة» کمباینة زید و عمرو، بداهة تباین الجزئیات بعضها مع بعض و حیث نری أنّه لایکون هناك اختلاف و تباین في النسب الابتدائیة التي توجدها لفظة «من» في جمیع موارد الاستعمالات، فیعلم أنّ لفظة «من» موضوعة للقدر الجامع بین ما یوجد في تلك الموارد و لانعني بکلیة المعنی الحرفي إلّا ذلك.
ملاحظة على المحقق النائیني!:
إنّ النسبة الحقیقیة متقوّمة بالغیر وجوداً و ذاتاً، فلایمکن وجود القدر الجامع الحقیقي بینها، فمقتضی ما أفاده من أنّ المعنی الموضوع له في الحروف النسب الکلامیة، هو أن یکون الموضوع له خاصّاً، فما قال من أنّ لفظة «من» موضوعة للقدر الجامع في جمیع موارد الاستعمالات، لایتصوّر إلّا بالعنوان الجامع الذي هو معنی اسمي و هذا ینافي ما اختاره في المعنی الحرفي.
التنبیه الثاني: ثمرة البحث عن حقیقة المعنی الحرفي
هنا ثمرتان:([72])
الثمرة الأولى:([73])
إن قلنا بکلیّة معاني الحروف و أنّ الموضوع له فیها عام فهي قابلة للإطلاق و التقیید، فیمکن التمسّك بإطلاقها کما أنّه یمکن تقییدها، فإذا علمنا باشتراط أمر الشارع بشرط و شککنا في رجوع الشرط إلى الهیأة أو إلى المادّة فحینئذ رجوع القید إلى الهیأة خال عن الإشکال، لأنّ المعنی الکلي مطلق فیقبل التقیید.
و إن قلنا بشخصیّتها فیشکل الأمر من حیث إنّ الجزئي غیر قابل للتقیید، و حینئذ إذا قیّدت جملة صلّ فیرجع القید إلى المادة و یکون شرط الواجب لا شرط الوجوب لاستحالة تقیید الهیأة.
نعم بعضهم أجابوا([74]) عن هذا الإشکال و قالوا: یمکن القول بتعلیق الهیأة – و إن کان تقیید الهیأة مستحیلاً لخصوصیته و جزئیته- على حصول الشرط و إن کانت المعاني الحرفیة شخصیة.
الثمرة الثانیة:
إنّ مفهوم الشرط یتقوّم بانتفاء سنخ الحکم عند انتفاء الشرط و أمّا انتفاء شخص الحکم فهو بانتفاء موضوعه فلایجدي في تحقق مفهوم الشرط.
فإن قلنا حینئذ بجزئیة المعاني الحرفیة و خصوصیّتها و بأنّ الموضوع له فیها خاصّ، فالجملة الشرطیة لاتدلّ على مفهوم الشرط، لأنّه ینتفي شخص الحکم هنا بانتفاء الشرط.
و إن قلنا بأنّ معاني الحروف کلیة و الموضوع له فیها عام فحینئذ یتحقق المفهوم للجملة الشرطیة، لانتفاء سنخ الحکم بانتفاء الشرط.
نعم بناءً على ما اخترنا من جواز تعلیق المعنی الحرفي على حصول الشرط، یمکن ثبوت مفهوم الشرط و إن قلنا بخصوصیة المعنی الحرفي.([75])
[1]. في بحوث في علم الأصول، ص232: «المتلخص من مجموع کلمات الأعلام في تشخیص معاني الحروف و فرقها عن معاني الأسماء اتّجاهات ثلاثة رئیسة» أوّلها علامیّة الحروف ثانیها آلیّة المعنی الحرفي و الثالث نسبیّة المعنی الحرفي و قال في ص237: «الاتجاه الثالث هو الاتجاه القائل بالتغایر و التمایز الذاتي بین معاني الحروف و الأسماء … و هذا هو الاتجاه الذي ذهب إلیه أکثر المحققین المتأخرین من علماء الأصول و توضیح هذا الاتجاه و تحقیقه یتمّ خلال خمس مراحل من الکلام» ثمّ ذکر وجوهاً أربعة في إطار الاتجاه الثالث هي: 1- إیجادیة المعنی الحرفي 2- وضع الحروف للوجود الرابط 3- وضع الحروف للتحصیص 4- وضع الحروف للأعراض النسبیة.
[2]. المقالات، ج1، ص92.
[3]. أجود التقریرات، ط.مؤسسة صاحب الأمر0، ج1، ص41.
[4]. في هدایة المسترشدین، ج1، ص178، بعد بیان الوضع العام و الموضوع له الخاص: «قد اختلفوا في تحقق الوضع على الوجه المذكور على قولین فقد ذهب إلیه جماعة من محققي المتأخرین و قالوا به في أوضاع المبهمات الثلاثة و الحروف بأجمعها و الأفعال الناقصة و كذا الأفعال التامة بالقیاس إلى معانیها النسبیة و الضابط فیه كل لفظ استعمل في أمر غیر منحصر لمعنی مشترك لایستعمل فیه على إطلاقه فإنّ الملحوظ عندهم حین وضع تلك الألفاظ هو ذلك الأمر الجامع المشترك بین تلك المستعملات و الموضوع له هو خصوص تلك الجزئیات فجعل ذلك الأمر العام مرآة لملاحظتها حتی یصحّ وضع اللفظ بإزائها و هذا القول هو المعزي إلى أكثر المتأخرین، بل الظاهر إطباقهم علیه من زمن السیّد الشریف إلى یومنا هذا».
[5]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص82 و ط.ج. ص91؛ حاشیة أجود التقریرات، ج1، ص41.
[6]. هذا القول هو القول الثاني ممّا ذکره في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص59 و ط.ج. ص64.
و في وقایة الأذهان، ص70: «و في معاني الحروف مسلك آخر و هو أدق و ألطف ممّا تقدم ذهب إلیه جماعة أوّلهم – فیما أعلم- نجم الأئمة الرضي في شرح الكافیة و تبعه غیر واحد من المتأخرین و حاصله على اختلاف تقادیر الذاهبین إلیه أنّ الحروف لا معاني لها أصلاً بل هي كالعلم المنصوب بجنب الأسماء لتعین مواقعها من الكلام و تربط بعضها ببعض و ما هي إلّا كرفع الفاعل و نصب المفعول … و هذا المسلك في معاني الحروف – على قربه للوجدان- قریب إلى الخبر المأثور المشهور عن واضع علم النحو% و تعریف أئمة الإعراب للحرف إذ لو كانت للحروف معان قد وضعت لها شاركت الأسماء في الإنباء عن مسمّیاتها و لمیكن قوله% في حدّ الاسم إنّه «ما أنبأ عن المسمّی» حداً مانعاً لأنّ الاختلاف في أنواع المنبأ لایستلزم عدم صدق النبأ» الخ.
و في نهایة النهایة، ص10: «التحقیق انّ الحروف لا وضع لها أصلاً و إنّما الوضع للهیئات التركیبیة الدالة على أنحاء الروابط الخاصة و توضیح ذلك انّه إذا كان للحروف وضع فإمّا أن تكون موضوعة بإزاء مفاهیم النسب المستقلة في اللحاظ أو تكون موضوعة بإزاء الروابط الخاصة بما هي روابط غیر المستقلة في اللحاظ و كل منهما لایجدي في تفهیم المراد من الكلام» الخ.
و في وسیلة الوصول، ص142: «لیست تحت الحروف معان في قبال المعاني التي تحت متعلقاتها بحیث تكون الحروف حاكیة عنها … و تكون حال الحروف بل الهیئات كالأعاریب» الخ.
و في شرح الرضي! على الکافیة، ج1، ص37: «… فالحرف وحده لا معنی له أصلاً إذ هو کالعلم المنصوب بجنب شيء لیدلّ على أنّ في ذلك الشيء فائدة فإذا انفرد عن ذلك الشيء بقي غیر دال على معنی أصلاً».
[7]. في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص59 و ط.ج. ص65: «هذا القول لایمکن المساعدة علیه و ذلك لأنّ الخصوصیات التي دلّت علیها الحروف و الأدوات هي بعینها المعاني التي وضعت الحروف بإزائها» الخ.
و في بحوث في علم الأصول، ج1، ص232 و 233 ذکر اعتراضاً على هذا المسلك و أجاب عنه ثمّ ذکر ثلاثة احتمالات لتفسیر هذا المسلك و هي: 1- فراغ الحروف من الدلالة و التأثیر في تکوین المدلول نهائیاً 2- لیس للحروف مدلول في عرض مدلول الاسم الذي یشارکه في تکوین الجملة و إنّما مدلوله طولي دائماً بمعنی أنّه یشخص المراد من الاسم 3- لیس الحرف دالاً مستقلاً کما هو الحال في الاسم بل یستحیل أن یکون إلّا دالاً ضمنیاً و الدال المستقل هو المجموع المرکب من الحرف و الاسم و عدّ الأوّل باطلاً بضرورة الوجدان اللغوي و العرفي و أبطل الثاني أیضاً و قال في الثالث: «هذا معنی دقیق و عمیق و هو الذي یقتضیه منهجنا العام في تحقیق المسألة إذ یتضح أنّ من لوازم عدم استقلالیة المعنی عدم استقلالیة الدلالة».
[8]. في منتهی الدرایة، ج1، ص28 عند شرح قوله: «کما توهم أیضاً أنّ المستعمل فیه فیها خاص مع کون الموضوع له کالوضع عامّاً»: «المتوهم هو التفتازاني على ما قیل» و في ص39: «المتحصل من عبارة المتن و غیرها أنّ الأقوال في کیفیة وضع الحروف ثلاثة الثاني عمومیة کل من الوضع و الموضوع له مع خصوصیة المستعمل فیه و هو المعزي إلى التفتازاني».
و في وقایة الأذهان، ص69، عند بیان کون الوضع و الموضوع له في الحروف عامین من وجوه ثلاثة: «ثالثها: ما ذهب إلیه الشیخ الأستاذ و بیّنه في مواضع من كتبه و هو أنّ الحرف وضع لیستعمل و أرید منه معناه حالة لغیره و بما هو في الغیر… و حاصل ما یفهم من هذا الكلام و من سائر ما بیّنه في غیر هذا المقام هو اتحاد الوضع و الموضوع له بین الحرف و بین متعلقه و لكنّ الواضع جعل على متابعیه أن لایستعمل لفظ الابتداء مثلاً إلّا على النحو الاستقلالي و لفظ من إلّا على النحو الآلي التبعي… و قد نقل ذلك عن التفتازاني أیضا».
هذا ما وجدنا من نقل مذهب التفتازاني و لکن في أي کتاب أبرز هذا المذهب؟
أقول: في هدایة المسترشدین، ج1، ص178: «المحكي عن قدماء أهل العربیة والأصول القول بكون الوضع و الموضوع له في جمیع ذلك عامّاً فیكون الحال في المذكورات من قبیل القسم الثاني عندهم و هذا هو الذي اختاره التفتازاني لكنّه ذكر أنّ المعارف ما عدا العلم إنّما وضعت لتستعمل في معین و ظاهر كلامه أنّ الواضع اشترط في وضعها لمفهومها الكلي أن لاتستعمل إلّا في جزئیاته و في الحواشي الشریفیة أنّ جماعة توهّموا وضعها لمفهوم كلي شامل للجزئیات و الغرض من وضعها له استعمالها في أفرادها المعینة دونه و الظاهر أنّ هذا الاعتبار إنّما وقع في كلام جماعة من المتأخرین تفصیاً من المنافاة بین وضعها للمفهوم الكلي و عدم صحة استعمالها إلّا في الجزئیات و إلّا فالقدماء لمینبهوا على ذلك في ما عثرنا علیه من كلامهم»
و في ص185: «وقد ظهر بما بیّناه وهن ما ذكره المحقق الشریف في شرح المفتاح عند بیان القول المذكور من أنّ الموضوع له عندهم هو الأمر الكلي بشرط استعماله في جزئیاته المعینة و قال في حاشیة له هناك: إن لفظة “أنا” مثلاً موضوعة على هذا الرأي لأمر كلي هو المتكلم المفرد لكنّه اشترط في وضعها أن لایستعمل إلّا في جزئیاته ثمّ حكم بركاكة القول المذكور و استصوب القول الآخر، إذ لیس في كلام الذاهبین إلى القول المذكور إشارة إلى ذلك عدا شذوذ من المتأخرین كالتفتازاني في ظاهر كلامه كما أشرنا إلیه و كأنّه ألجأه إلى ذلك ما یتراءی من توقف تصحیح كلام القائل به على ذلك نظرا إلى ما ذكر في هذه الحجة و غیرها كما یظهر من التفتازاني في التزامه به».
[9]. في الکفایة، ص11: «المعنی و إن کان لامحالة یصیر جزئیاً بهذا اللحاظ … إلّا أنّ هذا اللحاظ لایکاد مأخوذاً في المستعمل فیه و إلّا فلابدّ من لحاظ آخر متعلق بما هو ملحوظ بهذا اللحاظ بداهة أنّ تصور المستعمل فیه ممّا لابدّ منه في استعمال الألفاظ و هو کما تری».
[10]. في الکفایة، ص11: «مع أنّه یلزم أن لایصدق … إلّا بالتجرید و إلغاء الخصوصیة».
[11]. في الکفایة: «هذا مع أنّه لیس لحاظ المعنی حالة غیره في الحروف إلّا کلحاظه في نفسه في الأسماء» الخ.
[12]. في هدایة المسترشدین، ص178: «المحکي عن قدماء أهل العربیة و الأصول القول بکون الوضع و الموضوع له في جمیع ذلك عاماً».
و في ص189: «و الحاصل أنّه لا اختلاف بین المعنی الاسمي و الحرفي بحسب الذات و إنّما الاختلاف بینهما بحسب الملاحظة و الاعتبار فیكون المعنی بأحد الاعتبارین تامّاً إسمیّاً و بالاعتبار الآخر ناقصاً حرفیاً و یتفرع على ذلك إمكان إرادة نفس المفهوم على إطلاقه في الأسماء من غیر ضمّه إلى الخصوصیة بخلاف المعنی الحرفي إذ لایمكن إرادته من اللفظ إلّا بضمّه إلى الغیر، ضرورة كونه غیر مستقل بالمفهومیة في تلك الملاحظة فلایمكن إرادته من اللفظ إلّا مع الخصوصیة حسب ما بیّناه و ذلك لایقضي بوضعها لكل من تلك الخصوصیات».
و في وقایة الأذهان، ص67: «ذهب جماعة من محققي المتأخرین أوّلهم – في ما أعلم- الجد العلّامة في الهدایة إلى أنّها موضوعة بالوضع و الموضوع له العامین و أنّ معانیها كلیّة كمعاني متعلقاتها و یمكن بیانه من وجوه: أوّلها: ما ذهب إلیه – طاب ثراه – و ملخصه أنّ الحروف موضوعة للمعاني الرابطیة المتقومة بمتعلقاتها الملحوظة مرآة لحال غیرها و ذلك المعنی الرابطي مأخوذ في الوضع على وجه كلي و لكن لایمكن إرادته من اللفظ إلّا بذكر ما یرتبط به … ثانیها: ما قرره السید الأستاذ! و توضیحه یبتني على مقدمة … ثالثها: ما ذهب إلیه الشیخ الأستاذ و بیّنه في مواضع من كتبه و هو أنّ الحرف وضع لیستعمل و أرید منه معناه حالة لغیره و بما هو في الغیر و وضع غیره لیستعمل و أرید منه معناه بما هو هو و علیه یكون كل من الاستقلال بالمفهومیة و عدم الاستقلال بها إنّما اعتبر في جانب الاستعمال، لا في المستعمل فیه لیكون بینهما تفاوت بحسب المعنی» الخ.
و في درر الفوائد، ج1، ص37: «الحق أنّ معاني الحروف كلّها كلیّات وضعت ألفاظها لها و تستعمل فیها و لاتحتاج هذه الدعوی بعد تعقل المدعی إلى دلیل آخر … لایخفی علیك أنّ المعنی الاسمي و الحرفي مختلفان بحسب كیفیة المفهوم بحیث لو استعمل اللفظ الموضوع للمعنی الحرفي في المعنی الاسمي أو بالعكس یكون مجازاً أو غلطاً فإنّ مفهوم الابتداء الملحوظ في الذهن استقلالاً یغایر الابتداء الملحوظ في الذهن تبعاً للغیر و التقیید بالوجود الذهني و إن كان ملغی في كلیهما لكن المتعقل في مفاد لفظ الابتداء غیره في مفاد لفظ من».
[13]. في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص54 و ط.ج. ص59: «القول الأوّل ما نسب إلى المحقق الرضي! و تبعه فیه المحقق صاحب الکفایة!»
[14]. في الکفایة، ص11: «و التحقیق – حسبما یؤدي إلیه النظر الدقیق أنّ حال المستعمل فیه و الموضوع له فیها حالهما في الأسماء … و بالجملة لیس المعنی في كلمة من و لفظ الابتداء – مثلاً – إلّا الابتداء فكما لایعتبر في معناه لحاظه في نفسه و مستقلاً كذلك لایعتبر في معناها لحاظه في غیرها و آلة و كما لایكون لحاظه فیه موجباً لجزئیته فلیكن كذلك فیها إن قلت: على هذا لمیبق فرق بین الاسم و الحرف في المعنی» الخ.
[15]. في تهذیب الأصول، ج1، ص18، بعد بیان مختار المحقق الخراساني!: «و أنت خبیر بالمغالطة الواقعة فیه حیث إنّ ما رتبه من البرهان على نفي الجزئیة مبني على تسلیم الاتحاد بین الأسماء و الحروف و انّهما من سنخ واحد جوهراً و تعقلاً و دلالةً فحینئذٍ یصحّ أن یبني علیه ما بنی، من أنّه لا مخصص و لا مخرج من العمومیة. مع أنّك عرفت التغایر بینهما في جمیع المراحل و سیأتي أنّ الموضوع له في مورد نقضه من قوله: “سر من البصرة إلى الكوفة” ممّا یتوهم كلیة المستعمل فیه خاص أیضا فارتقب»
و في بحوث في علم الأصول، ص 234 – 237: «و قد أورد علیه في کلمات المحققین اعتراضات عدیدة منها ما ذکره المحقق الإصفهاني! في تعلیقته على الکفایة بقوله: «إنَّ الاسم و الحرف لو كانا متّحدي المعنی و كان الفرق بمجرّد اللحاظ الاستقلالي و الآلي لكان طبیعي المعنی الوحدانيّ قابلاً لأن یوجد في الخارج على نحوین كما یوجد في الذهن على طورین، مع أنَّ الحرفي كأنحاء النسب و الروابط لایوجد في الخارج إلّا على نحو واحد و هو الوجود لا في نفسه و لایعقل أن توجد النسبة في الخارج بوجود نفسي … و منها ما ذکره المحقق النائیني! من أنّ تقیید الواضع و اشتراطه الآلیّة في استعمال الحرف و الاستقلالیّة في استعمال الاسم لیس ملزماً و لایترتّب علیه عدم صحّة الاستعمال للفظ في معناه الموضوع له و لو سلّم فغایته عدم صحّته بقانون الوضع لا عدم صحّته مطلقاً و لو بالنحو الذي یصحّ به الاستعمال المجازي، مع وضوح أنَّ استعمال الحرف في مورد الاسم و بالعكس غیر صحیح مطلقاً … و منها ما ذکره السید الأستاذ> من أنّ لحاظ المعنی آلة لو كان موجباً لكونه معنی حرفیّاً لزم منه كون كلّ معنی اسمي یؤخذ معرفاً لغیره في الكلام و آلة للحاظه كالعناوین الكلیّة المأخوذة في القضایا معرفات للموضوعات الواقعیة معنی حرفیاً … و منها ما أورده السید الأستاذ> أیضاً بقوله: كما أنَّ لحاظ المعنی حالة لغیره لو كان موجباً لكونه معنی حرفیّاً لزم منه كون جمیع المصادر معاني حرفیة، فإنَّها تمتاز عن أسماء المصادر بكونها مأخوذات بما أنَّها أوصاف لمعروضاتها بخلاف أسماء المصادر الملحوظ فیها الحدث بما أنَّه شيء في نفسه مع قطع النّظر عن کونه وصفاً لغیره … و منها ما أورده السید الأستاذ> – أیضا من أنَّ المعنی الحرفي قد یكون هو المقصود بالإفادة في كثیر من الموارد و ذلك كما إذا كان ذات الموضوع و المحمول معلومین عند شخص و لكنَّه كان جاهلاً بخصوصیّتهما فسأل عنها فأجیب على طبق سؤاله فهو و المجیب إنَّما ینظران إلى هذه الخصوصیة نظرة استقلالیة».
و أجاب عن جمیع هذه الاعتراضات و لکن قال بعد ذلك: «الصحیح في تفنید هذا الاتجاه أن یقال» ثم ذکر احتمالین للمراد من عدم استقلالیة معاني الحروف: 1) کونها تلحظ حالة لمعاني الأسماء و مندکة فیها 2) کونها آلة و مرآة لملاحظة المصادیق الخارجیة الخاصة و أورد على کلیهما».
[16]. في منتقی الأصول، ج1، ص89: «وقع موضع التفسیر و التردید بین احتمالات و هي ثلثة» و قال: «الثالث ربط اللحاظ الآلي و الاستقلالي بالموضوع له لکن لا بنحو التقیید و بیانه … و هذا التفسیر لکلام صاحب الکفایة أوجه من أخویه و إن کان ارتباطه بالعبارة أبعد و لکنّه غیر صحیح في نفسه کأخویه».
[17]. في منتقی الأصول: «الأوّل: ما یظهر من بعض كلمات المحقق النائیني! من إرجاع التقیید باللحاظ الآلي و الاستقلالي إلى اشتراط الواضع ذلك في الاستعمال فشرط الواضع أن لایستعمل لفظ الابتداء إلّا مع لحاظه استقلالاً و إن لایستعمل لفظ “من” في الابتداء إلّا مع لحاظه آلة».
[18]. في منتقی الأصول: «یرد علیه أوّلاً أنّ الشرط المأخوذ في الحکم و مثله المأخوذ في الوضع إمّا أن یرجع إلى المتعلق و الموضوع له بحیث یکون من قیودهما أو لا … و ثانیاً لو سلّم أنّ هذا الشرط و إن کان مأخوذاً بنحو تعدد المطلوب إلّا أنّه لازم الاتباع لجهة ما» الخ.
[19]. ذکرهما المحقق الخوئي! في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص55 و ط.ج. ص60، قال: «فتحصل أنّ المعنی الحرفي و إن کان لابدّ من لحاظه آلیاً… إلّا أنّ ذلك لمینشأ من… بل منشأ ذلك هو اشتراط الواضع ذلك في مرحلة الاستعمال لا بمعنی أنّه اشترط ذلك على حذو الشرائط في العقود و الإیقاعات» الخ.
[20]. في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص55 و ط.ج. ص60: «بل المراد بالاشتراط أنّ العلقة الوضعیة في الحروف و الأدوات مختصة بحالة مخصوصة و هي ما إذا لاحظ المتكلم المعنی الموضوع له في مرحلة الاستعمال آلیا، و في الأسماء بحالة أخری و هي ما إذا لاحظ المعنی في تلك المرحلة استقلالا».
و في منتهی الدرایة، ج1، ص45: «یمكن توجیه ما أفاده! بأنّ ضیق الأغراض الداعیة إلى الإنشاءات موجب لضیق دائرة المنشآت و المجعولات … و في المقام لما كان غرض الواضع من وضع الحروف دلالتها على معانیها حال كونها ملحوظة باللحاظ الآلي فلا محالة تتضیق دائرة موضوع وضعه أیضاً، لكن لا بنحو التقیید، لما مرّ من استحالة تقید المعنی باللحاظ المتأخر عنه ومن المعلوم أنّ من لوازم تضیق دائرة الوضع عدم صحة استعمال أحدهما موضع الآخر هذا ملخّص ما یستفاد من بیان بعض أعاظم أساتیذنا!» ثمّ ذکر إیراداً علیه.
[21]. في منقی الأصول، ص91: «العبارة بهذا التفسیر لاتخلو عن خدشة أیضاً و ذلك لأنّ ما ذکر یقتضي أن یکون حدوث العلقة الوضعیة و حصولها بین اللفظ و المعنی متوقفاً على الاستعمال» الخ.
[22]. بدائع الأفکار، ج1، ص49؛ مقالات الأصول، ج1، ص86.
[23]. في منتقی الأصول، ص110: «الذي یتحصل من مجموع كلامه أنّ الهیئات موضوعة للربط و النسبة بین العرض و محله و الحروف موضوعة للأعراض الإضافیة النسبیة و بذلك یتفق مع المحققین النائیني و الإصفهاني[“] في جهة – وهي جهة وضع الهیئات – و یختلف معهما في أخری – و هي جهة وضع الحروف- و ذلك واضح».
[24]. و في بحوث في علم الأصول، ص251 و 252: «یرد علیه أوّلاً إنَّ الألفاظ لیس من الضروري انّ تتطابق مع قائمة المقولات الحقیقیة و الوجودات الخارجیة العینیّة بمراتبها و أن نجد مدلول كل واحد منها ضمن هذه القائمة، لأنّ معنی اللفظ قد یكون أمراً اعتباریّاً أو انتزاعیّاً أو عدماً صرفاً و لیس من المقولات بوجه سواءً في الأسماء – كلفظ العدم مثلاً- أو في الحروف، إذ كثیراً ما لایكون المعنی الحرفي معبّراً عن وجود خارجي لا ربطي و لا رابطي».
و قال: «و ثالثاً إنّ مفاد الحرف إذا کان عرضاً نسبیاً فإن أرید العرض النسبي بوصفه مفهوماً من المفاهیم … و إن أرید العرض النسبي بوجوده الخارجي الرابطي …».
[25]. في بحوث في علم الأصول، ص252: «ثانیاً إنّ المقصود من استفادة العرض النسبي من قولنا: “زید في الدار” إن كان استفادة معنی الأین بما هو هیأة قائمة بالمتأین بلحاظ نسبة خاصة بینه و بین ظرفه و مكانه، فهذا ممَّا لایستفاد بالمطابقة من اللفظ أصلاً و إن كان المقصود استفادة النسبة الخاصة القائمة بین المتأین و المكان الذي یتواجد فیه، فهذا صحیح غیر انَّ هذه النسبة بنفسها نحو من الربط لیست بحاجة إلى ربط آخر بطرفیها لیقال بأنَّ الهیأة تتكفّل بربطها بطرفیها».
[26]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص74 و ط.ج. ص81.
[27]. في منتقی الأصول، ج1، ص111: «الانصاف أن هذا الإیراد لایوجب الانصراف عن الالتزام بهذا القول لأنّه یرد على غیره و هو ما التزم به نفس المورد – أعني السیّد الخوئي- كما سیتضح في ما یأتي إن شاء الله تعالى و لایختص به كما أنّه لایختص بهذه الناحیة، بل هو ثابت من ناحیة أخری و هي نفس النسبة و الربط فإنّه ممّا یمتنع في حق الواجب لتقومها باثنین و لا اثنینیة بین الصفة و الذات المقدسة فلابدّ من إیجاد الحل له و بذلك یندفع الإیراد و لایبقی لذكره مجال».
[28]. تحقیق الأصول، ج1، ص109.
[29]. تحقیق الأصول، ج1، ص110.
[30]. و في منتقی الأصول، ص110: «الذي یرد علیه أوّلاً انّ المعنی الحرفي إذا كان هو العرض النسبي فهو لایفترق عن المعنی الاسمي أیضاً إذ یكون المعنی الموضوع له لفظ (في) و لفظ (الظرفیة) واحد و هو العرض النسبي و هو یناهض الوجدان الحاكم بثبوت الفرق بین معنی اللفظین … و ثانیاً: انّه لایظهر هناك فرق ذاتي بین الاسم و الحرف في المعنی فانّّ لفظ الابتداء لمیوضع لسوی الابتداء الذي یكون من الأعراض النسبیة و الموضوع له الحرف فما قرّره للحرف من معنی لایخلو عن مناقضة لما أفاده في صدر كلامه من وجود الفرق الذاتي بین المعنی الاسمي و الحرفي».
[31]. أجود التقریرات، ط.مؤسسة صاحب الأمر0، ج1، ص22 و 41.
[32]. أجود التقریرات، ط.مؤسسة صاحب الأمر0، ج1، ص30.
[33]. في جواهر الأصول، ج1، ص124: «فیه أنه! لمیقم على دعواه – من كون جمیع معاني الحروف إیجادیة – دلیلاً فما ذكره دعوی بلا بینة و مع ذلك فقد وقع الخلط و الاشتباه في كلامه من وجوه: فأوّلاً: هو أنّ الإیجادیة التي ذكرها في ابتداء الأمر الثاني – عند تقسیم المعاني إلى الإخطاریة و الإیجادیة – غیر ما قاله في آخر كلامه … و ثانیاً: أن ما ذكره أخیراً – من عدم إفادة الحروف معنی غیر إیجاد النسبة بین أجزاء الكلام – ینافي ما ذكره في الأمر الثاني في بیان النسب فإنه قال هناك: إنّه لایختص ما یفید النسبة بهیئات التراكیب فإنّ الحروف – كمن و إلى و في و غیر ذلك من الحروف الجارة – أیضاً تفید النسبة … و ثالثاً: إن كان مراده! بقوله أخیراً: إنّ مجموع المتحصل من جزئي الكلام – بما لهما من النسبة – یحكي عن الخارج أنّ مجموع الجملة یحكي عن مجموع الخارج دلالة واحدة وضعیة بحیث لاتدل أبعاض الجملة على أبعاض المعنی الخارجي …. فواضح أنّه خلاف التبادر و الوجدان» الخ.
و راجع أیضاً المحاضرات، ط.ق. ج1، ص63 – 67 و ط.ج. ص69 – 74، حیث قال: یتلخص ما أفاده! في أمور خمسة الأمر الأوّل و الثاني في غایة الصحة و المتانة و ناقش في الثالث إلى الخامس.
و في منتقی الأصول، ص98: «قد ناقش السید الخوئي! في الأرکان الثلاثة» ثمّ ذکر مناقشته في الرکنین الأوّلین و أجاب عنها.
و في منتقی الأصول، ص101 – 103: «قد ناقش المحقق العراقي! اختیار المحقق النائیني! إیجادیة المعنی الحرفي بوجوه أربعة: الأوّل: أنّ المعاني التي تتصوّرها النفس إمّا أن تكون مرتبطة بعضها ببعض أو غیر مرتبطة فما تصورته النفس مرتبطاً فلایعقل إحداث الربط بین أجزائه لأنّه تحصیل للحاصل و ما تصوّرته غیر مرتبط لمیعقل إحداث الربط فیه لأنّ الموجود لاینقلب عمّا هو علیه … الثاني: انّ الهیئات الدالة على معنی لابدّ و أن یكون مدلولها معنی حرفیاً و على فرض كون المعنی الحرفي إیجادیاً یلزم أن یكون معنی الهیأة متقدماً في حال كونه متأخراً و بالعكس و هو خلف … الثالث: انّه لو التزم بإیجادیة المعنی الحرفي لزم أن یكون معنی الحرف في حیّز الطلب و صقعه لا في حیز المطلوب و صقعه لأنّه یوجد باللفظ كالطلب فیكون متحققاً حال تحقق الطلب و ظاهر تأخر الطلب عن المطلوب رتبة لعروضه علیه فعلیه یلزم أن یكون المعنی الحرفي متقدماً و متأخراً في حال واحد … الرابع: إنّ كل لفظ سواء كان ذا مدلول أفرادي كزید أو ذا مدلول تركیبي… لابدّ أن یكون له مدلول بالذات… و مدلول بالعرض… و لو التزم بإیجادیة معنی الحرف لزم أن ینحصر مدلول الكلام بالعرض في المعاني الأفرادیة التي لایحصل بها شيء من الإفادة و الاستفادة» و لکن ناقش في جمیع هذه الوجوه فراجع ص104 و 105.
و في بحوث في علم الأصول، ص 243 – 246، ذکر مناقشة المحقق الخوئي و مناقشات المحقق العراقي” و أجاب عن جمیعها.
[34]. تحقیق الأصول، ج1، ص106.
[35]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص65 و ط.ج. ص71، قال: «وأما ما ذكره! رابعاً من أنّ المعاني الحرفیة مغفول عنها في حال الاستعمال – دون المعاني الاسمیة – فلا أصل له أیضاً وذلك لأنّهما من واد واحد من تلك الجهة فكما أنّ اللحاظ الاستقلالي یتعلق بإفادة المعاني الاسمیة عند الحاجة إلى إبرازها و التعبیر عنها فكذلك یتعلق بالمفاهیم الحرفیة من دون فرق بینهما في ذلك».
[36]. تحقیق الأصول، ج1، ص106.
[37]. نهایة الدرایة، ط.مؤسسة آل البیت(، ج1، ص51؛ بحوث في الأصول، ص25.
في مباحث الأصول، ص41: «أما المعنی الحرفي فقد یقال: إنّه الموجود لا في نفسه المتقوم بوجود الطرفین و لا ذاتیة له بغیر وجود الطرفین فلیس له ماهیة لغایة نقصه و لا وجود له غیر وجود الطرفین و إنّه في ذاته متقوّم بوجود الطرفین كما أنّ الماهیات العرضیة في وجودها متقومة بالموضوع فمن هذه الجهة یشبه الأعراض و لیس منها لعدم ماهیة مقولیة و لأنّ التقوّم في نفس وجوده لا لوجوده كما في الأعراض و یمكن استفادة هذا الوجه ممّا في الأسفار و قد أوضحه شیخنا! في كتابه في الأصول»
و في منتهی الأصول، ص22: «الثالث: … إنّ معاني الحروف من سنخ وجود الرابط و النسب لا الوجود الرابطي و الأعراض و بعبارة أخری لو كان من سنخ الأعراض لما كان محتاجاً إلّا إلى طرف واحد لا إلى الطرفین و الوجدان یحكم باحتیاجهما إلى الطرفین كما سنبینه في القول الآتي. الرابع: إنّ المعنی الحرفي من سنخ النسب و الارتباطات القائمة بالطرفین»
و في أصول الفقه، ص59: «إنّ الحروف موضوعة لمعان مباینة في حقیقتها و سنخها للمعاني الاسمیة فإنّ المعاني الاسمیة في حد ذاتها معان مستقلة في أنفسها و معاني الحروف لا استقلال لها، بل هي متقومة بغیرها و الصحیح هذا القول الثالث … إنّ وجود الروابط و النسب في حد ذاته متعلق بالغیر و لا حقیقة له إلّا التعلق بالطرفین … أمّا المعاني الحرفیة فهي معان غیر مستقلة و غیر قابلة للتصور إلّا في ضمن مفهو آخر».
و في منتقی الأصول، ص120: «الذي ننتهي إلیه أخیراً هو الالتزام بما التزم به المحققان النائیني و الأصفهاني” من انّه موضوع للربط و النسبة بین المفهومین الذي هو من سنخ الوجود، فإنّه مضافاً إلى معقولیته في نفسه و عدم الوصول إلى أي إشكال فیه أمر ارتكازي وجداني لایحتاج إلى إقامة برهان و ذلك فإنّ المعنی المزبور یتبادر إلى الذهن عند إلقاء الجملة و الدال علیه منحصر بالحرف لعدم وجود ما یصلح للدلالة علیه من أجزاء الجملة غیره إذ الاسم یدلّ على نفس المفهوم المرتبط بالآخر لا على الارتباط».
و راجع أیضاً نهایة الأصول، ص17 و لمحات الأصول، ص29 و حاشیة على کفایة الأصول، ص21 و حقائق الأصول، ص22 و حاشیة الکفایة للعلامة!، ص26 و عنایة الأصول، ص25.
[38]. في حاشیة الکفایة للعلّامة!، ص27: «هو مغالطة من باب وضع القسم موضع المقسم و لو بدل القسم بالمقسم بوضعه موضعه عاد مصادرة بالمطلوب الأوّل کما لایخفی».
[39]. نهایة الدرایة، ط.مؤسسة آل البیت(، ج1، ص51، هامش التعلیقة.
[40]. في مباحث الأصول، ص51: «یمكن أن یقال: إنّ وجود الممكن ملازم لماهیته و عدم العلم بالماهیة كما هي لایوجب عدمها أي العلم بعدمها بل ما نقل من أنّ الحرف ما دل على معنی في غیره أو أنّه ما دل على معنی لیس باسم و لا فعل یرشد إلى أنّ معنی الحرف – بحسب النوع – شيء بین المسمّی و حركته موجود في ما بینهما یراه العقل ثابتاً و أنّه لولا ثبوته لمیحمل عرضي على موضوعه، كما لایحمل عرض على الموضوع و أمّا أنّ الماهیة متأصلة مستقلة بالمفهومیة فلیس ذلك من لوازم الماهیة التي تختلف اختلافاً فاحشاً فقد تكون جوهراً على أنواعه المختلفة و قد تكون عرضاً ضعیفاً في وجوده غایته بالنسبة إلى الوجود الجوهري و هذا الموجود أضعف من العرض لتوقفه على الطرفین بخلاف العرض الذي هو الطرفین و عدم الاستقلال في المعقولیة على وفق عدم الاستقلال في الموجودیة الخارجیة فإنّ جمیع ما في الذهن على طبق خارجیته في الكمال و النقص عدا المخترعات الفرضیة الذهنیة و أمّا الاتفاق على عدم الماهیة هنا لغایة الضعف كعدمها في الواجب لغایة الكمال كما نسب إلى جماعة فهو لایناسب اختلافهم في مقولة الإضافة التي هي النسبة المتكررة و أنّها حقیقیة مقولیة أو اعتباریة»
و في ص62: «كون الماهیة مستقلة في التعقل لایتوقف تعقلها على تعقل ماهیة أخری شيء غیر معتبر في مقولیّتها و لا في نفسیتها و إنّما تختص بالمحفوفیة بالغیر خارجاً و تعقلاً و إنّ اللّانفسیة بغیر هذا المعنی لا معنی لها في الممكن الذي هو زوج تركیبي فلایمكن أن یكون له وجود حقیقي بلا ماهیة أو یكون وجوده الحقیقي حقیقة وجود الطرف مع ما فیه من أنّ إثبات الوجود الحقیقي في قبال الاعتباري أوّل الكلام هنا و في الإضافة لا أنّ له وجوداً إمكانیاً بلا ماهیة و بأنّها كیف تكون لها ماهیة لا تعیّن لها، لدخولها في سائر المقولات حتی الإضافة و هذا مشترك بینها و بین مقولة الإضافة».
[41]. نهایة الدرایة، ط.مؤسسة آل البیت(، ج1، ص55.
[42]. بحوث في الأصول، ص25.
[43]. في مباحث الأصول، ص41: «یمكن أن یقال: إنّ تقوّم شيء في ذاته بوجود شيء و حقیقته یقتضي أن یكون ذات المتقوم وجوداً لا شیئاً آخر له الوجود و حیث إنّ ذلك الوجود مضاف بالذات إلى ماهیة فلا إضافة له إلى غیرها بالذات إذ لا تعدّد له حتی یصح كون الإضافتین ذاتیتین و مع الوحدة فالوجود الواحد كیف یضاف بالذات إلى جوهر و إلى ما لیس بجوهر و لا من الماهیات المقولیة أعني النسبة؟ هذا في إضافته إلى الموضوع مع أنّه مضاف إلى العرض القائم به أیضاً فیلزم إضافة وجودین متباینین – أعني الجوهر و العرض– إلى غیر ماهیتهما و إلى ماهیتهما بالذات و حیث إنّ الإضافة المفروضة للموضوع إلى وجود النسبة بالاتحاد لأنّه لازم التقوم بنفس ذلك الوجود بنحو لاینتهي إلى المعلولیة و كذا إضافة النسبة إلى كل من الموضوع و العرض المنسوب إلیه فاللازم اتحاد العرض و الموضوع و اتحادهما مع النسبة الموجودة بعین وجودهما، لأنّ المتحد مع المتحد مع شيء متحد مع ذلك الشيء، بل هذا یكفي في الإشكال فإنّ لازم التقوم في نفس الوجود بنفس وجود الموضوع الاتحاد فیلزم من اتحادهما اتحاد العرض و الموضوع في مثل البیاض لوجه زید و المفروض تعدد وجودهما و أمّا تعدد الإضافة على ما سبق فیمكن التفصي عنه باختلاف الإضافتین معنی و لایستلزم تعدد الواحد هویة».
[44]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص70 و ط.ج. ص77.
[45]. في بحوث في علم الأصول، ج1، ص246: «و ثالثاً إنّ الوجود الرابط الخارجي أساساً لا موجب للالتزام به، إذ لا برهان على وجود أمر ثالث في الخارج زائداً على الذات و العرض سوی ما یدّعي: من أنَّا قد نعلم بوجود زید و بوجود علم و نشك في قیام هذا العلم بزید و حیث إنَّ المشكوك غیر المعلوم فیجب أن یكون هناك في حالة علم زید أمر ثالث وراء ذات زید و ذات العلم و هو الوجود الرابط و هذا البرهان مدفوع: بأنّ العلم و الشك حیث إنَّهما متقوّمان بالصور الذهنیة لا بالخارج ابتداءً فلایقتضي فرض العلم و الشك إلّا فرض صورتین ذهنیّتین متغایرتین في عالم الذهن و لاینافي كون مطابقهما واحداً في الخارج».
[46]. في بحوث في علم الأصول، ص248: «و منه یظهر أنّ الإشکال الثالث و هو إنکار الوجود الرابط الخارجي لایضرّ بالمدعی علاوة على أنَّه خلاف التحقیق، إذ لو أرید إنكار ثبوت وجود ثالث خارجاً على وجود المنتسبین فهو صحیح لكنَّه لیس هو المراد بالوجود الرابط و إن أرید إنكار ثبوت واقعیة ثالثة في الخارج وراء واقعیة المنتسبین فهو غیر صحیح، لوضوح أنَّ هناك أمراً واقعیّاً ثابتاً في لوح الواقع الذي هو أوسع من لوح الوجود نفتقده عند ما نفترض ناراً و موقداً غیر منتسبین و هذه الواقعیة هي منشأ انتزاع مثل عنوان الظرفیة أو المظروفیة و هي منشأ واقعیتهما لو قیل بأنَّهما من الأمور الواقعیة لا الاعتباریة».
[47]. الرافد، ص20.
[48]. إنّ المحقق الإصفهاني! أشار إلى الوجود الرابط في القضایا الهلیة البسیطة و الهلیة المرکبة الإیجابیة، راجع إلى نهایة الدرایة، ج1، ص53.
[49]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص71 و ط.ج. ص78.
[50]. ذکر السید الصدر! هذه المناقشة بهذه العبارة في ص246: «أوّلاً إنّ الوجود الخارجي أو الذهني لیس مأخوذاً في المعنی الموضوع له الكلمة، بل اللفظ یوضع بإزاء ذات المعنی لأنَّ الوضع إنَّما هو لأجل الانتقال الذهني إلى مدلوله و ما یعقل انتقال الذهن إلیه ذات المعنی لا الوجود».
[51]. و في بحوث في علم الأصول، ص247، بعد توضیح المقصود من الوجود الرابط قال: «و على هذا الأساس تندفع الإشکالات الثلاثة أمّا الأوّل فلوضوح أنّ الوجود الخارجي لمیؤخذ في مدلول الکلمة لیقال إنَّه لایقبل الانتقال الذهني إلیه، حیث إنَّ الحرف لمیوضع للوجود الرابط الخارجي بل وضع لذات ماهیة النسبة بقطع النّظر عن نحوي وجودها. غیر انَّ النسبة متقومة دائماً بشخص وجود طرفیها و بهذا كانت النسبة القائمة في ذهن المتكلم و النسبة القائمة في ذهن السامع ماهیتین متغایرتین و كلّ منهما قابلة للانتقال الذهني و ذلك بأنّ توجد في صقع الذهن تبعاً لطرفیها بالنحو المناسب لها من الوجود»
و في منتقی الأصول، ج1، ص107، بعد أن ذکر مناقشة المحقق الخوئي! قال بعدم ورودها: «لأنّ امتناع وضع اللفظ للموجود ممّا أسّسه المحقق الإصفهاني! و التزم به و قرّبه بما تكرر من أنّ المقابل لایقبل المقابل و المماثل لایقبل المماثل إلّا أنّ ذلك یختص بالأسماء دون الحروف فإنّه التزم بكون الموضوع له فیها هو الوجود الذهني و الإیراد المزبور بدفع بما أشرنا إلیه من أنّ دلالة الحروف و حكایتها تختلف عن دلالة الأسماء فإنّها من قبیل دلالة المماثل على المماثل فلایرد فیه المحذور».
[52]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص72 و ط.ج. ص78؛ و في بحوث في علم الأصول، ص246: «ثانیاً أنّ الوجود الرابط کثیراً ما لایكون موجوداً في موارد الاستعمال، كما في موارد استعمال اللام في قولنا: “الوجود للَّه واجب” إذ لایعقل الوجود الرابط بین اللَّه و وجوده».
[53]. في بحوث في علم الأصول، ج1، ص248: «أمّا الثاني فلأنّه مبني على تخیّل کون المدعی وضع الحرف للوجود الرابط الخارجي و قد عرفت عدمه ثمَّ لاندري هل كان نظره الشریف في تسجیل هذا النقض إلى وضوح صدق قولنا الوجود للَّه مع أنَّه لا وجود رابط بین الطرفین أو إلى وضوح كونه كلاماً له مفاد مع أنَّه إذا كان اللام یدلّ على الوجود الرابط فلیس له في هذا الكلام مدلول بالذات فلایكون الكلام ذا مفاد؟ فإن كان النظر إلى الأوّل فیرد علیه: انَّه لابدَّ من تسجیل الإشكال في رتبة أسبق بالتقریب الثاني، لأنَّ الكلام سواءً كان صادقاً أو كاذباً لابدَّ أن یكون مدلوله بالذات محفوظاً فإذا كان المدلول بالذات نفس الوجود الخارجي فیكون عدم الصدق مساوقاً لعدم المفاد رأساً و إن كان النظر إلى الثاني فلانعلم لما ذا لمینقض بجمیع موارد استعمال الحرف في حالات كذب المتكلّم حتی في مثل قولنا: “السواد للجسم ثابت” حیث إنَّ المدلول بالذات لایتصوّر حینئذٍ فیلزم خلوّ الجملة من کونها ذات مفاد في نفسها».
و في منتقی الأصول، ج1، ص108، بعد أن ذکر مناقشة المحقق الخوئي! قال بعدم ورودها: «لأنّه یبتني على أخذ الموضوع له هو الوجود الخارجي و قد عرفت خلافه و انّ الموضوع له هو الربط الذهني فلایرد علیه الإشكال لأنّ عروض النسبة بین الذات المقدسة و الوجود إنّما یستحیل في الخارج و أمّا في الذهن و عروضها بین المفاهیم المتصورة عنهما فلا امتناع فیه و الربط الذهني قوامه بالمفاهیم لا بالوجودات الخارجیة».
[54]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص75 و ط.ج. ص83.
[55]. بل المعنی الحرفي عندهم حقیقة النسبة من دون دخل للوجود الخارجي و الذهني کما برهنوا علیه بأنّ المقابل لایقبل المقابل (فإنّ الوجود الذهني لایقبل الوجود الخارجي) و المماثل لایقبل المماثل (الوجود الذهني لایقبل وجوداً ذهنیاً آخر).
[56]. بل موضوعة لإبراز المتکلم.
[57]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص82 و ط.ج. ص91.
[58]. واقع التضییق و فرده وجودي و لیس من قبیل المفاهیم مع أنّه یدعي وضع اللفظ للمفاهیم.
[59]. في بحوث في علم الأصول، ص249: «إن أرید بالوضع للتحصیص کون الحرف موضوعاً لما هو ملاك التحصیص أي النسب التي بها تتحصّص المفاهیم الاسمیة بعضها بالبعض الآخر فهذا نفس المدّعی السابق الموضح في الاتجاه الثالث و لیس شیئاً آخر في قباله و إن أرید كون الحرف موضوعاً لنفس التحصیص فیرد علیه أوّلاً: انَّ التحصیص و الضیق لما كان في طول أخذ نسبة بین المفهومین لا محالة فلابدّ من دال على تلك النسبة ..
و ثانیاً انّ التحصیص و الضیق في طول النسبة و ممَّا یستتبعه المعنی الحرفي لا انَّه بنفسه المعنی الحرفي و في طول المعنی الحرفي».
[60]. بحوث في الأصول، ص25.
[61]. منتقی الأصول، ج1، ص117.
[62]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص79 و ط.ج. ص88.
[63]. في منتقی الأصول، ج1، ص119: «أمّا الأوّل فهو مضافاً إلى وهنه في نفسه إذ بطلان الوجوه الأخر لایعني صحة هذا الوجه و تعیّنه ممنوع إذ قد عرفت تصحیح ما ذهب إلیه المحقق الإصفهاني و النائیني[“] و توجیه كلامهما بنحو لایرد علیه أي إیراد ممّا ذكره السید الخوئي أو غیره و قد عرفت توجه بعض ما أورده علیهما على كلامه نفسه».
[64]. و في منتقی الأصول: «أمّا الثاني فقد عرفت انّ اختیاره لایصحح استعمال الحرف في جمیع الموارد و إن الإشكال الذي وجهه على المحقق العراقي و الإصفهاني” من عدم صحة استعمال الحرف في صفات الباري یتوجه على مختاره أیضاً».
[65]. في بحوث في علم الأصول، ص250: «انّ الأستاذ قد ربط بین الوجه الذي اختاره في الحروف و بین مسلكه في تفسیر الوضع و هو مسلك التعهد، حیث أفاد: إنَّ ما سلكناه في باب الوضع من أنّ حقیقته التعهد و التباني ینتج الالتزام بذلك القول لا محالة ضرورة انّ المتكلّم إذا قصد تفهیم حصة خاصة فبأيّ شيء یبرزه إذ لیس المبرز له إلّا الحرف أو ما یقوم مقامه مع أنَّه لا ارتباط بین البحثین بوجه، لأنَّ المبحوث عنه في المقام هو الفارق بین ما هو المدلول التصوري للحروف و الأسماء و أنَّهما من سنخ واحد أو سنخین سواء كانت حقیقة الوضع تخصیص اللفظ بإزاء نفس هذا المدلول التصوّري أو الالتزام بقصد تفهیم ذلك المعنی للغیر».
[66]. و في منتقی الأصول: «و أمّا الثالث فصدوره منه عجیب إذ البحث عن حقیقة المعنی الحرفي و معرفة الموضوع له الحرف و انّه التضییق أو غیره إنّما یأتي في المرتبة المتأخرة عن بیان أصل الوضع و حقیقته بحیث یكون فرض وضعه لهذا المعنی على جمیع التقادیر لحقیقة الوضع فالالتزام بمعنی خاص للوضع لایقتضي وضع اللفظ إلى معنی معین بحیث یكون نتیجة تعیین الوضع هو الوضع المذكور فالوضع للتضییق على تقدیر تمامیته یصلح على جمیع تقادیر معنی الوضع و لایتعیّن أن یكون نتیجة الالتزام بمعنی معین» الخ.
[67]. و في منتقی الأصول، ص120: «وأمّا الرابع فهو دعوی مجازفة إذ بعد أن عرفت ما یرد من الإشكال على المبنی المزبور فكیف یكون ارتكازیا؟».
[68]. و في جواهر الأصول، ج1، ص117: «الحق أن یقال: إنّ مفاد بعض الحروف حكائي كلفظة “من” و “إلى” في قولنا: “سر من البصرة إلى الكوفة” و بعضها إیجادیة مثل یا النداء و واو القسم و أداة التمني و الترجي و الاستفهام و التشبیه و التنبیه و نحوها و بعضها علامة صرفة لاتدل على معنی أصلاً ككاف الخطاب فإنّها لاتدل على معنی و إنّما هي علامة لكون المخاطب مذكراً … إلى غیر ذلك و ذلك لأنّ باب دلالة الألفاظ من باب التبادر و نحوه و واضح أنّ المتبادر من قولنا: “سر من البصرة إلى الكوفة” هو الحكایة … و واضح أنّ المتبادر من قولنا: “یا زید” هو إیجاد النداء و یصیر زید بذلك منادی و لمیكن لمعنی هذه الجملة تقرر و ثبوت مع قطع النظر عن هذا الاستعمال، بل توجد في موطن الاستعمال فواقعیة هذا المعنی و حقیقته تتوقف على الاستعمال … و المتبادر من بعض الحروف أنّها مثل علامات الإعراب من الرفع و النصب و الجر ككاف الخطاب» الخ.
[69]. هنا أقوال أخر ربّما تشبه النظریات المذکورة.
1) في دروس في علم الأصول، ج1، ص72: «مدلول الحرف دائماً هو الربط بین المعاني النسبیة على اختلاف أنحائه … و الدلیل على أنّ مفاد الحروف هو الربط أمران … و لمّا کان کل ربط یعني نسبة بین طرفین صحّ أن یقال: إنّ المعاني الحرفیة معان ربطیة نسبیة و إنّ المعاني الاسمیة معانٍ استقلالیة».
و في ج2، ص63: «توضیح الکلام … یقع في عدّة مراحل: المرحلة الأولى: … بذلك یتضح أوّل فرق أساسي بین المعنی الاسمي و المعنی الحرفي و هو أنّ الأوّل سنخ مفهوم یحصل الغرض من إحضاره في الذهن بأنّ یكون عین الحقیقة بالنظر التصوّري و الثاني سنخ مفهوم لایحصل الغرض من إحضاره في الذهن إلّا بأن یكون عین حقیقته بالنظر التصدیقي و هذا معنی عمیق لإیجادیة المعاني الحرفیة … المرحلة الثانیة: … و هذا برهان على التغایر الماهوي الذاتي بین أفراد النسب الظرفیة و إن كان بینها جامع عرضي اسمي و هو نفس مفهوم النسبة الظرفیة. المرحلة الثالثة: و على ضوء ما تقدم أثبت المحققون انّ الحروف موضوعة بالوضع العام و الموضوع له الخاص لأنّ المفروض عدم تعقل جامع ذاتي بین النسب لیوضع الحرف له فلابدّ من وضع الحرف لكل نسبة بالخصوص و هذا إنّما یتأتی باستحضار جامع عنواني عرضي مشیر فیكون الوضع عاماً و الموضوع له خاصاً» و راجع أیضاً بحوث في علم الأصول، ج1، ص252 و 253.
2) في مباحث الأصول، ص43: « على تقدیر اتحاد مدلول الهیأة و الحروف فهما دالان على النسبة الموجودة المنتزعة من وجود الطرفین على النحو الخاص بالتخصصات المقولیة الخاصة المفیدة لتعلق أحدهما بالآخر بالتعلق الخاص الذي یدل علیه الحرف أو الهیأة أعني تعلق أحدهما بالآخر».
و في ص45: «و أما كون النسبة التي هي مدلول الحرف ربطاً اعتباریاً انتزاعیاً فلمكان أنّه یحدث بین المعروض و العرض شيء یعتبر بسبب الاتصاف الواقعي على نحو واقعیة الطرفین ربطاً و اتصالاً بینهما كما یتصل الشیئان بسبب ضمّ أحدهما مع الآخر فالرابط الجوهري هو المعتبر في ما بین العرض و موضوعه في حال الاتصاف».
3) في تحریرات في الأصول، ج1، ص91: «إنّها هي الخصوصیات الكمالیة القائمة بالمعاني الجوهریة المورثة لتحدد ذلك المعنی و خروجه من الإطلاق و الاشتراك إلى التقیید و التفرد».
[70]. مقالات الأصول، ج1، ص92.
[71]. فوائد الأصول، ج1، ص 58 و 59.
[72]. في منتقی الأصول، ج1، ص121: «قد قررت [ثمرة البحث] بأنّه مع الالتزام بعموم الموضوع له في الحروف یتصوّر الإطلاق و التقیید في معانیها و یظهر ذلك في موردین: أحدهما: الواجب المشروط و دوران الأمر في القید بین رجوعه إلى الهیأة و رجوعه إلى المادة و الآخر: في مفهوم الشرط و الاستدلال على ثبوته بإطلاق أداة الشرط – كما یقرّر في محله- و هذا بخلاف ما لو التزم بخصوص الموضوع له فإنّه لایكون قابلاً للإطلاق و التقیید فیعلم بعدم رجوع القید إلى الهیأة كما لایمكن التمسك في إثبات المفهوم بإطلاق الأداة لعدم ثبوت الإطلاق فیها».
[73]. في المحکم في أصول الفقه، ج1، ص121: «ربّما تجعل ثمرة النزاع في كلیة المعنی الحرفي و جزئیته قبوله للتقیید لو كان كلیاً و عدمه لو كان جزئیاً لأنّ التقیید و الإطلاق متقابلان تقابل العدم و الملكة فلایصح اعتبار كل منهما إلّا في موضوع قابل لهما و حیث لایقبل الجزئي الإطلاق لایقبل التقیید و یترتب على ذلك الكلام في رجوع القید في الواجب المشروط للهیأة ذات المعنی الحرفي أو للمادة ذات المعنی الاسمي و لذا تعرضوا لهذا الأمر هناك إلّا أنّ الأنسب ذكره في المقام لأنّه من ثمراته من دون خصوصیة لتلك المسألة».
[74]. في المحکم في أصول الفقه، ج1، ص121: «و كیف كان فقد استشكل في الثمرة المذكورة بوجوه:
الأوّل: ما ذكره المحقق الخراساني! في مبحث الواجب المشروط من أنّ جزئیة الطلب المنشأ – لكونه معنی حرفیاً- إنّما تمنع من تقییده بعد إنشائه لا من إنشائه مقیّداً من أوّل الأمر … و یشكل – مضافاً إلى ما هو المرتكز من عدم اختلاف مفاد الهیأة حال وجود القید عنه حال عدمه تمحض الشرط في القرینیة المذكورة، بل هو مبتن على نحو من التقیید، نظیر القیود الواردة على الماهیة القابلة لذلك – بأنّ امتناع تقیید الجزئي لیس من حیثیة لحاظ التقیید، كي لایلزم في الوجه الذي ذكره، بل لعدم شیوعه و سریانه و هو یقتضي امتناع التضییق فیه مطلقا ًسواء كان بالتضییق أم بإرادة المقیّد ابتداء …
الثاني: ما ذكره بعض الأعیان المحققین من أنّ الجزئي لایقبل التقیید الأفرادي دون الأحوالي و فیه أنّ الأحوال لمّا لمتوجب تحصص الجزئي و تفریده امتنع كونها قیوداً له و إنّما تكون قیوداً للحكم الطارئ علیه..
الثالث: ما یظهر من سیدنا الأعظم! في مبحث الواجب المشروط – توجیها لما سبق من المحقق الخراساني!- من أنّ المعنی الحرفي و إن كان جزئیاً و منه النسبة الطلبیة الخاصة، إلّا أنّ تخصص النسب إنّما هو بتخصیص أطرافها فیجوز تخصیصها بخصوصیة الشرط.
و فیه: أنّه إن أرید أنّ الشرط طرف للنسبة الطلبیة فمن الظاهر أنّ أطراف النسبة الطلبیة في الواجب المشروط و المطلق لیس إلّا الطالب و المطلوب منه و المطلوب و لیس الشرط طرفاً لها، بل هو خارج عنها، له نحو من الدخل فیها و إنّما یتّجه ذلك في خصوص بعض النسب التي تقوم بأطراف قلیلة تارة و كثیرة أخری … و إن أرید أن دخل الشرط في النسبة الطلبیة موجب لنحو من التحدید لها فهو و إن كان مسلماً في الجملة إلّا أنّه لابدّ من توجیه دخله فیها، بعد فرض عدم تقومها به لخروجه عن أطرافها» الخ.
و في منتقی الأصول، ج1، ص122: «قد نوقش في التقریر الأوّل بأنّ خصوصیة الموضوع له لاتنفي صحة التقیید إذ العموم و الإطلاق الأفرادي هو الذي لایتصوّر في الخاص دون الإطلاق الأحوالي فیمكن التقیید و الإطلاق فیه بلحاظ الأحوال».
[75]. في منتقی الأصول، ج1، ص122: «التحقیق أنّه مع الالتزام بأنّ معاني الحروف إیجادیة و من سنخ الوجود یمتنع تصوّر الإطلاق و التقیید فیها لا من جهة خصوصیة الموضوع له أو آلیته بل من جهة أنّ الإطلاق من شأن المفاهیم لأنّ الإطلاق عبارة عن السعة في الصدق و التقیید التضییق في الصدق و هذا شأن المفاهیم – كلیة كانت أو جزئیة- دون الوجود غیر القابل للصدق على شيء بالمرّة، بل لیس هو إلّا نفسه مضافاً إلى أنّه یكون آلیاً و لایتصوّر أن یكون استقلالیاً في حال من الأحوال كما عرفت تحقیقه فالثمرة موجودة كما لایخفی هذا كلّه بالنسبة إلى الحروف الداخلة على المفردات».