اجرای اصل نافی در اطراف علم اجمالی

فهرست

برای مشاهده فهرست موضوعی اصول از دكمه سمت راست استفاده كنيد

التنبیه الرابع:
عدم تنجیز العلم الإجمالي عند جریان الأصل النافي في بعض الأطراف

قد تقدّم في المباحث السابقة أنّ العلم الإجمالي منجّز بالتنجیز الناقص فهو علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعیة و مقتضٍ للموافقة القطعیة و لذا لا مانع من جریان الأصل النافي في بعض أطرافه في ما إذا قلنا بشمول دلیل الأصل النافي لبعض الأطراف مثل الشبهات التحریمیة، و جریان الأصل النافي في بعض الأطراف لاینافي تنجیز العلم الإجمالي بتنجیز ناقص.

و لكن بعض الأعلام مثل المحقّق الخوئي! ([1]) قالوا: إنّ تنجیز العلم الإجمالي متوقّف على عدم جریان الأصل النافي في أطرافه، و حیث أنّ إطلاق دلیل الأصل العملي یشمل جمیع الأطراف و جریانه في جمیع الأطراف مستلزم للمخالفة القطعیة و هي حرام قطعاً لعلّیة العلم الإجمالي بالنسبة إلى الحرمة، و جریانه في بعض الأطراف معیناً ترجیح بلا مرجح و في بعض الأطراف غیر المعیّن أیضاً ممنوع لما تقدّم مفصلاً ینتج ذلك تعارض الأصلین العملیین و تساقطهما.

 

الموارد الأربعة التي يجري في بعض أطرافها الأصل العملي النافي

قال المحقق النائیني و المحقق الخوئي” بجریان الأصل العملي النافي أحد الأطراف و سقوط أحد الأصلين في موارد أربعة:

المورد الأوّل

خروج أحد الطرفین أو بعض الأطراف عن محل الابتلاء و حینئذٍ لایجري الأصل العملي بالنسبة إلیه لعدم ترتّب الأثر العملي علیه و حینئذٍ یكون جریان الأصل العملي النافي في الطرف الآخر بلا معارض و بعد جریانه لایكون العلم الإجمالي منجّزاً بالنسبة إلیه.

المورد الثاني

الاضطرار إلى بعض الأطراف، فإنّ الأصل العملي لا‌یجري بالنسبة إلى المضطرّ إلیه لعدم ترتب ثمرة عملیة على جریانه.

المورد الثالث

ما إذا كان الأصل العملي الجاري في بعض الأطراف مثبتاً و في بعضها الآخر نافیاً فالأصل العملي النافي یجري حینئذٍ بلا وجود معارض، و مثال ذلك هو أنّه إذا علمنا إجمالاً بنجاسة أحد الإناءین و كان أحدهما مستصحب النجاسة، ‌فإنّ استصحاب النجاسة مثبت لمفاد العلم الإجمالي فلا تعارض بینه و بین أصالة الطهارة في الإناء الآخر فتجري أصالة الطهارة بلا معارض.

المورد الرابع

ما إذا كان بعض الأطراف في هذا المثال محكوماً بالنجاسة لتنجّز التكلیف فیه بالعلم الإجمالي السابق و حینئذٍ لایوجب العلم الإجمالي الثاني بوقوع النجاسة إمّا فیه و إمّا في إناء آخر العلم بحدوث نجاسة جدیدة لاحتمال وقوعها في الإناء الذي تنجّز فیه الحكم بالنجاسة سابقاً فیرجع إلى الشك البدوي بالنسبة إلى النجاسة، فالعلم الإجمالي الثاني لیس منجّزاً.([2])

 

عدم الفرق في المورد الرابع بین كون المنجز سابقاً أو لاحقاً

نظرية المحقق النائيني و المحقق الخوئي

قد صرّح بذلك بعض الأعلام، مثل المحقّق النائیني! حیث قال:([3])

ثم إنّه لا فرق في ما ذكرناه من عدم تنجیز العلم الإجمالي مع وجود المنجّز للتكلیف في أحد الطرفین (الذي هو المورد الرابع المسبوق ذكره) بین ما إذا كان المنجّز سابقاً على العلم الإجمالي في الوجود أو لاحقاً له بشرط أن یكون الحكم المنجّز به سابقاً على المعلوم بالإجمال، فلو علم إجمالاً بنجاسة أحد الإناءین ثمّ قامت البیّنة على نجاسة أحدهما المعیّن قبل زمان العلم أو علم كونه متیقّن النجاسة قبل العلم و مشكوك البقاء إلى زمانه، فلا‌محالة ینحلّ بذلك العلم، و یخرج به عن كونه علماً بالتكلیف على كلّ تقدیر، فیجري الأصل في الطرف الآخر.

و السرّ فیه أنّ العلم الإجمالي كما یشترط في تنجیزه كونه علماً بالتكلیف حدوثاً یعتبر فیه كونه كذلك بقاءً، و مع وجود المنجّز لحكم سابق علیه یخرج عن كونه علماً بالتكلیف لا‌محالة، و لا فرق بین القسمین إلّا في أنّ قیام المنجّز من أوّل الأمر یوجب عدم تأثیر العلم من أصله، و قیامه بعده یوجب انحلاله، و النتیجة واحدة بقاءً و الفارق هو الاصطلاح لیس إلا.

و من هنا یظهر أنّ كلّ ما یوجب بوجوده السابق عدم تأثیر العلم الإجمالي یوجب انحلاله بوجوده اللاحق من دون فرق بین العلم الوجداني و الأمارة المعتبرة و الأصل الشرعي أو العقلي.

و هذه النظریة قد اختارها المحقّق الخوئي! أیضاً كما صرّح به في مصباح الأُصول، قال!:

الأظهر هو السقوط، لأنّ العلم الإجمالي لایزید على العلم التفصیلي و لا على سائر الحجج و الأمارات في تنجیز التكلیف، فلو تبدّل العلم التفصیلي بالشك الساري أو زالت البیّنة بقاءً لشبهة موضوعیة، كما لو شك في عدالة البیّنة القائمة على نجاسة شيء مثلاً، أو لشبهة حكمیة، كما إذا شك في حجّیة البیّنة في مورد أُقیمت علیه، سقط الحكم عن التنجیز في جمیع هذه الموارد لعدم منجّز له بقاءً.([4])

نظریة بعض الأعلام

خالف المحقق النائیني و المحقق الخوئي” بعض آخر([5]) و قال مقرّر أبحاث المحقّق الخوئي! في تعلیقته([6]):

إنّ الأظهر عدم السقوط، لأنّ الأصول في أطراف العلم الإجمالي الموجب للتنجّز الساقط باقیة بحالها على الفرض، و سیصرّح سیدنا الأستاذ ‌دام‌ظلّه به([7]) و بعد بقاء العلم الإجمالي بحاله لو خرج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء مثلاً لایكون الشك في الطرف الآخر شكاً حادثاً لیرجع فیه إلى الأصل، بل الشك فیه هو الشك الموجود أوّلاً و قد سقط الأصل فیه للمعارضة فكیف یعود بعد سقوطه.

یلاحظ علیها

إنّه لا مانع من رجوع الأصل و عوده بعد سقوطه، لأنّ إطلاق دلیل حجّیة الأصل العملي یشمل كلّ طرف من أطراف العلم الإجمالي، فإذا ارتفع المانع الذي هو الأصل العملي المعارض له، یعود بعد سقوطه.

 

شبهة في المقام واردة علی نظریة المحقق النائیني و الخوئي

و هذه الشبهة في الحقیقة نقض على المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي” بل نقض على أكثر أعلام الأصولیین حیث قالوا بانحلال العلم الإجمالي في الموارد المذكورة و سقوطه عن التنجیز مع أنّ ذلك یجري في ما إذا امتثل المكلّف أحد أطراف العلم الإجمالي فإنّ الأصل العملي بالنسبة إلى هذا الطرف ساقط أوّلاً لسقوط الحكم فیه بعد امتثاله و ثانیاً لعدم وجود الأثر العملي لجریان الأصل العملي لو قلنا بعدم سقوط الحكم. و على هذا، الأصل العملي بالنسبة إلى الطرف الآخر الذي لم‌یمتثل إلى هذا الزمان یجري بلا معارض و جریانه یوجب سقوط العلم الإجمالي عن التنجیز بعین ما ذكرنا في العلم الإجمالي المنجّز في ما إذا خرج أحد أطراف العلم الإجمالي عن الابتلاء أو في ما إذا كان أحد أطرافه مضطراً إلیه، و ذلك لأنّ إطلاق دلیل حجّیة الأصل العملي یشمل جمیع الأطراف و الأصل العملي في كلّ طرف من الأطراف ساقط بالتعارض و بعد ارتفاع التعارض لسقوط الأصل في أحد الأطراف، یرجع الأصل العملي في الطرف الآخر لشمول دلیل حجّیته بالنسبة إلیه بلا معارض فالمقتضي للجریان موجود و المانع عنه مفقود.

أجوبة أربعة عن هذه الشبهة

الجواب الأوّل: ما أفاده المحقّق الخوئي!

إنّ الشك في وجوب أحد طرفي العلم الإجمالي أو أحد أطرافه الذي لم‌یؤت به و إن كان موجوداً، إلّا أنّه لیس شكاً حادثاً غیر الشك الذي كان موجوداً أوّلاً، و قد فرضنا عدم شمول دلیل الأصل له للمعارضة، فكیف یشمله بعد الإتیان بأحد الطرفین أو أحد الأطراف و كیف یعود الأصل الساقط بعد سقوطه. ([8])

یلاحظ علیه

إنّ الوجه في عود الأصل العملي هو إطلاق دلیل حجّیته بالنسبة إلى هذا المورد مع عدم وجود المانع عن جریانه.

مضافاً إلى النقض علیه بالنسبة إلى الأصل العملي الجاري في بعض أطراف العلم الإجمالي في ما إذا خرج بعضها الآخر عن محلّ الابتلاء أو كان مضطرّاً إلیه، فإنّ الأصل العملي یعود فیه بعد سقوطه و كذلك في ما نحن فیه.

الجواب الثاني: ما أفاده المحقّق الخوئي! أیضاً

لیس الموجب لرفع الید عن الدلیل إلّا المحذور العقلي و لكنّه كما یقتضي عدم شمول دلیل الأصل للطرفین في زمان واحد، كذلك یقتضي عدم شموله لهما في زمانین أیضاً فإذا علم بحرمة أحد الماءین، فكما لا‌یمكن الحكم بحلّیتهما معاً في زمان واحد، كذلك لا‌یمكن أن یحكم بحلّیة أحدهما في زمان و یحكم بحلّیة الآخر في زمان آخر، فإنّه من الترخیص في المعصیة،‌ فلا‌یمكن جریان الأصل في كلیهما على كلّ حال للزوم الترخیص في المعصیة و لا في أحدهما لعدم الترجیح.([9])

یلاحظ علیه

أوّلاً: إنّ الكلام هو في الترخیص في أحد أطراف العلم الإجمالي لا في جمیع أطرافه، و المحذور العقلي هو الترخیص في جمیع الأطراف بحیث یلزم الترخیص في المعصیة القطعیة، فما أفاده! من أنّ المحذور العقلي كما یقتضي عدم شمول دلیل الأصل للطرفین في زمان واحد، كذلك یقتضي عدم شموله لهما في زمانین أیضاً، لایرتبط بالمبحوث عنه و هو الترخیص في طرف واحد بعد امتثال الطرف الآخر، مع أنّ امتثال أحد الطرفین یوجب انحلال العلم الإجمالي فیرتفع المحذور العقلي عند هذا القائل.

ثانیاً: ما أفاده! من عدم جواز الترخیص في أحد الطرفین لعدم الترجیح لاینطبق على المقام، لأنّ موضوع قاعدة قبح الترجیح بلا مرجح منتف هنا، لأنّ الأصل العملي لایجري بالنسبة إلى أحد الطرفین، فجریانه في الطرف الآخر لیس من باب ترجیحه على الطرف الأوّل.

الجواب الثالث

هو ما أفاده القائلون بالتفصیل في الموارد الأربعة المذكورة من أنّ هذه الموارد (مثل خروج أحد الطرفین عن محلّ الابتلاء أو كونه مضطرّاً إلیه) في ما إذا تحصّلت قبل تنجیز العلم الإجمالي تمنع عن تنجیزه، و أمّا إذا تحصّلت بعد تنجیز العلم الإجمالي لا‌یمكن أن تمنع عنه، و ما نحن فیه أیضاً من هذا القبیل، حیث أنّ امتثال أحد الطرفین هو بعد تنجیز العلم الإجمالي.

و هذا الجواب مبتن على تفصیلهم الذي ذكرناه، و لذا لا‌یمكن الاعتماد علیه لبطلان التفصیل على المبنی المختار.

الجواب الرابع

إنّ الحكم هو أمر اعتباري و غایته هو جعل الداعویة الإمكانیة في نفس المكلّف و قد یكون متعلّقه صرف إیجاد الطبیعة و قد عبّر عنه المحقّق النائیني! بصرف الوجود([10]) و إن كان التعبیر تسامحاً و قد یعبّر عنه بأوّل الوجودات، و على أيّ حال بعد إیجاد الحكم في وعائه «و هو عالم الاعتبار» و وصوله إلى المكلّف تتحقّق الداعویة الإمكانیة في نفس المكلّف، فإذا امتثل المكلّف أمره و أتی بفرد من أفراد الطبیعة مثل الصلاة، فقد بلغ الحكم غایته و حیث أنّ الداعویة الإمكانیة تعلّقت بإیجاد فرد من أفراد الطبیعة تنتهي داعویته بعد الامتثال بهذا الفرد و معنی ذلك هو بلوغه إلى غایته بحیث تنتهي داعویته لا سقوط الحكم و انعدامه في عالم الاعتبار كما توهّم.

و هذا بخلاف الحكم في ما إذا خرج متعلّقه عن محل الابتلاء أو صار متعلّقه مضطراً إلیه فإنّ الحكم حینئذٍ یسقط عن عالم الاعتبار، و بهذا یفترق مورد خروج المتعلّق عن محل الابتلاء أو صیرورته مضطراً إلیه و مورد امتثاله و إتیانه.

و جریان الأصل العملي النافي للتكلیف بالنسبة إلى الحكم الذي امتثله المكلّف یوجب عدم اتصاف ما أتی به المكلّف بكونه مأموراً به و متعلّقاً لحكم الشارع.


[1]. مصباح الأصول، (ط.ق): ج2، ص363، (ط.ج): ج2، ص423: «قد عرفت الإشارة إلى أنّه لو كان الأصل النافي للتكليف جارياً في بعض الأطراف دون بعض آخر، فلا مانع من جريانه، فلا‌يكون العلم الإجمالي منجّزاً حينئذ …».

[2]. أجود التقریرات، ج3، ص426؛ مصباح الأصول، (ط.ق): ج2، ص363، و (ط.ج): ج2، ص423.

[3]. أجود التقریرات، ج3، ص427.

[4]. مصباح الأصول، (ط.ق): ج2، ص364 و (ط.ج): ج2، ص425.

[5]. كما في زبدة الأصول، ج5، ص26.

[6]. هامش مصباح الأصول، (ط.ج): ج2، ص424.

[7]. مصباح الأصول، (ط.ج): ج2، ص426.

[8]. مصباح الأصول، (ط.ق): ج2، ص365 و (ط.ج): ج2، ص426.

[9]. المصدر السابق.

[10]. أجود التقريرات، ج1، ص270 – 271.

به اين مطلب امتياز دهيد

اين مطلب را به اشتراك بگذارید

اشتراک گذاری در telegram
اشتراک گذاری در whatsapp
اشتراک گذاری در twitter

سؤال دارید؟

در بخش کامنت همین پست بنویسید پاسخ شما از طرف استاد داده میشه ⬇️

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد.

از شما متشكریم

عضويت شما در سايت با موفقيت انجام شد

5/5

ايميل ها بزودی برای شما ارسال می شوند