متن كتاب عیون الانظار
البحث الأوّل: المبادي التصوریة اللغویة لعلم الأصول
فیه فصول ستة
الفصل الأوّل: في الوضع
فیه أمران و تنبیه:
الأمر الأوّل: حقیقة الوضع
هنا أقوال سبعة:
قال المشهور: إنّ دلالة اللفظ على المعنی إنّما هي بالوضع؛ نعم قیل: إنّ دلالة اللفظ على المعنی لیست بالوضع بل هي بالمناسبة الذاتیة.
ثم إنّ الوضع: إمّا حقیقي و إمّا اعتباري و إمّا أمر وسط بینهما.
القول الأوّل: المناسبة الذاتیة (1)
دلالة الألفاظ على معانیها بالمناسبة الذاتیة و لیست بالوضع و أیّدوه بما حکي[1]عن المیرداماد! حیث اختبره رجلان من أهل العلم عن معنی لفظ قبیح فهو أخبرهما عن المعنی و دعا علیهما لجسارتهما علیه و الحکایة غیر مستندة و ادّعوا أیضاً أنّ هناك ألفاظاً خاصّة یشترك فیها جمیع الأمم مثل الألفاظ التي یطلق على الأمّ.
إشکالات أربعة على القول الأوّل: (1)
أولاً: إنّه لایعقل إلّا في لسان واحد.
ثانیاً:[2]لو التزمنا بهذه المقالة في اللسان العربي فلابدّ من أن یتمکّن بعض الأدباء و النوابغ من فهم هذه المناسبة الذاتیة کما أنّ الواضع فهمها و لذا جعل اللفظ بإزاء المعنی لوجود هذه المناسبة الذاتیة، مع أنّا لمنر أحداً ادّعی ذلک، فلا سبیل إلى إحراز ذلك فیبقی في وعاء الإمکان.
ثالثاً: إنّ الالتزام بالمناسبة الذاتیة لایوجب عدم الوضع،([3]) کما أنّ المحقّق النائیني! التزم بالمناسبة الذاتیة إجمالاً مع أنّه قائل بتحقّق الوضع.
رابعاً: على فرض ثبوت المناسبة الذاتیّة، تعمیم تلك المناسبة لجمیع الألفاظ لمیثبت بل یمکن الوضع البشري في سائر الألفاظ، کما هو الواقع في الألفاظ المستحدثة. ([4])
القول الثاني: نظریّة الملازمة و هو مختار المحقّق العراقي! (2)
توضیحه: إنّ الوضع من الأمور الواقعیّة لا بمعنی أنّها من إحدی المقولات الجوهریة[5]أو العرضیة بل بمعنی أنّها من الملازمات التي سببها الجعل و الاعتبار و هذه الملازمة نظیر الملازمة نفس الأمریة التي بین تعدد الآلهة و فساد العالم في قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللّهُ لَفَسَدَتَا).([6])
و جعل الوضع بهذا البیان من الأمور الواقعیة مبني على تفسیره بالمعنی اسم المصدري حیث إنّه الحاصل من الوضع الخارجي المصدري؛ نعم إنّ مقتضی التحقیق هو اتّحاد المعنی المصدري مع المعنی اسم المصدري وکلاهما أمران اعتباریان.
إیرادان على القول الثاني: (2)
أوّلاً:[7]إنّ هذه الملازمة نفس الأمریة لیست بحقیقة الوضع بل هي متفرّعة على الوضع و متأخّرة عنه،([8]) فإنّ الوضع کما سیأتي هو جعل اللفظ بإزاء المعنی حتّی یکون وجوداً للمعنی أو یکون علامة علیه و الملازمة بین اللفظ و المعنی تتحقّق بعد ذلك.
ثانیاً: إنّها أمر اعتباري و لا خارجیة لها و ستأتیك زیادة التوضیح عند بیان الأقوال الاعتباریة.
و الوجه في التعبیر بالملازمة هو أنّ حضور اللفظ یستتبع حضور المعنی و هکذا بالعکس حضور المعنی مستتبع لحضور الألفاظ الذهنیة.
القول الثالث: نظریّة التعهّد(2) عن المحقق النهاوندي و الحائري و الخوئي#
إنّ[9]الوضع من الأمور الواقعیة و هو التعهد و الالتزام على ذکر اللفظ عند إرادة تفهیم المعنی (و هذا البیان على نظریة المحقق النهاوندي!). ([10])
أو هو التعهد على تفهیم المعنی باللفظ أو إبراز المعنی باللفظ عند إرادة تفهیم المعنی (و هذا البیان على نظریة المحقق الحائري([11]) و المحقق الخوئي”).
و لهذا المبنی خصوصیات خمس:([12])
الخصوصیّة الأولى: الوضع على هذا المبنی لیس أمراً اعتباریاً بل هو فعل نفساني.
الخصوصیّة الثانیة: على هذا المبنی لابدّ أن یکون کل مستعمل واضعاً و بعبارة أخری کل مستعمل هو متعهّد بذلك فهو الواضع (أي المتعهد بذکر اللفظ عند إرادة تفهیم المعنی) فإنّ التعهد و الالتزام لایتعلّق بفعل الغیر بل یتعلّق بفعل نفسه نعم الواضع یطلق عرفاً على من لمیکن تعهده مسبوقاً بتعهّد قبله. ([13])
الخصوصیّة الثالثة: إنّ تقسیم الوضع إلى التعییني و التعیّني باعتبار أنّ التعهد تارةً مسبوق بکثرة الاستعمال و تارةً غیر مسبوق بها. ([14])
الخصوصیّة الرابعة: إنّ الدلالة إمّا تصوریة و إمّا تصدیقیة، و التصدیقیة إمّا على المراد الاستعمالي و إمّا على المراد الجدي.
أمّا الدلالة التصوریة فلاتستند إلى العلقة الوضعیة على هذا المسلك بل إلى أنس الذهن، لأنّ العلقة الوضعیة مختصّة بما إذا قصد المتکلم تفهیم المعنی باللفظ فالدلالة التصوریة حیث إنّها غیر قصدیة فهي خارجة عن محدودة العلقة الوضعیة أمّا القائلون بأنّ الوضع أمر اعتباري فیقولون: إنّ الدلالة التصوریة أیضاً مستندة إلى الوضع. نعم إطلاق الدلالة علیها محل الکلام لأنّ الدلالة تابعة للإرادة.([15])
الخصوصیّة الخامسة: قال المحقق الخوئي! في الدراسات:([16]) إنّ المعنی الموضوع له لیس هو ذات المعنی بل إرادة تفهیم المعنی.
لکن ما أفاده في محاضرات([17]) ینافي ذلك حیث قال: الإرادة التفهیمیّة لمتؤخذ في المعنی الموضوع له بل أخذت في الوضع، بمعنی أنّ العلقة الوضعیة تختص بما إذا أراد المتکلم تفهیم المعنی باللفظ.([18])
أدلّة نظریة التعهد أربعة:
الدلیل الأول:
إنّ المحقق الخوئي! بعد إبطال سائر الآراء قال: فالنتیجة على ضوئها هي أنّ حقیقة الوضع لیست عبارة إلّا عن التعهد و الالتزام النفساني.([19])
یلاحظ علیه:
لیس حصر عقلي في البین حتی یستدلّ لإثبات نظریة ببطلان غیرها، مع ما سیجيء إن شاء الله تعالى من صحّة نظریة أخری ممّا أبطلها السیّد المحقق الخوئي! على حسب رأیه الشریف.
الدلیل الثاني:
الرجوع إلى الوجدان و التأمّل فیه أقوی شاهد علیه.([20])
یلاحظ علیه:
إنّه سیأتي إن شاء الله ما هو مقتضی الوجدان في حقیقة الوضع، بعد أسطر.
الدلیل الثالث:
الغرض الباعث على الوضع، قصد تفهیم المعنی و إبراز المقاصد بالألفاظ و هذا القصد لازم ذاتي للوضع بمعنی التعهّد و الالتزام، فلابدّ للإنسان أن یتعهد بذکر اللفظ عند إرادة تفهیم المعنی حتی یحصل الغرض.([21])
یلاحظ علیه:
إنّ الوضع على مقتضی التحقیق هو جعل اللفظ بإزاء المعنی حتی یکون علامة علیه و یکون وجوداً اعتباریّاً تنزیلیّاً للمعنی و الغرض منه هو تفهیم المعنی في مقام الاستعمال و یترتّب على الجعل المذکور، الارتباط والملازمة الاعتباریّة بین حضور اللفظ و حضور المعنی، فحینئذٍ لابدّ من ذکر اللفظ عند ارادة المعنی حتی یحصل الغرض و هو التفهیم و التفهّم و هذه اللابدّیة داعیة إلى ذکر اللفظ عند إرادة تفهیم المعنی، من دون وجود تعهّد و التزام نفساني، مع أنّ الوضع و العلقة الوضعیة قد تحقّقت قبل ذلك.
فتحقّق الوضع في الرتبة الأولى و وقوع العلقة الوضعیّة و الارتباط و الملازمة المذکورة في الرتبة الثانیة و أمّا لابدیّة رعایتها لحصول الغرض فهي في الرتبة الثالثة.
و هذه الأمور کافیة لتحقّق الغرض و حصوله من دون احتیاج إلى تعهّد من أحد من الناس، بل إن قلنا بتحقق الالتزام النفساني و وجوده في ضمیر المستعملین فإنّه أمر متأخّر عن العلقة الوضعیة و اللابدیّة المذکورة و هذا الالتزام النفساني یکون في الرتبة الرابعة.
و لعلّ منشأ هذا التوهّم هو أنّ الواضع قد یبرز اعتبار وضع اللفظ على المعنی (الذي هو الوضع عندنا) بتعهّده و التزامه بذکر اللفظ عند إرادة تفهیم المعنی، حیث یقول بعد الاعتبار الوضعي وجعل اللفظ بإزاء المعنی: إنّي أتعهّد و ألتزم بذکر اللفظ عند إرادة المعنی، و قد خفي الاعتبار المذکور عنهم و لذا توهّموا أنّ الوضع هو التعهّد المبرز و هذا نظیر من اعتبر أن یکون اسم طفله کذا، و أبرز ذلك باستعمال هذا الاسم، مثل قوله: «أعطني ولدي علیاً».
الدلیل الرابع:
إنّ الوضع بذلك المعنی (التعهد) موافق للمعنی اللغوي حیث إنّه في اللغة بمعنی الجعل و الإقرار و منه وضع اللفظ و منه وضع القوانین في الحکومات الشرعیة و العرفیة فإنّه بمعنی التزام تلك الحکومة بتنفیذها في الأمّة. ([22])
أجوبة ثلاثة عن الدلیل الرابع:
الجواب الأوّل: ما أفاده بعض الأساطین> ([23])
إنّه لایمکن استبدال کلمة الجعل بکلمة الوضع([24]) في موارد استعمالها کما في قوله تعالى: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ)([25])
یلاحظ علیه:
إنّ للوضع معاني متعدّدة و هو قد یکون بمعنی الجعل کما سیأتي بیانه إن شاء الله تعالى و لاینافي ذلك استعماله بمعنی آخر في سائر الموارد.
الجواب الثاني: ما أفاده بعض الأساطین> أیضاً ([26])
إنّ الوضع یقابله الرفع و الجعل یقابله التقریر و هذا برهان آخر على اختلاف المعنی.
یلاحظ علیه:
أوّلاً: إنّ الوضع قد یکون بمعنی الجعل کما قال بعض اللغویّین:([27]) الوضع في قوله تعالى: (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ)([28]) عبارة عن الإیجاد و الخلق.
و قال أیضاً:([29])
الجعل في قوله تعالى: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ)([30]) یجري مجری أوجَدَ.
و ثانیاً: ما أفاده من أنّ «الجعل یقابله التقریر» ممّا لایمکن المساعدة علیه، بل الجعل بمعنی الإیجاد مساوق للتقریر، سواء کان الإیجاد تکوینیاً أم اعتباریاً.
الجواب الثالث:
إنّ الوضع في ما إذا استعملت بمعنی الجعل، لایفید معنی التعهّد و الالتزام بل التعهّد أمر متأخّر عنه.
القول الرابع: نظریّة وسطية الوضع بین التکوین و الاعتبار عن المحقّق النائیني
و هو أنّ الوضع وسط بین التکوین و الاعتبار.
ملخّص بیانه! على ما في الدراسات:([31]) إنّ الأمور إمّا لها تحقّق اعتباري بالجعل و الاعتبار من الله کالأحکام الشرعیة و هذا یحتاج إلى بعث الرسل و إنزال الکتب لتبلیغ ذلك إلینا و إمّا لها تحقق تکویني بالإرادة التکوینیة مثل خلقة الجواهر و الأعراض الخارجیة و إمّا یکون حدّاً وسطاً بینهما مثل الوضع و ذلك بأنّ الله تعالى ألهم واضع کل لغة أن یضع کل لفظ خاص على معنی مخصوص لوجود المناسبة بینهما مناسبة ذاتیة تکوینیة مجهولة عندنا و هذا معنی کونه تعالى واضعاً.
إشکالات ثلاثة على القول الرابع:([32])
الإشکال الأوّل: إنّ ادّعاء المناسبة الذاتیة المجهولة رجم بالغیب.([33])
یلاحظ علیه:
إنّه في خصوص اللغة العربیة نحتمل قویاً وجود تلك المناسبة في اللغات الأصلیّة القدیمة، کما أنّه قد یستفاد من الآیة الشریفة (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا)([34]) أنّه بوضع الله تعالى و بإلهامه بلا احتیاج إلى الوضع البشري و یؤیّده دقائق علم الحروف، فما أفاده لیس رجماً بالغیب بل هو استنباطه من الأدلّة الشرعیّة، نعم إنّ دعوی المناسبة الذاتیّة في جمیع اللغات لاتخلو عن التعسّف و لایمکن الالتزام بها.
الإشکال الثاني:
إنّ الشيء إذا کان من الموجودات الحقیقیة بحیث لاتتوقف على اعتبار المعتبر فهو أمر تکویني و إلّا فهو من الأمور الاعتباریة فما تصوّره من الحد الوسط بین التکوین و الاعتبار غیر معقول.([35])
یلاحظ علیه:([36])
إنّ الاعتبار الإلهي أو اعتبار الواضع البشري من عالم الاعتبار و لکن الإلهام أمر تکویني خارجي حیث إنّه تعلیم و العلم أمر حقیقي خارجي و لعلّ مراده من الحدّ الوسط بین التکوین و الاعتبار وجود العناصر التکوینیة (الإلهام الإلهي) و الاعتباریة (الاعتبار الإلهي أو اعتبار الواضع البشري) في حقیقة الوضع.
الإشکال الثالث:
إنّ ما أفاده المحقق النائیني! من المناسبة الذاتیة و إن کان محتملاً في خصوص المقام و لکن لمیذکر دلیل علیه في کلماته.
مع أنّ عبارته مضطربة حیث إنّه تارة یقول: إنّ لکلّ لغة واضعاً (حیث قال: واضع کل لغة) و أخری یقول: إنّه تعالى واضع و ثالثة یقول بوجود مناسبة ذاتیة تکوینیة بین اللفظ و المعنی و رابعة یقول بأنّ الوضع ربما فسّر بنفس العلقة و الاختصاص، کما أنّه قال: على ما في تقریرات درسه([37]) «و ربما فسّر الوضع بمعناه الاسم المصدري الذي هو عبارة عن نفس العلقة و الاختصاص الحاصل تارة من التعهد و أخری من کثرة الاستعمال».
القول الخامس: نظریّة الوجود التنزیلي(2) عن بعض الحکماء و الأصولیین
إنّ بعض الحکماء مثل المحقق الطوسي! و بعض الأصولیین مثل المحقق الإیرواني و العلامة المظفر” اعتقدوا بهذه النظریة.[38]
قال المحقق الطوسي! في شرح منطق الإشارات: «إنّ الوضع عبارة عن اعتبار وجود اللفظ وجوداً تنزیلیاً للمعنی فهو هو في عالم الاعتبار».([39])
و نظر المستعمل إلى اللفظ آليّ و إلى المعنی استقلاليّ، بحیث إنّه لایری إلّا المعنی، فاللفظ فانٍ في المعنی و لذا حسن المعنی و قبحه یسري إلى اللفظ و بهذا البیان تری أنّ الحکماء یعدّون للشيء وجوداً عینیاً و ذهنیاً و وجوداً کتبیاً و لفظیاً.
إشکالات أربعة من المحقق الخوئي! على القول الخامس: ([40])
الإشکال الأوّل: (3)
إنّه[41]عملیة دقیقة و هو بعید عن أذهان عامّة الواضعین سیّما القاصرین منهم کالأطفال مع أنّه قد یصدر عنهم الوضع عند الحاجة.([42])
الإشکال الثاني:([43])
إنّ الغرض الداعي إلى الوضع هو استعمال اللفظ في المعنی الموضوع له حتّی یدلّ علیه و یفهم منه معناه، فالوضع مقدمة للاستعمال و الدلالة و من الواضح أنّ الدلالة اللفظیة إنّما تکون بین شیئین أحدهما دالّ و الآخر مدلول فاعتبار الوحدة بینهما بأن یکون وجود اللفظ وجوداً للمعنی أیضاً لغو و عبث.([44])
یلاحظ علیه:
إنّ الدلالة لاتبتني على التعدّد الحقیقي کما ورد «يَا مَنْ دَلَّ عَلَى ذَاتِهِ بِذَاتِه» و «بِكَ عَرَفْتُكَ وَ أَنْتَ دَلَلْتَنِي»،([45]) مع أنّ اللفظ و المعنی متعدّدان حقیقةً و الوحدة بینهما اعتباریّة.
الإشکال الثالث:
إنّ التنزیل و إن کان خفیف المؤنة إلّا أنّه لایحسن إلّا فیما کان بین المنزّل و المنزَّل علیه مناسبة تامّة مثل تنزیل الرجل الشجاع منزلة الأسد و لا مناسبة بین اللفظ و المعنی.([46])
یلاحظ علیه:
هذا في التنزیل الذي منشأه الأمر الخارجی و لکن التنزیل في الوضع، أمر اعتباريّ، من دون منشأ خارجي. (بخلاف تنزیل الرجل لوصف الشجاعة).
الإشکال الرابع:([47])
التنزیل لابدّ و أن یکون بلحاظ آثار المنزَّل علیه على المنزَّل، و في المقام لایثبت شيء من خواصّ المعنی لللفظ، مثلاً لفظ العدم بعد الوضع لایکون محالاً.
یلاحظ علیه:
صفات المعنی تسري إلى اللفظ مثل الحسن و القبح و أمّا مثال العدم، فیرد علیه أنّ مفهوم العدم و معناه لیس مستحیلاً بل مصداقه مستحیل و اللفظ وُضع للمعنی لا للمصداق.
ملاحظتنا على القول الخامس:
إنّ مقتضی التحقیق هو أنّ حقیقة الوضع أمر متقدّم على ما ادّعوه من الوجود التنزیلي و لکن بعد تحقّق الوضع یتفرّع علیه هذا التنزیل الاعتباري.
بیان للمحقق العراقي! یوهم اختیاره للقول الخامس:
قد تقدّم أنّ المحقق العراقي! اختار النظریّة الثانیة و لکن قد توهّم أنّه یقول بالنظریّة الخامسة لأنّه یقول في ابتداء کلامه ما یوهم ذلك حیث قال:([48])
إنّ هذه العلقة هي نحو من الارتباط الحاصل بین المرآة و المرئي بحیث لایلتفت إلى اثنینیّتهما و یحسب أحدهما قالباً للآخر و نحو وجود له و کانا بنحو یکون الانتقال إلى أحدهما عین الانتقال إلى الآخر و ربّما تسري صفات أحدهما إلى الآخر، فقبح المعنی ربّما تسري إلى اللفظ کما أنّ تعقید اللفظ قد یسري إلى المعنی و بذلك تمتاز نسبة الألفاظ إلى معانیها عن نسبة العلامات إلى ذیها.
و لکن قال بعد ذلك بواقعیتها و خارجیتها([49]) قال: إنّه لیست تلك العلاقة و الارتباط الخاص من سنخ الإضافات الخارجیة کالفوقیة و التحتیة و لا من سنخ الاعتباریات التی لایکون صقعها إلّا الذهن کما في النسب بین الأجزاء التحلیلیة في المرکبات العقلیة مثل الإنسان و الحیوان الناطق، بل و إنّما هي متوسطة بین هاتین فکانت سنخها من قبیل الاعتباریات التي کان الخارج موطن منشأ اعتبارها، کما في الملکیة و الزوجیة و نحوهما من الاعتباریات مما لایکون الخارج موطن نفسها بل موطن مصحّح اعتبارها من الإنشاء القولي أو الفعلي.
و لکن مع ذلك لها واقعیة بمعنی أنّ صقعها قبل وجود اللفظ في الخارج و إن لم یکن إلّا الذهن، إلّا أنّها بنحو ینال العقل خارجیّتها عند وجود طرفیها تبعاً لها بنحو القضیّة الحقیقیة بأنّه لو وجد اللفظ وجد العلاقة و الارتباط بینه و بین المعنی، نظیر الملازمات کالملازمة بین النار و الحرارة، فکما أنّ صقع هذه الملازمة قبل وجود النار في الخارج لایکون إلّا الذهن و بوجود النار و تحققها تصیر الملازمة تبعاً لوجود طرفیها خارجیة؛ کذلك تلك العلاقة و الارتباط الخاص بین اللفظ و المعنی فإنّ العلقة الحاصلة بینهما بالجعل لما کانت بین الطبیعتین یعني طبیعة اللفظ و طبیعة المعنی فقبل وجود طرفیها خارجاً لایکون صقعها إلّا الذهن و لکن بعد وجود طرفیها تبعاً لهما، تصیر الملازمة بینهما أیضاً خارجیّة، فکلما وجد اللفظ في الخارج یتحقق العلقة و الارتباط بینه و بین المعنی و یکفي في خارجیّتها کون الخارج ظرفاً لمنشأ انتزاعها.
یلاحظ علیه:(1)
الحق[50]أن یقال: إنّ تلك العلقة الوضعیة أمر اعتباري، لأنّ طرفیها طبیعي اللفظ و طبیعي المعنی، لا الوجود الخارجي أو الذهني من اللفظ و المعنی بل طبیعي المعنی لایوجد في الخارج لاعتباریّة الطبائع و الماهیّات.
نعم لیست اعتباریة محضة کأنیاب الأغوال بل لها واقعیة في وعاء الاعتبار، مثلاً إذا تنازع رجلان في ملکیة دار، کان أحدهما مالکاً واقعاً في وعاء الاعتبار و الآخر لیس بمالك.
و لاینبغی التعبیر بخارجیة العلقة الوضعیة و الارتباط الموجود بینه و بین المعنی بعد وجود اللفظ في الخارج.
ثم إنّه -على تفسیر الوضع بالمعنی المصدري- هو أمر اعتباري عند هذا المحقق في الوضع التعییني أمّا على تفسیره بالمعنی اسم المصدري أیضاً فالأولى عدّ نظریته في عداد القائلین بالاعتباریة لأنّه عنده کالملکیة الاعتباریة.
القول السادس: نظریة السیّد الصدر!([51])
إنّ الوضع لیس مجعولاً تشریعیاً و لا اعتباریاً، بل هو أمر تکویني بمعنی أنّ الواضع یمارس عملیة الاقتران بین اللفظ و المعنی بشکل أکید بالغ و هذا الاقتران إذا کان على أساس العامل الکمّي (کثرة التکرار) سمّي بالوضع التعیّني و إذا کان على أساس العامل الکیفي سمّي بالوضع التعییني.
و بذلك نشأت العلقة الوضعیة أعنی السببیة و الاستتباع بین ذلك الصوت المخصوص و المعنی المخصوص.
بیان ذلك: إنّ الله تعالى جعل الإحساس بالشيء سبباً في انتقال الذهن إلى صورته و هذا قانون تکویني و یوجد قانونان تکوینیّان آخران:
أحدهما: قانون انتقال صورة الشيء إلى الذهن عن طریق إدراك المشابه.
ثانیهما: قانون انتقال صورة الشيء إلى الذهن عن طریق إدراك الذهن لما وجده مقترناً بذلك الشيء على نحو أکید بلیغ مثلاً نسمع صوتاً مشابهاً لزئیر الأسد فبحکم القانون التکویني الأوّل ینتقل هذا الصوت إلى الذهن بسبب الإحساس السمعي به ثم ینتقل الذهن إلى صوت زئیر الأسد نتیجة المشابهة بینهما بحکم القانون التکویني الثاني.
ثم ینتقل الذهن إلى نفس صورة الأسد الملازم خارجاً مع صوته بحکم القانون التکویني الثالث و قد حاول الإنسان أن یستفید من القانون التکویني الثالث لوضع اللفظ المخصوص و جعله مقترناً و مشروطاً بمعنی مخصوص اقتراناً أکیداً فنشأت العلقة الوضعیة.
إیرادات ثلاثة على القول السادس:
الإیراد الأوّل:
عملیة الاقتران المذکور في وضع الألفاظ لمعانیها لیست إلّا اعتبار الواضع فهي لیست عملیة تکوینیة حتی یقال: «إنّ الوضع أمر تکویني، لا مجعول اعتباري» بل وعاء عملیة الاقتران المذکور لیس إلّا عالم الاعتبار ثم أبرزه الواضع (أي أبرز الاعتبار) ببیانه.
لایقال: إنّ الوضع بالمعنی المصدري عملیة ذهنیة للواضع.
لأنّه یقال: هل وعاء هذه العملیة وعاء الوجودات الذهنیة أو إنّها عملیة بمعونة الذهن في وعاء عالم الاعتبار لا عالم الوجودات الذهنیة و هذا الأمر الثاني معنی اعتباریة الوضع بالمعنی المصدري.
هذا کلّه على تفسیر الوضع بالمعنی المصدري.
الإیراد الثاني:
العلقة الوضعیة (التي هي الوضع بالمعنی اسم المصدري) أیضاً لیس أمراً تکوینیاً.
إنّه قال: العلقة الوضعیة أعني السببیة و الاستتباع بین ذلك الصوت المخصوص و المعنی المخصوص فیقال: هل یکون الاقتران المذکور بین الوجودین الخارجیین للفظ و المعنی أو الوجودین الذهنیین أو بین طبیعي اللفظ و طبیعي المعنی؟
و الحق هو أنّ الارتباط بین طبیعي اللفظ و طبیعي المعنی، لا الموجود منهما خارجاً أو ذهناً، فإنّ الارتباط المذکور ثابت و لو لمیتلفّظ بلفظ و لمیوجد مفهومه في الذهن.
فهذه العلقة و الارتباط أمر في وعاء الاعتبار.
الإیراد الثالث:
التعبیر بالاقتران و الاشتراط أیضاً لیس تعبیراً تامّاً و سیجيء التعبیر الصحیح التامّ فانتظر (و هو التعبیر بالعَلَم أو العلامة).
القول السابع: نظریة المحقق الإصفهاني!([52]) و هو المختار
إنّ الوضع هو اعتبار وضع اللفظ على المعنی فیختصّ به([53]) و تتحقّق الملازمة بین حضور اللفظ و حضور المعنی عند الملتفت إلى الاعتبار المزبور.
و لاریب في ارتباط اللفظ بالمعنی و اختصاصه به و إنّما الإشکال في حقیقة هذا الاختصاص و الارتباط و أنّه معنی مقولي أو أمر اعتباري.
تحقیق الکلام فیه: إنّ حقیقة العلقة الوضعیة لایعقل أن تکون من المقولات الواقعیة و لا الاعتبارات الذهنیة([54]) حیث إنّ الاختصاص الوضعي بین طبیعي اللفظ و المعنی دون الموجود الذهني منهما أو الخارجي منهما.
و إنّما نقول باعتباریّته لأنّ الموضوع و الموضوع له، طبیعي اللفظ و طبیعي المعنی، لا الموجود الذهني أو الخارجي منهما.([55])
ثم إنّ الاختصاص الوضعي لا حاجة في وجوده إلّا إلى اعتبار من الواضع و اعتبار کل معتبر قائم به بالمباشرة لا بالتسبیب کي یتسبب إلى اعتبار نفسه بقوله: «وضعتُ».
و حیثیة دلالة اللفظ على معناه و کونه بحیث ینتقل من سماعه إلى معناه مثل حیثیة سائر الدوال کالعَلَم المنصوب على رأس الفرسخ -فإنّه ینتقل من النظر إلیه إلى أنّ هذا الموضع رأس الفرسخ- فشأن الواضع اعتبار وضع لفظ خاص على معنی خاص.
و ظهر أنّ الاختصاص و الارتباط و الملازمة بین حضور اللفظ و حضور المعنی عند الملتفت إلى الاعتبار الوضعي کلّها من لوازم الوضع لا عینه.
و مسلك العَلامیّة لبعض الأساطین> قریب من هذه النظریة بل یمکن أن یقال بأنّه یستفاد من هذه النظریة، و لهذا القول منشأ روائي، لما ورد عن علي بن موسي الرضا% في جواب السؤال عن معنی السّمة في «بسم الله»، فقال%: «هِيَ الْعَلَامَة».([56])
مناقشتان([57]) في القول الخامس من المحقق الخوئي!:([58])
المناقشة الأولى:
إنّه معنی بعید عن الأذهان.
جواب عن المناقشة الأولى:([59])
فیه ما لایخفی بل إنّه تحلیل للعمل المتداول العرفي.
المناقشة الثانیة:
إنّ الوضع في العَلَم على رأس الفرسخ له ثلاثة أرکان: الموضوع و الموضوع علیه و الموضوع له و لکن الوضع الاعتباری بین اللفظ و المعنی له رکنان: الموضوع و الموضوع له.
جواب عن المناقشة الثانیة:([60])
إنّ کلامه في اتحاد حیثیة الدلالة في وضع الألفاظ و وضع سائر الدوال مثل العلم المنصوب من حیث العلامیّة، لا اتحاد الأرکان فإنّ الدلالة هي بین الموضوع بعنوان الدالّ و بین الموضوع له بعنوان المدلول و مع وجود الموضوع علیه هو أیضاً مدلول حیث إنّ رأس الفرسخ یکون من موضعه فالإشکال غیر تامّ.
النظریّة المختارة من بین الأقوال:
إنّ المختار من بین الأقوال([61]) هو القول السابع، فعلى هذا لابدّ أن یقال:
«الوضع هو جعل اللفظ بإزاء المعنی، حتّی یکون علامة علیه»، ثمّ یتحقّق الملازمة بین حضور اللفظ و حضور المعنی و بعد ذلك یکون اللفظ وجوداً اعتباریّاً تنزیلیّاً للمعنی و ذلك لشدّة الأنس بین اللفظ و المعنی.
الأمر الثاني: في تقسیمات الوضع
هنا تقسیمان:
التقسیم الأوّل: الوضع شخصي و نوعي(1)
إنّ الوضع قد یکون شخصیاً و قد یکون نوعیاً و الوضع الشخصي هو أن یتصوّر[62]الواضع شخص اللفظ و یضعه للمعنی و الوضع النوعي هو أن لایتمکّن الواضع من تصویر شخص اللفظ بل یتصوّره بوجهه و بالجامع العنواني.([63])
اختلف في وضع الهیئات على قولین:
القول الأوّل:
إنّ المشهور قائل بکونها نوعیة و هو المختار.
تقریر قول المشهور ببیان المحقق الإصفهاني!: ([64])
التحقیق أنّ جوهر الکلمة و مادتها (أعني الحروف الأصلیة المترتبة الممتازة عن غیرها ذاتاً أو ترتیباً) أمر قابل للحاظ الواضع بنفسه، فیلاحظ بوحدته الطبیعیة و یوضع لمعنی، بخلاف هیأة الکلمة فإنّ الزنة لمکان اندماجها في المادة لایعقل أن تلاحظ بنفسها لاندماجها غایة الاندماج في المادة، فلا استقلال لها في الوجود اللحاظي کما في الوجود الخارجي کالمعنی الحرفي، فلایمکن تجریدها (و لو في الذهن) عن المواد فلذا لا جامع ذاتي لها کحقائق النسب، فلامحالة یجب الوضع لأشخاصها بجامع عنواني، کقولهم: کلّما کان على زنة فاعل و هو معنی نوعیة الوضع أي الوضع لها بجامع عنواني لا بشخصیتها الذاتیة.([65])
إنّ الهیئات بمثابة هیأة البیت، فإنّه شکل عارضٌ على الموادّ و الشکل عرض مستقل في التصور و إنّما یحتاج في وجوده إلى وجود الموضوع کما هو تعریف العرض فالحق هو أنّ الوضع في الموادّ و الهیئات وضع شخصي.
إنّ العرض له معنی اسمي مستقل في التصور (هذا بحسب الحمل الأولي) أمّا استقلال تصور مصداق العرض (بحسب الحمل الشائع) من دون ملاحظة شيء آخر فهو غیر میسور و لذا لایمکن لحاظ الهیئات إلّا بوجهها و عنوانها.
اختاره بعض الأساطین> و قد تقدم ما في هذا القول.
التقسیم الثاني: تقسیم الوضع بلحاظ المعنی الملحوظ حال الوضع
إنّ المعنی الملحوظ حین الوضع إمّا خاصّ و إمّا عامّ و الموضوع له أیضاً إمّا خاصّ و إمّا عامّ.
القسم الأوّل: الوضع الخاص و الموضوع له الخاص
و ذلك مثل وضع الأعلام الشخصیة.
القسم الثاني: الوضع العام و الموضوع له العام
و ذلك مثل وضع أسماء الأجناس.
بحث في أنّ الموضوع له في اسم الجنس العام الشأني أو العام الفعلي؟ (1)
العام الشأني هو ذات المعنی القابل للوجود و العدم و الإطلاق و التقیید المعرّاة من جمیع هذه الخصوصیات (الماهیة المهملة).[66]
و العام الفعلي هو المعنی مع جمیع الخصوصیات مع لحاظ اللابشرطیة بالنسبة إلى جمیع الخصوصیات (الماهیة المطلقة).
إنّه – بناء على کون الموضوع له الماهیة المطلقة- الدلالة على الإطلاق وضعیة.
و أمّا بناء على کون الموضوع له الماهیة المهملة، فالدلالة على الإطلاق تکون بمقدمات الحکمة.
و اختار بعض الأساطین> نظریة سلطان العلماء و هو أن الموضوع له الماهیّة المهملة و استدلّ علیه([67]) بأنّا نحمل على تلك الماهیة کلاً من التقیید و الإطلاق و نقسّم الماهیة إلى المهملة و المطلقة و المقیّدة.
القسم الثالث: الوضع العام و الموضوع له الخاص ([68])
إنّ المعنی الملحوظ حین الوضع -في هذا القسم- عام و لکن یوضع اللفظ على کل فرد من أفراده.
والوجه في إمکانه أنّ العام وجه لأفراده و معرفة وجه الشيء معرفته بوجه فالعام یکون مرآة لملاحظة أفراده.
إنّ المفهوم یحکي عن نفسه فقط لا عن مفهوم آخر مباین له و المفهوم العام یقبل الصدق على الکثیرین و المفهوم الخاص یأبی عن الصدق على الکثیرین، و من جهة أخری إنّ الخاص له خصوصیة شخصیّة فکیف یحکي العام عنه؟ و الخاص بدون تلك الخصوصیة لیس خاصّاً فإن حکی العام عن الخاص بدون خصوصیّته، فهذا لیس من باب حکایة العام عن الخاص، بل هي حکایة العام عن العام.
أجاب عنه المحقق الخوئي!([69]) بالتفصیل بین المفاهیم:
إنّ المفاهیم الکلیة المتأصلة کمفاهیم الجواهر و الأعراض- کالحیوان و الإنسان و البیاض و السواد- لاتحکي إلّا عن أنفسها و هي الجهة الجامعة بین الأفراد و المصادیق فهذه المفاهیم لاتحکي عن غیرها.
أمّا العناوین الکلیة التي تنتزع من الأفراد و الخصوصیات الخارجیة کمفهوم الشخص و الفرد و المصداق فهي تحکي عن الأفراد و المصادیق بنحو الإجمال.
یلاحظ علیه:
إنّ الکلي یقبل الصدق و الانطباق على کثیرین و هذا ممّا لا ریب فیه و إن کان مفهوماً کلیاً متأصّلاً و لا ملزم في الحکایة عن الشيء الحکایة عن جمیع خصوصیاته بل الحکایة عن الجهة الموجودة فیه تکفي في الصدق و إن کانت جهة مشترکة فیما بینه و بین سائر الأفراد؛ نعم إنّها حکایة إجمالیة و لکن الإجمالیة لاتضرّ بالصدق و الحمل.
القسم الرابع: الوضع الخاص و الموضوع له العام
و هو محال([70]) لأنّ الخاص لایکون عنواناً للعام لأنّ الخصوصیة الموجودة فیه لیست موجودة في العام، بخلاف العام فإنّ الحقیقة الموجودة فیه موجودة في جمیع أفراده.
و قد ذهب بعض الأعلام مثل المحقق الرشتي في بدائع الأفکار([71]) و المحقق الحائري في درر الأصول([72]) و المحقق الجزائري# في منتهی الدرایة إلى إمکان هذا القسم.
استدلال على إمکان هذا القسم بوجهین:
الوجه الأوّل: من المحقق الحائري!
إذا تری شبحاً من بعید و علمت أنّه حیوان و لکن لمتمیّز أنّه من أيّ نوع من الحیوانات فهذا المتصور أمر جزئي و لکن کان مرآة للعام حیث لمیحك إلّا عن العام الذي هو الحیوان. ([73])
الجواب عن الوجه الأوّل:([74])
إنّ المتصور هنا الأمر الکلي الموجود في المصداق الجزئي و هذا بمثابة الوضع العام و الموضوع له العام لعدم تصور الخصوصیة.
الوجه الثاني: استدلال المحقق الجزائري! في منتهی الدرایة
إنّ التصور التحلیلي للخاصّ یستلزم تصور العام إجمالاً و التصور الإجمالي کافٍ في الوضع. ([75])
الجواب عن الوجه الثاني:
إنّه بعد التحلیل یتصوّر الأجزاء التحلیلیة، فالعام متصوّر بنفسه بعد تحلیل الخاص فهذا من الوضع العام و الموضوع له العام.
تنبیه في حقیقة استعمال اللفظ في المعنی ([76])
هنا وجوه أربعة:
- هل استعمال اللفظ في المعنی بحیث یکون اللفظ فانیاً في المستعمل فیه فلایلتفت إلى اللفظ أصلاً کما في المرآة؟ فاللفظ حینئذ مغفول عنه و یکون فانیاً في المعنی.([77])
- أو بحیث یکون اللفظ ملتفتاً إلیه استقلالاً کالاستعمالات الکنائیة التي یلتفت إلى اللازم و الملزوم فیها و إلّا فکیف ینتقل الذهن إلى المعنی الکنائي؟ فحال اللفظ أیضا کذلك فهو ملتفت إلیه و غیر مغفول عنه و لایکون فانیاً في المعنی.([78])
- أو بحیث یکون ملتفتاً إلیه طریقیاً و آلیاً مع عدم الغفلة عنه([79]) فهو لیس بمثابة المرآة التي لایلتفت إلیها و لذا تری أنّ الأدیب -مضافاً إلى التفاته إلى حسن المعانی و لطافة ترکیبها- یتوجه إلى الألفاظ المستعملة من جهة حسنها و جمالها و تناسب بعضها مع بعض.
- أو إنّه أمر بین النظریة الأولى و الثالثة فإنّ مقام الاستعمال و التخاطب قد یقتضي الالتفات إلى اللفظ مثل المجالس الأدبیة و الوعظ و أمثالها و قد لایقتضي ذلك بل تمام التوجه إلى المعنی.
و الحق هو الأخیر و یظهر ذلك بعد أدنی تأمل في المقام.
[1]. في تعلیقة على معاالم الأصول، ج1، ص358: «عن عباد بن سلیمان الصیمري و أهل التكسیر و أوائل المعتزلة أن بین اللفظ و المعنی مناسبة ذاتیة و أطبق أصحابنا و غیرهم من المحققین على بطلانه فقالوا: لیس بین اللفظ و مدلوله مناسبة ذاتیة تقتضي اختصاص اللفظ بالمعنی في الدلالة».
و في الفصول، ص23: «التحقیق أنّ القائل بالمناسبة الذاتیة إن أراد أنّ دلالة الألفاظ في موارد الاستعمال ذاتیة أو أنّها ملحوظة عند كل واضع ففساده أجلی من أن یحتاج إلى البیان إذ یشهد ببطلانه صریح الوجدان على أنّه لو تمّ الأوّل لزم أن لایجهل أحد شیئاً من اللغات و لو تمّ الثاني لامتنع النقل و الهجر لامتناع تخلف ما بالذات عنها و إن أراد أنّ هناك مناسبات خفیّة لایطّلع علیها إلّا الأوحدي من الناس أو ادعی ذلك بالنسبة إلى بعض الألفاظ أو اللغات الأصلیة فهذا و إن لمیقم دلیل علیه ظاهراً إلّا أنّه لا دلیل على فساده لاسیّما إذا قلنا بأنّ الواضع هو الله تعالى أو أنّ الوضع بإلهامه»
و في تعلیقة أجود التقریرات، ج1، ص10: «و أما ثبوت المناسبة الذاتیة بین الألفاظ و معانیها فهو و إن کان ممکناً في الجملة إلّا أنّه لا دلیل علیه» و کذا في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص32 و ط.ج. ص33.
و في المختصر في المعاني، ص217: «(و قد تأوله) أي القول بدلالة اللفظ لذاته ( السکاکي) أي صرفه عن ظاهره و قال إنّه تنبیه على ما علیه أئمة علمي الاشتقاق و التصریف من أنّ للحروف في أنفسها خواص بها تختلف كالجهر و الهمس و الشدة و الرخاوة و التوسط بینهما و غیر ذلك و تلك الخواص تقتضي أن یكون العالم بها إذا أخذ في تعیین شيء مركب منها لمعنی لایهمل التناسب بینهما قضاء لحق الحكمة كالفصم بالفاء الذي هو حرف رخو لكسر الشيء من غیر أن یبین و القصم بالقاف الذي هو حرف شدید لكسر الشيء حتی یبین و انّ لهیئات تركیب الحروف أیضا خواص كالفعلان و الفعلي بالتحریك لما فیه حركة كالنزوان و الحیدی و كذا باب فعل بالضم مثل شرف و كرم للأفعال الطبیعیة اللازمة».
[2]. و في المختصر في المعاني، ص217: «(و القول بدلالة اللفظ لذاته ظاهره فاسد) یعني ذهب بعضهم إلى أنّ دلالة الألفاظ على معانیها لاتحتاج إلى الوضع بل بین اللفظ و المعنی مناسبة طبیعیة تقتضي دلالة كل لفظ على معناه لذاته فذهب المصنف و جمیع المحققین على أنّ هذا القول فاسد ما دام محمولاً على ما یفهم منه ظاهراً لأنّ دلالة اللفظ على المعنی لو كانت لذاته كدلالته على اللافظ لوجب أن تختلف اللغات باختلاف الأمم و أن یفهم كل أحد معنی كل لفظ لعدم انفكاك المدلول عن الدلیل و لامتنع أن یجعل اللفظ بواسطة القرینة بحیث یدلّ على المعنی المجازي دون الحقیقي لأنّ ما بالذات لایزول بالغیر و لامتنع نقله من معنی إلى معنی آخر بحیث لایفهم منه عند الإطلاق إلّا المعنی الثاني».
و في بحوث في علم الأصول، ج1، ص72: «و لا شك في خطأ الاتجاه الأوّل … لما تکشفه الملاحظة و التجربة لنا من عدم وجود أي میل أصیل سابق على الاکتساب و التعلم للانتقال من لفظ مخصوص إلى معنی مخصوص».
في زبدة الأصول للشیخ البهائي!، ص53: «و الوضع لنقیضین یدفع المناسبة الذاتیة».
و في تعلیقة على معالم الأصول، ج1، ص360: «الذي ینبغي أن یقطع به ما صار إلیه الجمهور من عدم استناد الدلالة إلّا إلى الوضع، بل و عدم كون ما سواه معقولاً، بناء على أنّ المناسبة مفاعلة من النسبة و هو الربط الحاصل بین أمرین و كونها ذاتیة معناه استنادها إلى ذاتي اللفظ و المعنی، على معنی كونهما لذاتهما مقتضیین لها، فإنّ ذلك في الحقیقة دعوی غیر معقولة کما تعرفه» الخ.
و في أصول الفقه، ج1، ص53: «لازم هذا الزعم أن یشترك جمیع البشر في هذه الدلالة، مع أن الفارسي – مثلا- لایفهم الألفاظ العربیة و لا غیرها من دون تعلم و كذلك العكس في جمیع اللغات و هذا واضح».
و في تهذیب الأصول، ج1، ص7: «إنّ دعوی وجود المناسبة الذاتیة بین الألفاظ و معانیها كافة قبل الوضع ممّا یبطله البرهان المؤید بالوجدان إذ الذات البحت البسیط الذي له عدة أسماء متخالفة من لغة واحدة أو لغات إمّا أن یكون لجمیعها الربط به أو لبعضها دون بعض أو لا ذا و لا ذاك» الخ.
[3]. في تعلیقة على معالم الأصول، ج1، ص358: «أمّا ما یتراءی عن بعض العبارات في حكایة مذهب عباد و من تبعه من أنّه یجعل وضع الألفاظ لمعانیها للمناسبات الذاتیة بینهما على معنی أنّه بعد اعترافه بثبوت الوضع یجعله تابعاً لها، فلعلّه لاینافي ما ذكرناه إن أرید بالوضع ما هو صفة اللفظ أعني التعین و الاختصاص … نعم لو أرید به ما هو فعل الواضع كان الاختلاف ثابتاً غیر أنّه یتطرق حینئذٍ الاسترابة إلى النقل المذكور» الخ.
[4]. في تعلیقة على معالم الأصول، ج1، ص362: «هنا وجوه أخر احتجوا بها في إبطال القول بالمناسبة لایخلو شيء منها عن شيء … و منها أنّا نقطع بأنّ المنقولات و الأعلام و غیرها من الألفاظ التي حدث فیها الوضع لمتکن لها قبل حدوثه دلالة على ما یفهم منها بعده … و یزیفه في الشق الأوّل ما نبهنا علیه من قضیة الخروج عن محل النزاع فالخصم في الألفاظ المشار إلیها لاینکر استناد الدلالة بالنسبة إلى المعنی الجدید إلى الوضع» الخ.
و في ص359 و 360: «ثمّإ الظاهر أن مرجع القولین إلى دعوی الإیجاب الجزئي و السلب الكلي الذي یدعیه الجمهور بالنسبة إلى نفي استناد الدلالة إلى المناسبة الذاتیة فإنّ من الألفاظ جملة كثیرة لایمكن الاسترابة في استناد دلالاتها إلى الوضع بالمعنی الأعم من التعیین والتعیّن الناشئ عن غلبة الإطلاق كالأعلام الشخصیة و المنقولات العرفیة عامة و خاصة من الحقائق الشرعیة و الأمور الاصطلاحیة فمطرح الخلاف حینئذٍ الألفاظ الأصلیة الواقعة في العرف على المعاني الأصلیة الواصلتین عن أصل اللغة من غیر أن یتطرق إلیها تغیر و لا نقل و لا ارتجال كلفظ “الماء” و “الأرض” و “السماء” و “النار” وغیر ذ لك».
[5]. في نهایة الأفکار، ج1، ص26: «انّه لیست تلك العلاقة و الارتباط الخاص من سنخ الإضافات الخارجیة التي توجب إحداث هیأة خارجیة … و لا من سنخ الاعتباریات التي لایكون صقعها إلّا الذهن … و إنّما هي متوسطة بین هاتین فكانت سنخها من قبیل الاعتباریات التي كان الخارج موطن منشأ اعتبارها كما نظیره في الملكیة و الزوجیة … و لكن مع ذلك لها واقعیة … نظیر الملازمات كالملازمة بین النار و الحرارة» الخ.
و في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص38 و ط.ج. ص40: «ذهب بعض الأعاظم! إلى أنّها من الأمور الواقعیة لا بمعنی أنّها من إحدی المقولات … بل بمعنی أنها عبارة عن ملازمة خاصة و ربط مخصوص بین طبیعي اللفظ و المعنی الموضوع له نظیر سائر الملازمات الثابتة في الواقع بین أمرین من الأمور التكوینیة … غایة الأمر أن تلك الملازمة ذاتیة أزلیة و هذه الملازمة جعلیة اعتباریة لا بمعنی أن الجعل و الاعتبار مقوم لذاتها و حقیقتها» الخ.
إنّ المحقق الخوئي! بعد ذکر هذا المذهب – و هو القول بأنّ الوضع أمر واقعي- قال: «و ذهب کثیر من الأعلام و المحققین إلى أنّ حقیقة الوضع حقیقة اعتباریة و لکنّهمم اختلفوا في کیفیتها على أقوال؛ القول الأوّل: ما قیل من أنّ حقیقة الوضع عبارة عن اعتبار ملازمة بین طبیعي اللفظ و المعنی الموضوع له و حقیقة هذه الملازمة متقومة باعتبار من بیده الاعتبار أي الواضع» ثمّ ذکر الإیراد علیه.
و في الرافد جعل هذین القولین قولاً واحداً ناسباً له إلى المحقق العراقي!.
و في منتقی الأصول، ج1، ص48: «دعوی المحقق العراقي! تتلخص في ضمن أمور: الأوّل: أن الوضع عبارة عن أمر اعتباري و هو جعل الملازمة بین اللفظ و المعنی. الثاني: انّه ینشأ من هذه الملازمة الاعتباریة ملازمة حقیقیة و بذلك یختلف الوضع عن غیره من الاعتباریات. الثالث: انّ المجعول مقید بصورة العلم بالجعل و ظاهر ان هذه الدعوی لا محذور فیها ثبوتا و لا إثباتاً فتتعیّن لو كان غیرها ممتنعاً و سیتضح الحال شیئاً فشیئاً فانتظر» و مختار المحقق الروحاني! هو أنّه عبارة عن جعل الارتباط بین اللفظ و المعنی و اعتباره بینهما و یوضحه في ص66 و 67.
[6]. سورةالأنبیاء(21):22.
[7]. ذکرهما المحقق الخوئي! في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص39 و ط.ج. ص41، قال: «و الجواب عن ذلك أنّه! إن أراد بوجود الملازمة بین طبیعي اللفظ و المعنی الموضوع له … ثبوتها للعالم بالوضع فقط دون غیره فیرد علیه أن الأمر و إن كان كذلك – یعني أن هذه الملازمة ثابتة له دون غیره- إلّا أنّها لیست بحقیقة الوضع، بل هي متفرعة علیها و متأخرة عنها رتبة و محلّ كلامنا هنا في تعیین حقیقته التي تترتب علیها الملازمة بین تصور اللفظ و الانتقال إلى معناه و ذهب كثیر من الأعلام و المحققین# إلى أنّ حقیقة الوضع حقیقة اعتباریة».
و في الرافد، ص169: «إنّ التعبیر عن الوضع بأنّه الملازمة الجامع بین الملازمة الواقعیة بین اللفظ و المعنی و الملازمة الاعتباریة لایكشف عن حقیقة الوضع لأمرین: أوّلاً: لأنّ هذا الجامع هو عین الملازمتین المذكورتین و كلاهما لایعبران عن حقیقة الوضع … ثانیاً: انّ هذا التعریف للوضع فاقد لركیزة مهمّة في مسیرة العلاقة الوضعیة بین اللفظ و المعنی و هي المرحلة الثانیة من مراحل الوضع التي هي عبارة عن سببیة اللفظ مع القرینة للانتقال إلى المعنی حیث لایوجد في تعریف الوضع بأنّه الملازمة أي إشارة لهذه المرحلة الضروریة لمسیرة الوضع و هي مرحلة سببیة اللفظ مع القرینة للمعنی».
[8]. في الرافد، ص170: «إنّ الوضع على نوعین: الوضع بالمعنی المصدري و الوضع بالمعنی الاسم المصدري و الملازمة الواقعیة و إن كانت متفرعة عن الأوّل لكنّها هي الوضع بالمعنی الثاني و مراد صاحب هذا المسلك عند ما یعرف الوضع بالملازمة الواقعیة هو المعنی الثاني لا الأوّل فلایرد الإشكال المذكور».
[9]. في الرافد، ص174: «المسلك الثالث: مسلك التعهد و قد ذهب إلیه مجموعة من أعلام الأصول أوّلهم کما نعلم المحقق ملّا علي النهاوندي في کتابه تشریح الأصول و المحقق الحائري في کتاب الدرر و آغا رضا الإصفهاني في کتاب وقایة الأذهان و وافقهم الأستاذ الخوئي!»
و في وقایة الأذهان، ص62: «أری أن … تصرف عنان الهم نحو معرفة ما یحصل به ذلك الاختصاص أو التخصیص أو التعیین أو الارتباط و یتوصل بذریعته إلى هذه الأمور و یترتب علیه المقصود من جعل الدلالة و لایمكن جمیع ذلك إلّا بالتعهد أعني تعهد المتكلم للمخاطب و التزامه له بأنّه لاینطق بلفظ خاص إلّا عند إرادته معنی خاصاً أو أنّه إذا أراد إفهامه معنی معیّناً لایتكلم إلّا بلفظ معیّن فمتی تعهد له بذلك و أعلمه به حصلت الدلالة و حصل الإفهام و لایكاد یحصل بغیر ذلك فلنا في المقام دعویان: حصول الوضع بالتعهد المذكور و عدم إمكان حصوله بغیره» الخ.
و في مناهج الوصول، ج1، ص58 و تحریرات في الأصول، ج1، ص293 و 296 نسباه إلى المحقق الرشتي!.
[10]. في نهایة النهایة، ص7: «و ممّن أطال الکلام في بیان حقیقة الوضع و نسج نسجاً معجباً و مع ذلك لمیأت بشيء ینتج الأثر المقصود من وضع الألفاظ هو المحقق النحریر الملّا علي النهاوندي! فإنّه ذهب إلى أنّ الوضع هو التعهد و البناء بعدم ذکر اللفظ إلّا عند إرادة تفهیم المعنی و أوضحه بما لا مزید علیه قال: … و هي [أي حقیقة الوضع] لیست إلّا تعهد الواضع لغیره بأن لایتکلم باللفظ الفلاني إلّا عند إرادة تفهیم المعنی الفلاني».
ثمّ أورد علیه و قال: «وعلى ما أفاده! یكون معنی جملة زید قائم، إرادات ثلث: إرادة إحضار صورة زید و إرادة إحضار صورة قائم و إرادة إحضار صورة النسبة و هو بمعزل عن مفاد تلك الجملة لأنّ المستفاد منها هو ثبوت القیام لزید و علیه فلایترتب الغرض من الوضع على ما ذكره! من التعهد فتدبر».
[11]. قال! في درر الفوائد، ص35: «لایعقل جعل العلاقة بین الأمرین الذین لا علاقة بینهما أصلاً و الذي یمكن تعقله أن یلتزم الواضع انّه متی أراد معنی و تعقله و أراد إفهام الغیر تكلم بلفظ كذا فإذا التفت المخاطب بهذا الالتزام ینتقل إلى ذلك المعنی عند استماع ذلك اللفظ منه فالعلاقة بین اللفظ و المعنی تكون نتیجة لذلك الالتزام».
[12]. في الرافد، ص176 – 178: «مختار الأستاذ السید الخوئي! من كون الدلالات التفهیمیة ناشئة عن التعهد و بیانه في خمس نقاط» و هي حاجة الإنسان إلى التعهد، شمولیة التعهد للواضع و المستعمل، کون متعلق التعهد قصد التفهیم لا خطور المعنی، کون الدلالة المتفرعة عن الوضع هي الدلالة التفهیمیة مباشرة لا الدلالة التصوریة و کون منشأ الانتقال للمدلول التفهیمي عند سماع اللفظ أصلاً عقلائیاً هو أنّ الإنسان العاقل یسیر على وفق القانون الذي التزم به لا قانون السببیة».
[13]. في بحوث في علم الأصول، ج1، ص78: «تتمیز هذه النظریة بنقاط ثلاث: 1) إنّ التعهد یفسر التلازم بین اللفظ و المعنی المحقِّق للدلالة بقضیة شرطیة یتعهد بها الواضع طرفاها النطق باللفظ و إفهام المعنی… 2) إنّ الدلالة الناتجة عن الوضع على أساس هذه النظریة تکون دلالة تصدیقیة لا تصوریة فحسب … 3) إنّ کل مستعمل ینقلب إلى واضع حقیقة على ضوء هذه النظریة لأنّه متعهد ضمناً بأن لاینطق باللفظ إلّا عند إرادة إفهام معناه الخاص و لا فرق بینه و بین الواضع إلّا أنّ الأخیر هو المتعهد الأوّل الأسبق زماناً» الخ و النطقة الثالثة هي الخصوصیة الثانیة في المتن.
و في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص46 و ط.ج. ص50: «و على ضوء هذا البیان تبین أنّ کل مستعمل واضع حقیقة» الخ.
[14]. في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص49 و ط.ج. ص53: «إن الوضع بذلك المعنی الذي ذكرناه … یصحّ تقسیمه إلى التعییني والتعیني باعتبار أنّ التعهد و الالتزام المزبور إن كان ابتدائیاً فهو وضع تعییني و إن كان ناشئاً عن كثرة الاستعمال فهو وضع تعیني» الخ.
[15]. في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص45 و ط.ج. ص48: «إنّ العلقة الوضعیة حینئذٍ تختص بصورة إرادة تفهیم المعنی لا مطلقا و علیه یترتب اختصاص الدلالة الوضعیة بالدلالة التصدیقیة»
و في ص117: « قد وقع الكلام بین الأعلام في أنّ الدلالة الوضعیة هل هي الدلالة التصوریة أو أنّها الدلالة التصدیقیة ؟… التحقیق حسب ما یقتضیه النظر الدقیق هو القول الثاني… و على الجملة قد ذكرنا سابقاً أن اختصاص الدلالة الوضعیة بالدلالة التصدیقیة لازم حتمي للقول بكون الوضع بمعنی التعهد و الالتزام و أمّا الدلالة التصوریة – و هي الانتقال إلى المعنی من سماع اللفظ- فهي غیر مستندة إلى الوضع، بل هي من جهة الأنس الحاصل من كثرة الاستعمال أو من أمر آخر»
[16]. دراسات في علم الأصول، ج1، ص32.
[17]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص107 و ط.ج. ص120
[18]. و نوقش في هذه النظریة عدة مناقشات:
الأولى: ما ذکره في نهایة النهایة، ص7 و قد أشرنا إلیها عند التعلیقة على «و هذا البیان على نظریة المحقق النهاوندي!» في الصفحة السابقة.
الثانیة: ما في نهایة النهایة، ص23، إذ قال: «و حیث عرفت اتحاد حیثیة دلالة اللفظ مع حیثیة دلالة سائر الدوال تعرف أنّه لا حاجة إلى الالتزام بأنّ حقیقة الوضع تعهد ذکر اللفظ عند إرادة تفهیم المعنی کما عن بعض أجلّة العصر فانّك قد عرفت أنّ کیفیة الدلالة و الانتقال في اللفظ و سائر الدوال على نهج واحد بلا إشکال» الخ.
الثالثة: ما في فوائد الأصول، ج1-2، ص30: «من المقطوع انّه لمیكن هناك تعهد من شخص لذلك و لمینعقد مجلس لوضع الألفاظ».
الرابعة: ما في نهایة الأفکار، ج1، ص28: «إنّ إرجاع الوضع إلى تعهد الواضع بذكر اللفظ عند إرادة المعنی أیضا غیر مستقیم فإنّه بعد أن كان مرجع التعهد المزبور إلى إرادة ذكر اللفظ عند إرادة المعنی نقول» الخ.
و في منتقی الأصول، ص61 – 65 یصوّر أنحاء ثلاثة للمراد من التعهد و یورد على کل منها و في دروس في علم الأصول، ج1، ص185 یذکر إیرادین و في الرافد، ص179– 184، یجیب عن الإیراد الأوّل للسیّد الصدر! ولکن یذکر اعتراضین من جانب نفسه على هذا القول و راجع أیضاً تسدید الأصول، ج1، ص20.
[19]. المحاضرات، ط.ج. ص48 و ط.ق. ص44.
[20]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص 44 و ط.ج. ص48 و في زبدة الأصول، ج1، ص26: «و هذا المعنی … ممّا یساعده الوجدان و الارتکاز».
[21]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص44 و ط.ج. ص48.
[22]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص49 و ط.ج. ص53 و في زبدة الأصول، ج1، ص26: «و هذا المعنی مضافاً إلى کونه موافقاً لمعنی الوضع لغة و هو الجعل و الإقرار» الخ.
[23]. تحقیق الأصول، ج1، ص70.
[24]. في ریاض السالکین، ج7، ص122 في شرح قوله%: «و لاتستبدل بي غیري»: «الاستبدال جعل الشيء مكان آخر و الباء للمقابلة أي لا تأخذ وتجعل بمقابلتي غیري كما قال تعالى: (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) (البقرة:61) أي: أتأخذون الذي هو أدنی بمقابلة ما هو خیر فإن الباء تصحب الزائل الذاهب دون الآتي الحاصل كما في التبدل و التبدیل في مثل قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ) (البقرة:108) الآیة و قوله: (وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) ( سبأ:16)».
[25]. سورة آل عمران(3):36.
[26]. تحقیق الأصول، ج1، ص70.
[27]. مفردات ألفاظ القرآن، ص526.
[28]. سورة الرحمن(55):10.
[29]. في مفردات ألفاظ القرآن، ص94: «جعل لفظ عام في الأفعال كلّها و هو أعمّ من فعل و صنع و سائر أخواتها و یتصرف على خمسة أوجه … الثاني: یجري مجری أوجد فیتعدی إلى مفعول واحد نحو قوله عزّوجلّ: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) (الانعام:1) (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ)(النحل:78 و..)» و نقل عبارة الراغب، السیوطي في الإتقان، ج1، ص469.
و جاء التعبیر بأوجد في تفسیر البیضاوي، ج1، ص222 و في شرح الرضي على الکافیة، ج4، ص221 و في تفسیر کنز الدقائق، ج1، ص167 و في تاج العروس في مادة جعل أیضاً
و جاء التعبیر بالخلق و الإحداث و الإنشاء و الإبداع و الاختراع و الصنع في کلماتهم و لکن أکثر ما ذکروه هو الخلق و نحن نذکر من فسر الجعل في الآیة الکریمة بهذه المعاني مرتباً لهم حسب تاریخ وفاتهم:
أبواللیث السمرقندي (383) في تفسیره، ج1، ص455؛ أبوهلال العسکري (395) في الفروق اللغویة، ص376؛ الباقلاني (403) في تمهید الأوائل و تلخیص الدلائل، ص282؛ الشیخ الطوسي! (460) في التبیان، ج3، ص572؛ الواحدي (468) في تفسیره، ج1، ص344 و…
و ذکر عدّة وجوه للفرق بین الخلق و الجعل فراجع الکشاف و تفسیر الرازي، ج32، ص98 و البرهان و تفسیر أبي السعود و المیزان.
[30]. سورة الأنعام(6):1.
[31]. دراسات في علم الأصول، ج1، ص31.
[32]. راجع في الإشکال على نظریة المحقق النائیني! منتقی الأصول، ج1، ص51 – 53.
[33]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص35 و ط.ج. ص37.
[34]. سورة البقرة(2):31.
[35]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص35 و ط.ج. ص37.
[36]. في منتقی الأصول، ج1، ص50: «و ظاهر أنّ الإیراد على الوسطیة المزبورة بأنّه لایتصوّر وجود أمر وسط بین الواقعي و الجعلي … غیر وجیه فان المحقّق المزبور لمیدع انّ حقیقة الوضع حقیقة ثالثة لیست بواقعیة و لا جعلیة و إنّ الوضع وسط بین الواقعي و الجعلي في حقیقته إذ التزم بأنّه أمر اعتباري بید الشارع و إنّما الدعوی كونه وسطاً بلحاظ عدم ترتب الآثار العادیة المترتبة على الاعتباریات الشرعیة علیه فهو وسط من حیث اللوازم و الآثار لا من حیث الحقیقة كما توهم».
[37]. فوائد الأصول، ج1، ص29.
[38]. في نهایة النهایة، ص7: «العلة الموجبة لصرف دلالة اللفظ إلى معنی خاص من بین سائر المعاني إنمّا هو التنزیل و ادعاء العینیة و الهوهویة بین لفظ خاص متخصص بمادته و هیأته و بین ذلك المعنی و بعد هذا التنزیل یصبح اللفظ آلة إشارة إلى المعنی یشار به إلیه كما كان من قبل یشار به إلى نفس اللفظ و هذا التنزیل و الادعاء یسمّی بالوضع و لا معنی للوضع سواه كما أنّه لایترتب الغرض من الوضع و هو فتح باب الدلالة إلّا علیه».
و في منتهی الأصول، ص15 و 16: «التحقیق في المقام أنّ الوضع عبارة عن الهوهویة و الاتحاد بین اللفظ و المعنی في عالم الاعتبار … الاتحاد و الهوهویة على قسمین: تكوینیة و اعتباریة، أمّا الاتحاد التكویني و الهوهویة الواقعیة فلایمكن أن توجد بصرف الإنشاء و التشریع و أمّا الاعتباریة فلا مانع من إیجادها في عالم الاعتبار بصرف الإنشاء و الجعل التشریعي… و أمّا الدلیل على أنّ الوضع بهذا المعنی لا بالمعاني التي ذكروها (فأولاً) أنّه لا شك في أنّ إلقاء اللفظ إلقاء المعنی عند إلقاء المراد إلى الطرف و معلوم أنّ إلقاء شيء لیس إلقاء شيء آخر إلّا فیما إذا كانت بینهما هوهویة و اتحاد… و (ثانیاً) قد تقرّر عندهم انّ لكل شيء أربعة أنحاء من الوجودات و عدّوا من جملتها الوجود اللفظي فلو لمیكن ذلك الاتحاد كیف یمكن أن یكون وجود شيء أجنبي عن شيء آخر وجوداً له مع أنّ اللفظ من مقولة الكیف المسموع و إن كان مقداره من مقولة الكم و المعنی من مقولة أخری؟ و لهذه الجهة أیضاً یسري قبح المعنی و حسنه إلى اللفظ»
و في الرافد، ص166: «الثالثة: انّ حقیقة الوضع في نظرنا هي الهوهویة بین تصور اللفظ و تصور المعنی الحاصلة من مقدمات ثلاث: الجعل و الاستعمال مع القرینة و التلازم» الخ.
[39]. شرح منطق الإشارات، ص21.
[40]. و للمحقق الروحاني! إیراد على هذا القول مذکور في منتقی الأصول، ج1، ص58-60 .
[41]. في الرافد، ص173: «و یلاحظ على هذا الإیراد أوّلاً: النقض بمسلك التعهد فإنّ الأستاذ السید الخوئي! مع إیراد هذا الاعتراض على مسلك الهوهویة یبتني مسلك التعهد النفساني بین الواضع و نفسه … مع أنّ مسلك التعهد مورد لنفس الإشكال و هو بعده عن الأذهان العامیة الساذجة التي تمارس عملیة الوضع غالباً.
ثانیاً: ان جعل الهوهویة أمر سهل یسیر لایحتاج لعمق الفكر و لا دقة التأمل لأنّه لون من ألوان المجاز و هو ما یسمّی بالاستعارة أي إلباس أحد الشیئین لباس الآخر و هذا ما یقوم به أغلب أبناء العرف في محاوراتهم» الخ.
[42]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص41 و ط.ج. ص44، الإیراد الأوّل.
[43]. في الرافد، ص172 یذکر الإیراد بهذه العبارة: «الثاني: إن الهدف من الوضع هو حصول الدلالة … و من الواضح انّ الدلالة تتوقف على طرفین متغایرین دالّ و هو صورة اللفظ و مدلول و هو صورة المعنی فجعل الهوهویة بینهما لاینسجم مع الهدف» الخ.
ثمّ یجیب عنه بقوله: «انّ الدلالة في نظر المورد عبارة عن علاقة السببیة و التلازم بین تصور اللفظ و تصور المعنی و لذلك یراها متقومة بطرفین فلا وجه لاعتبار الهوهویة بینهما، بینما الصحیح ما ذكرنا سابقاً من كون الدلالة و العلاقة الوضعیة عبارة عن الهوهویة و اندماج صورة المعنی في صورة اللفظ و لذلك یكون اعتبار الهوهویة بینهما منسجماً تماماً مع نتیجة الوضع وهدفه».
و في منتقی الأصول، ج1، ص58 مناقشة في هذا الإشکال فراجع.
[44]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص41 و ط.ج. ص44، الإیراد الثاني؛ دراسات في علم الأصول، ج1، ص31.
[45]. في دعاء مولانا الحسین% في یوم عرفة: « كیف یستدل علیك بما هو في وجوده مفتقر إلیك أیكون لغیرك من الظهور ما لیس لك حتی یكون هو المظهر لك، متی غبت حتی تحتاج إلى دلیل یدل علیك» راجع بحار الأنوار، ج95، ص225، نقلاً عن إقبال الأعمال و في دعاء زین العابدین% نقلاً عن أبي حمزة الثمالي: «بك عرفتك و أنت دللتني علیك و دعوتني إلیك و لولا أنت لمأدر ما أنت» راجع إقبال الأعمال، ج1، ص157 و في توحید الإمامیة، ص 114 و 115: « روي أیضا مسنداً عن الفضل بن السكن عن أبي عبد الله% قال: قال أمیرالمؤمنین%: اعرفوا الله بالله … و روي أیضا عن محمد بن موسی بن المتوكل مسنداً عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله% قال:… إنّما عرف الله من عرفه بالله فمن لمیعرفه به فلیس یعرفه إنّما یعرف غیره … و روی الطبرسي عن أمیرالمؤمنین% في خطبة له قال: لیس بإله من عرف بنفسه. هو الدال بالدلیل علیه و المؤدي بالمعرفة علیه و روی المجلسي في دعاء الصباح عن أمیرالمؤمنین% قال: یا من دلّ على ذاته بذاته» و راجع أیضاً شرح الأسماء الحسنی، ج1، ص50 و 51.
[46]. دراسات في علم الأصول، ج1، ص29.
[47]. في الرافد، ص171 یذکر الإیراد بهذه العبارة: «الأوّل: ما ذكر في المحاضرات و محصله: انّ تنزیل شيء مكان شيء آخر یحتاج إلى مصحح و المصحح للتنزیل ترتیب آثار المنزل علیه على المنزل … مع أنّه لاتترتب آثار المعنی من طلبه أو النفور منه على اللفظ بمجرد هذا التنزیل فلا مصحح له».
ثمّ یجیب عنه بقوله: «إن اعتبار الهوهویة بین صورة اللفظ و صورة المعنی لون من ألوان التنزیل و الاعتبارات الأدبیة المتوقفة على وجود المصحح و المصحح كما ذكر هو ترتب آثار المنزل علیه على المنزل إلّا أنّ هذا الترتب یكفي في كونه مصححاً حصوله و لو بالواسطة و لا وجه لتوقف مصححیته على الترتب المباشر فتنزیل الشجاع منزلة الأسد من الهیبة و العظمة في النفوس یتمّ و لو بواسطة كثرة الحمل و الإطلاق و لایحتاج المصحح إلى الترتب المباشر» الخ.
[48]. نهایة الأفکار، ج1، ص25؛ مقالات الأصول، ج1، ص 60 – 68.
[49]. نهایة الأفکار، ج1، ص26.
[50]. في الرافد، ص169: «إنّ تعبیرات المحقق العراقي! مختلفة فتارة یقول بأنّ الوضع هو الملازمة الاعتباریة و تارة یقول بأنّه الملازمة الواقعیة و صار هذا سبباً للإیراد على المحقق المذكور من قبل الأعلام بأنّ الملازمة الاعتباریة تختلف عن الملازمة الواقعیة … و لكنّ الصحیح أنّ مقصود المحقق العراقي! أنّ الوضع عبارة عن كلي الملازمة الجامع بین مراحل الوضع و درجاته فهذه الملازمة في المرحلة الأولى من مراحل الوضع ملازمة اعتباریة و هي عبارة عن جعل التلازم بین اللفظ و المعنی و اعتبارهما متلازمین و هذه الملازمة أیضاً في المرحلة الأخیرة من الوضع ملازمة واقعیة و هي عبارة عن استلزام تصور اللفظ لتصور المعنی فاختلاف التعبیر عن الملازمة ناظر لاختلاف مراحلها و درجاتها و إلّا فالوضع بالمعنی العام الشامل هو العنوان الانتزاعي و هو عنوان الملازمة الشامل للملازمتین الاعتباریة و الواقعیة».
[51]. مباحث الدلیل اللفظي، ج1، ص81.
[52]. نهایة الدرایة، ط.مؤسسة آل البیت(، ج1، ص44؛ بحوث في الأصول، ص23.
[53]. و في مباحث الأصول، ص33: «الوضع هو جعل اللفظ مستلزماً للمعنی في الإدراك باعتباره موضوعاً علیه فالوضع الاعتباري هو المحقِّق للاستلزام في الانتقال».
[54]. في الأصول على النهج الحدیث: «لایعقل أن تکون العلقة الوضعیة من الأعراض المقولیة لاحتیاجها إلى موضوع محقق في الخارج و لا من العوارض الذهنیة لاحتیاجها إلى موضوع ثابت في الذهن».
[55]. في الأصول على النهج الحدیث: «لأنّ الوضع للانتقال و هو نحو وجود إدراکي و المماثل لایقبل المماثل و المقابل لایقبل المقابل» و أورد علیه في مباحث الأصول، ص33.
[56]. معاني الأخبار، الشیخ الصدوق!، ص3؛ و في شرح أصول الکافي، ج4، ص221، عند شرح قوله%: «نحن و الله الأسماء الحسنی التي لایقبل الله من العباد عملاً إلّا بمعرفته» «و یحتمل أن یراد بها [أي بالأسماء الحسنی] ذواتهم لأنّ الاسم في اللغة العلامة و ذواتهم القدسیة علامات ظاهرة لوجود ذاته و صفاته» الخ.
و في شرح الأسماء الحسنی، ج1، ص215: «یمکن أن یراد بالأسماء الحسنی في هذا الاسم الشریف الأئمة الأطهار( كما ورد عنهم نحن الأسماء الحسنی الذین لا یقبل الله عملاً إلّا بمعرفتنا و في كلام أمیرالمؤمنین علي% أنا الأسماء الحسنی قال الاسم من السمة و هي العلامة و لا شك أنّهم علائمه العظمی و آیاته الکبری» و ظاهر أنّ «قال» مصحف و الصواب «فإنّ».
و في البیان في تفسیر القرآن، ص424: «الاسم في اللغة بمعنی العلامة».
[57]. و في منتقی الأصول، ص56 و 57 مناقشتان أخریان في هذا القول .
[58]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص43 و ط.ج. ص47.
[59]. في منتقی الأصول، ج1، ص55 ذکر الإیراد بهذه العبارة: «ان هذا المعنی من المعاني الدقیقة للوضع التي لایلتفت إلیها العرف في أوضاعهم فلایتناسب مع كون الوضع من الأمور العرفیة التي یتولاها أفراد العرف».
ثم أجاب عنه بقوله: «إنه ینقض بكثیر من الأمور العرفیة التي قام الخلاف فیها على قدم وساق كالخبر و الإنشاء … و هكذا الكلام في معاني الحروف … فهذا دلیل على أنّ كون المعنی من الأمور الدقیقة لایتنافی مع كونه عرفیاً. بل التعهد الذي التزم به من أدقّ ما ذكر للوضع من معان كما ستعرف للاختلاف في تحدیده و التعبیر عنه و السر في ذلك الذي یكون حلا للجمیع هو أنّ» الخ.
[60]. في منتقی الأصول، ج1، ص55: «إنّ ما أفاده المحقق المزبور لاینافي صحة التعبیر عن المعنی بالموضوع له، باعتبار أنّ اللفظ إنّما وضع على المعنی للدلالة على المعنی و الانتقال إلیه عند ذكر اللفظ فالمقصود من كون المعنی موضوعاً له انّه قد وضع اللفظ للدلالة علیه فاللام بمعنی الغایة فالمعنی بهذا البیان موضوع علیه و موضوع له و التعبیر عنه عادة بالموضوع له انّما هو لأجل كون الغرض من الوضع هو إفادة المعنی و الدلالة علیه باللفظ و نفس الوضع ملحوظ طریقاً إلى هذه الجهة كما لایخفی و لكنّه مع هذا یصح التعبیر عنه بالموضوع علیه بلحاظ جهة نفس الوضع و لا محذور فیه».
و في تسدید الأصول، ج1، ص20: «إنّ القائل به لایرید إلّا التشبیه من حیث إنّ اللفظ أینما و مهما تحقق فهو کعلامة ینتقل منه إلى المعنی و لیس التشبیه من الجهات الأخر».
[61]. هنا قول آخر ففي جواهر الأصول، ج1، ص84: «إنّ الوضع – كما أشرنا – عبارة عن تعیین اللفظ للمعنی و جعله علامة لها من دون أن یتحقق في الخارج شيء من ربط و علاقة واقعیة بینهما بل حال اللفظ و المعنی بعد الوضع حالهما قبل الوضع نعم یوجد بینهما ربط اعتباري».
و في تسدید الأصول، ج1، ص19: «حقیقة الوضع إنّما هو جعل اللفظ اسماً للمعنی».
و في وسیلة الوصول، ص29: «لا إشكال في إمكان كونه [أي الوضع] التزاما من الواضع الأوّل بأن لایستعمل اللفظ إلّا مریداً به المعنی … كما لا إشكال في إمكان كونه علقة جعلیة بین اللفظ و المعنی بجعل من بیده الجعل و الاعتبار هذا اللفظ لذلك المعنی بحیث لو تجاوز عنه لكان مستعملا في غیر ما جعل له أو انجعاله لذلك المعنی من جهة كثرة استعماله فیه فتكون تلك العلاقة كعلاقة الملكیة حدوثاً و بقاءً … و الحق أنّ ما یقع في الخارج هو النحو الثاني» الخ
و للمحقق الحکیم في حقائق الأصول، ج1، ص17 تحقیق فلیراجع و راجع أیضاً ما جاء في تحریرات في الأصول، ج1، ص58.
[62]. في هدایة المسترشدین، ج1، ص160: «الرابعة الوضع باعتبار الموضوع قد یكون شخصیاً و قد یكون نوعیاً و ذلك لأنّ الواضع إمّا أن یلاحظ شخصاً من اللفظ متعیناً بمادته و هیأته و یضعه بإزاء المعنی فالوضع فیه شخصي لتعلقه بشخص معین من اللفظ غیر ممكن الصدق على ألفاظ مختلفة و إن كان بحسب الواقع كلیاً لتعدده بحسب تعدد أزمنة الاستعمال و تعدد المستعملین و لو في زمان واحد فإن ذلك لایوجب تعدداً في نفس اللفظ و إنّما یقضي بتعدد الاستعمال فوحدة اللفظ من قبیل الوحدة النوعیة لاینافي التكثر في الوجود فلیس المراد بالشخص في المقام ما لایمكن صدقه على كثیرین كما یتراءی في بادئ النظر، بل المراد به – كما قلنا – هو اللفظ المخصوص الذي یستحیل صدقه على ألفاظ مختلفة … و إمّا أن یلاحظ حال الوضع أمراً عامّاً شاملاً لألفاظ مختلفة شمول الكلي لجزئیاته أو شمول العرض لأفراد معروضه فیضع ذلك الأمر بإزاء المعنی أو یجعل ذلك مرآة لملاحظة ما یندرج تحته من الألفاظ الخاصة أو الخصوصیات العارضة لها و یضع كلا منها بإزاء ما یعینه من المعنی فیكون الوضع حینئذٍ نوعیاً» الخ
و في تعلیقة على معالم الأصول، ج2، ص398 – 400: «اعلم أنّ الوضع ینقسم عندهم باعتبار متعلقه من حیث اللفظ إلى الشخصي لتعلقه بشخص اللفظ و النوعي لتعلقه بنوعه … و قد یطلق الوضع النوعي على ما یتعلق بالألفاظ المتصورة إجمالاً بتصور نوعها و المراد بشخص اللفظ هو اللفظ الخاص المعین و هو إمّا یتعین باعتبار الخارج نظراً إلى ما یطرئه من الاستعمال أو یتعین باعتبار الذهن نظراً إلى اشتماله على مادة أو هیأة على طریقة منع الخلو … إنّ الوضع باعتبار انقسامه إلى القسمین المذكورین یتصوّر تارة بأن یلاحظ مادة مخصوصة بهیأة مخصوصة عارضة لها و أخری بأن یلاحظ هیأة مخصوصة مع قطع النظر عن المادة مطلقا أو عن مادة مخصوصة و ثالثة بأن یلاحظ مادة مخصوصة مع قطع النظر عن الهیأة كما في مبادئ المشتقات على المختار و رابعة بأن یلاحظ اللفظ بعنوان كلي غیر ملحوظ معه مادة و لا هیأة كما في المجازات بناء على الترخیص في النوع … و حینئذٍ فإمّا أن یقال: إنّ الوضع النوعي ما لمیلاحظ فیه خصوصیة أصلاً أو یقال: إن الوضع الشخصي ما لمیلاحظ فیه جهة عموم أصلاً فبالاعتبار الأوّل ینحصر الوضع النوعي في القسم الأخیر و هو فیما عداه شخصي و بالاعتبار الثاني ینحصر الوضع الشخصي في القسم الأوّل و هو فیما عداه نوعي و هو الأظهر من طریقة القوم … و علم بما ذكر جمیعاً أنّ المراد بالشخص و النوع ها هنا ما یرادف النوع و الجنس لا ما هو مصطلح أهل المعقول».
و للسید السیستاني> ملاحظة في الوضع النوعي لها ثمرة في عدة أبحاث ففي الرافد، ص211، عند تعرضه لنظر الأصولیین المتأخرین من کون الأصل في الاشتقاق المادة الساریة في جمیع المشتقات: «إنّها لیست أصلاً للاشتقاق و ذلك لأنّ كونها أصلاً للمشتقات معناه أنّ الواضع وضعها أوّلاً مجردة عن أي هیأة كانت وضعاً نوعیاً تتعاقب علیه الهیئات المختلفة و الوضع النوعي المجرد المدعی في المواد و الهیئات بعید عن ذهنیة الواضع البدائي الأوّل الذي یقوم بوضع الكلمات».
و في ص311: «إن هناك مسلكین في وضع المشتقات: أ- تعدد الوضع و الموضوع له … ب- وحدة الوضع و الموضوع له بلحاظ وضع المشتق بتمامه مادّة و هیأة للنسبة الإسنادیة وضعاً شخصیاً كما هو المختار في ظاهرة اللغة».
و في ص337 بعد طرح هذا السؤال: «إنّ المتبادر من اللفظ إذا کان هو الصورة اللحاظیة الواحدة فمن أین نستفید الترکیب التحلیلي المذکور؟» یقول: «الجواب عن ذلك یتلخص في طرح ثلاث نظریات محتملة: أ- إنّ التركیب التحلیلي للمشتق مع بساطة مفهومه لحاظاً و تصوّراً راجع للتركیب اللفظي فیه حیث إنّ المشتق مشتمل على مادة و هیأة فالمادّة موضوعة وضعاً شخصیاً لطبیعي الحدث و الصفة و الهیأة موضوعة وضعاً نوعیاً للذات المتلبسة بذلك المبدأ و الصفة فمنشأ التركیب التحلیلي لمفهوم المشتق هو التركیب اللفظي في المشتق و لكنّنا لا نختار هذه النظریة لوجهین: 1- ما ذكرناه مراراً من أنّ الوضع النوعي – و هو تجرید الهیأة عن المادّة و وضعها وضعاً نوعیاً لمن قام بالحدث و تلبّس بالصفة- تفكیر حضاري متطوّر لایتصور في المجتمع البدائي الذي انطلقت منه شرارة اللغة».
و في ص271 – 273، عند بیان معاني أربعة للترکیب و البساطة یقول: «المعنی الأوّل الترکیب اللفظي … إن علماء الأصول قالوا بأنّ المشتقات مشتملة على وضعین: وضع شخصي لموادّها و وضع نوعي لهیئاتها … و لكن الصحیح عدم شمول هذا المعنی من التركیب للمشتقات و بیان ذلك بصیاغتین: … ب- قد ذكرنا في بحث الوضع أنّ الوضع النوعي أمر انتزعه العلماء بعد تحقق ظاهرة اللغة لا أنّه قانون اخترعه أهل اللغة و ذلك لأنّ اللغة ظاهرة اجتماعیة تنبع من حاجة المجتمع للتفهیم و التفهم و المجتمعات البدائیة التي انطلقت منها شرارة اللغة كانت تقوم بالوضع من وحي الحاجات الشخصیة و من الواضح أنّ الوضع الذي یلبي هذه الحاجات هو الوضع الشخصي للمشتق بمادّته و هیأته معاً لمعنی معین كالوضع في الجوامد أیضاً بلا حاجة للوضع النوعي للهیأة المجردة مضافاً لكون الوضع النوعي إبداعاً عقلیاً یكشف عن تطور عقلي حضاري في ذهنیة الواضع و هو غیر متصوّر في المجتمعات البدائیة. إذن فالوضع النوعي أمر انتزاعي توصل له العلماء بعد استقرائهم للألفاظ المشتركة في حروف معینة فهو أمر حادث بعد اللغة لا أنّه من مقومات ظهور اللغة فلایوجد في المشتق تركیب لفظي من مادة و هیأة كما ذكر».
[63]. في أصول الفقه، ج1، ص67: «قد عرفت أنّه لابدّ في الوضع من تصوّر اللفظ و المعنی و أنّ المعنی تارة یتصوّره الواضع بنفسه و أخری بوجهه و عنوانه فاعرف هنا أنّ اللفظ أیضاً كذلك ربّما یتصوّره الواضع بنفسه و یضعه للمعنی – كما هو الغالب في الألفاظ- فیسمّی الوضع حینئذٍ “شخصیاً” و ربّما یتصوّره بوجهه و عنوانه فیسمّی الوضع “نوعیاً” و مثال الوضع النوعي الهیئات فإنّ الهیأة غیر قابلة للتصور بنفسها بل إنّما یصح تصوّرها في مادّة من مواد اللفظ كهیأة كلمة “ضرب” مثلاً و هي هیأة الفعل الماضي فإنّ تصوّرها لابدّ أن یكون في ضمن “الضاد” “و الراء” و “الباء” أو في ضمن “الفاء” و “العین” و “اللام» الخ.
[64]. نهایة الدرایة، ج1، ص44 و 45 و عبارة هذا المحقق هکذا: «ربّما أمكن الإشكال على جعل وضع المواد شخصیاً و وضع الهیئات نوعیاً كما هو المعروف بما محصله أنّ شخصیة الوضع في المواد إن كانت بلحاظ وحدتها الطبیعیة و شخصیتها الذاتیة فالهیئات أیضاً كذلك فانّ هیأة فاعل مثلاً ممتازة بنفسها عن سائر الهیئات فلها وحدة طبیعیة و نوعیة الوضع في الهیئات إن كانت بلحاظ عدم اختصاص زنة فاعل بمادّة من المواد، فالمواد كذلك لعدم اختصاص المادة بهیأة من الهیئات فلا امتیاز مادّة عن مادّة ملاك الشخصیة لامتیاز كل زنة عن زنة أخری و لا عدم اختصاص زنة بمادة ملاك النوعیة لعدم اختصاص مادة بهیأة و التحقیق أنّ جوهر الكلمة و مادّتها » إلى آخر ما ذکر في المتن.
ثم قال: «أو المراد أنّ المادة حیث یمكن لحاظها فقط فالوضع شخصي و الهیأة حیث لایمكن لحاظها في ضمن مادّة فالوضع لها یوجب اقتصاره علیه فیجب أن یقال هیأة فاعل و ما یشبهها و هذا معنی نوعیة الوضع أي لا لهیأة شخصیة واحدة بوحدة طبیعیة بل لها و لما یشبهها فتدبر»
و قال المحقق الخوئي! في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص112 و ط.ج. ص127 بعد نقل هذه العبارات: «و ما أفاده! من الجواب في غایة المتانة».
[65]. نهایة الدرایة، ط.مؤسسة آل البیت(، ج1، ص77، في التعلیقة على قوله: «لا وجه لتوهم وضع للمرکبات غیر وضع المفردات».
[66]. هنا نزاع أشیر إلیه في عدة کتب: ففي القوانین، ص198: «اختلفوا في أنّ المراد باسم الجنس هو المهیة المطلقة لا بشرط شيء فیكون مطابقاً للمسمّی أو المهیة مع وحدة لا بعینها و یسمّی فرداً منتشراً و الأقوی الأوّل».
و في هدایة المسترشدین، ج3، ص161: «اسم الجنس عبارة عن اللفظ الموضوع لتلك الماهیة المطلقة من دون ملاحظة الأفراد والتعدد … و قد صرّح بوضع أسماء الأجناس للماهیة المطلقة غیر واحد من محققي أهل العربیة – كنجم الأئمة و الأزهري- و هو ظاهر التفتازاني في مطوّله و ذهب بعضهم إلى وضعه للفرد المنتشر- كالنكرة – و الأوّل هو الأظهر، لتبادر نفس الجنس عند سماعه مجرداً عن اللواحق الطارئة» الخ.
و في الفصول، ص162: «الحق أنّ اسم الجنس كرجل مجرداً عن اللواحق موضوع للماهیة من حیث هي و علیه المحققون و قیل بل موضوع للفرد المنتشر و هو مردود بشهادة التبادر على خلافه» الخ
فتری أن الأوّلین عبّرا عن الموضوع له بالماهیة المطلقة (التعبیر الأوّل) و الثالث بالماهیة من حیث هي (التعبیر الثاني) في قبال الفرد المنتشر.
و عبّر بالماهیة من حیث هي في مناهج الوصول، ج2، ص317 أیضاً قال: «إن اسم الجنس … موضوع لنفس الماهیات بلا اعتبار شيء و من غیر دخالة قید وجودي أو عدمي أو اعتباري فیها، فالموضوع لها نفس الماهیة من حیث هي» الخ.
ثم إن بعضهم عبّر عن المعنی الموضوع له اسمُ الجنس بالماهیة المبهمة المهملة (التعبیر الثالث):
ففي کفایة الأصول، ص243: «لا ریب أنّها موضوعة لمفاهیمها بما هي هي مبهمة مهملة بلا شرط أصلاً ملحوظاً معها حتی لحاظ أنّها كذلك و بالجملة الموضوع له اسم الجنس هو نفس المعنی و صرف المفهوم الغیر الملحوظ معه شيء أصلاً الذي هو المعنی بشرط شيء و لو كان ذاك الشيء هو الإرسال و العموم البدلي و لا الملحوظ معه عدم لحاظ شيء معه الذي هو الماهیة اللابشرط القسمي» الخ و في نهایة الأفکار، ج2-1، ص563: «التحقیق هو ما علیه السلطان من الوضع لنفس المهیة المهملة»
و اختلف تعبیر الأصولیین فمنهم من عدّ هذه الماهیة المبهمة المهملة الماهیة اللابشرط المقسمي:
ففي وسیلة الوصول، ص420: «لا ریب في أنّ اسم الجنس موضوع للماهیة المبهمة اللابشرط المقسمي المعراة عن تمام القیود و الخصوصیات حتی عن قید الإرسال القابلة لها»
و في عنایة الأصول، ج2، ص349: «ان حاصل مقصود المصنف هنا أنّ أسماء الكلیات أي أسامي الأجناس بجواهرها و أعراضها بل و عرضیاتها موضوعة للماهیات بما هي هي مبهمة مهملة التي هي لا بشرط مقسمي … ثم إنّ في وضع أسامي الأجناس أقوال ثلاثة: أحدها ما عرفته من المصنف و هو خیرة المحققین … و قد عرفت أنّ الحق فیه هو الأوّل».
و منهم من عدّ الماهیة المهملة غیر الماهیة اللابشرط المقسمي:
ففي المحاضرات،ط.ق. ج5، ص344 و ط.ج. ج5، ص510: «الماهیة تارة یلاحظ بما هي هي یعني أنّ النظر مقصور إلى ذاتها و ذاتیاتها و لمیلحظ معها شيء زائد و تسمّی هذه الماهیة بالماهیة المهملة نظراً إلى عدم ملاحظة شيء من الخصوصیات المتعیّنة معها فتكون مهملة بالإضافة إلى جمیع تلك الخصوصیات حتی خصوصیة عنوان كونها مقسماً للأقسام الآتیة و بكلمة أخری إنّ النظر لمیتجاوز عن حدود ذاتها و ذاتیاتها إلى شيء خارج عنها حتی عنوان إهمالها و قصر النظر علیها فإنّ التعبیر عنها بالماهیة المهملة باعتبار واقعها الموضوعي، لا باعتبار أخذ هذا العنوان في مقام اللحاظ معها فالنتیجة أنّ هذه الماهیة مهملة و مبهمة بالإضافة إلى جمیع طواریها و عوارضها الخارجیة و الذهنیة و تارة أخری یلاحظ معها شيء خارج عن مقام ذاتها و ذاتیاتها و ذلك الشيء إن كان عنوان مقسمیتها للأقسام التالیة دون غیره سمیّت هذه الماهیة بالماهیة اللابشرط المقسمي».
و عبّر بعضهم عن الموضوع له بذات الماهیة (التعبیر الرابع) و جعلها في قبال الماهیة من حیث هي و اللابشرط المقسمي:
ففي منتقی الأصول، ج3، ص410: «الموضوع له اسم الجنس هو ذات الماهیة و الطبیعة التي تطرأ علیها هذه الاعتبارات و الثابتة في جمیع هذه التقسیمات بلا تقیّد لها باعتبار دون آخر فلیست هي الماهیة بما هي هي، و لا الماهیة بشرط الإرسال و لا الماهیة اللابشرط المقسمي أو القسمي»
و في دروس في علم الأصول، ج2، ص80، عدّ الموضوع له اللابشرط القسمي (التعبیر الخامس) قال: «لا شك في أنّ اسم الجنس لیس موضوعاً للماهیة اللابشرط المقسمي لأنّ هذا جامع بین الحصص و اللحاظات الذهنیة لا بین الحصص الخارجیة … فیتعیّن كونه موضوعاً للماهیة المعتبرة على نحو اللابشرط القسمي و هذا المقدار ممّا لاینبغي الإشكال فیه و إنّما الكلام في أنّه هل هو موضوع للصورة الذهنیة الثالثة – التي تمثل الماهیة اللابشرط القسمي- بحدّها الذي تتمیّز به عن الصورتین الأخریین أو لذات المفهوم المرئي بتلك الصورة و لیست الصورة بحدّها إلّا مرآة لما هو الموضوع له فعلى الأوّل یكون الإطلاق مدلولاً وضعیاً للفظ و على الثاني لایكون كذلك … و لا شك في أنّ الثاني هو المتعین»
و في نهایة الأصول، ص332، بیان لایخلو من فائدة قال: «اختلفوا في أنّ الكلي الطبیعي (أعني ما هو معروض وصف الكلیة) هو اللابشرط المقسمي أو القسمي بعد الاتفاق على عدم كونه عبارة عن القسمین الأخیرین فممّن قال بكونه عبارة عن اللابشرط المقسمي صاحب المنظومة! وممّن قال بكونه عبارة عن القسمي المحقق الطوسي! في التجرید. ثمّ سری هذا البحث تدریجاً إلى الأصول فوقع البحث في أنّ اسم الجنس الذي یعدّ من مصادیق المطلق وضع لنفس الماهیة من حیث هي أعني اللابشرط المقسمي أم للطبیعة الملحوظ معها عدم لحاظ شيء معها أعني اللابشرط القسمي هذا ما ذكروه في المقام».
[67]. تحقیق الأصول، ج1، ص86.
[68]. في تعلیقة على معالم الأصول، ج1، ص420: «القدماء من أهل العربیة و الأصول أنكروا ثبوت ذلك أیضا خلافاً لأكثر المتأخرین فأثبتوه في الضمائر و الموصولات و أسماء الإشارة و الحروف بأسرها و الأفعال الناقصة بل التامة باعتبار النسبة الفاعلیة أو الطلبیة و المشتقات الاسمیة بأجمعها عند جماعة منهم و قد ذكر سیّد الأفاضل ضابطاً كلیاً یندرج فیه جمیع هذه المذكورات و غیرها ممّا لمیذكر إن كان و هو كل مستعمل في غیر منحصر لأمر مشترك لمیستعمل فیه فقالوا بأنّ الوضع فیها عام و الموضوع له خاص، على معنی أنّ الواضع لاحظ كلي المفرد المذكر الغائب المتقدم ذكره و كلي من یحكي عن نفسه و كلي المفرد المذكر من المخاطب و كلي المفرد المذكر ممّن یتعیّن بالصلة و كلّي المفرد المذكر من المشار إلیه و كلي الابتداء و الانتهاء و الاستعلاء و كلي تقریر صفة لموصوف و كلي نسبة الحدث إلى الفاعل و كلي الذات المتصفة بالمبدأ، ثمّ وضع لفظة “هو” و “أنا” و “أنت” و “الذي” و “ذا” و “من” و ” إلى” و “على” و “كان” و هیأة “فعل” و “یفعل” و “فاعل” في كل من الكلیات المذكورة للجزئیات المندرجة تحته على وجه یقع كل جزئي بنفسه موضوعاً له، فیتعدّد الموضوع له على حسب تعدّد الجزئیات و إن اتّحد الوضع فیكون استعمال اللفظ في كل واحد بانفراده استعمالاً له في تمام معناه الموضوع له و القدماء زعموا أنّ الوضع و الموضوع له في الجمیع عام».
[69]. المحاضرات، ط.ق. ج1، ص50 و ط.ج. ص54.
[70]. في تعلیقة على معالم الأصول، ج1، ص419: «ربّما ادعي امتناعه [أي القسم الرابع] و علّل بأنّ الجزئي لایقع عنواناً للكلي و آلة لملاحظته و توجیهه أنّ الجزئي عبارة عن الماهیة مع التشخص و التشخص إنّما یلحق الماهیة بواسطة انضمام المشخصات، فالماهیة ما به اشتراك الجزئي مع سائر الجزئیات و المشخصات ما به امتیازها عن سائر الجزئیات و المحسوس المعائن منه عند الملاحظة إنّما هو المجموع ممّا به الاشتراك و ما به الامتیاز و وقوعه عنواناً للكلي – وهو الماهیة المشتركة- لیوضع لها لفظ فرع على التمییز بین ما به الاشتراك و ما به الامتیاز و هذا لایتأتی بمجرد ملاحظة الجزئي فلایحصل بملاحظته تصوّر الكلي لا تفصیلاً و لا إجمالاً فیستحیل الوضع بإزائه» الخ.
و في فوائد الأصول، ج2-1، ص31: «الظاهر أنّه یستحیل ذلك بداهة أنّ الخاص بما هو خاص لایصلح أن یكون مرآة للعام و من هنا قیل: إنّ الجزئي لایكون كاسباً و لا مكتسباً و هذا بخلاف العام فإنّه یصلح أن یكون مرآة لملاحظة الأفراد على سبیل الإجمال».
و بیان الاستحالة في منتهی الأصول، ج1، ص17: «إنّ الواضع – حال الوضع- إن تصوّر هذین العنوانین [المراد بهما المعنی العام أو المتصور الخاص و ما هو شریك له في الأثر] فقد صار الوضع أیضا كالموضوع له عامّاً و إن لمیتصور إلّا ذلك المعنی الخاص فكیف یعقل أن یضع اللفظ بإزاء شيء لمیتصوره أصلاً لا بالصورة التفصیلیة و لا بالإجمالیة ؟» الخ.
و راجع أیضاً نهایة الأفکار، ص37 و أصول الفقه، ج1، ص57 و دروس في علم الأصول، ج1، ص188 و المحاضرات، ط.ق. ج1، ص52 و ط.ج. ص56 و منتقی الأصول، ج1، ص80 .
و لکن في حقائق الأصول، ج1، ص22: «لعلّ النزاع في ثبوت القسم الرابع لفظي».
و هنا قول آخر ففي تهذیب الأصول، ج1، ص8: «الحق أنّهما مشترکان في الامتناع على وجه و الإمکان على نحو آخر».
و في عنایة الأصول، ج1،ص18: «إنّ لحاظ الموضوع له على الدقة و التفصیل عند الوضع لازم عقلاً و لایكفي اللحاظ الإجمالي المرآتي و إلّا فكما أنّه یصحّ القسم الثاني أي الوضع العام و الموضوع له الخاص فكذلك یصحّ القسم الرابع و هو الوضع الخاص و الموضوع له العام إذ لمیعلم أنّ مرآتیة الفرد للطبیعي هي أقل من مرآتیة الطبیعي للأفراد فكما أنّه إذا لاحظ الطبیعي جاز وضع اللفظ لأفراده نظراً إلى كونه وجهاً من وجوهها فكذلك إذا لاحظ الفرد الخاص جاز وضع اللفظ لكلیه المنطبق علیه و على أقرانه لكونه وجهاً من وجوهه».
و في تحریرات في الأصول، ج1، ص70: «بالجملة ما أفاده المحقق الرشتي! الذي هو عندي في الصف الأوّل من علماء الغیبة الکبری قابل للتصدیق … و أمّا ما في تهذیب الأصول من امتناع القسم الثالث و الرابع بوجه و إمکانهما بوجه فهو یتمّ في الثالث دون الرابع».
[71]. بدائع الأفکار، ص39.
[72]. درر الأصول، ص5؛ في ص36: «أقول: یمكن أن یتصوّر هذا القسم أعني ما یكون الوضع فیه خاصاً و الموضوع له عامّاً فیما إذا تصوّر شخصاً و جزئیاً خارجیاً من دون أن یعلم تفصیلاً بالقدر المشرك بینه و بین سائر الأفراد و لكنّه یعلم إجمالاً باشتماله على جامع مشترك بینه و بین باقي الأفراد مثله كما إذا رأی جسماً من بعید و لمیعلم بأنّه حیوان أو جماد و على أي حال لمیعلم أنّه داخل في أي نوع فوضع لفظاً بإزاء ما هو متّحد مع هذا الشخص في الواقع فالموضوع له لوحظ إجمالاً و بالوجه و لیس الوجه عند هذا الشخص إلى الجزئي المتصوّر لأنّ المفروض انّ الجامع لیس متعقلاً عنده إلّا بعنوان ما هو متحد مع هذا الشخص و الحاصل انّه كما یمكن أن یكون العام وجهاً لملاحظة الخاص لمكان الاتحاد في الخارج كذلك یمكن أن یكون الخاص وجهاً و مرآتاً لملاحظة العالم لعین تلك الجهة نعم فیما إذا علم بالجامع تفصیلاً لایمكن أن یكون الخاص وجهاً له لتحقق الجامع في ذهنه تفصیلاً بنفسه لا بوجهه فلیتدبر».
[73]. في حاشیة على کفایة الأصول، ج1، ص18: «إنّ بعض الأجلة ذهب إلى إمكان القسم الرابع في بعض المقامات و هو فیما إذا كان الشخص الملحوظ بجامعه و عنوانه مجهولاً و إن كان بحسب الواقع معلوماً مثلاً إذا رأینا جسماً من بعید و لمنعلم بأنّه من أي نوع فنضع اللفظ بإزاء ما هو متحد مع هذا في الواقع فیكون هذا الشخص وجهاً و آلة للجامع».
[74]. و في حاشیة على کفایة الأصول، ج1، ص19: «إنّ الجهل بالواقع لایصیر ملاكاً لصیرورة الخاص وجهاً للعام فإنّ الخاص الكذائي إمّا أن یلاحظ بجمیع خصوصیاته فلایمكن أن یقع وجهاً للعام و إن كان العام مجهولاً و إمّا یلاحظ معری عنها فیصیر العام المجهول ملحوظاً بنفسه و ذاته، لا بوجهه و عنوانه».
و في المحاضرات، ط.ق. ج1، ص52 و ط.ج. ص56: «إنّه توّهم فاسد و ذلك لأنّه قد یتصوّر ذلك الشبح بعنوان أنّه جزئي و معنی خاص» الخ.
[75]. منتهی الدرایة، ج1، ص27.
[76]. في منتقی الأصول، ج1، ص69: «(اللفظ و الاستعمال) هذا البحث لمیعنون في الأبحاث بعنوان مستقل و إنّما یشار إلیه في ضمن الأبحاث الأخری المتعلقة بالاستعمال و المقصود منه بیان حقیقة استعمال اللفظ في المعنی و الأقوال فیها متضاربة – فمنهم من یری أنّه إفناء اللفظ في المعنی و إلقاء المعنی باللفظ و منهم من یری أنّه جعل اللفظ علامة للمعنی كغیره من العلامات – والمتعارف على الألسن في تحریر النزاع المذكور هو أنّ الاستعمال هل هو من قبیل جعل اللفظ علامة للمعنی كغیره من العلامات».
[77]. في منتقی الأصول، ج1، ص70: «أمّا أنّه لیس من قبیل استعمال المرآة فلأنّه من البدیهي أنّه یمكن الإلتفات إلى اللفظ و خصوصیاته حال الاستعمال و لذلك یختار الخطیب الألفاظ الرشیقة و العبارات الشیقة في مقام أداء المعاني كما أنّه قد یجري على طبق القواعد العربیة المرسومة في باب الاستعمال التي یتوقف الجري علیها على نحو التفات إلى اللفظ كقواعد النحو و الصرف و البلاغة».
[78]. في منتقی الأصول، ج1، ص70 و 71: «أمّا أنّه لیس من قبیل الاستعمالات الكنائیة فلأنّه من الظاهر أنّ اللفظ في حال الاستعمال لایكون ملتفتاً إلیه بالاستقلال و ملحوظاً في نفسه لظهور عدم إمكان الحكم علیه بما أنّه لفظ في ذلك الحال و لو كان ملحوظاً استقلالاً لصحّ الحكم علیه بلا إشكال».
[79]. الوجه الثالث مختار المحقق الروحاني! ففي منتقی الأصول، ج1، ص71: « بذلك یعلم أنّ اللفظ في حال الاستعمال یكون ملحوظاً لكن باللحاظ الطریقي الآلي لا باللحاظ الاستقلالي النفسي فالاستعمال على هذا لیس إفناء اللفظ في المعنی و إلقاء المعنی باللفظ و لا ذكر اللفظ مستقلاً فینتقل منه إلى المعنی كالكنایات بل هو إیجاد اللفظ في الخارج بداعي حصول الانتقال إلى المعنی فهو منظور طریقاً و عبرة للمعنی لا مستقلاً و لا مغفولاً عنه».