متن كتاب عیون الانظار
الأمر الأوّل: هل البراهين العقلية توجب القطع بالحكم الشرعي أو لا؟
قد اختلف الأعلام فقال أكثر الأُصوليين بأنّها تفيد القطع و خالفهم بعض الأخباريين مثل الشيخ المحدث الأمين الأسترآبادي! و قال: «إنّها لاتفيد إلّا الظنّ».([1])
تفصيل المحقّق الخوئي!([2])
إنّ الحكم العقلي بمعنى إدراك العقل على ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل
و هو أن يدرك العقل ملاكات الأحكام من المصالح و المفاسد.
أورد المحقّق الخوئي! عليه([3])
إنّ العقل لا إحاطة له بجميع المصالح و المفاسد و درجتها و الغالب منهما بعد الكسر و الانكسار و لذا ورد عنهم(: «إِنَّ دِينَ اللهِ لَا يُصَابُ بِالْعُقُول».([4])
القسم الثاني
و هو أن يدرك العقل الحسن و القبح كإدراكه حسن الطاعة و قبح المعصية.
أورد المحقّق الخوئي! عليه([5])
إنّ حكم العقل بالحسن والقبح في مرتبة معلول الحكم الشرعي فلايمكن أن يستكشف به الحكم الشرعي فإنّ حكم العقل بحسن الطاعة و قبح المعصية إنّما هو بعد صدور أمر مولوي من الشارع.
يلاحظ على إيراد المحقّق الخوئي!
إنّ القبح الّذي حكم به العقل ليس دائماً في مورد قاعدة حسن الطاعة و قبح المعصية بل قد يكون القبح في رتبة علّة الحكم الشرعي مثل قبح الهتك، و لذلك جمع كثير من الأعلام حكموا بحرمة التجرّي، لما يرون فيه من هتك المولى و هو قبيح عندهم، و لمكان هذا القبح حكموا بالحرمة، فراجع.([6])
القسم الثالث
و هو أن يدرك العقل الملازمات العقلية مثل إدراك الملازمة بين وجوب الشيء و وجوب مقدّمته فإنّ هذه الملازمة ليست اعتبارية بل هي أمر نفس الأمري و هكذا الملازمة بين وجوب الشيء و حرمة ضدّه.
و الحقّ هو أنّ الحكم العقلي في هذا القسم مستتبع للحكم الشرعي.([7])
الأمر الثاني: في حجية الدليل العقلي
فلنتكلّم هنا في أقسام الدليل العقلي من جهة نسبة مطابقته للواقع و نقول إنّ الدليل العقلي بهذا الاعتبار على ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: الدليل العقلي القطعي
فلا شك و لا ريب في اعتباره، إلّا أنّه قد نُسب إلى بعض العامة و الأخباريين من الخاصة السيّد الصدر و المحدّث الأسترابادي”([8]) عدم معارضة الدليل العقلي – مهما كانت مقدماته- للنصوص.
و المستفاد من كلمات هو إنكار بعضهم الصغرى المبحوث عنها فقط و لكن صريح كلمات بعضهم إنكار الكبرى.([9])
و البحث هنا يقع في مقامين:
الأوّل: في إمكان المنع عن العمل بالقطع الحاصل من البراهين و القواعد العقلية و هذا بحث ثبوتي.
الثاني: في أنّ الشارع هل منع عن العمل بذلك أو لا؟ و هذا بحث إثباتي.
المقام الأوّل: في البحث الثبوتي
إنّ هنا نظريتين:
النظرية الأولى: عدم إمكان المنع
إنّ الشيخ الأنصاري و صاحب الكفاية” و أكثر من تأخّر عنهما كالمحقّق النائيني و المحقّق الخوئي” قالوا بعدم إمكان المنع عن العمل بذلك.
بيان المحقّق النائيني!([10])
يمكن تقييد الأحكام الواقعية بأن لاتكون معلومة من غير الكتاب و السنة و ذلك التقييد ليس بالجعل الأوّل بل هو بالجعل الثاني و هو متمّم الجعل.
فما أفاده ليس منعاً عن العمل بالقطع بل هو تقييد الحكم المقطوع بعدم كونه مقطوعاً بسبب البراهين و القواعد العقلية.
و كلامه! مشتمل على مطالب أربعة:
المطلب الأوّل:
إنّ القطع إن كان متعلقاً بالحكم فلامحالة يكون طريقاً إليه و يستحيل كونه مأخوذاً في موضوعه، لأنّ أخذ القطع في الموضوع مستلزم لتقدّم القطع على حكمه لتقدّم كل موضوع على حكمه.
و أمّا فرض تعلّق القطع بالحكم و كونه طريقاً إليه مستلزم لتأخّر القطع عن الحكم و تقدّم الحكم على القطع فحينئذٍ فرض تعلّق القطع بحكم أُخذ في موضوعه القطع به، يستلزم تقدّم الشيء على نفسه.
المطلب الثاني:
إنّ استحالة تقييد موضوع الحكم بالقطع به لاتوجب كونه مطلقاً بالإضافة إلى حالتي العلم و الجهل لما بيّنّاه في بحث المطلق و المقيّد و غيره (مثل الواجب التعبّدي و التوصّلي) من أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الإطلاق.
فكلّ تكليف بالإضافة إلى الانقسامات الثانوية الناشئة من نفس الخطاب لايعقل فيه إلّا الإهمال و لايمكن اتّصافه لا بالتقييد و لا بالإطلاق اللّحاظيين.
المطلب الثالث:
إنّ الإهمال المذكور في المطلب الثاني إهمال في مقام الإثبات و إلّا فالإهمال في مقام الثبوت غير معقول، فلابدّ من دليل آخر متمّم للجعل الأوّل باعتبار تقيّد الغرض و عدمه فلابدّ من أحد الأمرين: إمّا تقييد الموضوع في الجعل الأوّل بالعلم و هذا ما يسمّى نتيجة التقييد؛ و إمّا تعميم الموضوع في الجعل الأوّل بالنسبة إلى العلم و عدمه، و هذا ما يسمّى نتيجة الإطلاق.
ففي مثل قصد القربة، قد علم تقييد العبادات به بنتيجة التقييد لأجل تقيّد الغرض به، كما أنّه قد علم من أدلّة اشتراك التكليف (المدّعى تواتر أخبارها في كلمات الشيخ الأنصاري!) عدم اختصاص الأحكام بخصوص العالمين بها، بل يعمّ الجاهلين أيضاً.
و كما ثبت من الأدلّة اختصاص الحكم بالعالمين به في باب القصر و الإتمام و الجهر و الإخفات و أنّ الجاهل بوجوب القصر لايجب في حقّه القصر، كما أنّ الجاهل بوجوب الجهر أو الإخفات كذلك فيكون المستفاد من الدليل المتمّم للجعل الأوّل هو اشتراط وجوب القصر أو الجهر أو الإخفات بالعلم بالوجوب من باب نتيجة التقييد.
المطلب الرابع:
إذا أمكن أخذ القطع بالحكم في موضوعه بدليل آخر فيمكن أخذ القطع بالحكم من سبب خاصّ مانعاً عنه أيضاً و هذا كما في القطع القياسي، فإنّ المستفاد من رواية أبان([11]) عدم اعتبار القطع الحاصل من القياس، و هذا إنّما يكون باعتبار تقيّد الأحكام الواقعية بأن لاتكون معلومة من طريق القياس من باب نتيجة التقييد، ففي الحقيقة موضوع تلك الأحكام من لايكون عالماً بها من طريق القياس.
و هذا ليس تصرّفاً في ناحية القطع حتى يقال بأنّ طريقيته ذاتية غير قابلة لأن تنالها يد الجعل نفياً و إثباتاً، بل تصرّف في ناحية المقطوع و تخصيصه بموضوع خاصّ دون آخر، بل لايبعد أن يكون القطع الحاصل من الجفر و الرمل ونحوهما أيضاً كذلك، بأن تكون الأحكام الواقعية مختصّة من باب نتيجة التقييد بغير العالمين بها من تلك الطرق غير المتعارفة، فإنّ دعوى الإجماع على ذلك ليست بكلّ البعيد.
ملاحظات ثلاث على ما أفاده المحقّق النائيني!
إنّ ما أفاده في المطلب الثاني من أنّ التقابل بين الإطلاق و التقييد تقابل العدم و الملكة مخدوش لما تقدّم في مبحث التعبّدي و التوصّلي من أنّ التقابل بينهما في مقام الإثبات تقابل العدم و الملكة و في مقام الثبوت تقابل الضدّين كما اختار ذلك المحقّق الإصفهاني! و تبعه المحقّق الخوئي!.([12])
و حينئذٍ إذا كان تقييد الحكم بالعلم به محالاً لاستلزامه تقدّم الشيء على نفسه و تقييد الحكم بالجهل به محالاً أيضاً للمحذور المتقدّم بعينه، فلابدّ أن يكون الحكم مطلقاً بالنسبة إلى حالتي العلم و الجهل بحسب الجعل الأوّل فلا حاجة إلى الجعل الثاني المسمّى بمتمّم الجعل و لايكون الجعل الأوّل مهملاً من حيث العلم و الجهل.
فبالنتيجة لايمكن منع المكلف عن العمل بقطعه من أيّ سبب كان لإطلاق الدليل بالنسبة إلى العلم بالحكم أو الجهل به.
إنّ المحقّق الخوئي! ناقش في ما ادّعاه المحقّق النائيني! من أنّ العلم مأخوذ في موضوع الحكم في موارد الجهر و الإخفات و القصر و التمام فقال:([13])
إنّ الأمر ليس كذلك، إذ غاية ما يستفاد من الأدلّة هو إجزاء أحدهما عن الآخر و إجزاء التمام عن القصر عند الجهل بالحكم، لا اختصاص الحكم بالعالم.
فإنّ اجتزاء الشارع في مقام الامتثال بالجهر في موضع الإخفات أو العكس لايدلّ على اختصاص الحكم بالعالم و يدلّ عليه أنّ العنوان المذكور في الرواية هو الجهر في ما ينبغي فيه الإخفات أو الإخفات في ما ينبغي فيه الجهر.([14])
و هذا التعبير ظاهر في ثبوت الحكم الأولي للجاهل أيضاً.
و يؤيّده تسالم الفقهاء على أنّ الجاهل بالحكمين مستحقّ للعقاب عند المخالفة في ما إذا كان جهله عن تقصير، فإنّه على تقدير اختصاص الحكم بالعالم لا معنى لكون الجاهل مستحقّاً للعقاب.
إنّه ناقش أيضاً([15]) في المثال الذي نقلناه في المطلب الرابع حيث قال المحقّق النائيني!([16]): إنّ المستفاد من حديث أبان هو منع الشارع عن العمل بالقطع الحاصل من طريق القياس و المحقّق الخوئي! أشكل عليه من جهات ثلاث:
الجهة الأُولى: هي ضعف سند رواية أبان.([17])
لا يمكن النقاش في هذا السند الصحيح الأعلايي، فإنّ ملاحظة سند الكافي يغنينا عن البحث عنه، فإنّ الكليني([18]) رواها عن عليّ بن إبراهيم عن أَبيه و عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعاً عن ابن أَبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أَبان بن تغلب، فمع قوّة هذا السند لا يبقى مجال للكلام حوله.
الجهة الثانية: هي عدم كونه قاطعاً بالحكم بل يظهر من الرواية كون أبان مطمئناً بالحكم لا قاطعاً به و لذا قال: «كنّا نسمع ذلك بالكوفة و نقول: إنّ الذي جاء به شيطان».([19])
الجهة الثالثة: أنّه ليس فيها دلالة على المنع عن العمل بالقطع على تقدير حصوله لأبان، بل الإمام% أزال اطمينان أبان بالحكم ببيان الواقع و بيّن له أنّ ما اطمأنّ به أبان مخالف للواقع.
النظرية الثانية: إمكان المنع عن القطع الحاصل من تقصير المكلّف
بيان المحقّق العراقي! و بعض الأساطين>
«يمكن دعوى عدم اعتبار القطع الحاصل من تقصير المكلف في المقدمات التي حصل القطع منها فإنّه يمكن دعوى عدم معذوريته بقطعه لتقصيره في المقدمات، و يؤيد ذلك الأخبار الواردة من منع الخوض في المقدمات العقلية، فقد ورد: «إِنَّ دِينَ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُصَابُ بِالْعُقُول»([20]) و «إِنَّ السُّنَّةَ إِذَا قِيسَتْ مُحِقَ الدِّينُ»([21]) المستفاد منها النهي عن العمل بالأحكام الفرعية المستنبطة من تلك المباني العقلية كالأقيسة و نحوها».([22])
و رضي به بعض الأساطين>([23]) و ظاهر عبارة كاشف الغطاء!: «و كذا من خرج عن العادة في قطعه و ظنّه، فإنّه يلغو اعتبارهما في حقّه»([24]) أيضا ذلك.
المقام الثاني: في البحث الإثباتي
الاستدلال على المنع
قد استدلوا على ذلك ببعض الأمثلة مثل القطع الحاصل بسبب القياس فإنّ الشارع منع عنه.
بعد استحالة المنع عن العمل بالقطع لاتصل النوبة إلى مقام الإثبات، و أمّا المثال الذي أفاده و هو القطع الحاصل من طريق القياس فقد تقدّم إيراد المحقّق الخوئي! عليه([25]).
القسم الثاني: الدليل العقلي الموثوق به
و هو العقلي الظني المدعوم بالنقل الصحيح أو المأخوذ من مقدمات قريبة من البديهية و سنشير إليه عند بيان قولنا.
و قد ذهب جلّ الأخباريين لولا الكل إلى عدم اعتباره و لا يأخذون به لا في الأصول و لا في الفقه، فلا تصل النوبة – عندهم- إلى معارضته مع نقلي فضلا عن التقدّم عليه.
و قد مضى الاستدلال لحجية الاطمينان و الدليل العقلي الموثوق به منه فراجع.([26])
القسم الثالث: الدليل العقلي الظني أو الموهوم
لا اعتبار به عند قاطبة الإمامية إلا ما حكي عن ابن جنيد و لعلّه لم يستدلّ به إلا من باب المحاجّة لخصمه([27])، و قد أخذ به أكثر المخالفين ببعض مصاديقه كالاستحسان و القياس و هو لا يعارض النصوص.
الفائدة:
الأقوال في حجّية الدليل العقلي و تعارضه مع الدليل النقلي
ننبّه – قبل بيان الأقوال- إلى أنّ اختلاف الأقوال في كثير من الموارد يرجع إلى اختلافهم في كون الدليل العقلي قطعياً أو غير قطعي؛ فالقائل بتقديم الدليل العقلي يراه قطعياً، و القائل بعدم تقديمه يراه غير قطعي، فالنزاع في الصغرى، و إن كان ظاهر البحث في حجّية الدليل العقلي و عدم حجّيته، و على هذا يمكن أن نرجع بعض الأقوال إلى البعض الآخر.
القول الأوّل: حجّية الدليل العقلي و تقديمه مطلقاً على الدليل النقلي
و من قال به يلتزم بتقديمه على الدليل النقلي المعتبر، و الظاهر إرادة ما يفيد القطع من الدليل العقلي، لا الدليل العقلي غير القطعي([28])، إلا أنّ البعض قد يعدّ الأدلّة العقلية الظنّية التي اختلف فيها من الأدلّة القطعية.
و لذا نجد بعض الأعلام اعترض على القائلين بهذا القول بأنّ الدليل العقلي قد يكون قطعياً عندكم و لتقصير في مقدّماته، فهذا الدليل العقلي و إن كان قطعياً عندكم و لكنّه ليس بحجّة. ([29])
القول الثاني: سقوط الدليل العقلي عن الحجّية، إذا تعارض مع الدليل الشرعي
و هذا مختار جمعٍ من الأعلام، فإنّهم يشكّكون في قطعية مقدّمات الدليل العقلي القطعي و لذا يقولون بعدم حجّية القطع عند التعارض، و هذا في الحقيقة يرجع إلى التشكيك في قطعية الدليل العقلي في ما إذا تعارض مع الدليل النقلي المعتبر.
القول الثالث: عدم اعتبار الدليل العقلي مطلقاً
و هذا مختار بعض الأخباريين، و سيجيء بيان بطلان إطلاق هذا القول، و من القائلين بذلك المحدّث الأسترآبادي! فإنّه قال صاحب الكفاية! نقلاً عنه: … عدم جواز الاعتماد على المقدمات العقلية لأنها لا تفيد إلا الظن كما هو صريح الشيخ المحدث الأمين الأسترآبادي رحمه الله حيث قال في جملة ما استدل به في فوائده على انحصار مدرك ما ليس من ضروريات الدين في السماع عن الصادقِين(: «الرابع: أن كلّ مسلك غير ذلك المسلك يعني التمسك بكلامهم عليهم الصلاة و السلام إنما يعتبر من حيث إفادته الظن بحكم الله تعالى، و قد أثبتنا سابقا أنه لا اعتماد على الظن المتعلق بنفس أحكامه تعالى أو بنفيها.» ([30])، و الظاهر إنه لا يرى حصول القطع من المقدمات العقلية.
القول الرابع: عدم اعتبار الدليل العقلي القطعي إذا كان مقصّراً في مقدماته
إنّ بعض الأصوليين يعتقدون بعدم اعتبار القطع إذا كان القاطع مقصّراً في مقدمات قطعه، و قد مرّ نقل عبارة المحقّق العراقي! في ذلك و أّنّ بعض الأساطين> ارتضى ذلك.([31])
القول الخامس: التفصيل في الدليل العقلي بين القطعي و الظنّي
و قال في بحر الفوائد!: «المستفاد من الأخبار المذكورة و أمثالها سوقها في المنع عن الرجوع إلى العقل في التّوقيفيات التي لا سبيل للعقل إليها فيكون المراد منها العقول النّاقصة الظنّيّة لا محالة، و يشهد له ما دلّ على خطأ العقول، فإنّ القضيّة محمولة على الغلبة و لاتستقيم، إلّا بالنسبة إلى العقول الظنّيّة كما هو واضح».([32])
قال الشيخ محمد باقر الإصفهاني!: «و ما ورد: إِنَّ دِينَ اللهِ لَا يُصَابُ بِالْعُقُول و نحو ذلك فمحمولٌ على الوجوه الظنّيّة على أنّ كلّ ما يحكم به العقل القاطع فهو ممّا يعلم صدوره عن الحجّة، لما ثبت في محلّه من تطابق الحكمين».([33])
القول السادس: التفصيل في الدليل العقلي بين القطعي و الموثوق و الظنّي
و هذا القول هو المختار، فإنّ هنا ثلاث صور:
الصورة الأولى: إنّ الدليل العقلي لو تمّ و كان قطعياً يصير قرينة على تفسير الدليل الشرعي، و لو تعارض مع الدليل الشرعي لابدّ من تقديم هذا الدليل العقلي عليه، و لكنّه لم يوجد له مصداق، كما قال الشيخ الأنصاري!: «… فإدراك العقل القطعي للحكم المخالف للدليل النقلي على وجهٍ لايمكن الجمع بينهما في غاية الندرة، بل لانعرف وجوده».([34])
الصورة الثانية: إذا كان الدليل العقلي غير قطعي و لكنّه كان موثوقاً و حصل العلم العادي به، فهنا يتعارض مع الدليلي الشرعي و لا يتقدّم عليه؛ لأنّ الدليل الشرعي أيضاً موثوق به، و دليل حجّيته يدلّ على أنّه علم عادي، فهنا نلتزم بالتوقّف، و لا نقول بالتساقط للتعارض إلّا مع إقامة قرينة قطعية معتبرة دالّة على تقديم أحدهما على الآخر.
فإن كانت قرينة على تقديم أحدهما على الآخر فهو المتّبع، و إلا فلابدّ من الرجوع إلى العمومات أو الإطلاقات الشرعية، و مع فقدها فلابد من الرجوع إلى الأصول العملية الشرعية و العقلية حسب ما بيّنه الأعلام.
الصورة الثالثة: إذا كان الدليل العقلي غير قطعي و كان ظنّياً أو وهمياً، فلا اعتبار به و يسقط عن الاعتبار.
الفصل السابع: في إمكان ردع الشارع عن العمل بالقطع
المقام الأوّل: هل يمكن للشارع أن يردع عن العمل بالقطع؟
إذا قلنا بحجّية القطع فلايمكن الردع عن العمل به، فإنّ القطع على الفرض يكون حجّة و المنع عنه يكون بمعنى عدم حجّيته و ذلك تناقض في حكم الشارع.([35])
مع أنّه إن كان القطع مطابقاً للواقع و ردع الشارع عنه و جعل في مورده طريقاً إلى حكم آخر فيلزم جعل الحكمين و هذا مستحيل في حقّ الحكيم كما أنّه يلزم اعتقاد القاطع بالحكمين في مورد واحد و إن كان القطع غير مطابق للواقع يلزم المحذور الأخير و هو اعتقاد القاطع بالحكمين المختلفين المجعولين لشيءٍ واحد([36]) و نتيجة هذا الاعتقاد هو الالتزام بالمحال، و الشارع لايُلجئ المكلّف إلى الالتزام بالمحال، لأنّ ذلك خلاف الحكمة و لايصدر ذلك من الحكيم المتعال.([37])
المقام الثاني: الفروع التي يتوهّم فيها المنع عن العمل بالقطع
و هي اثنان:
إنّ الشيخ الأنصاري! تعرّض([38]) لهذه الفروع في ضمن البحث عن حرمة المخالفة القطعية للعلم الإجمالي، و عنونها بالفروع التي توهّم فيها جواز المخالفة القطعية للعلم الإجمالي، و هذه المسألة تتعنون بكلا العنوانين.
الفرع الأوّل
إنّ الفقهاء حكموا بأنّه إن كان لأحد درهم و للآخر درهمان و كانت الدراهم عند الودعي فتلف أحد الدراهم فلابدّ من تنصيف ذلك فيكون لصاحب الاثنين درهم واحد و نصف و لصاحب الدرهم نصف درهم.
و استندوا في ذلك إلى موثقة السكوني:
رواه الصدوق! بِإِسْنَادِهِ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ(: «فِي رَجُلٍ اسْتَوْدَعَ رَجُلًا دِينَارَيْنِ فَاسْتَوْدَعَهُ آخَرُ دِينَاراً، فَضَاعَ دِينَارٌ مِنْهَا، قَالَ%: يُعْطَى صَاحِبُ الدِّينَارَيْنِ دِينَاراً وَ يُقْسَمُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.»([39])
الشيخ الطوسي! بإسناده عن السكوني مثله إلا أنّه قال: «وَ يَقْسِمَانِ الدِّينَارَ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ«.([40])
و بإسناده عن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ النَّوْفَلِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ( مثله إلا أنّه قال: «فَقَضَى أَنَّ لِصَاحِبِ الدِّينَارَيْنِ دِينَاراً» الحديث.([41])
إشكال علی الفرع الأوّل لإيجابه المخالفة القطعية
و استشكل ذلك بأنّه يوجب المخالفة القطعية للعلم الإجمالي، و قد يوجب المخالفة القطعية للعلم التفصيلي و ذلك في ما إذا انتقل النصفان إلى شخص ثالث بهبة مثلاً فاشترى بهما جارية فجواز وطئها مخالف للعلم التفصيلي.
أُجيب عن هذا الإشكال بوجوه ثلاثة
إنّ ما حكم به الفقهاء وفقاً لموثّقة السكوني هو من جهة حصول الشركة القهرية، و ذلك لامتزاج الدراهم فهما شريكان في كلّ درهم من الدراهم الثلاثة.
أورد عليه المحقّق الخوئي!([42])
أولاً: إنّ الامتزاج الموجب للشركة القهرية هو في ما تحققت وحدة المالين عند العرف مثل امتزاج الحليب بالحليب و امتزاج الماء بالحليب و امتزاج الدراهم ليس من هذا القبيل.
ثانياً: لو قلنا بحصول الشركة القهرية يلزم أن يعدّ ثلث ما تلف من سهم صاحب الدرهم الواحد و ثلثي ما تلف من سهم صاحب الدرهمين، و لكنّهم حكموا بأنّ نصف ماتلف من سهم صاحب الدرهم الواحد و نصفه الآخر من سهم صاحب الدرهمين.
إنّ قاعدة العدل و الإنصاف هي توجب تنصيف المال بينهما، لأنّ ما بقي من الدراهم الثلاثة درهمان و أحدهما لصاحب الدرهمين و ثانيهما مردّد بينهما فلانعلم أنّه من صاحب الدرهمين أو من صاحب الدرهم الواحد، فإن قلنا بجريان قاعدة القرعة يحتمل إيصال المال بكلّه إلى مالكه كما يحتمل إيصال تمام المال إلى غير صاحبه، بخلاف جريان قاعدة العدل و الإنصاف فهي تقتضي تنصيف المال فيعلم إيصال نصف المال إلى صاحبه.
و على هذا يعلم إيصال نصف المال إلى غير صاحبه فيكون مالكاً للنصف بالملكية الظاهرية، و هنا مبنيان:
المبنى الأوّل: كفاية الملكية الظاهرية في التصرّف في المبيع في ما إذا تحقّق العلم تفصيلاً بمخالفتها للواقع، فحينئذٍ إذا انتقل النصفان إلى شخص ثالث بالهبة فيجوز له التصرّف في مجموعهما.
المبنى الثاني: عدم كفايتها في ما إذا علمنا بمخالفتها للواقع تفصيلاً فإذا انتقل النصفان إلى شخص ثالث فلايجوز له التصرّف في مجموع النصفين معاً.
يمكن أن يقال: إنّ العدل و الإنصاف يقتضي تقسيم الضرر بحسب احتمال التلف من مال كلّ منهما، و لتوضيح ذلك نقول: إن كان لأحدهما عشرة دراهم و للآخر درهم واحد فهل يقتضي العدل أن يعطى تسعة دراهم إلى صاحب العشرة و تنصيف الدرهم الآخر مع أنّ احتمال إتلاف الدرهم من مال صاحب الدرهم الواحد قليل جداً.
ففي مسألتنا احتمال كون الدرهم التالف من مال صاحب الدرهمين هو قريب من 66% و احتمال كونه من مال صاحب الدرهم الواحد هو قريب من 33% و لذا يقتضي العدل أن يحسب ثلث الدرهم التالف من مال صاحب الدرهم الواحد و ثلثاه من مال صاحب الدرهمين، فما أفاده المحقّق الخوئي! من تصحيح الوجه الثاني لايمكن الالتزام به.
و هو المختار، و بيانه: أنّ الشارع له الولاية على الأموال و الأنفس فحكمه هنا تعبّدي محض من باب ولايته على الأموال فما حكم به ليس إلّا من باب الصلح القهري، فحينئذٍ مالكية كلّ منهما بالنسبة إلى النصف مالكية حقيقية بحكم الشارع لا المالكية الظاهرية، فإذا انتقل النصفان إلى شخص ثالث يجوز له التصرّف في مجموع النصفين و الاشتراء به و التصرّف في ما اشتراه به و هذا الوجه هو الصحيح من بين الوجوه الثلاثة المذكورة.
الفرع الثاني
إذا اختلف المتبايعان فادّعى أحدهما أنّ المبيع العبد و ادّعى الآخر أنّ المبيع الجارية فتحالفا على ذلك، حكموا بانفساخ العقد و إرجاع كلّ من الثمن و المثمن إلى مالكه الأوّل فإذا انتقل العبد والجارية إلى شخص ثالث فباعهما معاً يكون ذلك مخالفاً للعلم التفصيلي.
أجاب عنه المحقّق الخوئي!([43])
إنّ هنا مبنيين و المبنى الصحيح هو انفساخ العقد واقعاً بالتعبّد الشرعي عند تحالفهما و لذلك رجوع كلّ من الثمن و المثمن ليس حكماً ظاهرياً بل هو حكم واقعي.
نعم على المبنى الآخر و هو أنّ التحالف لايوجب الانفساخ واقعاً بل هو موجب للانفساخ ظاهراً فلابدّ من التفصيل في ذلك:
فإن قلنا بكفاية الملكية الظاهرية في التصرّف في المبيع في ما إذا تحقّق العلم التفصيلي بمخالفتها للواقع فيجوز التصرّف في مجموعهما للشخص الثالث.
و إن قلنا بعدم كفايتها فلايجوز ذلك.
[1]. كفاية الأصول، ص270: «و إن نسب إلى بعض الأخباريين أنه لا اعتبار بما إذا كان بمقدمات عقلية إلا أن مراجعة كلماتهم لا تساعد على هذه النسبة بل تشهد بكذبها و أنها إنما تكون إما في مقام … و إما في مقام عدم جواز الاعتماد على المقدمات العقلية لأنها لا تفيد إلا الظن كما هو صريح الشيخ المحدث الأمين الأسترآبادي رحمه الله حيث قال في جملة ما استدل به في فوائده على انحصار مدرك ما ليس من ضروريات الدين في السماع عن الصادقين عليهم السلام: “الرابع: أنّ كلّ مسلك غير ذلك المسلك يعني التمسك بكلامهم عليهم الصلاة و السلام إنما يعتبر من حيث إفادته الظن بحكم الله تعالى و قد أثبتنا سابقا أنه لا اعتماد على الظن المتعلق بنفس أحكامه تعالى أو بنفيها” و قال في جملتها أيضا بعد ذكر ما تفطّن بزعمه من الدقيقة ما هذا لفظه: “و إذا عرفت ما مهّدناه من الدقيقة الشريفة فنقول: إن تمسّكنا بكلامهم عليهم السلام فقد عصمنا من الخطأ و إن تمسكنا بغيره لم نعصم عنه، و من المعلوم أن العصمة عن الخطأ أمر مطلوب مرغوب فيه شرعاً و عقلاً؛ ألا ترى أن الإمامية استدلوا على وجوب العصمة بأنه لولا العصمة للزم أمره تعالى عباده باتباع الخطأ، و ذلك الأمر محال لأنه قبيح و أنت إذا تأملت في هذا الدليل علمت أن مقتضاه أنه لا يجوز الاعتماد على الدليل الظني في أحكامه تعالى” انتهى موضع الحاجة من كلامه، و ما مهّده من الدقيقة هو الذي نقله شيخنا العلامة أعلى الله مقامه في الرسالة و قال في فهرست فصولها أيضا: “الأول: في إبطال جواز التمسك بالاستنباطات الظنية في نفس أحكامه تعالى شأنه و وجوب التوقف عند فقد القطع بحكم الله أو بحكم ورد عنهم عليهم السلام” انتهى، و أنت ترى أن محل كلامه و مورد نقضه و إبرامه هو العقلي الغير المفيد للقطع و إنما همّه إثبات عدم جواز اتباع غير النقل فيما لا قطع.»
[2]. مصباح الأصول (ط.ق): ج2، ص55 و (ط.ج): ج2، ص59: «أن الحكم العقلي- بمعنى إدراك العقل- يتصور على أقسام ثلاثة» إلخ.
[3] . مصباح الأصول (ط.ق): ج2، ص55 و (ط.ج): ج2، ص59: «أما القسم الأول فالصحيح أنه غير مستلزم لثبوت الحكم الشرعي إذ قد تكون المصلحة المدركة بالعقل مزاحمة بالمفسدة، و بالعكس» إلخ.
[4] . راجع ص199 الهامش الثالث.
[5]. مصباح الأصول (ط.ق): ج2، ص56 و (ط.ج): ج2، ص60: «إنّك قد عرفت في بحث التجرّي أنّ هذا الحكم العقلي في طول الحكم الشرعي و في مرتبة معلوله» إلخ.
[6]. راجع مسألة حرمة التجرّي، ص186.
[7]. ذكر العلماء في معنى هذا الحديث «إِنَّ دِينَ اللهِ لَا يُصَابُ بِالْعُقُول» بيانات ثمانية مفاد بعضها متقارب:
البيان الأول: المراد من دين الله ملاكات الأحكام من المصالح و المفاسد
في فرائد الأصول، ج1، ص62: «الإنصاف أنّ الركون إلى العقل فيما يتعلّق بإدراك مناطات الأحكام لينتقل منها إلى إدراك نفس الأحكام، موجبٌ للوقوع في الخطأ كثيراً في نفس الأمر، و إن لميحتمل ذلك عند المدرك، كما يدلّ عليه الأخبار الكثيرة الواردة بمضمون: «إِنَّ دِينَ اللهِ لَا يُصَابُ بِالْعُقُول» و «أنّه لا شيء أبعد عن دين الله من عقول الناس.»
و في مطارح الأنظار (ط.ج): ج3، ص270: «و كيف كان فقد أوردوا لدفع الإشكال وجوها: الأول ما أفاده المحقّق القمي! من منع حصول الظنّ من القياس و أشباهه … و استند في ذلك إلى وجهين: أحدهما: أنّ مبنى الشرعيات على الجمع بين المختلفات و الفرق بين المجتمعات، فإنّ دين اللّه لايصاب بالعقول الضعيفة، و لايستفاد من الآراء السخيفة، فإنّ الحكم المستتبعة للأحكام لايعلمها إلّا الحكيم، أو من هو من ربّه على صراط مستقيم، و يكشف عن ذلك ملاحظة منزوحات البئر، فإنّ البعير مثلاً يخالف البقر مع اجتماعهما في غير الواقعة، و وجوب الغسل للمنيّ دون البول، و قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة إلى غير ذلك، فبعد ملاحظة أمثال ذلك في الشريعة كيف يحصل الظنّ باتّحاد مناط الحكم في الواقعتين حتّى يستتبعه الظنّ بالحكم في المقيس؟»
و في تعليقة على معالم الأصول، ج5، ص38 و 39: «فإن قلت: لعلّ نظر هؤلاء إلى ما ورد في الأخبار من «إِنَّ دِينَ اللهِ لَا يُصَابُ بِالْعُقُولِ» و «أنّه لا شيء أبعد عن دين اللّه من عقول الناس» و ما يقرب من ذلك، قلت: … أنّ مورد هذه الأخبار نظراً إلى سياقاتها إعمال العقل في إدراك علل الأحكام التوقيفيّة للتوصّل بها إلى نفس الأحكام، نظراً إلى أنّ الأحكام منوطة بعلل خفيّة لايدركها عقول الناس القاصرة، بل لايطلع عليها إلّا اللّه سبحانه و الراسخون في العلم الّذين عصمهم اللّه من الخطأ و الزلل، و أودعهم أحكامه و أوقفهم على عللها و مناطاتها و بالجملة: هذه الأخبار مسوقة في ردّ العامّة المخالفين حيث يستعملون عقولهم الناقصة في استنباط علل الأحكام من الطرق العقليّة الغير العلميّة المتدأولة لديهم»
و في نتائج الأفكار في الأصول للسيد محمود الشاهرودي!، ج4، ص27: «و أمّا استظهار التكليف من الموصول و الإعلام من الإيتاء في الآية المباركة بقرينة استشهاد الإمام الصادق% بهذه الآية في رواية عبد الأعلى قال: قلت له%: هل كلّف الناس بالمعرفة؟ قال: لا، على اللّه البيان … ففيه: أنّ المراد بالمعرفة إن كان المعرفة الإجمالية بأصول الدين من التوحيد و النبوة العامة و المعاد فلا ريب في عدم توقفها على البيان و إلّا يلزم الدور، و إن كان المعرفة التفصيلية المتعلقّة بالمعارف كخصوصيات البرزخ و ما يجري على الميت المسكين في القبر و خصوصيات الجنة و النار و العقاب المخلوقة في جهنم و خصوصيات الصراط و الحساب إلى غير ذلك، فلا إشكال في عدم القدرة عليها بدون البيان لقصور عقولنا الناقصة عن إدراك تلك الخصوصيات … و إن كان المعرفة التفصيلية بالفروع فكذلك لقصور عقولنا عن معرفة ملاكاتها فإنّ دين الله لا يصاب بالعقول.»
و في ص258: «العلم بالملاكات منوط ببيان الشارع، لأنّ دين اللّه لا يصاب بالعقول.»
و في بداية الوصول في شرح كفاية الأصول، ج6، ص219: «قوله%: إِنَّ دِينَ اللهِ لَا يُصَابُ بِالْعُقُول الظاهر في أنّ العقل لايهتدي إلى علل الاحكام، و القياس ليس هو إلّا دعوى ادراك علّة الحكم و تسريتها من المقيس عليه إلى المقيس.»
و في حاشية على درر الفوائد لميرزا محمود الآشتيانى! (1401)، ص49: «إنّ العقل و إن كان حاكماً بلزوم استيفاء المصالح الملزمة و التحذر عن الوقوع في المفاسد الملزمة، إلّا أنّ مجرد حكم بالكبرى لايجدى شيئاً، ما لميحرز الصغرى و أنّ الفعل يكون ذا مصلحة ملزمة أو مفسدة كك، و من المعلوم أنّ العقل لا طريق له إلى احراز ذلك [أي كون الفعل يكون ذا مصلحة ملزمة أو مفسدة كذلك] إلّا بيان الشارع، كما يدلّ عليه أيضاً ما ورد من أنّ دين اللّه لايصاب بالعقول، و أنّه لا شىء أبعد عن عقول الرجال من دين اللّه.»
و في ص259: «ليس المراد من المقتضى [في باب الاستصحاب] ما هى ملاكات و علل لجعل الاحكام من المصالح و المفاسد النفس الأمرية … لأنّ الاطّلاع على بقاء المقتضى حتّى مع وجود ما يشك كونه رافعاً و على وجود الملاك معه، نادر جداً بل غير واقع، بل غير ممكن إلّا لعلام الغيوب و الراسخين في العلم من الأنبياء و الأوصياء سلام اللّه عليهم أجمعين، كما قال%: دين اللّه لا يصاب بالعقول.»
و في تحليل العروة (الاجتهاد و التقليد) للشيخ راضى التبريزى! (1409)، ص308: «فى الأحكام الشرعية قد يكون موضوعها أعم من موضوع حكم العقل و لا مسرح له حينئذٍ في درك مناط تلك الموضوعات التى تؤخذ للحكم عند الشارع كما فصل بحثها في مسألة استصحاب الحكم العقلي و الدين لايصاب بالعقول كما لايخفى على الفحول فافهم.»
و في مصباح الأصول طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي! ج2، ص25: «إنّ حكم العقل إنّما هو بمعنى إدراكه ليس إلّا، فتارةً يدرك ما هو في سلسلة علل الأحكام الشرعية من المصالح و المفاسد، و هذا هو مورد قاعدة الملازمة، إذ العقل لو أدرك مصلحة ملزمة في عمل من الأعمال، و أدرك عدم وجود مزاحم لتلك المصلحة، علم بوجوبه الشرعي لا محالة، بعد كون الأحكام الشرعية تابعة للمصالح و المفاسد. و كذا لو أدرك مفسدة ملزمة بلا مزاحم، علم بالحرمة الشرعية لا محالة لكن الصغرى لهذه الكبرى غير متحققة أو نادرة جداً، إذ العقل لايحيط بالمصالح الواقعية و المفاسد النفس الأمرية و الجهات المزاحمة لها، و لذا ورد في الروايات: “أنّ دين اللَّه لايصاب بالعقول” و “أنّه ليس شيء أبعد عن دين الله من عقول الرجال”.»
و في ج1، ص59: «أمّا القسم الأول فالصحيح أنّه غير مستلزم لثبوت الحكم الشرعي، إذ قد تكون المصلحة المدركة بالعقل مزاحمة بالمفسدة و بالعكس، و العقل لايمكنه الإحاطة بجميع جهات المصالح و المفاسد و المزاحمات و الموانع، فبمجرد إدراك مصلحة أو مفسدة لايمكن الحكم بثبوت الحكم الشرعي على طبقهما، و هذا القسم هو القدر المتيقن من قوله%: «إنّ دين الله لايصاب بالعقول» و قوله%: «ليس شيء أبعد من دين الله عن عقول الرجال.»
و في ج2، ص40: «قد ذكرنا في بحث القطع أنّ الأخبار الدالة على أنّ دين الله لايصاب بالعقول و أنّه ليس شيء أبعد عن دين الله من عقول الرجال، ناظرة إلى هذا المعنى، و هو استكشاف الحكم الشرعي من حكم العقل بوجود الملاك.»
و في دروس في مسائل علم الأصول، ج4، ص14: «لا بأس بالالتزام بعدم جواز الركون في فهم الأحكام إلى استخراج مناطات الأحكام و ملاكاتها لينتقل منها إلى الأحكام الشرعية فإنّه يوجب كثيراً الخطأ في فهمها و استخراج الأحكام منها، بل يوجب طرح ظاهر بعض الخطابات الشرعية بتخيّل أنّ ظاهرها لايناسب الملاكات، و إذا خاض المكلف في المقدمات العقلية و استحساناته في فهم الملاكات و أوجب ذلك الخطأ في فهم التكليف فلايكون معذوراً … و ممّا يفصح عن عدم جواز الاعتماد على فهم الملاكات و الاستحسانات العقلية ما دلّ على أنّ دين اللّه لا يصاب بالعقول و أنّه لا شيء أبعد عن دين اللّه من العقول.»
و في تاريخ فقه و فقها لأبوالقاسم گرجى، ص256: «بديهى است به هيچ وجه عقل را ياراى اين نيست كه در همه موارد ملاكات احكام را آنطور كه شارع مقدس در نظر گرفته دريابد و همين مقصود حضرت ابو جعفر% است كه فرموده است: «إنّ دين الله لايصاب بالعقول» و بر همين مبناست كه قياس و ساير أمارات ظنّيّه قابل استناد نيست، مگر اين كه دليل معتبرى بر حجيّت اماره دلالت داشته باشد.»
البيان الثاني: المراد النهي عن العمل بالقياس و الاستحسان و نحوهما
في الفصول الغروية، ص345: «حجّة من فصّل بين الضروريات و النظريّات وجهان: الأول: ما دلّ من الأخبار على أنّ دين الله لايصاب بالعقول و ما دل على أنّ الناس مكلّفون بالرجوع إلى الكتاب و السّنة فإنّ ظاهرهما حصر الحجّة فيهما و الجواب أمّا أولاً … و أمّا ثانياً فبأنّ تلك الأخبار كلاً أو بعضاً واردة في مقام المنع عن العمل بالقياس كما يظهر من سياقها.»
و في فرائد الأصول، ج1، ص60 و 61: «و دعوى استفادة ذلك من الأخبار، ممنوعةٌ فإنّ المقصود من أمثال الخبر المذكور عدم جواز الاستبداد في الأحكام الشرعيّة بالعقول الناقصة الظنّيّة- على ما كان متعارفاً في ذلك الزمان من العمل بالأقيسة و الاستحسانات- من غير مراجعة حجج اللّه، بل في مقابلهم( و إلّا فإدراك العقل القطعي للحكم المخالف للدليل النقلي على وجه لايمكن الجمع بينهما في غاية الندرة، بل لانعرف وجوده، فلاينبغي الاهتمام به في هذه الأخبار الكثيرة، مع أنّ ظاهرها ينفي حكومة العقل و لو مع عدم المعارض. و على ما ذكرنا يحمل ما ورد من أنّ دين اللّه لايصاب بالعقول.»
و في ص521: «كفاك في هذا عموم ما ورد من أنّ دين اللّه لايصاب بالعقول و أنّ السنّة إذا قيست محق الدين و أنّه لا شيء أبعد عن عقول الرجال من دين اللّه و غيرها ممّا دلّ على غلبة مخالفة الواقع في العمل بالقياس.»
و في شرح هداية المسترشدين ( حجية الظنّ )، ص176: «ينحصر الوجه في صحّة الأمر و النهي المفروضين في أحد وجهين: أحدهما: أن يكون الظنّ المفروض حال الانفتاح في علم الشارع غالب الموافقة للواقع … و يكون الحال في الظنّ الممنوع حال الانسداد بعكس ما ذكر، بأن يكون في علم الشارع غالب المخالفة للواقع، و يكون غيره من الطّرق أقرب إلى الواقع منه، و ذلك هو المستفاد من أكثر النواهي الواردة في المنع من القياس و شبهه كما ورد: إنّ دين اللّه لايصاب بالعقول و إنّ السنة إذا قيست محق الدّين و نحو ذلك.»
و في التعليقة على فرائد الأصول للشيخ عبد الحسين اللاري (1342)، ج1، ص444: «لا ريب في انحصار انطباق تعليلات نواهي العمل بالظنّ و القياس من قوله%: «إنّ دين اللّه لايصاب بالعقول» و «أنّه لا شيء أبعد عن دين اللّه من عقول الناس» «و السنّة إذا قيست محق الدين» على العمل بالظنّ البدوي و القياس الوهمي في مقابل الدليل العلمي، كما هو دأب المخالفين في مقابلة المعصومين و دأب الشيطان في مقابل الرحمن.»
و في المختارات في الأصول للشيخ محمد علي الحائري القمي! (1358)، ج2، ص204: «أصلٌ: إعلم أنّ لفظ الاجتهاد كثيراً ما يطلق في كلمات العامّة و الخاصة بل قد كان ذلك مشهوراً في ألسنة المتقدمين على استفراغ الظنّ في تحصيل الحكم الشّرعي يعنى أنّه إن كان الحكم معلوماً من الكتاب و السّنة فهو و إلّا يعمل بالظنّ و الرأى و الاستحسان و القياس فيحكم على طبق ما وصل إليه رأيه و هذا هو طريق العامة، و يطلقون الاجتهاد في مقابل النص و مع وجود النص لايجوّزون الاجتهاد، و عليه جرى تعريف السيّد في الذريعة من أنّ الاجتهاد عبارة عن استنباط الاحكام الشرعية بغير النصوص بل بما طريقة الأمارات و الظنّون و هذا هو الّذي أثبته العامة و جعلوه طريقاً إلى إثبات الأحكام … و هذا فاسد عندنا و أخبارنا في إبطاله كثيرة و أنّ دين اللّه لايصاب بالعقول.»
و في منهاج الأصول لآقا ضياء العراقي!، ج3، ص20: «يمكن دعوى عدم اعتبار القطع الحاصل من تقصير المكلف في المقدمات التي حصل القطع منها فإنّه يمكن دعوى عدم معذوريته بقطعه لتقصيره في المقدمات، و يؤيد ذلك الأخبار الواردة من منع الخوض في المقدمات العقلية، فقد ورد إنّ دين اللّه لايصاب بالعقول، و أنّ السنة إذا قيست محق الدين المستفاد منها النهي عن العمل بالأحكام الفرعية المستنبطة من تلك المباني العقلية كالأقيسة و نحوها.»
و في هداية الأصول في شرح كفاية الأصول للشيخ صدرا بادكوبهاي! (1392)، ج3، ص100: «لايخفى أنّ القياس طريق عقلائي و لكن الشارع منع من العمل به بقوله%: «إنّ دين اللّه لايصاب بالعقول» و الظاهر أنّه ما دام عدم الردع من الشارع جاز العمل بالظنّ.»
و في مصادر الحكم الشّرعي و القانون المدني، ج1، ص109: «الاستحسان قد يفسر بالدليل في مقابل القياس الجلي أعني القياس الذي تسبق إليه الأفهام، فإنّ الدليل الّذي يعارض هذا القياس الجليّ و يكون أقوى منه يسمى بالاستحسان … و هو بهذا المعنى لا ريب في صحته … و قد يفسر الاستحسان بترك القياس و الأخذ بما هو أوفق للناس أو بطلب السهولة في الاحكام فيما يبتلي به الأنام أو الأخذ بالسماحة و ابتغاء ما فيه الرحمة، و لا ريب في بطلان الاستحسان بهذه المعاني فإنّه لا دليل على صحته و يلزم منه التلاعب بالأحكام الشرعية و القوانين الإلهية و إعطاء الناس رغباتهم في الإطاعة و الامتثال و في ذلك فساد عظيم و شرّ جسيم، و إلى هذا الاستحسان بهذا المعنى تشير الأخبار الدالة على أنّ دين الله لايصاب بالعقول.»
و ورد في بعض الكتب البيان الأول و الثاني معاً:
ففي أصول الفقه، ج2، ص131: «و أما ما ورد عن آل البيت( من نحو قولهم(: «إنّ دين الله لايصاب بالعقول» فقد ورد في قباله مثل قولهم(: «إنّ لله على الناس حجتين: حجّة ظاهرة و حجّة باطنة» … و الحلّ لهذا التعارض الظاهري بين الطائفتين هو أنّ المقصود من الطائفة الأولى بيان عدم استقلال العقل في إدراك الأحكام و مداركها في قبال الاعتماد على القياس و الاستحسان لأنّها واردة في هذا المقام أي: أنّ الأحكام و مدارك الأحكام لاتصاب بالعقول بالاستقلال و هو حقٌّ كما شرحناه سابقاً، و من المعلوم أنّ مقصود من يعتمد على الاستحسان في بعض صوره هو دعوى أنّ للعقل أن يدرك الأحكام مستقلاً و يدرك ملاكاتها و مقصود من يعتمد على القياس هو دعوى أنّ للعقل أن يدرك ملاكات الأحكام في المقيس عليه لاستنتاج الحكم في المقيس و هذا معنى الاجتهاد بالرأي، و قد سبق أنّ هذه الإدراكات ليست من وظيفة العقل النظري و لا العقل العملي لأنّ هذه أمور لاتصاب إلا من طريق السماع من مبلغ الأحكام، و عليه فهذه الطائفة من الأخبار لا مانع من الأخذ بها على ظواهرها لأنّها واردة في مقام معارضة الاجتهاد بالرأي.»
البيان الثالث: المراد من العقول العقول الظنّية
في شرح هداية المسترشدين (حجية الظنّ) للشيخ محمد باقر الإصفهاني!، ص146: «و ما ورد: إنّ دين اللّه لايصاب بالعقول و نحو ذلك فمحمول على الوجوه الظنّيّة على أنّ كلّ ما يحكم به العقل القاطع فهو ممّا يعلم صدوره عن الحجّة، لما ثبت في محلّه من تطابق الحكمين.»
و في بحر الفوائد، (ط.ج): ج1، ص146: «المستفاد من الأخبار المذكورة و أمثالها سوقها في المنع عن الرجوع إلى العقل في التّوقيفيّات التي لا سبيل للعقل إليها فيكون المراد منها العقول النّاقصة الظنّيّة لا محالة، و يشهد له ما دلّ على خطأ العقول، فإنّ القضيّة محمولة على الغلبة و لاتستقيم، إلّا بالنسبة إلى العقول الظنّيّة كما هو واضح، و على فرض الظّهور في الإطلاق لا مناص من حملها على ما ذكرنا بالنّظر إلى ما عرفت.»
و في ج4، ص15: «… نظير قولهم(: إنّ دين اللّه لايصاب بالعقول و نحوه ممّا دل على النهي عن العمل به من حيث الطريقيّة و الإرشاد إلى كون العقول الناقصة الظنّية المستعملة في استنباط الأحكام الشرعيّة كثير الخطأ.»
البيان الرابع: المراد من دين الله المرحلة الأولى من الحكم أي الحكم المتعلق بالوقائع
في محجّة العلماء، ج1، ص5: «و لما كان الحكم الشّرعي ممّا لا مسرح للعقل فيه فلا مرجع فيه الّا الشارع و هو الدين الّذي لايصاب بالعقول، و الّذي يستدلّ به على الحكم الواقعى إنّما هو الأقيسة و الاستحسانات، و أمّا التحسين و التقبيح العقليّان بناء على الملازمة فلايثبت بها إلّا ما لايحتاج إلى الإثبات لبداهته كحرمته الظلم و حسن الإحسان، و على تقدير ثبوت حكم نظرى بهما فهو في غاية الندرة. نعم يتّفق دليل إنّى عقلى و إنّما الدّليل العقلي يثبت به الحكم الظاهرى الّذي هو ليس حكماً للواقعة بل إنّما هو وظيفة للمكلّف تطابق الحكم الواقعى و تخالفه و المرجع فيه ابتداء هو العقل و إن كان للشارع التصرف فيه في الجملة» إلخ.
و في ج2، ص183: «هذا هو الّذي لايصاب بالعقول و لايتوقّف على وجود شخص و مخاطبة هذا حال حكم التكليفىّ في أول مراحله، و امّا المرحلة الثّانية و هو مرحلة التّعلق بالشّخص فيعتبر فيه بعض الأمور عقلاً و للحاكم أن يعتبر فيه كلّما أراد كما اعتبر البلوغ شرعاً، و أمّا المرحلة الثّالثة و هو مرحلة التّنجّز فلايعتبر فيه إلّا الانكشاف التّامّ و ما بحكمه و القدرة التّامّة.»
و في المقالات الغرية في تحقيق المباحث الأصولية لميرزا صادق التبريزي! (1351)، ص25: «إنّ للحكم ثلاث مراحل: إحداها: التعلّق بالوقائع و هو الّذي يعبّر عنه بأنّ الصّلاة واجبة و شرب الخمر حرام و الأمر في هذه المرحلة إلى الحاكم كيف شاء. نعم حيث يكون الحاكم حكيماً لايجوز خلوّ حكمه عن المصلحة و ليس لعقول الرّجال في هذه المرحلة مجال و ينحصر طريق الكشف عنها في بيان الشّارع و أمنائه( لأنّ إدراك العقل لها يتوقّف على أمرين أحدهما إدراك الحسن و القبح في الأشياء و الثاني جزمه بأنّ هذا الحسن و القبح علّة لإيجابه أو تحريمه بحيث لايمكن له التخلّف عنه، و هذا غير معلوم إلّا نادراً كما في الظّلم و الإحسان بل خلافه معلوم كثيراً فيما وقع من جمع المختلفات و تفريق المجتمعات ضرورة أنّ غير الحاكم لايطّلع على جهات حكمه سيّما إذا كان الحاكم هو اللّه جلّ جلاله و عظمته فانّى للعقول القاصرة أن يحيط على الجهات الّتى منها ينبعث أحكام اللّه تعالى فإنّ دين اللّه لايصاب بالعقول و ليس شيء أبعد عن دين اللّه من عقول الرّجال؛ و لذا لميعتمد أحد من فقهاء اهل البيت( بعقله في إثبات حكم من الأحكام من أول الفقه إلى آخره، و إنّما هذه طريقة انفردت بها أهل الجماعة و السّنة في قبال أهل بيت العصمة صلوات اللّه عليهم حيث استعملوا الأقيسة و الاستحسانات و ورد عنهم( المنع و تشديد النكير على ذلك.»
البيان الخامس: الرواية واردة مورد الغالب
في الفصول الغروية، ص345: «… و لو سلّم فهي واردة مورد الغالب من عدم وصول أغلب العقول و ندرة ما يصل إليها الواصل.»
البيان السادس: المراد من دين الله ما لايستقلّ العقل بإدراكه
في الفوائد الحائرية، ص95: «فقهاء الشّيعة و المعتزلة لمّا قالوا بالملازمة بين حكم العقل و الشّرع و كون الثاني كاشفاً عن الأول، و بالعكس جعلوا حكم العقل من جملة أدلّة حكم الشّرع لا نفسه، و تدلّ على ذلك الأخبار الكثيرة الدالّة على كون العقل حجّة … و ربّما تأمّل بعض في ذلك محتجّاً بالآية، و الأخبار الظاهرة في عدم التكليف ما لميكن من الشارع بيان و أنّه يجب الأخذ من الأئمّة( و أنّ دين اللّه تعالى لايصاب بالعقول و يمكن الجمع بينهما بحمل الثانية على ما لايستقلّ العقل بإدراكه أو غيره.»
البيان السابع: المراد ما يحتاج إلى التعقل
في تعليقة مباحث الأصول للسيد كاظم الحائري!، ج1، ص569: «لايبعد انصراف مثل قوله دين اللَّه لايصاب بالعقول أيضاً إلى ما يحتاج إلى تعقّل و تروّ.»
البيان الثامن: مورد الرواية كشف ملاكات الأحكام و قاعدة الحسن و القبح معاً
في مصادر الحكم الشرعي و القانون المدني للشيخ علي كاشف الغطاء! (1411)، ج1، ص96: «لانرى فقيهاً من أوّل الطهارة إلى آخر الديات اعتمد على عقله في حكم من الأحكام بدون الاستناد إلى النصوص و القواعد الشرعية. نعم لو حصل له القطع بالحكم الشرعي كان القطع حجّة له و عليه، لكن الكلام في حصوله من الأدلّة العقلية التي ذكروها كالأقيسة و الاستحسانات و غيرها بل و حتّى قاعدة التحسين و التقبيح فإنّها ليست توجد إلا في موارد نادرة ثبت حكمها بالضرورة كرد الوديعة و قتل النفس المحترمة لأنّ موضوعها هو ما حكم العقل باستحقاق العقاب على تركه و الثواب على فعله مما بيده الأمور و له السلطة و السطوة، كيف و لا ريب في أنّه ليس للعقل الاطلاع على أسرار الأشياء و الإحاطة بجميع جهاتها من حاضرها و مستقبلها حتّى يستطيع الجزم باستحقاق العقاب أو الثواب و يستكشف من ذاك حكم الشرع و لذا نجد أخبارنا مشحونة بما يدل على أنّ الدين لايصاب بالعقول و أنّ الأحكام الشرعية لاتدرك بالأفكار و أنّ الاستقلال في استنباطها محق للشريعة.»
و في المحكم في أصول الفقه، ج2 ص180: «من الظاهر أنّ الملازمة المذكورة [أي ملازمة حكم الشرع لحكم العقل] لاتنفع في استنباط الأحكام الشرعية، لعدم إحاطة العقل بالملزوم بجميع خصوصياته، ليتسنى تشخيص موارده بل هو مما ينفرد به الشارع الأقدس، و إن أمكن أن يعلم ببعض ذلك من قبله و لعله عليه يحمل ما تضمن أنّ دين اللّه لايصاب بالعقول.»
[8]. قد نسب شيخنا الأنصاري! إلى بعض الأخباريين في فرائده و نقل قول بعضهم بعدم الاعتماد على القطع الحاصل من مقدمات عقلية قطعية. فرائد الأصول، ج1، ص51.
و لكن المحدث النوري! نفى النسبة و وجّه ما نقله الشيخ الأعظم! من أقوالهم فراجع مستدرك الوسائل المجلد التاسع من الخاتمة، ص302 الفائدة الحادية عشر.
و المحقق الخراساني! صاحب الكفاية وجّه كلام الأخباريين على أنهم يرون عدم حصول القطع من الدليل العقلي المأخوذ من مقدمات عقلية. كفاية الأصول، ص270.
[9]. أما إنكار الصغرى في كلام السيّد الصدر:
ففي فرائد الأصول، ج1، ص59: «و مما يشير إلى ما ذكرنا من قبل هؤلاء: ما ذكره السيد الصدر رحمه الله في شرح الوافية- في جملة كلام له في حكم ما يستقل به العقل- ما لفظه: “إن المعلوم هو أنه يجب فعل شيء أو تركه أو لا يجب إذا حصل الظن أو القطع بوجوبه أو حرمته أو غيرهما من جهة نقل قول المعصوم عليه السلام أو فعله أو تقريره، لا أنه يجب فعله أو تركه أو لا يجب مع حصولهما من أي طريق كان” انتهى موضع الحاجة.
و في كفاية الأصول، ص270: «القطع فيما كان موضوعاً عقلاً لا يكاد يتفاوت … و لا من حيث السبب … و إن نسب إلى بعض الأخباريين أنه لا اعتبار بما إذا كان بمقدمات عقلية إلا أن مراجعة كلماتهم لا تساعد على هذه النسبة بل تشهد بكذبها و أنها إنما تكون إما في مقام منع الملازمة بين حكم العقل بوجوب شيء و حكم الشرع بوجوبه كما ينادي به بأعلى صوته ما حكي عن السيد الصدر في باب الملازمة فراجع» إلخ.
و ناقش بعض الأعلام في ما أفاده صاحب الكفاية!:
ففي نهاية النهاية في شرح الكفاية، ج2، ص41 في التعليقة على قوله: «كما ينادي به بأعلى صوته ما حكي»: «و ينادي أيضا بأعلى صوته بمخالفته في هذا المقام، ما حكي عنه من عبارته الأخرى قال: “إنّ المعلوم هو أنه يجب فعل شيء أو تركه أو لا يجب …” و مع هذه الصراحة، كيف يكذب نسبة الخلاف في المسألة إليهم، و هل يمتنع اجتماع الخلاف في مسألة الملازمة مع الخلاف في هذا المقام؟ فليكن الأخباري مخالفاً في كلا المقامين.»
و في منتهى الدراية، ج4، ص153: «إن أريد بعبارة السيد الصدر التي حملها المصنف على منع قاعدة الملازمة العبارة التي نقلها الشيخ الأعظم في الرسائل … فهي كالصريحة في عدم حجية القطع الحاصل من غير السنة، و إن أريد بها ما ذكره في باب الملازمة فهو أجنبي عن المقام.»
و أما إنكار الكبرى في كلام بعض الأخباريين:
ففي منتهى الدراية، ج4، ص156: «لكن الظاهر أنّ كلام جدّنا السيد المحدّث الجزائري المحكي عن شرح التهذيب و كذا كلام المحدث البحراني غير آبيين عن النسبة التي ادّعاها شيخنا الأعظم من عدم حجية القطع بالحكم الشرعي الحاصل من غير الكتاب و السنة، فراجع.»
[10]. أجود التقريرات (ط.ق): ج2، ص7 و (ط.ج): ج3، ص17-19: «و أما التكلم في الحكم المقطوع به. فملخصه: إنّ القطع إن كان متعلقاً بالحكم فلا محالة يكون طريقاً إليه و يستحيل كونه مأخوذاً في موضوعه» إلخ.
[11]. عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ%: «مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَطَعَ إِصْبَعاً مِنْ أَصَابِعِ الْمَرْأَةِ كَمْ فِيهَا؟ قَالَ: عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ، قُلْتُ: قَطَعَ اثْنَيْنِ، قَالَ: عِشْرُونَ، قُلْتُ: قَطَعَ ثَلَاثاً، قَالَ: ثَلَاثُونَ، قُلْتُ: قَطَعَ أَرْبَعاً، قَالَ: عِشْرُونَ؛ قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَقْطَعُ ثَلَاثاً فَيَكُونُ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ وَ يَقْطَعُ أَرْبَعاً فَيَكُونُ عَلَيْهِ عِشْرُونَ!؟ إِنَ هَذَا كَانَ يَبْلُغُنَا وَ نَحْنُ بِالْعِرَاقِ فَنَبْرَأُ مِمَّنْ قَالَهُ وَ نَقُولُ: الَّذِي جَاءَ بِهِ شَيْطَانٌ، فَقَالَ: مَهْلًا يَا أَبَانُ! هَكَذَا حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ$؛ إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقَابِلُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ فَإِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ رَجَعَتْ إِلَى النِّصْفِ، يَا أَبَانُ إِنَّكَ أَخَذْتَنِي بِالْقِيَاسِ وَ السُّنَّةُ إِذَا قِيسَتْ مُحِقَ الدِّينُ». الوسائل، ج29، كتاب الديات، الباب الباب 44 من أبواب ديات الأعضاء، ص352، ح 1.
روى هذا الحديث في المحاسن، ج1، ص214 عن أَبيه عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أَبان بن تغلب.
و رواه في الكافي ج7، ص299، ح6 عن علي بن إبراهيم عن أَبيه و عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعاً عن ابن أَبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أَبان بن تغلب.
و رواه في من لا يحضره الفقيه، ج4، ص118، باب الجراحات و القتل بين النساء و الرجال عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أَبان بن تغلب، و في المشيخة في ج4، ص447: «و ما كان فيه عن عبد الرحمن بن الحجاج فقد رويته عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، و الحسن بن محبوب جميعاً عن عبد الرحمن بن الحجاج البجلي الكوفي.»
و رواه في تهذيب الأحكام، ج10، ص184، ح16 عن الحسين بن سعيد عن محمد بن أَبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أَبان بن تغلب، و سند الشيخ إلى الحسين بن سعيد صحيح في المشيخة في المجلد 10، ص63 – 66.
راجع الاستبصار ج4، ص320 – 321؛ فهرست الشيخ الطوسي)، ص113
و الحاصل أنّ لهذا الحديث عدة طرق كلّها صحيحة و بإسناد الكليني حسنة على بعض المباني و وصف هذه الرواية بالصحيحة في الروضة البهية، ج10، ص41؛ مسالك الأفهام، ج15، ص110؛ مجمع الفائدة و البرهان، ج14، ص79 و 468؛ ملاذ الأخيار، ج16، ص376؛ التحفة السنية للسيد عبد الله الجزائري!، ص106؛ رياض المسائل (ط.ج) ج16، ص210؛ جواهر الكلام، ج42، ص86؛ جامع المدارك في شرح مختصر النافع، ج6، ص276؛ القصاص على ضوء القرآن و السنة، ج1، ص232 – 234؛ تنقيح مباني الأحكام – كتاب الديات، ص41 و 299؛ تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة – القصاص، ص122.
و في روضة المتقين، ج10، ص354 و 355: «روى عبد الرحمن بن الحجاج في الحسن كالصحيح و الشيخان في الصحيح، عن أبان بن تغلب.» و في مرآة العقول، ج24، ص61: «حسن كالصحيح» و في كشف اللثام، ج11، ص48: «عن أبان بن تغلب في الصحيح و الحسن» و في جامع المدارك، ج7، ص200: «قال أبان بن تغلب في الصحيح على المحكيّ» و في القصاص على ضوء القرآن و السنة، ج1، ص232: «إنّ سند أبان ابن تغلب في منتهى درجة الاعتبار» و في مهذب الأحكام للسبزواري، ج28، ص219: «معتبرة أبان بن تغلب».
[12]. نهاية الدراية، ج1، ص338، التعليقة 176، و لبيان المحقق الخوئي راجع المحاضرات، (ط – المؤسسة) ج1، ص528 – 531، و (ط.ق) ج2، ص172 – 174.
و لتفصيل القول في تقابل الإطلاق و التقييد راجع: ج2، ص209 – 212 و ج3، ص438، من هذا الكتاب (عيون الأنظار).
[13]. مصباح الأصول (ط.ق): ج2، ص59، (ط.ج): ج2، ص64 « و أمّا ما ذكره من أن العلم مأخوذ في الحكم في موارد الجهر و الإخفات و القصر و التمام ففيه: أنّ الأمر ليس كذلك» إلخ.
[14] .«مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ%: فِي رَجُلٍ جَهَرَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي الْإِجْهَارُ فِيهِ وَ أَخْفَى فِيمَا لَا يَنْبَغِي الْإِخْفَاءُ فِيهِ، فَقَالَ: أَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ مُتَعَمِّداً فَقَدْ نَقَضَ صَلَاتَهُ وَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِياً أَوْ سَاهِياً أَوْ لَا يَدْرِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَ قَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ». الفقيه، ج1، ص344، أبواب الصلاة و حدودها، ح1003؛ التهذيب، ج2، ص162، كتاب الصلاة، الباب 9، ح93؛ الاستبصار، كتاب الصلاة، أبواب كيفية الصلاة، الباب 171، ح1: (رواه بإسناده عن حريز مثله) الوسائل، ج6، ص86، أبواب القراءة، الباب 26، ح1
[15]. مصباح الأصول (ط.ق): ج2، ص60، (ط.ج): ج2، ص64و65 «و أما ما ذكره من ثبوت المنع عن العمل بالقطع الحاصل من القياس برواية أبان ففيه» إلخ.
[16]. أجود التقريرات (ط.ق): ج2، ص8 «و إذا أمكن أخذ القطع بالحكم في موضوعه بدليل آخر فيمكن أخذ القطع بالحكم من سبب خاص مانعاً عنه أيضاً و هذا كما في القطع القياسي فإنّ المستفاد من رواية أبان عدم اعتبار القطع الحاصل من القياس.»
[17]. نكتتان:
النكتة الأولى: سبق المحقق الخوئي! في تضعيف الرواية المحقق الآشتياني؛
ففي بحر الفوائد، (ط.ج): ج1، ص150: «مضمون الرّواية و إن كانت معاضدة بما تواتر في باب العمل بالقياس إلّا أنّ سندها ضعيف.»، و في ج3، ص312: «و منه يظهر الوهن في دلالة رواية أبان على حرمة العمل بالأولويّة من حيث الخصوص، مضافاً إلى ما فيها من ضعف السند.»
النكتة الثانية: هل المحقق الخوئي! قائل بضعف الرواية سنداً أو لا؟
في تحقيق الأصول، ج5، ص220: «المناقشة في سند الرواية سهوٌ من قلم المقرّر، إذ ليس في السّند أحد يتأمّل في وثاقته.»
و لكن يبعد كونَ المناقشة في سند الرواية سهواً من قلم المقرّر لورودها في تقريرات جمع من الأعلام من درسه! أيضاً:
ففي دراسات في علم الأصول، ج3، ص48: «و أمّا ما أفاده من ثبوت المنع عن العمل بالقطع الحاصل من القياس لرواية أبان ففيه أولاً: أنّ رواية أبان ضعيفة السند لايمكن الاعتماد عليها…».
و في غاية المأمول، ج2، ص41: «و أمّا ما ذكره الميرزا النائيني! من أنّه ورد النهي عن القطع الحاصل من القياس في رواية أبان فلايخفى ما فيه أولاً: ضعف سند الرواية …»
و في الهداية في الأصول، ج3، ص40: «و خبر أبان بن تغلب بعد الإغماض عن ضعف سنده…»
أما اعتقاده بصحة الرواية:
ففي الأصول العامة في الفقه المقارن للسيد محمد تقي الحكيم!، في تعليقة المؤلف على ص312: «بلغنا أنّ الأستاذ عدل عن تضعيف الرواية لثبوت صحتها لديه و لمتسعني مراجعته للتأكد من ذلك.»
و في تعليقة مصباح الأصول، طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي! ج2، ص65: «سند الرواية معتبر فلاحظ» و السيد الخوئي! بنفسه وصفها بالصحة في مباني تكملة المنهاج، ج42 موسوعة، ص255 و 395.
[18]. راجع ص 325: (المقام الأول النظرية الأولى بيان المحقق النائيني المطلب الرابع المستفاد من رواية أبان).
[19]. هل كان أبان قاطعاً بالحكم؟ فيها نظريات ثلاث:
النظرية الأولى: كان قاطعاً بما يخالف الحكم الواقعي
في ضوابط الأصول للسيد إبراهيم القزويني!، ص349: «و توهّم أنّ الأولويّة لعلّها كانت ظنّية مطلقاً أو عند أبان فلذا منع المعصوم عنها مدفوعٌ بأنّ الأولويّة قطعيّة عند كل ذى مسكة، إذ بعد ما كان الثلث فيه ثلثون يقطع بأنّ الأربعة لاتنقص عن الثلثين و يشهد على القطعيّة عند أبان تعجبه و استيحاشه بعد كلام الإمام%.»
و في محجّة العلماء، ج1، ص33: «إنّ أبان كان قاطعاً بفساد الحكم و حكم أنّ الّذي جاء به شيطان استناداً إلى القياس بالأولويّة القطعيّة و حيث قال متعجّباً: «سبحان اللّه، يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون و يقطع أربعاً فيكون عليه عشرون» أجاب الإمام% بأنّ الأولويّة و إن كانت قطعيّة و لكنه قياس، و السّنة إذا قيست محق الدين.»
و في حاشية فرائد الأصول لصاحب العروة، ج1، ص33: «و لعلّنا نقول بذلك في القطع الحاصل من القياس لأخبار المنع عن العمل به مطلقاً، و يشهد له ما ورد من ردع من قطع بالقياس على أنّ دية أربع أصابع المرأة أربعون بعيراً قياساً على دية الإصبع الواحد بعشرة و إصبعين بعشرين و ثلاثة بثلاثين حتى قال لمن أخبره بأنّ في الأربع عشرين أنّ الذي جاء به الشيطان بقوله%: إنّ السنّة إذا قيست محق الدين.»
و في أجود التقريرات (ط.ق): ج2، ص8: «و إذا أمكن أخذ القطع بالحكم في موضوعه بدليل آخر فيمكن أخذ القطع بالحكم من سبب خاص مانعاً عنه أيضاً، و هذا كما في القطع القياسي فإنّ المستفاد من رواية أبان عدم اعتبار القطع الحاصل من القياس.»
و في أصول الفقه للشيخ حسين الحلي، ج6، ص38: «إنّه% ناقشه في مقدّمات قياسه … و أزال قطعه الحاصل من ذلك القياس.»
و في تحقيق الأصول، ج5، ص220: «في الرواية قوله: كنا نقول الذي جاء به شيطان، و هذه الكلمة لاتقال إلّا في مورد القطع بالبطلان.»
و في بحوث في علم الأصول، ج4، ص123: «إنّها ناظرة إلى هذا المعنى عند ما تسرع أبان إلى القطع بالحكم الشرعي بينما لو كان قد فحص و دقق أكثر لزال القطع المذكور كما هو الحال في كل جاهل يراجع العالم.»
و هكذا في التعليقة على فرائد الأصول للسيد عبد الحسين اللاري، ج1، ص66 فراجع
النظرية الثانية: كان مطمئناً به.
و في أوثق الوسائل، (ط.ق): ص36: «لا يقال: إنّ قوله فقلنا إنّ الذي جاء به شيطان صريح في كون أبان قاطعاً بمناط الحكم … لأنّا نقول: نمنع الصّراحة بل الظّهور أيضاً إذ يصحّ أن يقال ذلك مع حصول الظنّ القويّ …»
و في دراسات في علم الأصول، ج3، ص48: «إنّه لا دلالة فيها على كونه قاطعاً بالحكم. نعم يظهر منها أنّه كان مطمئناً به.»
و هكذا في القواعد الشريفية لمحمد شفيع الجابلقي (1280)، ج2، ص238:فراجع.
النظرية الثالثة: كان ظاناً به
في الفصول الغروية، ص386: «إنّ القياس المقصود هناك قياس ظنّي…»
و في بحر الفوائد، (ط.ج): ج1، ص150: «مضمون الرواية و إن كانت معاضدة بما تواتر في باب العمل بالقياس إلّا أنّ سندها ضعيف، فلولا ضعف السّند لكانت دليلاً على عدم حجيّة الأولويّة الظنّيّة كالقياس المستنبط العلّة على وجه الظنّ».
[20]. راجع ص199 الهامش الثالث.
[21]. المصدر السابق.
[22]. منهاج الأصول، المحقق آغا ضياء العراقي، ج3، ص20.
[23]. تحقيق الأصول، ج5، ص223.
[24]. كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء، ج1، ص308.
[25]. قد تقدم في بيان المحقّق النائيني! لإمكان المنع عن العمل بالقطع الحاصل من البراهين العقلية (في المطلب الرابع ص325) ما استفاده هذا المحقّق من الرواية، و تتميماً للكلام نقول:
ما المستفاد من رواية أبان؟ هنا وجوه:
الوجه الأول: عدم اعتبار القطع الحاصل من القياس كما أفاده المحقّق النائيني!
و في بحوث في علم الأصول، ج4، ص264: «و الرواية معتبرة سنداً، و هي تارة يستدلّ بها على الردع عن حجّية القطع الناشئ من مقدمات عقلية، و هذا ما تقدّم الجواب عليه في بحث حجية الدليل العقلي حيث ذكرنا هناك أنَّه لايستفاد منها الردع عن حجية القطع العقلي بعد حصوله» إلخ.
الوجه الثاني: النهي عن الأخذ بالأدلّة العقلية قبل مراجعة الشارع
في روضة المتقين، ج10، ص354 و 355: «يدل على عدم جواز رد الخبر بمخالفته للأصول و القواعد كما هو دأب جماعة تجأوز الله عنا و عنهم.»
و في مطارح الأنظار (ط.ج): ج3، ص312: «مضافاً إلى رواية أبان بن تغلب فإنّ الملاحظ في سياقها يرى تعرّض الإمام فيها من حيث إنّ الراوي ترك الرواية في قبال القياس و إن كان قد يحتمل أن يكون بواسطة معارضة الراوي له، كما يستفاد من قوله%: «إنّك قد أخذتني بالقياس»، و قد يحتمل أيضاً أن يكون بواسطة ترك التسليم الوارد في وجوبه أخبار كثيرة حتّى أنّ جملة منها دلّت على كفر الرادّ صريحاً، فإنّه لمّا قال: «و نحن كنّا بالعراق و نقول إنّ من جاء به الشيطان» تعرّض الإمام من عدم تسليمه للرواية، لكنّه لايبعد دعوى ظهور مساقها في الأول.»
و في بحوث في علم الأصول، ج4، ص123: «… و أما أن تكون ناظرة إلى التأنيب على ترك الفحص في الأدلّة الشرعية و التوغل في الأدلّة العقلية بسرعة و قبل مراجعة الشارع، كما لعلّه المستظهر من رواية أبان المشهورة و الصحيحة سنداً- رغم ما قيل من ضعف سندها- فإنّها ناظرة إلى هذا المعنى عند ما تسرع أبان إلى القطع بالحكم الشرعي بينما لو كان قد فحص و دقق أكثر لزال القطع المذكور كما هو الحال في كل جاهل يراجع العالم، و هذا هو ما يعبر عنه بالتقصير في المقدمات، و هذا أيضاً أجنبي عن محل الكلام.»
و في ص264: «إنّما العتاب فيه بلحاظ أنَّه كيف تسرع أبان في الجزم بالحكم الشرعي من دون التفات إلى القواعد الشرعية و البيانات الصادرة من الشارع على أساس مجرد استذواق عرفي أو عقلي، و كم فرق بين ذلك و بين القطع العقلي بعد الالتفات إلى البيانات و القواعد الشرعية و الفحص عنها … إنَّ ظاهر الرواية أنَّ ردع أبان و تأنيبه إنّما كان بلحاظ تحكيمه لهذه الدلالة و الملازمة على النصّ الشرعي، لأنَّ أبان كان على أساس هذه الملازمة يطرح النصّ الشرعي الّذي كان يرده و هو في العراق بل استنكر على الإمام بذلك بعد سماعه النصّ منه و هذا … مؤداه طرح النص الشرعي و الاعتراض عليه لوجود ملازمة عرفية أو ذوقية و مثله مردوع عنه شرعاً و فاسد عقلًا، لأنَّه تحكيم للإذواق و المناسبات على الدين، و لهذا قال له الإمام%: «إنّك أخذتني بالقياس.»
و في كتاب النكاح للسيد موسى الزنجاني>، ج8، ص2869: «در مقابل نص صريح به اين گونه اولويتهاى عرفى نمىتوان تمسک جست، اشكال ابان بن تغلب هم اجتهاد در مقابل نص بوده است.»
الوجه الثالث: الردع عن الظهورات العرفية القائمة على أساس ملازمات عرفية
في بحوث في علم الأصول، ج4، ص264: «و أخرى يستدلّ بها في مقامنا لإثبات الردع عن الظهورات العرفية القائمة على أساس ملازمات عرفية فإنَّ الملازمة المذكورة و إن لم تكن ثابتة عقلاً، و لهذا ثبت بنحو الموجبة الجزئية مسأواة المرأة للرجل في الدية أو الميراث- كما في الميراث بين الإخوة و الأخوات من طرف الأم فقط- إلا أنّ ذلك بنحو الموجبة الجزئية لا أكثر، و لعلّه للإشعار بأنَّ هذه التفأوتات لم يكن المنظور فيه التفضيل بل بنكات اجتماعية و مصالح نوعية و عليه فالدلالة العرفية في مثل الدليل الدال على أنّ أصابع المرأة إذا قطعت ثلاثة منها لزم فيها دية قدرها ثلاثون منعقدة على أنَّه لو قطعت أربعة لمتكن ديتها أقلّ من ذلك مع أنَّ هذا هو الذي ردع عنها الإمام% و طبق عليه عنوان القياس» ثم أجاب المحقق الصدر! عن هذا الاستدلال.
الوجه الرابع: النهي عن الرجوع إلي القياس
في فرائد الأصول، ج1، ص63: «هي و إن كانت ظاهرة في توبيخ أبان على ردّ الرواية الظنّية- التي سمعها في العراق- بمجرّد استقلال عقله بخلافه، أو على تعجّبه ممّا حكم به الإمام%، من جهة مخالفته لمقتضى القياس إلّا أنّ مرجع الكلّ إلى التوبيخ على مراجعة العقل في استنباط الأحكام، فهو توبيخ على المقدّمات المفضية إلى مخالفة الواقع.»
و في محجّة العلماء، ج1، ص33: «لا اشكال في أنّ العلم علّة تامة للتنجّز و لايعقل نفى هذا الأثر عنه فلايمكن التفصيل في اقسامه من حيث الأسباب من هذه الحيثيّة، و أما الجهل المركّب و هو القطع بالبراءة مع ثبوت التكليف فإنّما يكون عذراً لغير المقصّر و الّذي يظهر من الأخبار عدم جواز الاستبداد باستنباط الأحكام بالاجتهاد و بذل الوسع في مراجعة المناطات على ما هو دأب المخالفين فلايعذر هذا الجاهل لتقصيره في تحصيل هذا الاعتقاد، و يستفاد هذا من الأخبار الواردة في الطعن على أهل الخلاف في الاستبداد في الاستنباط بآرائهم الفاسدة و أنظارهم القاصرة مع أنّ رواية أبان المشار إليها دلالتها على ذلك في غاية الوضوح … و أما أبان فقد كان غافلاً عن هذا المعنى و حصل له القطع بمجرّد السّماع كما يحصل لكل أحد قبل ما يلتفت إلى ما في هذه الرّواية و كلمة مهلاً يستعمل في مقام الشفقة و إظهار الحبّ … و توهّم أنّه توبيخ من الغرائب … مع أنّ التوبيخ لايجوز إلّا مع التقصير و العصيان و مثله أجّل من ذلك … و أمّا التوبيخ مع القصور فهو ينافى العصمة و مما حققناه ظهر أنّ المستفاد من هذه الرّواية و غيرها كما ورد في حق أبى حنيفة و قتادة إنّما هو عدم المعذوريّة على تقدير مخالفة الرّأي للواقع لا أنّ نفس إمعان النظر في المقدّمات العقليّة من المحرّمات الذّاتية بل المستفاد من هذه الرّواية خاصة ليس إلّا الإرشاد إلى أنّ العقل لايحيط بجهات الأحكام و أنّ القياس ليس ممّا يسلك به إلى الواقع و بعد هذا التنبيه فلا عذر لمن ركن اليه و اعتمد.»
و في أصول الفقه للشيخ حسين الحلي! (1397)، ج6، ص38: «الأولى أن يقال: إنّ رواية أبان كما لا دلالة فيها على النهي عن العمل بالقطع القياسي، فكذلك لا دلالة فيها على تقييد الحكم الواقعي بغير ما أدّى إليه القياس، بل أقصى ما دلّت عليه هو بيان أنّ القياس لايكون من الأدلّة، و أنّ السنّة إذا قيست محق الدين، لكثرة الخطأ في القياس. ثمّ إنّه% ناقشه في مقدّمات قياسه، و بيّن له القاعدة في معاقلة المرأة للرجل، و أنّها تعاقله إلى حدّ الثلث من الدية، فإذا زادت على الثلث رجعت إلى النصف، و بهذا البيان أفسد مقدّمات قياسه، و أزال قطعه الحاصل من ذلك القياس.»
و في دراسات في علم الأصول، ج3، ص48: «و أما ما أفاده من ثبوت المنع عن العمل بالقطع الحاصل من القياس لرواية أبان ففيه … ثالثاً: ليس فيها إشعار بالمنع عن العمل بالقطع، و إنّما أزال الإمام% قطعه ببيان «أنّ السنة إذا قيست محق الدين». نعم ظهورها في المنع عن الغور في المقدمات العقلية لاستنباط الأحكام الشرعية غير قابل للإنكار، بل لايبعد أن يقال: إنّه إذا حصل منها القطع و خالف الواقع ربما يعاقب على ذلك في بعض الوجوه.»
و في التنقيح للسيد محمد سعيد الحكيم>، ج1، ص63: «إذا كان منشأ القطع الجري على مقتضى الأحكام العقلية البدوية الناشئة عن التسرع أو القياس أو نحوهما، فالرواية ظاهرة في التوبيخ على الاعتماد عليه، لا على النظر فيه بنفسه مع قطع النظر عن الاعتماد عليه.»
الوجه الخامس: النهي عن العمل بالقياس و لو كان موجباً للقطع
في عمدة الأصول، ج4، ص512: «حمل هذه الروايات على خصوص القياس الظنّيّ لا شاهد له، بل هو مخالف لإطلاق الروايات … و دلالة قول أبان: «إنّ هذا كان يبلغنا و نحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله و نقول الذي جاء به شيطان» على أنّه حين قاس كان قاطعاً و إن زال يقينه بإرشاد الإمام%، و لكنّ الإمام% نهى عن قياسه من دون تفصيل بين كونه موجباً للقطع و عدمه … و كيف كان؛ فمع قوّة الإطلاقات المذكورة و شمولها لصورة القطع لا مجال لدعوى معارضة الأخبار الناهية مع ما دلّ على لزوم اتّباع العلم لترجيح الأخبار الناهية عليها لو لمنقل بانصراف الأخبار الدالّة على لزوم اتّباع العلم عن مورد القياس.»
و في ص524: «إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالّة على النهي عن القياس مطلقاً و لو كان موجباً للقطع، و حملها على خصوص القياس الظنّيّ ينافي إطلاقها … و دعوى أنّ الإطلاقات المذكورة معارضة مع ما دلّت عليه النصوص من لزوم اتّباع العلم و يتساقطان -لأنّ النسبة بينهما هي العموم من وجه، و مع التساقط لايبقى نهي بالنسبة إلى القطع الحاصل من القياس- مندفعةٌ بأنّ الأخبار الناهية عن العمل بالقياس و لو مع إفادته العلم مرجّحة، لأنّها معلّلات بأنّ السنّة إذا قيست محق الدين … و نحو ذلك هذا لو لمنقل بانصراف الأخبار الدالّة على لزوم اتّباع العلم عن مورد القياس المنهيّ.»
تنبيه: ما المراد من القياس في رواية أبان؟
للقياس في الاصطلاح معان ثلاثة:
الأوّل: القياس المنطقي
قال في المنطق: الباب الخامس: الحجّة وهيئة تأليفها أو مباحث الاستدلال، ص233 – 234: «و الطرق العلمية للاستدلال – عدا طريق الاستدلال المباشر الذي تقدم البحث عنه – هي ثلاثة أنواع رئيسة: 1 – القياس: و هو أن يستخدم الذهن القواعد العامة المسلّم بصحّتها في الانتقال إلى مطلوبه و هو العمدة في الطرق 2 – التمثيل … 3- الاستقراء.»
و في ص235: «القياس تعريفه: عرّفوا القياس بأنّه: قول مؤلف من قضايا متى سلمت لزم عنه لذاته قول آخر.»
الثاني: القياس الأصولي (التمثيل المنطقي)
قال في المنطق، ص315: «التمثيل تعريفه: هذا ثالث أنواع الحجّة، و به تنتهي مباحث الباب الخامس . و التمثيل على ما عرفناه سابقاً هو: أن ينتقل الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهة مشتركة بينهما. و بعبارة أخرى هو: إثبات الحكم في جزئي لثبوته في جزئي آخر مشابه له. و التمثيل هو المسمى في عرف الفقهاء بالقياس الذي يجعله أهل السنة من أدلة الأحكام الشرعية، و الإمامية ينفون حجيته و يعتبرون العمل به محقاً للدين و تضييعاً للشريعة، مثاله: إذا ثبت عندنا أنّ النبيذ يشابه الخمر في تأثير السكر على شاربه، و قد ثبت عندنا أنّ حكم الخمر هو الحرمة، فلنا أن نستنبط أنّ النبيذ أيضاً حرام، أو على الأقل محتمل الحرمة، للاشتراك بينهما في جهة الإسكار.»
و في أصول الفقه، ط. انتشارات اسلامي ج3 – ص183 – 185: «الباب الثامن: القياس تمهيد: إنّ القياس – على ما سيأتي تحديده و بيان موضع البحث فيه – من الأمارات التي وقعت فيها معركة الآراء بين الفقهاء. و علماء الإمامية – تبعاً لآل البيت(- أبطلوا العمل به. و من الفرق الأخرى أهل الظاهر المعروفين ب ” الظاهرية ” أصحاب داوود بن خلف إمام أهل الظاهر- و كذلك الحنابلة – لميكن يقيمون له وزناً. و أول من توسع فيه في القرن الثاني أبو حنيفة – رأس القياسيين – و قد نشط في عصره و أخذ به الشافعية و المالكية. و لقد بالغ به جماعة فقدموه على الإجماع، بل غلا آخرون فردّوا الأحاديث بالقياس، و ربما صار بعضهم يؤول الآيات بالقياس! و من المعلوم عند آلالبيت( أنّهم لايجوزون العمل به و قد شاع عنهم: ” إنّ دين الله لايصاب بالعقول” و ” أنّ السنة إذا قيست محق الدين” بل شنوا حرباً شعواء لا هوادة فيها على أهل الرأي و قياسهم ما وجدوا للكلام متسعاً. و مناظرات الإمام الصادق% معهم معروفة لاسيما مع أبي حنيفة – و قد رواها حتى أهل السنة – إذ قال له فيما رواه ابن حزم: إتق الله و لا تقس، فإنّا نقف غداً بين يدي الله فنقول: ” قال الله و قال رسوله” و تقول أنت و أصحابك: ” سمعنا و رأينا”»
و في ص185 – 186: «و كان الرأي و القياس غير واضح المعالم عند من كان يأخذ به من الصحابة و التابعين، حتى بدأ البحث فيه لتركيزه و توسعة الأخذ به في القرن الثاني على يد أبي حنيفة و أصحابه. ثم بعد أن أخذت الدولة العباسية تساند أهل القياس و بعد ظهور النقاد له، أنبرى جماعة من علمائهم لتحديد معالمه و توسيع أبحاثه، و وضع القيود و الاستدراكات له، حتى صارفنا قائماً بنفسه. و نحن يهمّنا منه البحث عن موضع الخلاف فيه و حجيته، فنقول: 1 – تعريف القياس إنّ خير التعريفات للقياس – في رأينا – أن یقال: هو ” إثبات حكم في محلٍ بعلّة لثبوته في محل آخر بتلك العلّة”»
و هو واحد من الأدلّة الشرعية الخمسة عند أهل السنة و هي الكتاب و السنة و الإجماع و الاستدلال و القياس.
قال الآمدي في الإحكام، ج1، ص158: «القاعدة الثانية في بيان الدليل الشرعي و أقسامه و ما يتعلق به من أحكامه و يشتمل على مقدمة و أصول: أما المقدمة ففي بيان الدليل الشرعي و أقسامه … و المسمى بالدليل الشرعي منقسم إلى ما هو صحيح في نفسه، و يجب العمل به، و إلى ما ظنّ أنّه دليل صحيح، و ليس هو كذلك. أما القسم الأول فهو خمسة أنواع؛ و ذلك أنّه إما أن يكون وارداً من جهة الرسول أو لا من جهته. فإن كان الأول، فلايخلو إما أن يكون من قبيل ما يتلى أو لا من قبيل ما يتلى؛ فإن كان من قبيل ما يتلى فهو الكتاب، و إن كان من قبيل ما لا يتلى فهو السنة، و إن لم يكن وارداً من جهة الرسول فلايخلو إما أن يشترط فيه عصمة من صدر عنه، أو لايشترط ذلك؛ فإن كان الأول فهو الإجماع، و إن كان الثاني فلايخلو إما أن تكون صورته بحمل معلوم على معلوم في حكم بناء على جامع، أو لايكون كذلك؛ فإن كان الأول فهو القياس، و إن كان الثاني فهو الاستدلال، و كلّ واحد من هذه الأنواع فهو دليل لظهور الحكم الشرعي عندنا به.»
و قال في ج3، ص183: «الأصل الخامس في القياس و يشتمل على مقدمة و خمسة أبواب؛ أما المقدمة ففي تحقيق معنى القياس و بيان أركانه.» و في ص193: «فأما الأركان فهي أربعة: الفرع … و الأصل … و الحكم الشرعي الخاص بالأصل، و العلّة الجامعة بين الأصل و الفرع.»
و في ص194: «فشروط القياس لاتخرج عن شروط هذه الأركان؛ فمنها: ما يعود إلى الأصل، و منها: ما يعود إلى الفرع و ما يعود إلى الأصل، فمنها: ما يعود إلى حكمه، و منها: ما يعود إلى علته؛ فلنرسم في كل واحد منهما قسماً: القسم الأول في شرائط حكم الأصل و هي ثمانية.» و في ص201: «القسم الثاني في شروط علّة الأصل، و قد اتفق الكل على … لكن اختلفوا في شروط [عشرين] فلنفرض في كلّ واحد منها مسألة.» و في ص248: «القسم الثالث في شروط الفرع و هي خمسة.»
المعنى الثالث:
قال السيّد محمد تقي الحكيم! في الأصول العامة في الفقه المقارن، ص290 بعد ذكر القياس و تعريفين له و المناقشة فيهما: «و الذي يقرب من الفنّ ما ذكره القاضي أبو بكر الباقلاني من أنّه “حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة” يقول في المحصول: “و اختاره جمهور المحققين منا” و قريب منه ما عرفه به الغزالي و قد سجلت على هذا التعريف عدة مفارقات … و الذي يبدو لنا أن أسلم التعاريف من الإشكالات ما ورد من أنّه “مساواة فرع لأصله في علّة حكمه الشرعي” لسلامته من المؤاخذات السابقة، و صلوحه بعد إقامة الأدلّة على حجّيته لاستنباط الأحكام الشرعية منه.»
ثم قال في ص292: «و هناك اصطلاح آخر للقياس شاع استعماله على ألسنة أهل الرأي قديماً، و فحواه: التماس العلل الواقعية للأحكام الشرعية من طريق العقل، و جعلها مقياساً لصحّة النصوص التشريعية، فما وافقها فهو حكم الله الذي يؤخذ به، و ما خالفها كان موضعاً للرفض أو التشكيك و على هذا النوع من الاصطلاح، تنزل التعبيرات الشائعة: إنّ هذا الحكم موافق للقياس و ذلك الحكم مخالف له.
و قد كان القياس بهذا المعنى مثار معركة فكرية واسعة النطاق على عهد الإمام الصادق% و أبي حنيفة و ستأتي الإشارة إليها في موضعها من هذه الأحاديث، و على أساس من هذا المصطلح ألفت كتب للدفاع عن الشريعة و بيان أنّ أحكامها موافقة للقياس أي موافقة للعلل المنطقية، و في رسالة القياس في الشرع الإسلامي لابن القيم و ابن تيمية مثل على ذلك، و لكن هذا المصطلح تضاءل استعماله على ألسنة المتأخرين، و أصبحت لفظة القياس لاتطلق غالباً إلا على ما عرضناه من المعنى الأول له، و كاد أن يهجر المعنى الثاني على ألسنتهم».
* تتمّة في رواية ابان:
استدلّ بعض الأعلام برواية أبان على بطلان قياس الأولوية:
ففي مجمع الفائدة و البرهان، ج14، ص469: «و فيها بطلان القياس، بل يشكل أمر مفهوم الموافقة، فإنّ العقل يجد بحسب الظاهر أنّه إذا كان ثلاثون لازماً في الثلاث، فيكون لازماً في الأربع بالطريق الأولى، فعلم أنّه لاينبغي الجرأة فيه أيضاً، إذ قد يخفى الحكمة، و لهذا شرطوا العلم بالعلّة في أصل المفهوم و وجودها في الفرع، فتأمّل.»
و في مرآة العقول، ج24، ص61: «و يدل على عدم حجية القياس بالطريق الأولى أيضاً فلاتغفل.»
و في ملإذ الأخيار، ج16، ص377: «و يدل على بطلان القياس، و إن كان بطريق أولى.»
و في منبع الحياة للسيّد نعمة الله الجزائري!، ص45، المسألة الرابعة في حجية قياس الأولوية و منصوص العلّة: «أما المجتهدون رضوان اللّه عليهم فذهبوا إلى حجيتهما و جعلوهما مناطاً لكثير من الأحكام حتى أنّهم قدموهما في بعض الموارد على الأخبار التي لميصح سندها بالاصطلاح الجديد، و أمّا الأخباريون قدس اللّه أرواحهم فنفوا حجيتهما و قالوا: إنّ الاستدلال بهما إنّما جاء من طريق الجمهور لما أعوزتهم النصوص. أقول: الحق هنا مع الأخباريين لاستفاضة الأخبار بسقوطهما رأساً و دلالة الاعتبار على أنّهما لايصلحان لتأسيس الأحكام منها … و منها: ما رواه الصدوق رضي اللّه عنه في باب الديات … أقول: هذا نص في نفي قياس الأولوية و في أنّ اعتباره في أحكام الشريعة ممحق للدين.»
و في الحدائق الناضرة، ج1، ص60 و 61: «تتميم: نفعه عميم جمهور الأصوليين من أصحابنا و غيرهم على حجية قياس الأولوية و منصوص العلّة … و أنكره المحقق و جمع من الأصحاب … و يدل على عدم حجيته من الأخبار ما رواه الصدوق في كتاب الديات عن أبان … و لايخفى عليك ما في الخبر المذكور من الصراحة في المطلوب.»
و أورد هذه الرواية السيّد عبد الله الشبر في الأصول الأصلية و القواعد الشرعية، ص37 في باب عدم حجية قياس الأولوية الاعتبارية الظنّية الغير المفهومة من اللفظ.
و في القواعد الشريفية، ج2، ص238: «هذه الرواية يوجب وهن القياس بطريق الأولوية بحيث يصير احتمال اعتباره بمرتبة لايلتفت إليه العقلاء بلا تامّل و خفاء فيكون هذا بعد ملاحظة هذه الرواية من قبيل احتمال اعتبار الظنّ الحاصل من الرمل و أمثاله على فرض عدم تحقق الإجماع على عدم اعتباره فكما لاتقول بوجوب الأخذ به لغاية ضعف احتمال اعتباره فكذا لانقول باعتباره ذلك و وجوب الأخذ به أيضاً.»
و في ص297: «فلنبين وجه الاستدلال و هو أنّه أنكر المعصوم% على الحكم بدون مستند شرعى، و إن كان عن قطع فإنّه لا شك في حصول القطع لكل أحد بأنّ دية أربعة أصابع لميكن أقلاً من الثلثين بعد ملاحظة حكمه% بأنّ دية ثلثة أصابع ثلاثون فإنكار المعصوم% في العمل بالقطع الحاصل بواسطة حكم العقل في هذا المقام الّذي يكون العقل حاكماً و جازماً من دون نظر و النفس مطمئناً من دون تزلزل و جعله من باب القياس المحرّم الموجب لمحو الشريعة يكشف عن عدم اعتبار حكم العقل فأى مقام يكون العقل فيه قاطعاً بالحكم فهو بدوىّ فبعد ملاحظة هذه الرواية ارتفع، و بما ذكرنا من أنّ المقام من المقامات التى يكون عقل كل أحد حاكماً بالحكم المذكور على سبيل القطع من دون تأمل يدفع ما يترءاى أن يقال أنّ حكم المعصوم% و منعه من العمل بالأولوية إنّما هو لأجل كونها ظنّية، و لايقال أيضاً: أنّ إنكار المعصوم% لعلّ أن يكون لأجل كون خصوص الأبان ظانّاً بواسطة بلوغ الخبر إليه أنّ الحكم هذا و ردّه الخبر بواسطة الأولوية الظنّية لأنّا نقول: هذا لايناسب قول سبحان اللّه و معلوم أنّ الظنّ لايوجب رفع اليد عن الخبر المروىّ عن المعصوم% و حسبان قائله شيطاناً فتدبر.»
و في محجّة العلماء، ج1، ص33: «إنّ أبان كان قاطعاً بفساد الحكم و حكم أنّ الّذي جاء به شيطان استناداً إلى القياس بالأولويّة القطعيّة و حيث قال متعجّباً: «سبحان اللّه يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون و يقطع أربعاً فيكون عليه عشرون» أجاب الإمام% بأنّ الأولويّة و إن كانت قطعيّة و لكنه قياس و السّنة إذا قيست محق الدين؛ هذا حديث رسولاللّه$: «المرأة تعاقل الرّجل إلى ثلث الدّية فإذا بلغ الثلث رجع إلى النصف» فمحصّل الجواب: «إنّ دين اللّه لايصاب بالعقول» فلميناقش في تماميّة قياسه، و لهذا قال%: «مهلاً يا أبان، إنّك أخذتنى بالقياس» فهو ردعه عن الاعتماد على الدّليل و المسارعة إلى الاعتماد على ما بدا له حيث إنّه محق للدّين لقصور العقل عن الإحاطة بمناطات الأحكام، و الحاصل أنّه لايعقل أن يقوم دليل على الحكم الشرعي أظهر من هذا الدليل و مع ذلك فالاعتماد عليه محق للدّين للتخلف.»
و في إيضاح الفرائد للسيّد محمد التكابني، ج2، ص6: «إنّ القياس بطريق أولى ليس بحجّة كما يدلّ عليه رواية أبان و غيره، و تسمية القياس المذكور بالفحوى و إدراجه في الدّلالة اللّفظيّة الالتزاميّة ممنوعة.»
و استشكل الاستدلال بهذه الرواية بعض الأصوليين:
ففي الفصول الغروية، ص386: «تتمة: قد ورد في بعض الأخبار ما يدل بظاهره على عدم حجية القياس بالطريق الأولى فيدل على عدم حجية غيره بالطريق الأولى كصحيحة أبان ابن تغلب عن أبي عبداللّه% … و وجه الدلالة أنّ ثبوت الثلاثين عند قطع الثلاث يوجب ثبوته عند قطع الأربع بطريق الأولوية، و قد شنّع الإمام على السّائل حيث استدلّ به بقول: «إنّك أخذتني بالقياس» إلى آخر ما مرّ، و الجواب: أمّا عن الأول فبأنّ القياس المقصود هناك قياس ظنّي لاسيّما بعد ورود الرواية المخالفة كما اعترف به السّائل إذ لا قطع بأنّ قطع الثلاث علّة لثبوت الثلاثين مطلقاً لجواز اشتراطه بعدم انضمامه إلى ما يوجب البلوغ إلى ثلث دية الرّجل كما ذكره%. غاية ما في الباب أن نظنّ عدم الاشتراط و هو غير معتبر فإن قلت: منشأ إطلاق الظنّ ما دل على سببيّة قطع الثلاث للثلاثين فيكون ظنّا معتبراً؛ قلت: إنّما يعتبر الإطلاق حيث لايعارضه ورود المقيّد، و قد اعترف السّائل بوروده فلايبقى له إلا مجرّد استبعاد مستند إلى قياس ظنّي كما يشهد به مساق كلامه.»
و في فرائد الأصول، ج1، ص486: «و في حكمه ما لو عيّن بعض الظنّون لأجل الظنّ بعدم حجّية ما سواه كالأولويّة و الاستقراء بل الشهرة … بل لايبعد دخول الأولين تحت القياس المنهيّ عنه بل النهي عن العمل بالأولى منهما وارد في قضيّة أبان المتضمّنة لحكم دية أصابع المرأة … و أمّا دعوى كون الأولين قياسا فنكذّبه بعمل غير واحد من أصحابنا عليهما بل الأولويّة قد عمل بها غير واحد من أهل الظنّون الخاصّة في بعض الموارد، و منه يظهر الوهن في دلالة قضيّة أبان على حرمة العمل عليها بالخصوص، فلايبقى ظنّ من الرواية بحرمة العمل عليها بالخصوص.»
و فصّل بعض آخر في المقام:
ففي ضوابط الأصول للسيّد إبراهيم القزويني، ص117: «أنّ المفهوم إمّا موافق و هو ما كان اللفظ دالاً بدلالة أصليّة على حكم آخر ثانياً بطريق الأولوية و يسمى بفحوى الخطاب و لحن الخطاب و القياس الجلى و مفهوم الموافق و طريق الأولويّة و القياس بطريق أولى. ثمّ الأولويّة إنّما يكون من المفهوم إذا استفيدت من اللفظ لا إذا استفيدت من العقل بواسطة ملاحظة اللّفظ كما في رواية أبان في قطع الأصابع و إمّا مخالف.»
و في أصول الفقه، ج2، ص202: «إذا لميكن ذلك مفهوماً من فحوى الخطاب فلايسمى ذلك مفهوماً بالاصطلاح، و لاتكفي مجرد الأولوية وحدها في تعدية الحكم إذ يكون من القياس الباطل، و يشهد لذلك ما ورد من النهي عن مثله في صحيحة أبان بن تغلب عن أبي عبد الله الصادق%… فهنا في هذا المثال لميكن في المسألة خطاب يفهم منه في الفحوى من جهة الأولوية تعدية الحكم إلى غير ما تضمنه الخطاب حتى يكون من باب مفهوم الموافقة، و إنّما الذي وقع من أبان قياس مجرد لميكن مستنده فيه إلا جهة الأولوية إذ تصور بمقتضى القاعدة العقلية الحسابية أنّ الدية تتضاعف بالنسبة بتضاعف قطع الأصابع فإذا كان في قطع الثلاث ثلاثون من الإبل فلابدّ أن يكون في قطع الأربع أربعون لأن قطع الأربع قطع للثلاث و زيادة، و لكن أبان كان لايدري أنّ المرأة ديتها نصف دية الرجل شرعاً فيما يبلغ ثلث الدية فما زاد و هي مائة من الإبل. و الخلاصة أنا نقول ببطلان قياس الأولوية إذا كان الأخذ به لمجرد الأولوية، أما إذا كان مفهوماً من التخاطب بالفحوى من جهة الأولوية فهو حجّة من باب الظواهر فلايكون قياساً مستثنى من القياس الباطل.»
[26]. راجع الفصل الأول في حجية الاطمينان ص 141.
[27]. الفهرست، الشيخ الطوسي، ص134.
و قيل: تراجع، و ذكر الشيخ الطوسي أيضا بأن كان احتجاجه بذلك على وجه المحاجّة لخصمه. العدة في أصول الفقه، ج1، ص127.
[28]. قال الشيخ الأنصاري!: إنّ التعارض على ما عرفت من تعريفه [«من أنه تنافي الدليلين و تمانعهما باعتبار مدلولهما»] لا يكون في الأدلّة القطعيّة، لأنّ حجّيّتها إنّما هي من حيث صفة القطع، و القطع بالمتنافيين أو بأحدهما مع الظنّ بالآخر غير ممكن. فرائد الأصول، ج4، ص11 و ص17.
[29]. سنشير إلى كلام المحقق العراقي! في القول الرابع في الصفحة التالية.
[30].كفاية الأصول، المحقق الخراساني!، ص270.
[31] . راجع الأمر الثاني من هذا الفصل، ذيل المقام الثبوتي النظرية الثانية ص332.
[32]. بحر الفوائد، (ط.ج)، ج1، ص146.
[33]. شرح هداية المسترشدين، الشيخ محمد باقر الإصفهاني!، ص146.
[34]. فرائد الأصول، ج1، ص60.
[35] . استدل عدة من الأعلام بلزوم التناقض على إمكان ردع الشارع عن العمل بالقطع:
ففي تقريرات آية الله المجدد الشيرازي!، ج3، ص: 237 و 238: «إنّه كما لايجوز جعل الطريق طريقاً أو نفي الطريقية عنه، كذلك لايجوز النهي عن السلوك على مقتضاه، بل و كذا الأمر به أيضاً. أما النهي فلكونه مناقضاً في نظر القاطع لما انكشف له بالقطع، و مع وجودقطعه- كما هو المفروض- فلايؤثّر ذلك في حقه من شيء فإنّ قطعه و إن أمكن كونه جهلاً مركّباً، لكنه غير محتمل له، فمع بقائه يقطع القاطع بكذب ذلك النهي، و أنّه مجرّد لفظ لميرد منه ترك ما قطع بلزوم فعله، فلايفيد في حقّه المنع منه، فيلغى، هذا إذا كان القاطع مطيعاً. و أما إذا كان عازماً على العصيان فامتناع النهي حينئذٍ أظهر، لحصول الغرض منه، و هو ترك السلوك، و إلاّ لو فرض كون الترك- على تقديره- تعبّدياً فلايفيد ذلك النهي في حقّه أيضاً، إذ المفروض أنّه قاطع بالخلاف، فتحقّق الترك منه- حينئذٍ- لايمكن إلاّ على وجه العصيان للأمر المقطوع به، فالداعي إلى الترك إنّما هو تشهّي نفسه، و لايعقل أن يكون هو النهي، فيمتنع تحقّق الترك منه- حينئذٍ- على وجه التعبّد، فيلغى النهي المذكور بالنظر إلى تلك الفائدة أيضاً.»
و في قلائد الفرائد، ج1، ص37 و 38: «لنا في المقام إذاً دعويان: … الثانية: عدم قابليّته للتصرّف فيه نفياً لنا … على الثانية: أنّه لو حكم الشارع بعدم حجّيّة القطع و عدم جواز العمل عليه بالنسبة إلى الأحكام المترتّبة على متعلّقه، لزم منه التناقض بين قوليه. بيان الملازمة: أنّه لا إشكال في أنّه بعد حصول القطع بما هو الموضوع للحكم الشرعيّ في الأدلّة الشرعيّة، يحصل للقاطع صغرى بمقتضى قطعه و كبرى بمقتضى الدليل الشرعيّ، و يحصل منهما القطع بالنتيجة و هو القطع بعروض المحمول في الكبرى للموضوع في الصغرى؛ كما أنّه لا إشكال في أنّ لازم حكم الشارع بعدم جواز العمل بالقطع المتعلّق بفرد من أفراد موضوعه، هو عدم ثبوت المحمول في الكبرى، له و هو ما ذكرنا من التناقض و هذا من جهة عدم احتمال الخلاف في نظر القاطع و إن كان في الواقع خاطئاً، فالقاطع في الحكم بطريقيّة قطعه، مقهور لاينصرف عنه ما دام قطعه موجوداً.»
راجع الفوائد الرضوية على الفرائد المرتضوية، ص27في التعليقة على قوله!، و دررالفوائد (ط.ج): ص325.
و في أصول الفقه، ج2، ص24 و 25: «إذا استحال جعل الطريقية للقطع استحال نفيها عنه لأنّه كما يستحيل جعل الذات و لوازمها يستحيل نفي الذات و لوازمها عنها و سلبها بالسلب التأليفي بل نحن إنّما نعرف استحالة جعل الذات و الذاتي و لوازم الذات بالجعل التأليفي؛ لأنا نعرف أوّلاً: امتناع انفكاك الذات عن نفسها و امتناع انفكاك لوازمها عنها كما تقدم بيانه على أن نفي الطريقية عن القطع يلزم منه التناقض بالنسبة إلى القاطع و في نظره فإنّه مثلاً حينما يقطع بأنّ هذا الشيء واجب يستحيل عليه أن يقطع. ثانياً: بأنّ هذا القطع ليس طريقاً موصلاً إلى الواقع فإنّ معنى هذا أن يقطع ثانياً بأنّ ما قطع بأنّه واجب ليس بواجب مع فرض بقاء قطعه الأوّل على حاله، و هذا تناقض بحسب نظر القاطع و وجدانه يستحيل أن يقع منه حتى لو كان في الواقع على خطإ في قطعه الأول، و لايصح هذا إلا إذا تبدل قطعه و زال و هذا شيء آخر غير ما نحن في صدده.»
و مثله ما في بحوث في علم الأصول، ص31.
أما الجواب عن هذا الاستدلال:
ففي بحوث في علم الأصول، ص32 بعد أن أورد الإشكال استدل على عدم تماميته قائلاً: «لأنّ ما ذكر فيه أنّ إزالة الحجية عن القطع تفكيك بين الذات و الذاتي و العلّة و المعلول فرع أن تكون علّية القطع للتنجيز علّية تامة لا علّية اقتضائية معلقة على عدم الترخيص الشرعي بالخلاف، أي: أن يكون حكم العقل بالحجّية و التنجيز تنجيزياً لا تعليقياً كما هو الحال في موارد الاحتمال المنجز في موارد الشك في الامتثال أو الشك قبل الفحص بل مطلق الشك و الشبهة بناءً على إنكار البراءة العقلية.»
و في آراؤنا في أصول الفقه للسيد تقي القمي، ج2، ص10: «يرد عليه أنّه لايتصور التناقض في الاحكام لأنّ الحكم من مقولة الاعتباريات، و من الظاهر أنّ الاعتبار خفيف المؤونة فإذا أمر المولى بشيء و نهى عنه في زمان واحد لايلزم التناقض نعم هو أمر لايصدر عن الحكيم لكونه خلاف الحكمة.»
[36]. في كفاية الأصول، ص258: «و بذلك انقدح امتناع المنع عن تأثيره أيضاً مع أنّه يلزم منه اجتماع الضدين اعتقاداً مطلقاً و حقيقة في صورة الإصابة كما لايخفى.»
و راجع بحوث في علم الأصول، ج4، ص31.
و في تهذيب الأصول للسيد عبد الأعلى السبزواري، ج2، ص13: «و أمّا بالنسبة إلى سلب الحجّية عنه، فقد قالوا أيضاً بأنّه لايمكن للشارع سلب الاعتبار و الحجّية عن القطع، لأنّه إمّا أن يحكم حينئذٍ في مورده بعين الحكم المقطوع به، و هو تحصيل للحاصل، أو بمثله، و هو من اجتماع المثلين في نظر القاطع؛ أو بضدّه، و هو من اجتماع الضدين فيه، أو لايحكم بشيء أبداً، فيلزم خلوّ الواقعة عن الحكم، و هو خلاف ما تسالموا عليه من عدم جوازه.»
أما الجواب عن هذا الوجه:
ففي تعليقة القوچاني على كفاية الأصول، ج2، ص17: «إنّه عند من يذهب بين الحكم الظاهري و الواقعي إلى الترتب بين الموضوعين- لا إلى فعلية الحكم و شأنيته- لايلزم المضادة من النهي عن القطع المستلزم للترخيص على الخلاف، لاختلاف الموضوعين أيضاً. نعم يثبت الامتناع بالتضاد في اللازم و هو القدرة على الامتثال و عدمه كما لايخفى.»
و في بحوث في علم الأصول: «إنّ التضاد بين الحرمة المقطوعة مثلاً و الترخيص تارة يدعى بلحاظ المبادئ و عالم الملاكات و أخرى بلحاظ عالم التنجيز و المحركية في مقام الامتثال، فإن ادّعى الأوّل فلابدّ من ملاحظة الأجوبة التي بها عولجت شبهة التضاد في الجمع بين الأحكام الظاهرية و الواقعية، فإنّ بعض المسالك في ذاك العلاج جار هنا، و إن كان المسلك الصحيح و المختار لايمكن تتميمه هنا على ما سوف يتضح من خلال هذا البحث، فيكون هذا البرهان غير قابل للتكميل على جملة من المسالك، فمثلاً المسلك القائل باختلاف مرتبة الحكم الظاهري عن الواقعي و كفاية ذلك في رفع التضاد لاشتراط وحدة الضدين في المرتبة من الواضح جريانه هنا أيضاً … و كذلك المسلك القائل بأنّ الحكم الظاهري لا مبادئ فيه و إنّما المصلحة في نفس جعله، فإنّ هذا المسلك أيضاً جار هنا … و إن ادّعي الثاني أي التضاد بلحاظ عالم التنجيز و المحركية فالموقف هنا أشد غموضاً منه في موارد الأحكام الظاهرية المجعولة في موارد الأمارات و الأصول، لأنّه هناك كان يمكن رفع التضاد في هذه المرتبة بدعوى أنّ الحكم الواقعي باعتباره غير واصل لايكون منجزاً و لايكون محركاً، و أمّا في المقام فالمفروض وصول الحكم الواقعي بالقطع و تنجزه إلّا أنّه مع ذلك التضاد في هذه المرتبة فرع حساب مقدار محركية التكليف الواقعي المقطوع به الّذي هو فرع محركية القطع و هي فرع منجزيته» إلخ.
و في حاشية الكفاية للعلامة، ج2، ص179: «و منها: أنّه لو كان مجعولاً صح المنع عن تأثيره و هو باطل لاستلزامه اجتماع الضدين اعتقاداً مطلقاً و حقيقة في صورة الإصابة، و فيه: منع الملازمة بجواز كون الجعل ضرورياً لايستغنى عنه بالفطرة كسائر الاعتبارات العامة الضرورية التي لايستغنى عنها الإنسان في حياته كوجوب الحركة إلى الخير و المنافع الّذي لا غنى عنه.»
و في أنوار الهداية، ج1، ص38: «و أمّا حديث اجتماع الضدّين اعتقاداً أو حقيقةً، فيمكن [دفعه]، فإنّ العلم كالشك من عوارض المعلوم بوجه، كالشك الّذي من طوارئ المشكوك، فكما أنّ المشكوك بما أنّه مشكوك موضوع يمكن تعلّق حكم مضادّ للذات به، بناءً على صحة الجمع بين الحكم الواقعي و الظاهري بنحو الترتب- كذلك المعلوم بما أنّه معلوم موضوع يصح تعلق حكم مناف للذات به.»
و في تهذيب الأصول، ج2، ص84: أجاب باعتبارية الأحكام و عدم المضادة بينهما.
و في تهذيب الأصول للسيد عبد الأعلى السبزواري بعد ذكر ما مر: «و يرد الأوّل بما مرّ من إمكان تصوير الغرض الصحيح العقلائي فيه، فيخرج من موضوع تحصيل الحاصل حينئذٍ، و الثاني و الثالث بأنّ الأحكام اعتبارات عقلائية، و يعتبر في اجتماع المثلين أو الضدين أن يكونا من الموجودات الخارجية، كما ثبت في محله، و على فرض كونها موجودات خارجية، أو يكون المراد بهما مطلق المعاندة العرفية، يكفي اختلاف الحيثية في رفع محذور الاجتماع، فمن حيث صلاحية متعلق القطع للداعوية يكون مورد الحكم الشرعي المجعول، و من حيث تعلّق القطع به يكون مورد حكم آخر، و لا ريب في كونهما حيثيتين مختلفتين عرفاً قابلتين لرفع محذور التماثل و التضاد، و يردّ الرابع بأنّ الممنوع هو الخلوّ عن الحكم الواقعي النفس الأمري دون الفعلي الظاهري، فلنا أن نلتزم بعدم حكم للشارع ظاهراً، و إن كان له فيها حكم واقعاً.»
و ففي تهذيب الأصول، ج2، ص84: وجه آخر قريب مما في المتن راجع و تدبر.
[37]. جئنا هنا بوجهين و قد استدلّ على عدم الإمكان بوجوه أخر أيضاً:
1) في بحوث في علم الأصول، ص31: «3- إنّ الردع يلزم منه نقض الغرض و لو بحسب نظر القاطع.»
الجواب عن الوجه الأول:
في بحوث في علم الأصول، ص32 و 33: «و أما البرهان الثالث و هو برهان نقض الغرض فالجواب عليه: إنّه إن أريد بالغرض الملاك الواقعي و المفسدة الموجودة في الحرام الواقعي فهذا يرجع إلى برهان التضاد المتقدم، و إن أريد به الداعي إلى الجعل و هو التحريك فإنّ الداعي من الجعل التحريك و جعل الداعي في نفس المكلفين فإذا جعل بعد ذلك ترخيصاً كان نقضاً لذلك، فالجواب أنّ الغرض من الخطاب إنّما هو التحريك بحسب ما يستقلّ به العقل من التحريك و يراه قابلاً للتنجيز و التحريك فإذا فرض أنّ العقل يستقل بحجية القطع بنحو تنجيزي فسوف تكون محركية الخطاب تنجيزية فلايمكن جعل ترخيص على الخلاف لأنّه نقض للغرض، و أما إذا كانت منجزية القطع تعليقية و مشروطة بعدم ترخيص من قبل المولى نفسه فلا نقض للغرض، كما هو في موارد الشك و الاحتمال المنجز كالاحتمال قبل الفحص مثلاً، فلابدّ من تنقيح هذه النقطة.»
2) في بحوث في علم الأصول، ص33 و 34: «و التحقيق إنّه لايمكن جعل حكم على خلاف الحكم المقطوع به على حدّ ما يجعل في موارد الشك و الظنّ من الأحكام الظاهرية، أما إذا كان القطع بحكم ترخيصي و أريد جعل حكم ظاهري إلزاميّ نظير إيجاب الاحتياط في الشبهات، فهذا الحكم إذا فرض نفسياً لزم التضاد على ما تقدم توضيحه في البرهان، الأول، و إن فرض طريقياً، و الحكم الطريقي عندنا الحكم الناشئ بملاك التزاحم بين الأحكام الترخيصية و الإلزامية في مرحلة الحفظ لا في نفسها مما يدعو المولى إلى أن يجعل حكماً طريقياً يبرز به اهتمامه بما هو المهم من تلك الملاكات المتزاحمة- فهي أحكام ناشئة عن مبادئ و لكن لا في متعلقات نفسها بل في متعلقات الأحكام النفسيّة و لهذا لا تضاد بينهما بلحاظ المبادئ- فهذا أيضاً لايعقل جعله في المقام لأنّ الحكم الطريقي لايتنجز بنفسه، و إنّما ينجز غيره أي ينجز الحكم الواقعي و ملاكه النفسيّ و المفروض أنّ المكلف يقطع بعدم الملاك الإلزامي الواقعي فكيف يتنجز الإلزام الواقعي بهذا الحكم الطريقي؟
و أما إذا كان القطع بحكم إلزاميّ و أريد جعل حكم ظاهري ترخيصي فأيضاً غير معقول، لأنّه إن كان نفسياً ففيه مشكلة التضاد في المبادئ، و إن كان طريقياً ناشئاً عن التزاحم بين الملاكات الواقعية الترخيصية و الإلزامية و تقديم مصلحة الترخيص على الإلزام فمثل هذا الحكم الطريقي لايمكن أن يكون مؤمناً و معذراً للمكلف، لأنّ القاطع يرى أنّ قطعه يصيب الواقع دائماً فهو بهذا يرى إنّه يستطيع أن يحفظ الملاك الإلزامي للمولى من دون تزاحم، أي أنّه يرى عدم شمول الخطاب له روحاً و ملاكاً و إن كان شاملاً خطاباً و من باب ضيق الخناق على المولى بحيث لو كان يمكنه أن يستثنيه لاستثناه- بحسب نظره- و مثل هذا الخطاب لايكون معذراً عقلاً» إلخ.
3) في أجود التقريرات (ط.ق): ج2، ص4: «و من ذلك يظهر استحالة تعلق الجعل بنفي طريقيتها أيضاً إذ ما لايكون قابلاً لتعلق الجعل به إثباتاً لايكون قابلاً لتعلق الجعل به نفياً بالضرورة.»
و في تهذيب الأصول للسيد عبد الأعلى السبزواري (1414)، ج2، ص12 و 13: «و حيث لايعقل جعل الحجية للقطع على المشهور، فلايعقل سلبها عنه أيضاً، لأنّ كل ما لايمكن تعلّق الجعل بوجوده لايمكن تعلّقه بعدمه أيضاً، لأنّ معنى القدرة- كما ثبت في محله- هو إن شاء فعل و إن شاء ترك، فالقدرة تساوي المشية بالنسبة إلى طرفي الوجود و العدم، و عدم إمكان تعلقها بالنسبة إلى طرف يستلزم عدم إمكانه بالنسبة إلى الطرف الآخر، كما هو واضح، هذا كله في الجعل التكويني.»
4) في دررالفوائد، ص327 – 329: «أنّ العلم بالتكليف موجب لتحقق عنوان الإطاعة و المخالفة، و الأول علّة تامّة للحسن كما أنّ الثاني علّة تامة للقبح، و هما كعنواني الإحسان و الظلم، فكما أنّه لايجوز المنع عن الإحسان و الأمر بالظلم عقلاً كذلك لايجوز المنع عن الإطاعة و الأمر بالمعصية و المخالفة، و لا فرق عند العقل في تحقق هذين العنوانين بين اسباب القطع، بخلاف الظنّ بالتكليف فإنّه بعد أن لميصل إلى حد يصلح لأن يبعث المكلف إلى الفعل، لوجود الحجاب بينه و بين الواقع، فلميتحقق عنوان المخالفة و الإطاعة. نعم لو حكم العقل بوجوب الإتيان بالمظنّون من جهة الاحتياط و إدراك الواقع كما في حال الانسداد فعدم الإتيان به على تقدير إصابة الظنّ للواقع في حكم المعصية، لكن لا إشكال في أنّ هذا الحكم من العقل ليس إلا على وجه التعليق بمعنى كونه معلقاً على عدم منع الشارع عن العمل بذلك الظنّ لا على وجه التنجيز كالإتيان بالمعلوم. و من ثمّ لو حكم الشارع بترك العمل بالظنّ في حال الانسداد لاينافي حكم العقل و محصل ما ذكرنا من الوجه أنّ المخالفة لكونها قبيحة بقول مطلق لاتقبل الترخيص، و الإطاعة لكونها حسنة كذلك لاتقبل المنع، لا أنّ المنع عن العمل بالعلم مستلزم للتناقض حتى يرد عليه ما ذكرنا من الإشكال.»
5) في أوثق الوسائل، (ط.ق): ص4: «و ثالثها عدم معقوليّة تكليف القاطع بخلاف قطعه لعدم احتماله خلاف ما قطع به فتكليفه به تكليف بما لايطاق.»
6-9) في كفاية الأصول مع حواشي المشكيني، ج3، ص43 قال: «و أمّا القسمان [الجعل التكويني و التشريعي] في طرف العدم فهما- أيضاً- باطلان بوجوه أربعة: الأول: الوجدان الحاكم بعدم إمكان التفكيك بين الملزوم و اللازم.
الثاني: أنّه لو كان قابلاً للردع للزم عدم إمكان إحرازه، لأنّه إمّا أن يحرز بغير القطع، و هو واضح البطلان؛ و إمّا به، و هو موجب للتسلسل، كما عرفت في طرف الإثبات.
الثالث: أنّه لو كان قابلاً للزم إمّا الخلف، أو تخلّف المعلول عن علّته التامّة، أو اجتماع النقيضين. بيانه: أنّه لو كان جعل العدم برفع نفس القطع فهو خلف، و إن كان برفع لازمه الذاتي- و هو الحجّيّة- فهو الثاني، و إن كان بجعل العدم مع حفظ موضوع القطع و لازمه- و هو الحجّيّة- للزم اجتماع النقيضين في مرتبتين: في مرتبة اللازم لأنّ عدم الحجّيّة نقيض الحجّيّة، و في مرتبة متعلّق القطع لأنّه إذا تعلّق بوجوب شيء، فهذا الوجوب المكشوف مع عدمه اللازم من المنع عن العمل- بناءً على كون المنع عن القطع مستلزماً لجعل عدم الوجوب شرعاً- نقيضان، و لكن الأول واقعيّ و اعتقاديّ دائماً، و الثاني كذلك في صورة الإصابة، و اعتقاديّ فقط في صورة الخطأ.
الرابع: أنّه يلزم منه إمّا الخلف، أو التخلّف المذكور، أو اجتماع الضدّين، و قد تقدّم بيان الأولين، و أمّا الأخير فلأنّ الإيجاب المكشوف مع جعل عدم حجّيّة ضدّان، و كذا الإيجاب المذكور مع الترخيص الجائي من قبل المنع عن القطع، بناء على كون الردع عنه مستلزماً لجعل الترخيص شرعاً، و كذا الجعل المتعلّق بعدم حجّيّة مع الحجّيّة اللازمة لذاته ضدّان، إلّا أنّ الأخير واقعيّ و اعتقاديّ مطلقاً، و الأولان كذلك في صورة الإصابة فقط دون الخطا هذا، مع ما في خصوص الجعل التشريعي من عدم قابليّة التكوينيّات لهذا الجعل.»
10) في محجّة العلماء، ج1، ص23 قال: «نفى الحجيّة عنه سلب للشيء عن نفسه و فساده أظهر من استحالة اجتماع النقيضين و ارتفاعهما فالاستدلال عليه باستلزامه للتناقض مما لاينبغى، فملخّص ما حققناه أنّ كون العلم حجّة من قبيل كون الضياء نوراً و الدّهن دسماً و الوجود تحققاً و ثبوتاً.»
11) في نهاية المأمول في شرح كفايه الأصول لميرزا حسن الرضوي، ص7: «تطرق الجعل التركيبى إصالة إليه إثباتاً يؤول إلى … و نفياً إلى انفكاك ذاتي الشيء عن الشيء و مرجعه إلى التناقض أو الخلف فإنّ المولى إذا أمر باتيان الماء مثلاً مع تعلّق أمره بالماء من حيث هو هو لا من حيث المعلوميّة ثم نهى عن العمل بعلمه في مقام الامتثال يرجع ذلك النّهى إلى النّهى عن إتيان الماء فإن كان مع ذلك إتيان الماء محبوبه و مطلوبه فيرجع إلى التناقض للأمر بالشّيء و النّهى عنه في زمان واحد و إن لميكن مطلوباً له في هذا الحال فهو خلف لأنّ المفروض تعلق القطع به بما هو مطلوبه الواقعى الفعلى … و التّوالى بأسرها باطلة.»
و في قبال تلك الوجوه قد استدلّ على إمكان الردع عن القطع بأمرين:
الامر الأول:
في دررالفوائد، ص326: «و أورد على اصل الدعوى نقضاً بورود النهى عن العمل بالظنّ القياسى حتى في حال الانسداد، فإذا جاز النهى عن العمل بالظنّ عند الانسداد جاز النهى عن العمل بالعلم، لأنّ الظنّ في تلك الحالة كالعلم.»
و في حاشية فرائد الأصول للسيد محمد كاظم اليزدي، ج1، ص28 – 33:«فإن قلت: لو منع الشارع من العمل بالقطع على ما ذكرت يلزم التناقض في حكمه كما سيصرّح به المصنف و هو العمدة في دليله على مدّعاه … قلنا: نجيب عنه أمّا أولاً فبالنقض بجعل الأصول و الأمارات و الأدلّة الظنّية، فإنّ مثل هذا التناقض وارد عليها حرفاً بحرف من غير تفأوت، فإنّ التعبّد بالاستصحاب و أصالة البراءة و غيرهما مع تخلّفها عن الواقع كثيراً كيف يجتمع مع ثبوت الأحكام الواقعية غير مقيّدة بالعلم و الجهل، مثلاً لو كان الشيء نجساً أو حراماً في الواقع بجعل الشارع إلّا أنّه مستصحب الطهارة و الحلّية، فلمّا جعل الاستصحاب حجّة و كلّف التعبّد به فقد حكم بعدم النجاسة و الحرمة، و هو التناقض المذكور. و بمثل ذلك يقرّر التناقض في الأمارات و الأدلّة الظنّية بلا تفاوت»
و أجاب صاحب الكفاية! عن الأمر الأول:
ففي تعليقة القوچاني على كفاية الأصول، ج2، ص17: «و قد توهم بعض بكون القطع قابلاً للرفع، قياساً بالظنّ الثابت في حال الانسداد و أجاب عنه الأستاذ! في التعليقة بأنّه مع الفارق، لكون الحجية في القطع بنحو العلية التامة و في الظنّ بنحو الاقتضاء و التعليق، و أنّ الموضوع للحكم الظاهري لايكون محفوظاً مع العلم فيلزم المضادة من منع العمل به، و حيث أنّه محفوظ مع الظنّ فلايلزم المضادة معه في صورة النهي عنه.»
و في دررالفوائد: «و أجاب عن هذا الإشكال شيخنا الأستاذ بأنّ القياس بالظنّ القياسي ليس في محله، لأنّ العالم يرى الحكم الواقعي من غير سترة و لا حجاب، فالمنع من اتّباعه راجع إلى ترخيص فعل ما يقطع بحرمته أو منع فعل ما يقطع بوجوبه، فكيف يمكن أن يذعن به مع الإذعان بضده و نقيضه من الحكم المقطوع به في مرتبة واحدة، و هي مرتبة الحكم الواقعي، لانكشاف الواقع بحاقه من دون سترة موجبة لمرتبة أخرى غير تلك المرتبة ليكون الحكم فيها حكماً ظاهرياً لاينافي ما في المرتبة الأخرى، بخلاف الظنّ القياسي فإنّ النهى عنه في صورة الانسداد إذا صح ببعض الوجوه الآتية لايكون إلّا حكماً ظاهرياً لاينافي الحكم الواقعي لو خالفه كما إذا أصابه و وافقه هذا ما أفاده من الجواب.»
و في كفاية الأصول مع حواشي المشكيني، ج3، ص44: «ثمّ إنّه قد يتوهّم إمكان الردع عن القطع قياساً على المنع عن الظنّ الانسدادي على الحكومة، مع أنّه في تلك الحال كالقطع، و سيأتي جوابه في دليل الانسداد تفصيلاً إن شاء اللَّه تعالى، و لكن الماتن قد أجاب عنه بوجه آخر: و هو أنّه لمّا كان الواقع ينكشف في القطع تمام الانكشاف من دون سترة و حجاب، فلا مرتبة أخرى حتّى يكون المنع عنه الراجع إلى التخصيص حكماً ظاهريّاً، و يقال: إنّه لايلزم اجتماع الضدّين- الوجوب و الترخيص- في مرتبة واحدة، بل اللازم- حينئذٍ- هو اجتماعهما في مرتبة واحدة، و هذا بخلاف الظنّ الانسدادي، فإنّ مرتبة الحكم الظاهري محفوظة، و حينئذٍ يلزم اجتماعهما في مرتبتين.»
و استشكل جواب صاحب الكفاية! عدة من الأعلام:
ففي تعليقة القوچاني على كفاية الأصول: «و لكنه يرد عليه بلزومه فيه أيضاً مع تعلقه بالفعلية الحتمية، حيث أنّ الظنّ باجتماع الضدين كالقطع في الاستحالة، و إن أخذ المتعلق الفعلي التعليقي الممكن الاجتماع مع حكم آخر فنقول: كذلك في القطع أيضاً، غاية الأمر لايسمى الحكم الآخر فيه ظاهرياً نعم يمكن أن يقال: أنّ الحكم التعليقي بمعنى لو علم به المكلف لتنجز، لابدّ أن يصل إلى الفعلية الحتمية في القطع بحصول المعلق عليه فيه، و في الظنّ يكون كذلك لو لم يمنع عنه بعد امكانه فيحصل الفارق.»
و في درر الفوائد: «أقول: و هذا لايستقيم على ما ذهب إليه من منافاة الحكمين الفعليين اللذين تعلقاً بموضوع واحد خارجي، سواء كانا واقعيين أم ظاهريين أم مختلفين، و حصر دفع التنافي بين الحكم الواقعي و الظاهري بجعل الواقعي إنشائياً و الظاهري فعلياً. و توضيح الإشكال على هذا المبنى أنّه لاينبغي الفرق بين القطع و بين الظنّ، بل العمدة ملاحظة المقطوع و المظنّون، فإن تعلق كل منهما بالحكم الفعلى فلايعقل المنع، أما في حال القطع فواضح، و أما في حال الظنّ فلأنّ المنع عن العمل بالظنّ يوجب القطع بعدم فعلية الحكم الواقعي لو كان على خلاف الحكم الظاهري، و هذا ينافي الظنّ بالحكم الواقعي الفعلي كما هو المفروض، و هذا واضح، و أما إن تعلق كل منهما بالحكم الإنشائي فلا مانع من الحكم على الخلاف، و لايتفأوت أيضاً بين العلم و الظنّ هذا، و أما على ما قلنا في دفع المنافاة بين الحكم الواقعي و الظاهري من اختلاف رتبتيهما فيرد إشكال آخر على أصل الدعوى بأنّه كما يتأخر رتبة الشك و الظنّ بالحكم عن نفس الحكم كذلك رتبة العلم به، لأنّه أيضاً من العنأوين المتأخرة عن الحكم، فكما أنّه لاينافي جعل حكم مخالف للواقع في موضوع الشك و الظنّ لاختلاف رتبتيهما كذلك لاينافي جعل حكم مخالف للواقع في مورد القطع لعين ما ذكر.»
و في كفاية الأصول مع حواشي المشكيني: «أقول: فيه أولاً: أنّه يتمّ بناء على تصحيح اختلاف المرتبة لاجتماع الحكمين الفعليّين، و هو باطل عندنا و عنده أيضاً، و ثانياً: أنّه يمكن منع استلزام المنع عن القطع- بل الظنّ أيضاً- لجعل حكم مولويّ حتّى يقال في الأول بعدم الصحّة، لاتحاد الرتبة، و في الثاني بالجواز، لاختلافها، و ثالثاً: أنّ الملاك في جواز اجتماع الحكم الواقعي و الظاهري في باب الظنّ- على القول به- هو اختلاف رتبتها، بمعنى كون الموضوع للأوّل هو العنوان الواقعي، و للثاني هو العنوان المكشوف الحكم، و هذا الاختلاف متحقّق في باب القطع أيضاً، إذ الموضوع للوجوب المقطوع هو نفس الواقع، و للترخيص هو مقيّداً بكونه مقطوع الوجوب، و رابعاً: أنّه لو قلنا بتصحيح اختلاف الرتبة فإنّما يصحّ اجتماع الضدّين بتقريره الوسط، دون الأوّل و الثالث، فافهم.»
و أجاب أيضاً عن الأمر الأوّل المحقق الإصفهاني!:
ففي نهاية الدراية، ج3، ص20 و 21: «و أما النقض بالمنع عن الظنّ القياسي فغير وارد فإن الإشكال فيه تارة من حيث إنّ الظنّ بالحكم الفعلي مع التّرخيص في خلافه فعلاً يوجب الظنّ باجتماع النقيضين أو الضدين و الظنّ بغيره و إن صح المنع عنه إلّا أنّ القطع به أيضاً كذلك و أخرى من حيث إنّ العقل مستقل بعد الانسداد بمنجزيّة الظنّ بما هو ظنّ، فإذا صح الترخيص في مخالفته شرعاً صحّ في القطع الذي يستقلّ العقل بمنجّزيّته لوحدة الملاك منعاً و جوازاً.
و يندفع الأوّل: بأنّ المراد من الحكم الفعلي هو الإنشاء بداعي جعل الداعي و هو عقلاً متقيّد بالوصول بنحو من الأنحاء، و القطع به حيث إنّه وصوله حقيقة يكون الواصل مصداقاً للبعث حقيقة، فلايعقل بعث حقيقي آخر و لا زجر حقيقيّ عنه، و حيث إنّ الظنّ ليس وصولاً حقيقيّاً فلا مانع من البعث الحقيقي على وفاقه أو الزجر على خلافه و يندفع الثاني بما سيأتي إن شاء اللّه تعالى في محله من أنّ الحكم العقلي في الظنّ تعليقيّ دون القطع.»
الأمر الثاني:
في حاشية فرائد الأصول للسيد محمد كاظم اليزدي!، ج1، ص29 – 33:«و أمّا ثانياً: فبالحلّ، و توضيحه يحصل ببيان كيفية جعل الأصول و الأدلّة الظنّية أولاً كي يتّضح مراد الكلام فيما نحن فيه، فنقول: إنّ ظاهر جمهور العلماء و صريح جمع منهم أنّ الأحكام الظاهرية أحكام شرعية مجعولة في قبال الأحكام الواقعية الأولية، يحصل بها الإطاعة و العصيان و يترتب عليها آثار أخر أيضاً مما يترتّب على الأحكام الشرعية من الإجزاء و غيره ممّا ليس هنا محلّ ذكرها، و من هنا قد أشكل عليهم أمور منها: التناقض الذي نحن بصدده، و قد أجابوا عن إشكال التناقض بوجوه عديدة لعلّها تأتي فيما سيأتي في مقامات يناسبها بما فيها، أوجهها ما اختاره المصنف في رسالة حجّية المظنّة و إن اختار غيره في أول رسالة أصل البراءة، و هو أنّا نمنع كون مؤدّيات الأصول و الأمارات، و كذا الأدلّة الظنّية أحكاماً شرعية، بل هي أحكام عذريّة بمعنى أنّ الشارع جعلها أعذاراً للمكلّفين إذا سلكوها … و الدليل على ذلك: أنّا إذا تتبّعنا أدلّة حجية الأصول و الأمارات و الأدلّة الظنّية لمنجد فيها ما يدلّ على أنّ مؤدّياتها أحكام شرعية مجعولة في مقابلة الأحكام الواقعية على ما يدّعيه الخصم، بل مؤدّاها أنّه يجب العمل بها، و لايستفاد من ذلك أزيد مما ذكرنا من عدم جواز المؤاخذة على ترك الواقع على تقدير التخلّف و ذلك ما أردنا … إذا تحقّق ذلك و ارتفع التناقض بحمد اللّه في جعل الأصول و الأدلّة نقول بمثل ذلك فيما نحن فيه، فلو منع الشارع عن العمل بالقطع في مثل القطّاع مثلاً لحكمة غلبة مخالفته الواقع التي يعرف الشارع من القطّاع فلميجعل له حكماً مخالفاً لحكمه الواقعي حتى يحصل التناقض بينه و بين الحكم الواقعي بل أبدع له أن يعتذر إلى الشارع فيما إذا كان قطعه مطابقاً للواقع و ترك العمل عليه بأنّك منعتني عن العمل بقطعي، فلابدّ أن يقبل عذره و لايعاقبه على تلك المخالفة.»
ثم يقول بعد ذكر إشكالين و جوابهما: «فقد تحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ القطع … قابل للجعل بمعنى قابليّته لردع الشارع عن العمل به على ما مرّ بيانه مفصّلاً و ما اخترناه من قابلية القطع لمنع الشارع ليس ببدع من القول، فقد صرّح به صاحب الفصول في قطع القطّاع في مبحث المستقلّات العقلية، و كذا كاشف الغطاء في مبحث كثير الشكّ على ما حكاه عنه المصنف في ثالث تنبيهات المسألة، و كذا جمهور الأخباريّين المنكرين للملازمة بين حكم العقل و الشرع بدعوى أنّ الشارع قد رخّص في ترك متابعة حكم العقل بدليل(وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)و إن كنّا نمنع مقالتهم هناك لمنع صحّة الأدلّة التي استدلّوا بها على المنع، إلّا أنّه أمر معقول لو ثبت بدليل يجب الأخذ به، و لعلّنا نقول بذلك في القطع الحاصل من القياس لأخبار المنع عن العمل به مطلقاً، و يشهد له ما ورد من ردع من قطع بالقياس على أنّ دية أربع أصابع المرأة أربعون بعيراً قياساً على دية الإصبع الواحد بعشرة و إصبعين بعشرين و ثلاثة بثلاثين حتى قال لمن أخبره بأنّ في الأربع عشرين: أنّ الذي جاء به الشيطان بقوله%: إنّ السنّة إذا قيست محق الدين» إلخ.
و للمحقق الحكيم إشكال على مختار السيد:
قال في حقائق الأصول، ج2، ص7 و 8 في التعليقة على قوله: «و بذلك انقدح امتناع»: «إعلم إنّ محتملات حجية القطع ثلاثة: … الثاني: أن يكون مقتضياً لها بحيث يكون ترتّبها عليه مشروطاً بوجود شرط أو فقد مانع … و هنا إشارة إلى بطلان الثاني، و أنّه لايتوقف اتصافه بالحجية على عدم الردع لكون الردع مانعاً عن الحجية و إن ادعى ذلك بعض، و وجه بطلانه ما أشير إليه من أنّ ترتب الآثار المذكورة على القطع بلا حالة منتظرة فتترتب على وجود القطع بمجرد حصوله و إن جاء الرادع فكيف يمكن نفيها بالردع.»
[38]. فرائد الأصول، ج1، ص79 «الثاني: أنه إذا تولّد من العلم الإجمالي العلم التفصيلي بالحكم الشرعي في مورد، وجب اتّباعه و حرمت مخالفته … و بالجملة: فلا فرق بين هذا العلم التفصيلي و بين غيره من العلوم التفصيلية إلا أنه قد وقع في الشرع موارد توهم خلاف ذلك.»
[39]. الوسائل، ج18، ص452، كتاب الصلح، الباب12: باب حكم من أودعه إنسان دينارين و آخر ديناراً فامتزجت و ضاع واحد، ح1؛ الفقيه، أبواب القضايا و الأحكام، باب الصلح، ج3، ص37، ح3278: (و فيه «و استودعه» بدل «فاستودعه» و «منهما فقال» بدل «منها قال» و «يقتسمان الدينار الباقي» بدل «يقسم الآخر».)؛ المقنع، ص132: «رواه مرسلا».
[40]. التهذيب، ج6، ص208، كتاب الديون و الكفالات و الحوالات و الضمانات و الوكالات، باب الصلح بين الناس (باب 83)، ح14و لفظه نفس ما ورد في الفقيه.
[41] . التهذيب، ج7، ص181، كتاب التجارات، باب الوديعة (باب 16)، ح10 و فيه: «عَنْ عَلِيٍّ% فِي رَجُلٍ اسْتَوْدَعَ رَجُلًا دِينَارَيْنِ وَ اسْتَوْدَعَهُ آخَرُ دِينَاراً فَضَاعَ دِينَارٌ مِنْهَا فَقَضَى أَنَّ لِصَاحِبِ الدِّينَارَيْنِ دِينَاراً وَ يَقْتَسِمَانِ الدِّينَارَ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ».
[42]. مصباح الأصول (ط.ق): ج2، ص61 . (ط.ج): ج2، ص66: «و فيه أولاً: أنّ المقام أجنبي عن باب الامتزاج، إذ الامتزاج الموجب للشركة القهرية إنما هو فيما إذا كان الامتزاج موجباً لوحدة المالين في نظر العرف» إلخ.
[43]. مصباح الأصول (ط.ق): ج2، ص63 و (ط.ج): ج2، ص69: «و الجواب أنّه إن قلنا بأن التحالف موجب للانفساخ واقعاً بالتعبد الشرعي كما هو ليس ببعيد» إلخ.