مجرا و ضابطه اصل احتیاط

فهرست

برای مشاهده فهرست موضوعی اصول از دكمه سمت راست استفاده كنيد

صفحۀ 19

المقدمة

و هي في تقدیم مطالب قبل الشروع في البحث:

المطلب الأوّل: في مجرى أصالة الاحتياط

هنا بيانات ثلاثة:

البیان الأوّل

إنّ الشك الذي هو موضوع للأصول العملیة إمّا شك في أصل التكلیف و إمّا شك في المكلّف به، و الشك في المكلّف به إمّا یمكن فیه الاحتیاط و إمّا لا‌یمكن.

فالأوّل – و هو الشك في أصل التكلیف- مجری البراءة، و الثاني – و هو الشك في المكلّف به مع إمكان الاحتیاط- هو مجری أصالة الاحتیاط، و الثالث -و هو الشك في المكلّف به مع عدم إمكان الاحتیاط -هو مجری التخییر. ([1])

صفحۀ 20

البیان الثاني

إنّ المكلّف قد لايحصل له العلم بالتكليف أصلاً و قد يحصل له العلم به فإنّ الأوّل مجرى البراءة.

و أمّا الثاني أن يحصل له العلم بالتكليف، مع الشكّ في المكلّف به إمّا يمكن فيه الاحتياط و إمّا لايمكن و الأوّل هو مجرى أصالة الاحتياط و الثاني هو مجرى أصالة التخيير و هو بحث دوران الأمر بين المحذورين.([2])

ملاحظتان على البيانين

الملاحظة الأولى: و هي ملاحظة على البيانين

و قد تقدّم في أوّل البحث عن الأصول العملية أنّ ذلك لايتمّ بإطلاقه، لأنّ العلم بنوع التكليف و الشكّ في المكلّف به قد يكون مجرى البراءة كما في الأقلّ و الأكثر الارتباطیین.

الملاحظة الثانية: و هي ملاحظة على البيان الثاني خاصة

إنّ المراد من العلم بالتكلیف إن كان هو العلم بنوع التكليف فلا‌‌يصحّ حينئذٍ مجرى أصالة التخيير و إن كان أعمّ من العلم بنوع التكليف و جنسه فحينئذٍ

صفحۀ 21

يشمل بحث القطع ما إذا شككنا في وجوب شيء معيّن أو استحبابه مع أنّه مجرى البراءة و أيضاً يلزم شمول مبحث القطع لما إذا علمنا إجمالاً بوجوب شيء أو حرمته مع أنّه مجرى أصالة التخيير.

البيان الثالث: المختار

مقتضى التحقيق هو أنّ المكلّف قد لايحصل له العلم بنوع التكلیف و جمیع قيوده و شرائطه، و هذا على أقسام أربعة:

الأوّل: أن یعلم نوع التكليف و يشكّ في قیوده و شرائطه فتجري البراءة بالنسبة إلى القيود و الشرائط كما في الأقلّ و الأكثر الارتباطيين.

الثاني: أن یشكّ في نوع التكليف مع العلم بجنسه في ما إذا كان جنسه هو الإلزام المردّد بين الوجوب و الحرمة فهو مجرى أصالة التخيير في ما إذا تعلّق بشيء واحد و مجرى الاحتياط في ما إذا تعلّق بأمرين بحيث يمكن امتثالهما مثل العلم الإجمالي بوجوب هذا الأمر أو حرمة أمر آخر.

الثالث: أن يشكّ في نوعه مع العلم بجنسه في ما إذا كان جنسه مطلوبیة الفعل الأعمّ من الوجوب و الاستحباب أو مطلوبیة الترك الأعمّ من الحرمة و الكراهة و هذا مجرى البراءة.

الرابع: أن یشكّ في أصل التكليف نوعه و جنسه و هو أيضاً مجرى البراءة.

و قد يحصل للمكلّف العلم بنوع التكليف بجميع قيوده و شرائطه؛ فإن حصل له العلم بالمكلّف به فهو مبحث القطع، و إن لم‌‌يحصل له العلم بالمكلّف به مع إمكان الاحتياط فهو مجرى أصالة الاحتياط.

صفحۀ 22

المطلب الثاني: في بيان ضابط الشكّ في المكلّف به

بيان المحقق النائيني!

إنّ رجوع الشكّ إلى المكلّف به لايكون إلّا بعد العلم بالتكليف في الجملة و إلّا كان من الشكّ في التكليف لا المكلّف به.

توضيح ذلك: إنّ القضايا الشرعية قضايا حقیقية یفرض فیها وجود الموضوعات و لیست القضایا الشرعیة قضایا خارجیة.

فالقضایا الشرعیة بمنزلة الكبری لقیاس الاستنباط و لابدّ في فعلیة الحكم من وجود الموضوع خارجاً و یكون ذلك بمنزلة الصغری لقیاس الاستنباط.

و نتیجة انضمام هذه الصغری إلى هذه الكبری هو الحكم الفعلي الشرعي الذي یستتبع عصیانه العقاب و إطاعته الثواب.

فقول الشارع: «الخمر حرام» كبری كلّیة لایستتبع العلم بها شیئاً من الثواب و العقاب ما لم‌ینضمّ إلیها صغری وجدانیة، لیتألف قیاس الاستنباط عن تلك الصغری الوجدانیة و الكبری المجعولة الشرعیة فیقال: «هذا خمر و كلّ خمر یحرم شربه.»

و لایكاد یحصل العلم بالحكم مع الشكّ في إحداهما و لو مع العلم بالأخرى، بل یكون ذلك من الشكّ في التكلیف لا‌ المكلّف به.

فضابط الشكّ في التكلیف هو رجوع الشكّ إمّا إلى تحقق الصغری خارجاً و إمّا إلى جعل الكبری شرعاً (بلا فرق بین الشكّ في أصل جعل الكبری أو الشكّ في قیدیة شيء لها بناء على المختار من جریان البراءة في الشكّ بین الأقلّ و الأكثر

صفحۀ 23

الارتباطیین) غایته أنّه إن كان الشكّ في تحقّق الصغری تكون الشبهة موضوعیة و إن كان في جعل الكبری تكون الشبهة حكمیة، و منشأ الشك في الصغری أحد موجبات الجهل بوجود الموضوع و في الكبری فقد النصّ أو إجماله أو تعارضه.

و ضابط الشكّ في المكلّف به، هو رجوع الشكّ إمّا إلى نفس متعلّق التكلیف و هو الفعل أو الترك المطالب به أو بنقیضه و إمّا إلى متعلّق المتعلّق و هو الموضوع الخارجي لأجل تردّده بین أمور بعد العلم بتحققه خارجاً أو ما هو بمنزلة العلم من الأمارات و الأصول الشرعیة.([3])

صغحۀ 24

المطلب الثالث: مناط حكم العقل بالاحتراز عن مخالفة التكلیف

إنّ مخالفة التكلیف المعلوم لاتوجب العلم بالعقاب القطعي لاحتمال شمول عفوه و شفاعته بل هي توجب احتمال العقاب و العقل یحكم حینئذٍ بلزوم الاحتراز عن المخالفة دفعاً للعقاب المحتمل.

و هذا البیان جار في مخالفة التكلیف المحتمل في ما إذا لم‌یحصل للمكلّف مؤمِّن عقلي أو شرعي، فإنّ العقل یحكم بلزوم الاحتراز عن المخالفة أیضاً و لذا تدخل الشبهة البدویة قبل الفحص تحت حكم العقل بلزوم الاجتناب عن مخالفتها، لعدم جریان البراءة العقلیة و الشرعیة إلّا بعد الفحص.

ثمّ إنّه لابدّ من التمایز بین حكم العقل بلزوم الاجتناب عن المخالفة و بین تنجیز التكلیف فإنّ التنجیز من مراتب الحكم و هو متوقّف على وصول الحكم إلى المكلّف و التمكّن من امتثاله عقلاً و شرعاً.

فإنّ حكم العقل بلزوم الاجتناب عن المخالفة في موارد الشبهات البدویة قبل الفحص و الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ممّا لا إشكال فیه، و أمّا تنجیز التكلیف الواقعي فلا‌‌یتصوّر في الشبهات البدویة قبل الفحص، بل هو متصوّر في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي في ما لم‌تجر الأصول العملیة النافیة في أطرافها.

نظریة المحقّق الخوئي!

قال!: لا فرق بين موارد التكالیف المعلومة و التكالیف المحتملة في أنّ حكم العقل بلزوم الإطاعة ناشئ من احتمال العقاب، ففي كلّ مورد یحتمل فیه التكلیف الإلزامي یستقلّ العقل بلزوم التحرّز عن المخالفة، إلّا أن یثبت فیه

صفحۀ 25

مؤمِّن من العقاب عقلاً كقاعدة قبح العقاب بلا‌ بیان أو شرعاً كالأدلّة الشرعیة الدالّة على البراءة من حدیث الرفع و نحوه، و أمّا إذا لم‌یثبت المؤمِّن عقلاً و لا شرعاً، فنفس الاحتمال كاف في تنجیز التكلیف الواقعي.

 و یتحصّل من ذلك أنّ تنجیز العلم الإجمالي و عدمه یدور مدار جریان الأصل في أطرافه و عدمه؛ فإن قلنا بجریانه في جمیع الأطراف سقط العلم الإجمالي عن التنجیز مطلقاً، و إن قلنا بعدم جریانه في شيء من الأطراف كان احتمال التكلیف في كلّ طرف بنفسه منجّزاً بلا حاجة إلى البحث عن منجّزیة العلم الإجمالي فتجب الموافقة القطعیة كما تحرم المخالفة القطعیة و إن قلنا بجریانه في بعض الأطراف دون بعض لم‌تجب الموافقة القطعیة و إن حرمت المخالفة القطعیة، و هذا هو الوجه للتفصیل بین وجوب الموافقة القطعیة و حرمة المخالفة القطعیة.([4])

یلاحظ علیه

أوّلاً: أنّ احتمال العقاب یوجب تحقّق موضوع حكم العقل بلزوم الاحتراز عن المخالفة و لا دخل له في تنجیز الحكم الواقعي، كما أنّ احتمال التكلیف

صفحۀ 26

الإلزامي أیضاً في ما لم‌یثبت فیه مؤمّن عقلي أو شرعي موضوع لحكم العقل بلزوم الاحتراز عن مخالفته، كما في الشبهة البدویة قبل الفحص، و لایوجب تنجیز الحكم الشرعي، لما تقدّم من أنّ تنجیز الحكم الشرعي متوقّف على أمرین: وصول الحكم إلى المكلّف و التمكّن من امتثاله، و مع عدم وصول الحكم لا وجه لتنجیزه.

و ما أفاده! في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي من أنّ احتمال التكلیف منجّز بلا حاجة إلى البحث عن منجّزیة العلم الإجمالي أیضاً ممنوع.

ثانیاً: أنّ ما أفاده من أنّ تنجیز العلم الإجمالي یدور مدار جریان الأصل في أطرافه فهو مبتنٍ على بعض المباني، فإنّه إن قلنا بأنّ العلم الإجمالي علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعیة فلا‌یمكن جریان الأصل في بعض الأطراف، كما أنّه إن قلنا بعلّیته التامّة لحرمة المخالفة القطعیة لایمكن جریان الأصل في جمیع الأطراف.

فعلى هذا یدور جریان الأصل في أطراف العلم الإجمالي مدار تنجیزه بمعنی أنّه إمّا یتنجّز العلم الإجمالي بنحو العلّیة التامّة حتّی یستحیل جریان الأصل -في جمیع أطرافه أو بعضها- أو یتنجّز بنحو الاقتضاء حتّی یمكن جریان الأصل في أطرافه.

صفحۀ 27

المطلب الرابع: في تخصیص البحث هنا بوجوب الموافقة القطعیة

إنّ الأعلام اختلفوا هنا في محلّ البحث من جهة المخالفة القطعیة أو الموافقة القطعیة.

هنا نظریّتان:

النظریة الأُولی: من الشیخ الأنصاري!

قال!: إنّ اعتبار العلم الإجمالي له مرتبتان: الأولى حرمة المخالفة القطعیة. و الثانیة وجوب الموافقة القطعیة.

و المتكفّل للتكلّم في المرتبة الثانیة (أي وجوب الموافقة القطعیة) هي مسألة البراءة و الاشتغال عند الشكّ في المكلّف به، و المقصود في مباحث القطع التكلّم في المرتبة الأولى (أي حرمة المخالفة القطعیة).([5])

صفحۀ 29

مناقشة المحقّق الإصفهاني! في هذه النظریة ([6])

إنّ تخصیص البحث المتقدّم بحرمة المخالفة القطعیة و تخصیص البحث هنا بوجوب الموافقة القطعیة بلا وجه، لأنّ فعلیة حرمة المخالفة القطعیة متوقّفة على عدم مانعیة الجهل التفصیلي و هو من شؤون هذا البحث، كما أنّ اقتضاء وجوب الموافقة القطعیة من شؤون ذلك البحث.

النظریة الثانیة: من المحقّق الإصفهاني! و هو المختار([7])

إنّ البحث عن العلم الإجمالي من وجهین:

الوجه الأوّل: من حیث شؤون العلم و مقتضیاته و هو كونه مقتضیاً للتنجّز من حیث المخالفة القطعیة و الموافقة القطعیة، و حیثیة الاقتضاء محفوظة و لو مع عدم فعلیة مقتضاه، لفقد شرط أو وجود مانع.

الوجه الثاني: من حیث شؤون الشكّ و الجهل و هو أنّ الجهل التفصیلي هل هو مانع عقلاً أو شرعاً عن فعلیة مقتضى العلم الإجمالي و هو المناسب للمقام.

فعلى هذا یتكفّل مبحث القطع لبیان شؤون العلم الإجمالي من حیث تأثیره في التنجیز بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعیة و حرمة المخالفة القطعیة، فلا‌یختصّ مبحث القطع بالبحث عن حرمة المخالفة القطعیة.

كما أنّ مبحث أصالة الاحتیاط یتكفّل لبیان مقتضیات الجهل و الشكّ الذي العلم الإجمالي مشوب بهما، فإنّ هذا الجهل أو الشك یمكن أن یمنع عن فعلیة

صفحۀ 30

تنجیز العلم الإجمالي بالنسبة إلى الموافقة القطعیة، كما أنّه یمكن أن یمنع عن فعلیّته بالنسبة إلى المخالفة القطعیة.([8])

صفحۀ 33

المطلب الخامس: في شمول النزاع للأصول الجاریة في مقام الامتثال

إنّ النزاع لایختصّ بالأصول الجاریة عند الشكّ في أصل التكلیف بل یعمّ الأصول الجاریة في مرحلة الامتثال مثل قاعدة الفراغ.

و الدلیل على ذلك هو أنّ العلم الإجمالي:

1- قد یتعلّق بأصل التكلیف إمّا مع إمكان موافقته القطعیة مثل العلم الإجمالي بوجوب هذا الأمر أو حرمة أمر آخر و إمّا مع عدم إمكان موافقته القطعیة مثل العلم الإجمالي بوجوب هذا الأمر أو حرمته (و هذا القسم لایبحث عنه في أصالة الاحتیاط).

2- و قد یكون مورد العلم الإجمالي مردّداً في ناحیة المتعلّق لا في ناحیة أصل الحكم مثل العلم الإجمالي بوجوب فعل هذا الأمر أو تركه و مثل العلم الإجمالي بحرمة شرب هذا الماء أو أكل هذا الشيء.

3- و قد یكون مورده مردّداً في ناحیة متعلّق المتعلّق لا في ناحیة أصل الحكم و لا في ناحیة المتعلّق مثل العلم الإجمالي بحرمة شرب هذا المائع أو ذاك المائع.

4- و قد یكون مورده مردّداً في مرحلة الامتثال لا في مرحلة أصل الحكم و متعلّقه و متعلّق متعلّقه و هذا مثل ما إذا علمنا بوجوب صلاة الظهر و وجوب صلاة العصر من غیر شك في مرحلة جعل أصل الحكم و لا في مرحلة المتعلّق و لكن في مرحلة الامتثال علمنا إجمالاً ببطلان إحدی الصلاتین بعد إتیانهما.

و حینئذٍ یقع الكلام في جریان قاعدة الفراغ في مرحلة الامتثال بالنسبة إلى كلتا الصلاتین أو إحداهما، فإن قلنا بجریان الأصول النافیة في جمیع الأطراف فتجري قاعدة الفراغ أیضاً بالنسبة إلى كلتا الصلاتین و إن قلنا بجریانها في بعض

صفحۀ 34

الأطراف فقط فتجري هذه القاعدة بالنسبة إلى إحدی الصلاتین فقط فالنزاع یعمّ الأصول الجاریة في مقام الامتثال مثل قاعدة الفراغ.

هذا تمام الكلام في مقدمات البحث.

ثمّ إنّ المعلوم بالإجمال على قسمین:

الأوّل: أن یكون مردّداً بین المتباینین.

و الثاني أن یكون مردّداً بین الأقل و الأكثر.

و لذا یقع الكلام في مقامین:

الأوّل: دوران الأمر بین المتباینین.

و الثاني: الاضطرار إلى غیر المعیّن.


[1]. فرائد الأصول، (ط.مجمع الفكر) ج1، ص25، و (ط.النشر الإسلامي)، ج1، ص2.

[2]. فوائد الأصول، ج3، ص5: و قال: «و الأحسن أن يقال: إن الشكّ إما أن يلاحظ فيه الحالة السابقة أو لا، و على الثاني: فإما أن لا‌يعلم بالتكليف أصلاً و لو بجنسه و إما أن يعلم، و على الثاني: فإما أن يمكن فيه الاحتياط و إما أن لا‌يمكن، فالأول مجرى الاستصحاب، و الثاني مجرى البراءة، و الثالث مجرى الاحتياط، و الرابع مجرى التخيير».

[3]. فوائد الأصول، ج4، ص4.

و في أجود التقریرات، ج2، ص237: «و قد بيّنّا مراراً أن الأحكام الشرعية المجعولة من قبيل القضايا الحقيقية التي يكون الموضوع فيها مقدّر الوجود فثبوت كلّ حكم فرع ثبوت موضوعه خارجاً و تنجّزه على المكلف فرع العلم بجعل الكبرى الكلية و العلم بانطباقها على صغراها خارجاً … ».

ثمّ و قال! في أجود التقریرات ج2، ص237: «و بالجملة ضابط الشك في المكلف به هو أن يكون هناك علم تفصيلي متعلق بجامع الإلزام مشوب بجهل تفصيلي في خصوص الأطراف، و لازم ذلك تشكيك قضية منفصلة مانعة الخلوّ كما يقال: «هذا أو ذاك واجب» و مرجعه إلى وجود قضية متيقنة و قضيّتين أو قضايا مشكوكة».

[4]. مصباح الأُصول، (ط.ق): ج2، ص344؛ (ط.ج): ج2، ص403.

و هو ما ذهب إليه المحقق النائيني! في أجود التقريرات، ج2، ص239: «إن الحرام المردّد إما أن يكون مردداً بين أطراف محصورة أو غير محصورة، فهنا مقامان‏:

الأول: في الشبهة المحصورة، و الثاني: في الشبهة الغير المحصورة؛ أمّا المقام الأول: ‏ففيه أقوال: ثالثها: التفصيل بين المخالفة القطعية و الموافقة القطعية فيحرم الأولى و لا‌يجب الثانية و مرجع هذا القول إلى تجويز جريان الأصل في بعض الأطراف دون بعض، و الحقّ هو بتنجيز العلم الإجمالي من الجهتين‏».

[5]. فرائد الأصول، ج1، ص25، طبع النشر الإسلامي.

و في كفاية الأصول مع حواشي المشكيني!، ج‏3، ص129: «لعلّ وجه ما ذكره أنّه لو لم‌يحرم المخالفة القطعيّة لكان ذلك من جهة أنّ العلم الإجمالي غير حجّة، و المناسب البحث عنها في باب حجّيّة القطع، بخلاف وجوب الموافقة، فإنّه ملحوظ بالنسبة إلى كلّ واحد واحد من الأطراف، و لمّا كان الجهل فيه- الّذي هو موضوع للأصول- موجوداً، ناسب البحث عنه في باب الأصول».

توجیه آخر لكلام الشیخ من المحقق الإصفهاني! و دفعه:

في نهاية الدراية، ج‏3، ص103: «توجيهه بأنّ البحث عن حرمة المخالفة القطعيّة بحث عن أصل اقتضاء العلم و البحث عن وجوب الموافقة القطعيّة بحث عن مقدار الاقتضاء و كيفيته لا عن أصله غير وجيه، إذ مقدار الاقتضاء و كيفيته لو لم‌يكونا من مقتضيات الشك و الجهل لا وجه للبحث عنهما في ما أعد للبحث عن مقتضيات الجهل و أحكامه.

و توهم أنّ وجوب الموافقة القطعيّة من مقتضيات احتمال العقاب و وجوب دفع الضرر المحتمل عقلاً لا من آثار العلم بالتكليف حيث لا علم بالإضافة إلى كلّ واحد من الأطراف فله مساس بالاحتمال لا بالعلم مدفوعٌ بأنّ معنى منجزيّة العلم ترتّب استحقاق العقاب عقلاً على مخالفة التكليف الفعلي المعلوم بملاحظة انطباق عنوان قبيح عليه كعنوان هتك حرمة المولى و نحوه أو من جهة جعل العقاب شرعاً على مخالفة التكليف الواقعي المعلوم و هذا منشأ ترتّب استحقاق العقاب على مخالفة التكليف بارتكاب بعض الأطراف عند المصادفة، لا أنّ استحقاق العقاب من آثار احتماله، و لا من آثار قاعدة دفع الضرر المحتمل، إذ مع عدم استحقاق العقاب على المخالفة الواقعيّة للتكليف المعلوم في البين لا موضوع لقاعدة دفع الضرر، و مع ثبوته لا حاجة إليها، إذ الوقوع في العقاب على تقدير المصادفة من آثار كونه على الفرض مخالفة موجبة للعقاب لا من آثار مخالفة قاعدة دفع الضرر المحتمل، فالاحتمال لا ضرر عليه، و لا أثر له لا عقلاً و لا شرعاً، فتدبّر، و لانعني بحرمة المخالفة القطعيّة و وجوب الموافقة القطعيّة إلا اقتضاء المخالفة مطلقاً لاستحقاق العقاب عقلاً، فتدبر فإنّه حقيق به».

و ذكر هذا التوجیه ثانیاً في ج‏4، ص229 فقال: «و توهم أنّ البحث عن حرمة المخالفة القطعية راجع إلى البحث عن أصل الاقتضاء، و البحث عن وجوب الموافقة القطعية هنا راجع إلى مقدار الاقتضاء و كيفيته، فاسدٌ؛ لأنّ مبنى الأول على أنّه لا اقتضاء، لو لم‌نقل بحرمة المخالفة القطعية مع أنّك قد عرفت أنّ الاقتضاء محفوظ مع عدم فعلية مقتضاه.

و مبنى الثاني على أنّ وجوب الموافقة القطعية من باب دفع احتمال العقاب، و هو من شئون الاحتمال و فيه أولاً: أنّه ليس البحث من حيث مقدار الاقتضاء، و إلّا لكان من شئون المقتضي، و هو العلم، و ثانياً: ما تقدم في مبحث العلم الاجمالي من أنّ وجوب الموافقة القطعية ليس من ناحية احتمال العقاب، و لا من ناحية قاعدة دفع الضرر المحتمل، فراجع، و تدبّر».

[6]. المصدر السابق.

[7]. نهایة الدرایة، ج4، ص229؛ و مضت الإشارة إليه في الجزء السادس، ص376.

[8] . هنا نظریة ثالثة ذكرناها في الجزء السادس من هذا الكتاب ص375، و هي لصاحب الكفایة! في كفاية الأصول، ص273 في باب القطع: «لايخفى أنّ المناسب‏ للمقام‏ هو البحث عن ذلك [أي عن تنجیز العلم الإجمالي بنحو العلیة أو الاقتضاء كما في منتهی الدرایة] كما أنّ المناسب في باب البراءة و الاشتغال بعد الفراغ هاهنا عن أنّ تأثيره في التنجز بنحو الاقتضاء لا العلية هو البحث عن ثبوت المانع شرعاً أو عقلاً و عدم ثبوته كما لا مجال بعد البناء على أنّه بنحو العلية للبحث عنه هناك أصلاً كما لايخفى».

و فیه تعریض بكلام الشیخ الأنصاري، و أما بیان التعریض:

ففي كفاية الأصول مع حواشي المشكيني، ج‏3، ص129 و 130: «قد أشار الماتن إلى أنّ المناسب في المقام ليس ذلك [أي الذي قال به الشیخ] بل المناسب البحث في أنّه هل تأثيره بنحو الاقتضاء، أو العلّيّة، أو ليس له أحد النحوين بالنسبة إلى كلتا المرتبتين؟

و حينئذٍ إن قلنا بالأخير بالنسبة إلى كلتيهما فلا مجال للبحث عنه فيهما في باب الاشتغال، بل مورده داخل في مبحث البراءة، و إن قلنا بالأوّل بالنسبة إلى كلتيهما فيبحث في باب الاشتغال عن وجود المانع و عدمه، و إن قلنا بالثاني فلا مجال للبحث عنه فيه أيضاً، لعدم تعقّل المانع حينئذٍ، و إن قلنا بالاقتضاء بالنسبة إلى وجوب الموافقة، و العلّيّة بالنسبة إلى حرمة المخالفة، فلا‌يبقى مجال للبحث عنه بالنسبة إلى الثانية فيه، و يبقى له مجال بالنسبة إلى الأولى، فالتعرّض لحرمة المخالفة في باب القطع و لوجوب الموافقة في باب الاشتغال- كما ذكره الشيخ!- لا وجه له».

و في حقائق الأصول، ج‏2، ص55: «هذا تعريض بشيخنا الأعظم) في رسائله حيث جعل البحث عن علية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية من مباحث البراءة و الاشتغال التي يبحث فيها عن الشك و خصّ البحث عن عليته لحرمة المخالفة القطعية بكونه من مباحث العلم، و حاصل إيراد المصنف) عليه أنّ مباحث العلم هي التي يكون الموضوع فيها العلم، و من المعلوم أنّ المقامات الثلاثة كلها إنّما يبحث فيها عن العلم و لا وجه للفرق بين البحث عن علية العلم لوجوب الموافقة القطعية و البحث عن عليته لحرمة المخالفة القطعية بأنّ الأول من مباحث الشك و الثاني من مباحث العلم … و ما هو من مباحث الشك هو خصوص البحث عن ثبوت الترخيص الشرعي أو العقلي في أحد الأطراف أو كليهما بعد البناء على كون العلم مقتضياً لوجوب الموافقة القطعية أو لحرمة المخالفة القطعية لا علة».

و في منتهى الدراية، ج‏4، ص 184 و 185: «المتحصّل أنّه بناء على تأثير العلم الإجمالي بنحو الاقتضاء مطلقاً يبحث في الاشتغال عن وجود المانع و عدمه، و بناء على عدم تأثيره مطلقاً يبحث في البراءة عن جريان الأصل في أطراف العلم الإجمالي، و كيف كان فغرض المصنّف! التعريض بشيخنا الأعظم! بوجهين:

الأول: أنّه تكلم في العلم الإجمالي من مباحث القطع عن حرمة المخالفة القطعية و أوكل البحث عن وجوب الموافقة القطعية أو كفاية الاحتمالية إلى مباحث الاشتغال … و حاصل تعريض المصنف به أنّ المناسب هو البحث عن كل من حرمة المخالفة و وجوب الموافقة في مباحث القطع، لرجوعهما إلى تنجيزه، فلا وجه لتأخير البحث عن وجوب الموافقة القطعية و عدمه إلى البراءة و الاشتغال اللذين موضوعهما الشك.

الثاني: أنّ الشيخ الأعظم! تعرّض لعلية العلم الإجمالي لكل من حرمة المخالفة و وجوب الموفقة القطعيتين في بحث الاشتغال، حيث عقد للشبهة المحصورة مقامين … و حاصل التعريض به أنّهما من آثار العلم لا الشك، فالمناسب هو البحث عنهما هنا، و ما يناسب البحث عنه في الاشتغال هو التعرّض لثبوت الترخيص عقلاً أو شرعاً في بعض الأطراف أو جميعها بعد البناء على أنّ العلم الإجمالي مقتضٍ لكلتا المرتبتين، كما أنّه لا وجه للبحث عن الترخيص بعد البناء على عليته التامة للتنجيز مطلقاً كما لايخفى».

و قال في عناية الأصول، ج‏3، ص69: «إذا تدبّرت في المقام كما هو حقّه تعرف أنّ فرق المصنف بين المقامين هو أنسب و أصحّ فلا‌‌تغفل».

و أما المحقق الإصفهاني! فهو في بدو الأمر یؤید كلام أستاذه و یقول في نهاية الدراية، ج‏3، ص102 عند التعلیقة على قوله: «أنّ المناسب للمقام هو البحث عن ذلك»: «لايخفى عليك أنّ كلّ ما كان من شئون العلم و مقتضياته، فهو المناسب للمقام، و كلّ ما كان من شئون الجهل، فهو من مقاصد المقصد الآتي في البراءة و الاشتغال، و هذا ينطبق على ما أفاده! إذ الاقتضاء لاستحقاق العقاب من شئون العلم و المانعيّة من شئون الجهل، و على ما ذكرنا سابقاً من عدم التفاوت بين العلمين التفصيلي و الإجمالي في حد العلميّة و أنّهما ليسا طورين من العلم يتمحض البحث في إمكان جعل الجهل التفصيلي عذراً عقلاً و شرعاً، فلا مجال للبحث عنه إلا في المبحث الآتي».

و لكن بعد ذلك یذكر إیراداً علیه قائلاً: «لكنك قد عرفت سابقاً أنّ الاقتضاء بمعنى السببية القابل لمنع المانع غير معقول هنا، لأنّ نسبة الموضوع إلى حكمه العقلائي أو حكمه الشرعي ليست نسبة السبب إلى مسبّبه حتى يتصور المانعيّة و الاشتراط، و قد عرفت أيضاً أنّ مخالفة الحكم المعلوم بالإجمال من دون انحلاله موضوع تامّ للقبح عقلاً، أو لجعل العقاب شرعاً، و أنّها ليست لو خلّيت و نفسها كذلك حتى يمكن عدم لحوق حكمها لها بعروض عارض، بل القابل لارتفاع الحكم المزبور عنه موضوع آخر، و هي مخالفة المعلوم بالإجمال المنحلّ و لو حكماً.

و حينئذٍ فالبحث هنا ليس راجعاً إلى البحث عن الاقتضاء بوجه أصلاً، بل المبحوث عنه استحقاق العقوبة على مخالفة الحكم المعلوم إما عقلاً أو شرعاً و المبحوث عنه في باب البراءة و الاشتغال هو أنّ المجهول تفصيلاً غير محكوم بالجواز فعلاً أو بنفي المؤاخذة عنه لرجوعه إلى رفع العقاب المجعول على مخالفة المعلوم، و هو ينافي بقاء التكليف الفعلي على حاله، و قد حقّق في محله أنّ مجرد ترتب المسألة على مسألة لايوجب وحدة المسألة، بل تعدد المسائل بتعدد القضايا موضوعاً أو محمولاً أو هما معاً و تعددهما هنا واضح بالبيان المزبور».

5/5 - (1 امتیاز)

اين مطلب را به اشتراك بگذارید

اشتراک گذاری در telegram
اشتراک گذاری در whatsapp
اشتراک گذاری در twitter

سؤال دارید؟

در بخش کامنت همین پست بنویسید پاسخ شما از طرف استاد داده میشه ⬇️

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد.

از شما متشكریم

عضويت شما در سايت با موفقيت انجام شد

5/5

ايميل ها بزودی برای شما ارسال می شوند